كان حوارا مضنيا ومضحكا بيني وبين حلاق عربي ، وضعت رأسي تحت يده ورحمته وهو يصول ويجول في الثقافة والفكر والقصة والمسرح والفنون...الخ..مثلــــــه مثل طوابيــــر الأساتذة عندنا الذين يفهمون ويتكلمون في كل شيء ، الفرق بينهم وبين الحلاق أن هذا الأخير يتباهى بمن لايعرف ، لكن الآخرون يتباهون بمن يعرفون ويعرفون أيضا أنهم خواء!! ومع ذلك يصرون على الوقاحة إمعانا في قهرنا..وكنت سأتحمل كل تبجحات الحلاق لو انه اكتفى بادعاءاته حول الثقافة، لكنه عرج على موضوع آخر جعلني أؤمن كم نحن بائسون وسذج وكم لدينا من الفهم والمفاهيم والمعلومات المضحكة فنحن طيبون حتى الغباء!!
قال الحلاق - لافظ فوه –أن زعيما ألمانياً يدعى ( هتلر!!) صرح يوما بأنه يعيش من اجل تحقيق بعض الأمنيات أهمها ( حسب رواية السيد الحلاق) سلاح المانى متقدم وجيش عرمرم مكون من أبناء بلد الحلاق!!!؟؟ليغزو بهما العالم ويقيم إمبراطورية عالمية بهما :
( الجيش والسلاح)!!!.
عندئذ لست أدرى ما الذي الم بى؟؟.. أصبت بهستيريا من الضحك المتواصل لدقائق..توقف الحلاق عن الحلاقة ووقف مشدوها يتلفت حول نفسه ، لأنه يظن انه لم يقل ما يستدعى الضحك!!!!
وانه ينبغي أن أتلقى هذه المعلومة المدهشة والتاريخية العظيمة دون حذف أو إضافة أو تحليل أو حتى مجرد وجهة نظر وان على عقلي إذا كان سويا أن يستقبل هذه المعلومة على أنها من البداهة بحيث أنى لو رفضتها أو حتى فكرت مجرد التفكير فيها فاننــى عندئــذ أكون في قمـــة السذاجة!! باعتبار أن المعلومة لدى السيد الحلاق المبجل من البديهيات المسلمات مثل العقائد أو ما شابه ذلك..
توقفت عن الضحك عندما اكتشفت كم هو غليظ مخ هذا الحلاق !! وأعلنت عن عدم رغبتي في مواصلة الحلاقة وان اكتفى بحلاقة نصف رأسي على طريقة جحا لأزرع النصف الآخر بجمل مفيدة بعد أن احتكر الحلاق النصف الأول!!! لكن الحلاق أصر على معرفة سبب هذه الضجة التي أثرتها من الضحك الهستيري الذي أحرجه أمام زبائنه( اغلبهم من أبناء بلده)
وأمام إصراره اضطررت أن أعلن له أنى قد استقبلت على مضض كل معلوماته البائسة حول الفن والثقافة والفكر..الخ..لكن من الكثير على أن استوعب قصة هتلر.. لقد رحبت بكل ادعاءاته حول بلده عن الشعر والحضارة والرقص الشرقي والنثر والمسرح وسلمت بزعامة بلده لهذا الكم الهائل من الإبداع..أما قصة هتلر فيسمح لي..لااستطيع ابتلاعها وإذا كان يتمناكم جيشا له فلماذا لم تحتلوا فلسطين بدلا من اليهود!!؟؟ وهنا سكت الحلاق ولم يقل كلمة واحدة ..فقلت له:
نحمد الله أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن لديه جواز سفر ولا جنسية ولم يولد عندكم بالذات!!ولم يدخل بلادكم وهذه نعمة من الله من بها علينا ولو تعلم أنها نعمة عظيمة ولاتقدر بثمن والله على ما أقول شهيد.. وسامح الله من لدينا من جهابذه فهم على الأقل لايبتلعون مثل هذه المضحكات ولاينقلونها على الملأ .. ثم سامح الله إعلامهم الذي جعلهم يستقبلون كل شيء ، حتى حكايات الغول والعنقاء والخل الوفي !!!!!!.
هنا كتبتَ لنا نصا نعيشه
ونتعايش معه ...
عندما نركب في سيارة أجرة
نكون على موعد مع فيلسوف ( السائق )
يعرف بكل شيء ...لماذا فاز مانشستر يونايتد بالبطولة الإنجليزية
وسبب الغلاء وكيف يفكر الصهاينة بالهجوم ليلا وعن سر تنحي حسني مبارك
واركالن الحكومة القادمة وأن الكل لا يفهم شيء ...
وكذلك الحلاق ....ههههههههههه
شكرا لك من القلب
ذكرتني بقصة الدكتور يوسف إدريس ( الوجه الآخر )