أيّها الساكن في أعماقي ، في حديثكَ أبجدية ٌ تسلبُ روحي وتحلّقُ بها إلى فضاءٍ جميل ..تنقلني إلى روابي مليئة بالزهر ِوالورود ..وفي صمتك َلغة أجدني قادرة ًعلى قراءة ما تحوي من معان ٍ ودلالات ..في حديثك َوصمتك َأستطيع ُأن ْأسمعك َوأراك .
هي الرّوح المغموسة بالجمال وحدها قادرة أن تَهَبَ صاحبها هذا التفرّدَ والألق ْ، روحٌ عذراءُ لا يستطيعُ مِداد ُ أقلام ِالدنيا أن يسدّ رغبتها ، ويروي ظمأها ..هناك َمن ْيقرأ كلماتنا ويقوم بتأويلها حسب َفهمه لها ووعيه لمقاصدها ..ينظرُ لها من زاوية ٍجمالية أو من إدراك ٍمباشر...وهناك َمَن يبادرُ لسؤالنا : ما بك َ صامت ؟
وحدك ِتعرفين َسرّ ملامحك ِالتي تجذبني ، فكأنني أرى ملامحي في صورة متجددة ..فتبدأ المشاعرُ تزحفُ نحوك ِ في هذا الليل ِالطويل ، أركضُ نحوك ِ دون َأن أحدّد الإتجاه ..ألم ْأقل ْ لك ِذات َعشق ٍ أنني محاصر ٌ بك ِمن جهاتي الأربع ...وأنّك ِالحاسّة الخامسة ..وأنّك ِمن ترسمين شكل َمفرداتي وترسمين عناوين َدَهشتي ...
ــ أشتاق ُ إلى نظرة ِشغف ٍ في عينيك .
ــ وهل تلمحين َ غير الشوق فيهما ؟
ــ لا ..ولكنّي أريد ُأن أرى ما لم يشاهده ُ سواي ، أريد ُأن أقرأ فيهما طفولة َعشقك .
ضحكة ٌ تلقائية ٌ كأنّها صوت ُكمنجة ٍرقيقة ، ضحكة ٌ فيها حكاية ُ جمال ٍلم يكتشفه ُالرّحالة ُ ولم تصل ُ إليها أحلام ُ المستكشفين ..
ــ كأنني تحوّلت ُ إلى شاعرة ، وأنت َ أصبحت َ المتلقي ..
ــ وهل ْاهتديت ُإلى مفرداتي وأبجديتي إلا منك ..فأنت ِفي البدء ِصاحبة ُالنصّ والكلمات ، أنت من ترسم بنظرة منها طريق القصيدة وتفرشها بصدق إحساسها بورود التعبير وزهر الكلمات ...
قبل َأن ْألتقيك ِلم ْ يكن ْ يشغلني عبء السنين َ وسرعة دوران ِعقاربها ..وها أنت ِ مصدرُ إلهامي وطاقة ُ أشواقي التي لا تنضب ...