سأخرجُ من حرير العاشقاتِ = ومن ذهبٍ يخونُ معلّقاتي
أجلْ لي صاحبٌ يبكي فأبكي = ولي طللٌ يليق بمفرداتي
ولي لغتان: فصحى أنجبتني = ودارجةٌ سأمنحُها رُفاتي!
ولي زهوُ «المنخّل» حين يُفضي= بأسرارِ البُروقِ إلى الحصاةِ
ولي شرفُ الصعودِ إلى غيومٍ = تُقطّرني على «خدر الفتاة»
ولي خبزُ الخرافةِ ملحُ دمعي= رمالُ بداوتي خمرُ انفلاتي
ولي بابٌ على الملكوت نبعٌ = بوادي الجنِّ عينٌ للمَهاة
ولي أبديّةُ الصحراءِ ليلٌ = بآلاف النجوم الشاحبات
حنينُ النُّوق ياقوتُ القوافي = ولألاءُ التصعلكِ في الفلاة
وليْ ما ليس لي خمسون أمّاً = ولكني يتيمُ الأغنيات
أتيتُ وفي يدي العسراءِ سيفٌ = ينوحُ على الضحيّة والجُناة
بكيتُ وما بكيتُ قروحَ روحي = ولا شوقي لليل الظاعنات
سيرتهن «السموألُ» من دروعي = وديعةَ ذاهبٍ نحو الممات
ستنسلخ القبائلُ منْ دماها = ستنتقمُ الحياةُ من الحياة!!
أأطلبُ في بلاط الرومِ ملكاً = ولي ملكُ الرياحِ السافيات؟
سأترك لحمَ أسلافي لقيطاً = يحنُّ إلى حنان الأمّهات
وأبحث عن معلّقةٍ لروحي = بعيداً عن صواريخ الغُزاة
سلاماً يا امرأَ القيسِ انتهينا = حقائبَ في مطارات الشَّتات
أنا لا أعبدُ الأصنامَ شعراً = ولا أبكي الرسومَ الدارسات
فُطمْتُ عن الوقوف على خرابٍ = وتأبينِ الرمادِ بنهنهاتي
برئتُ من افتخارٍ عنجهيٍّ = بأيام العظامِ الباليات
ولم أصعدْ إلى نسبٍ عريقٍ = سوى نسبِ الصحيفةِ والدَّواة!!
سقطتُ إلى الحياة دماً أليفاً = يخوضُ المعمعانَ بلا أداة
وما لي في رباط الخيلِ جهدٌ = جهادي في رباط الغانيات
أنا ما لا يحبُّ الناسُ مني = إمامُ اليأسِ مهديُّ الغُواة
ورثتُ من الحضارة خمرَ كسرى = وآلاتِ القِيانِ العازفات
من الروم التسكّعَ قربَ دَيْرٍ = ?راهيةَ الرعيّةِ للرعاة
من الهند المنجِّمَ حين يتلو الطْـ = ـطَـوالعَ في كتاب النيّرات
من اليونان سفسطتي وشكّي = وحيرةِ موقفي وتساؤلاتي!!
سأهبطُ جنّةَ الشيطانِ يوماً = وأقرع بابَ مملكةِ العُصاة
وأصعدُ نحو علّيينَ يوماً = لتقتحمَ السماءَ تبتُّلاتي
سأعصر ?رمةَ الأيامِ خمراً = وأسقي للحياة تناقضاتي
سلاما يا ابنَ هانىءِ نحن جئنا = بعصر الشكِّ لا عصرِ الهُداة
عنيداً أبتغي ما لا يُسَمَّى = وحيداً أستظلُّ بمعجزاتي
سأخترق النبوءة - دون خوفٍ - = على خيل المعاني الخالدات
نُفِيتُ فغبتُ كي أَنْفي غيابي = نُعيتُ فجئتُ كي أَنْعَى نُعاتي
أنا هو أحمدُ الكوفيُّ ناموا = على خُبْث الرعيّةِ والولاة
أنا هو أحمد الكوفيُّ قوموا = على غدر السيوفِ المشرعات
ستسقط ألفُ «بغدادٍ» فسيروا = إلى ملك الأعاجمِ والخُصاة
فررتُ إلى الذي سأفرّ منهُ = وألجأني الفواتُ إلى الفوات
خسرتُ أَجَلْ خسرتُ خسرتُ نفسي = لأربحَ ما خسرتُ من الهِبات
ولكني أكيدُكُمُ بموتي = وفي شرف الردى شرفُ الحياة
سأذهب طاهراً منكم ومني = إلى ملكوت سيّدةِ اللغات!!
دخلتُ «معرّةَ النعمانِ» أعمى = يرى زحفَ العُصارة في النبات
يرى بؤسَ الأجنّةِ وهي تعوي = من الأصلاب بحثاً عن فُتات
وها أنا في الثلاثة من سُجوني = غرابُ الروحِ ينعبُ في لُهاتي
شُفيتُ فما شَقيتُ بإرث ماضٍ = وقيتُ فما سُبيتُ بحلم آت
فكيف طُردتُ من جنّات شكّي = مجوسيّاً يكفّرني قُضاتي؟
ومن أنا والترابُ يغوصُ تحتي ؟= ومن أنا في سماء الطائرات؟
ومنْ أنا في سلامٍ معدنيٍّ ؟ = ومن أنا في حروب الحاسبات؟
سلاماً أيها الحاسوبُ صرنا = قوائمَ في سلال المهملات
سأبحث عن «لزومياتِ» صمتي= وعن قبرٍ بحجم تأمُّلاتي!!
لماذا لا تُتابعني ظلالي؟ = لماذا لا تُشابهني صفاتي؟
لماذا خَرّبَ النسيانُ قلبي = وخانتني شجاعةُ ذكرياتي
فلا طربٌ ليأنسَ بي صِحابي = ولا غضبٌ ليخشاني عِداتي
كأني خارجٌ من كلّ شيءٍ = يُسابقني إلى موتي مَواتي!!
بعيداً عن دمي عن حزن أهلي = بعيداً عن عذابِ الكائنات
يمرُّ الفاتحون على عظامي = فلا تدمى ولا تُدمي قَناتي
أنا حجرُ النهايةِ فاتركُوني = لأغرقَ في مياه تداعياتي
هوتْ عشرون أندلساً لأبكي = على أطلالها مجدَ الحُفاة
فمن سيرى قرابَ السيفِ يبكي ؟ = ومن سيلُمُّ دمعَ الصافنات؟
ومن سيشمُّ رائحةَ «ابنِ رشدٍ» = تسافرُ في مداد «الترجمات»
ومن سيضوعُ مِسكُ الروحِ فيهِ = ويسكُن في بهاء مُنمنماتي
ومن سيكون آخرَ عَبْشميٍّ = يُمزّقه نحيبُ مُوشّحاتي
ومن سيعلّقُ الأجراسَ منا = - قُبيلَ الفجرِ - في عُنُق الكُماة
أتسألُ يا «ابن زيدون» لماذا = يعافُ الشدوَ جبّارُ الشُّداة
مضى زمنُ الذين حَمَوْا حِماهم = وليس يليقُ بي زمنُ اللواتي
إلى الرَّبْع الخرابِ نعود رَهْواً = «فلا ثقلتْ بطونُ المنجِبات»
أنا المتحدِّثُ الشعبيُّ باسمي = وباسم اليائسين من النجاة
مُدانٌ بارتكاب «الحزنِ» جهراً = ومتَّهمٌ بإزعاج الطغاة
أنا مندوبُ تدشينٍ لجيلٍ = تَناسلَ في زحام الحافلات
تساقط من دم الأرحامِ كهلاً = لتلعنَه أكفُّ القابلات
نما في السهو في عَطَن الليالي= وفي عُقْم الخطى واللافتات!!
أُبشّرُكم بتِنّينٍ رهيبٍ = تَنفّسَ تحت سقفِ العائلات
سيرفضُ إرثَكم دون امتنانٍ = ويعبر سخطَكم دون التفات
سيرقص في قميصٍ أجنبيٍّ = ويحشو تبغَهُ بالموبقات
سيهبطُ نحو غُلْمته ليأوي = إلى قطط الغرامِ الجائعات
سيصنع من أُبوّتكم رصاصاً = لتندلعَ الجريمةُ في الجهات
سيفرحُ عندما تعطيه «روما» = معونةَ شهوةٍ ومُعلَّبات
سيخرج من رباط الخيلِ قسراً = ويُطْرَد من دعاء المئذنات
سلاماً يا «ابنَ عبداللهِ» «روما» = تُوزّع خبزَنا وقتَ الصلاة!!
لماذا تجرحين صفاءَ يأسي = وتجترحين هدأةَ خارطاتي
وتبتكرين نافذةً لروحي = وتخترعين ثالثةَ الرئات
حنانَكِ أخطرُ الغرباءِ قلبي= وأخطرُ ما بقلبك وشوشاتي
أخافكِ أم أخافُ عليكِ منِّي؟ = هما خوفان: حَنّانٌ وعات
أجيئكِ فارغاً من كل حلمٍ = وممتلئاً كقُبّعة الحُـــواة
من الوعظ الجبان من الأغاني = من الخُطب التي التهمتْ ثباتي
ومن ?تب «الحماسةِ» و«الأمالي» = ومن أشهى أكاذيبِ الرواة
من اللغو المحنَّط في حواشٍ = على متنٍ لألغاز النُّحاة!
ومن صوف الدراويشِ التكايا = دفوفِ الزارِ شعوذةِ الرُّقاة!
من الحبّ الذي لا حبَّ فيهِ = من الجسد المهيَّأ للسُّبات
من «النَّقَب» «الجليلِ» «القدسِ» «يافا» = من «النيل العظيمِ» إلى «الفرات»
وداعاً للجمال لشمس «آبٍ» = إذا ابتسمتْ على خدّ البنات
لألعاب الطفولةِ للأحاجي = لعصفور الصباحِ لسوسناتي
وداعاً للبكاء بصدر أُمّي = لفيروز العيونِ الصافيات
لطعم البرتقالِ لصبح عيدٍ = تَلألأَ بالثياب الزاهيات
لسطح طفولتي لدجاج أمّي = لأفقٍ باتّساع تخيّلاتي
لمقرعة المعلِّمِ حين تعلو = فتنفجرُ العنادلُ صادحات
لحكمة جَدّتي لسعال جَدّي = لأشجار الحنانِ الباسقات
لثرثرة الصداقةِ للمقاهي = لقهقهةٍ مهذَّبةِ النِّكات
لآهة «أُمّ كلثومٍ» «لشوقي» = لآلاءِ القلوبِ الخافقات
لبيت الحبِّ للغد حين يأتي = لآلاف الوعوِد الرائعات
لقد وَدّعتُ ما ودّعتُ مني = لأولدَ من رماد الأمنيات
سأفترع الكتابةَ وهي بكرٌ = وأجترح الحقائقَ ثَيّبات
وأنتظرُ القيامةَ في هــــدوءٍ = وحيداً تحت سقفِ مُخيَّماتي!!