من بين ركام الذكريات التي اصطفت في دفتري العتيق، وجدتها،
كنت قد أرسلتها إلى "نور" حينما طالبتني بمزيد من مذكرات ذاك الذي كنت أستل من يومياته حروفا ؛ فأقرؤها على الملأ.
فكانت هذي أولى رسالاتي:
أيتها النور: صباحك الورد
كنت أفكر بتلك الكلمات التي قرأت بين حروفها حزنك على زمن مرَّ، أردت أن تتشبثي بذكريات دقائقه، و لكنك و دون أن تنتبهي أفقت على هول فقد المدونة... هي من ضاعت، أو الكلمات، أو ملامح الوجوه، ما عاد مهما ؛ المهم أننا نضيعها أحيانا دون رضانا .
أدركت أنني ربما استطعت أن أفتح نافذة ؛ لترى منها النور نورا قد خبا في عتمة ليالينا، و لنسترد ولو خيطا
من شعاع ما تسرّب من بين أيادينا .
عزيزتي، لأول مرة أكتب و كأنني في امتحان، أو بتكليف لأؤدي ما مطلوب مني، و أقدمه لك بأحلى حلة.
أنتقي حروفا لصاحبة الحرف الأبهى، و تلك مهمة شاقة، فأنّى لي أن أكتب ما قد يرضي ذائقة أديبة شفافة كالنور ...
و أنّى لي بمورد الماء سلسبيلا لتحبه ...
لك مني هديتي، و اعذري حرفي لو لم ترينه بهيا ...
فهذا ما نطق به حرفه الذي أودعه في دفتر يومياته :
اليوم :
أغلقت باب المصعد، وحيد أنا، لا أعلم أي زر أضغط ... فتح الباب و ابتسم ،،، لا أعرفه !
قال : لمَ لمْ تنتظرني ؟ أ لم نتفق قبل ساعة أن ندخل الى قاعة الاجتماعات سوية ،،،أنت أكفأ الموظفين ؛ لذلك اخترتك معاونا لي !
بالأمس :
قلت لها : لستُ المذنب، إنه ذنب إدارة المدرسة ؛ أخطأوا ، فكتبوا رقم شقتي على الطرد البريدي ؛
قرأت الرسالة، فذهبت، إنه ابن جاري و ليس ابني هذا الذي يعاتبونني لأنه كسول .
الأربعاء :
خرجت معهم، كانوا أربعة ، و أنا خامسهم، لكنهم تركوني أعود للدار وحيدا ،،،لن أخرج معهم بعد اليوم.
الثلاثاء :
سألني عنك، استغربت الأمر فأنا لم أحدثه عنك يوما، فسألته : كيف عرفت اسمها ؟
أجابني : لأنك تنادي كل من تلقاها من النساء ... "يا وردة ".
،
،
،
لا أعرف ماذا أكتب ؛ هل لك أن تدوني أحداث يوم الإثنين و الأحد و ما قبله لننهي الأسبوع. و قد نلتفت لأيام أسبوع آخر فنستل منه ما نريد !
...
هناك يوم غائب، هل استُلَّت صفحته دون علمك و علمي ؟
هناك حروف قد شردت، ربما خوفا عليك و عليَّ !
أيها الماضي، أ لا تعود يوما ؟
أ لم تشبع بعد من هجري ؟
أشتاقك ...
كنت أدوّنك حرفا في صدري ما بين الضلوع ؛ و من هول ما كتبت تكسرت الضلوع
صرت اليوم أكتبك على جدران داري فيتصدع الجدار ؛ لعمق ما أكتبك
أ لكثرة ما كتبتك أصابك الغرور ؟ أيها الماضي، من يعذلك ؟
،
،
،
أيتها النور، ها أنا قد ثبتت الوتد في خيمتي لنبدأ الحديث ...
ربما منه نستل الذكريات كما نشتهي، و كم نشتهي...
قد لا نكتفي ، أو ربما ذكرياتنا لن تنتهي ...
ترى هل سينتهي الحديث ؟ هل ستغوينا الذكريات فنهمل الحديث ؟
و هل ستنتهي ؟
...
الرسالة الثانية:
يا نور، و ها هي مذكراته التي كتبها لي في مدونته الجديدة:
كل الذي يجري حولي يجعلني أنبذ الحاضر، و أحنُّ لماضٍ جميل، أنبش الذكريات أبحث عما ينقذني من حرف اليوم،
هذي مدونتي الجديدة لهذا العام، أهرب من حروفها بعد أن أكتبها ؛ لبشاعة ما صرت أدونه ،،،
لك ما كتبته قبل خمسة أيام في مدونتي السوداء ...
اليوم الجمعة،
كانت الحشود في الشوارع تهتف بزوال المحتل، لا تملك إلاّ الصرخات،
دخل أحدهم الخيمة مع الآخرين، جاء رجال الأمن، حضر الشرُّ، قلبوا الخيمة على رؤوس الجالسين، طردوا الجميع، انهالوا على الجميع بالضرب.
سجّلت الكاميرات تأريخا من نوعٍ آخر لم آلفه من قبل،،، أسقطوا أحدهم أرضا، و أوسعوه ضربا بالهراوات، ثم قفز أحدهم على جسده و هوى بقدمه على بطنه، و بالهراوات مرة أخرى انهال عليه الجمع ،،،
فقط أخبريني يا صغيرتي، من منهم كان يهوديا ؟!
...
الرسالة الثالثة:
إليك يا نور ما قرأته اليوم في دفتر يومياته:
اليوم سأكتب لك حرفا هو حرف كل الأيام في حاضرنا الحزين،،،
لا تجزئيه، فهو لا يحتمل تجزيئا !
كانوا يجتمعون، فيتفقوا على ألاّ يتفقوا ...
صاروا لا يتفقون على ما يجتمعون عليه ؛ فاتفقوا على ألاّ يجتمعوا، و ألاّ يتفقوا ...
و أختهم تنزف، ترقبهم من بعيد ... قتلوا أخاها الكبير، ثم الآخر ...
جاء الأغراب ليذبحوها ؛ صاحت :
أينكم يا أخوتي ؟
إنهم يذبحونني !
فشجب الأول، ندّد الآخر، استنكر الثالث، أدانهم الرابع، توعدهم الخامس، رفض السادس، سخر السابع، بكى الثامن، أعطاها التاسع مليون دولار، أعطاها العاشر دواء و خبزا ، و و و ...
دخل الغرباء،،،
داسوا رؤوسهم بالبساطيل، خلعوا عن رؤوس بعضهم عُقُلهم، حلقوا شوارب بعضهم، جردوا بعضهم من سيوفهم الخشبية ، و...
من خلفهم تقف يهودية قبيحة الخلق و الخلق تقول : نحن من نحدد متى ننهي عدواننا على أختكم و...
لن أكمل ما أريد أن أكتبه ؛ رفقا بك يا صغيرتي، خوفا عليك من حزن هدَّ الجبل عندما نزل عليه
هل ستسأليني بعد اليوم لمَ تكتب حرفك حزينا ؟!
يا صغيرتي ، فقط أخبريني ؛ كم كان عدد أخوة يوسف ؟
و كم عدد الأخوة اليوم ؟
...
لله ياوطن
كم حلقت بي هذه الرسائل إلى بلاد النور
وكم سافرت بي نحو مشاعر حلوة لم أزل أجد لذتها في قلبي ..
رسائل وأي رسائل
رقيقة
صافية
ندية
عفوية
وأخذتني للزمن الجميل
بإنتظار البقية ودمت في نقاء
وحتى حين سأعلقها في صدر المكان ليراها الداخل نجماً لامعاً يرشده إلى بريق الصفاء ولذيذ الجمال
دمت في ود وتألق غاليتي
محبتي وتقديري
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
لله ياوطن
كم حلقت بي هذه الرسائل إلى بلاد النور
وكم سافرت بي نحو مشاعر حلوة لم أزل أجد لذتها في قلبي ..
رسائل وأي رسائل
رقيقة
صافية
ندية
عفوية
وأخذتني للزمن الجميل
بإنتظار البقية ودمت في نقاء
وحتى حين سأعلقها في صدر المكان ليراها الداخل نجماً لامعاً يرشده إلى بريق الصفاء ولذيذ الجمال
دمت في ود وتألق غاليتي
محبتي وتقديري
مرحبا، أستاذتي الفاضلة عطاف
سعيدة جدا بمرورك أولا ثم عندما لمست رضاك عنها
ثم لما تركته من كلمات طيبات حينما أكرمتني حلو المرور
ثم عندما ثبتتها، ثبتك الله على الإيمان، فألف شكر لمن تسعدني أربعا...
سأواصل بإذن الله تدوين تلك الرسائل، فلقد امتدت منذ ذاك الحين، مرّت بالأمس القريب،
و ما زالت في صندوق بريدي بعض من رسالات استقر في كل يوم فيها حدث جديد و حزن متجذر
أريد قطع جذوره، لينوب عنه جذر من أمل...
تحياتي لك آلاف أستاذتي و حديقة من أختك الوطن.
اليوم سأكتب لك حرفا هو حرف كل الأيام في حاضرنا الحزين،،،
لا تجزئيه، فهو لا يحتمل تجزيئا !
كانوا يجتمعون، فيتفقوا على ألاّ يتفقوا ...
صاروا لا يتفقون على ما يجتمعون عليه ؛ فاتفقوا على ألاّ يجتمعوا، و ألاّ يتفقوا ...
و أختهم تنزف، ترقبهم من بعيد ... قتلوا أخاها الكبير، ثم الآخر ...
جاء الأغراب ليذبحوها ؛ صاحت :
أينكم يا أخوتي ؟
إنهم يذبحونني !
فشجب الأول، ندّد الآخر، استنكر الثالث، أدانهم الرابع، توعدهم الخامس، رفض السادس، سخر السابع، بكى الثامن، أعطاها التاسع مليون دولار، أعطاها العاشر دواء و خبزا ، و و و ...
دخل الغرباء،،،================
العطرة وطن
مساء الخيرات
قرأت الرسالة منذ تم تزيين الصفحة فيها ولكن النت أبى أن يكمل معروفه معي
عزيزتي هذه رسالة يجب أن تعلق حيث يجتمع الأخوة...وحيث يتم التنديد والشجب
عفوا أقصد ما كن يحدث من تنديد وشجب
ستصل الرسائل التي تكتب بدمع العين ولكن ليس كما نحب
ولا في الوقت الذي نهوى بل عندما يقدر لها الله سبحانه الوصول
أنتظر بقية الرسائل لأكحل العيون بهذا الإبداع
دمت بكل حب
الرسالة الرابعة:
عزيزتي، صباحك عسل
أ لا ترين أنني، و سيدي، وأنت، و هُم بحاجة لمن يهندس لنا أفراحنا قبل حروفنا ؟
لقد ضيعنا خطوط الطول و العرض في زحمة حزننا على ما نراه في حاضرنا المرير !
كانت حروفه حلوة في الماضي، صارت اليوم ترتدي الحزن وشاحا على ما آل إليه حالنا
كان يصمت حباً بحروفه، صار يصمت حزنا و خوفا عليّ
فهل أرضى بصمته القديم ؟ أم أطالبه بحرفه الجديد حزينا ؟
كانت مدونته خضراء، و مدونتك حمراء، و مدونتي بيضاء ...
ترى هل استبدلناها جميعا بلون واحد حزين ؟
أيتها النور، إن كنت ستلبسين حروفك الحداد ، فأنّى لنا أن نميز الحرف عن الصفحة عن الحاضر عن الحزن ؟
أ سوادٌ في سواد في سواد في سواد ؟
ليت خيطا أبيضَ يربط حزن اليوم بفرحنا القديم، فنمسك به و لا نقطعه.
أ تريننا يا نور، قد نسينا أن الشمس بؤرة النور؟ و أن القمر ملهم الشعراء و العاشقين ؟ فكم أغرانا بجماله !
فهذا سيد الشعر يصوغه لي تاجا في قصائده، و شاعر هناك يستعيره ساعةً ليهديه لمن يحب، و آخر يسافر إليه فيتخذه منزلا و عنوانا، و ذاك أخي كان قد وضعه قبل يومين في جيب سترته و قدمّه مهرًا لحبيبته ! ...
أتراهما - الشمس والقمر - أصابهما ما أصابنا، فصارا يكدحان نارا ...
هل خمد النور و ما خمدت النار ؟!
أيتها النور، لك من دفتره ما قرأته قبل قليل :
لا بأس لو كان طريق الجهاد طويلا ؛ و لكن الحزن - كل الحزن - عندما يقفون طوابير طوابير كالحجارات، بوجه من يريد أن يطلق ولو صرخة قبل أن يطلق الرصاصات ...
لقد جعلوا من أجساد قواتهم سدا منيعا بيننا و بين عدونا ؛ يصلوننا، و لا نصلهم، يضربنا أعداؤنا،،، فيضربوننا - حماتنا - لأننا أزعجنا العدو بصراخنا،
لأننا أجبرْنا العدو بصراخنا على ضربنا ؛ لذلك حق علينا العقاب ؛ فدمرونا بصمتهم المقيت تدميرا.
يا حلوتي، اليوم طاردني من بني بلدي حامي أمن مدينتي، لأنني طاردت غرابا كان يقترب من داري قبيل الليل
فاختبأت عن أنظاره في دار أخيه،
يا صغيرتي فقط أخبريني كيف كان لقابيل و هابيل أن يكونا أخوين ؟!
،
،
أيتها النور، أ لم تتعبك كلماته التي أستلها من دفاتره؟ مجنونة هي كما صاحبها ! .
اليوم سأكتب لك حرفا هو حرف كل الأيام في حاضرنا الحزين،،،
لا تجزئيه، فهو لا يحتمل تجزيئا !
كانوا يجتمعون، فيتفقوا على ألاّ يتفقوا ...
صاروا لا يتفقون على ما يجتمعون عليه ؛ فاتفقوا على ألاّ يجتمعوا، و ألاّ يتفقوا ...
و أختهم تنزف، ترقبهم من بعيد ... قتلوا أخاها الكبير، ثم الآخر ...
جاء الأغراب ليذبحوها ؛ صاحت :
أينكم يا أخوتي ؟
إنهم يذبحونني !
فشجب الأول، ندّد الآخر، استنكر الثالث، أدانهم الرابع، توعدهم الخامس، رفض السادس، سخر السابع، بكى الثامن، أعطاها التاسع مليون دولار، أعطاها العاشر دواء و خبزا ، و و و ...
دخل الغرباء،،،================
العطرة وطن
مساء الخيرات
قرأت الرسالة منذ تم تزيين الصفحة فيها ولكن النت أبى أن يكمل معروفه معي
عزيزتي هذه رسالة يجب أن تعلق حيث يجتمع الأخوة...وحيث يتم التنديد والشجب
عفوا أقصد ما كن يحدث من تنديد وشجب
ستصل الرسائل التي تكتب بدمع العين ولكن ليس كما نحب
ولا في الوقت الذي نهوى بل عندما يقدر لها الله سبحانه الوصول
أنتظر بقية الرسائل لأكحل العيون بهذا الإبداع
دمت بكل حب
ستصل رسائلنا يا عزيزتي للصقور، فيرون في أمرها ما يجب،
و يفعلون ما نتمنى عليهم أن يفعلوه بعد أن بلغ السيل الزبى ؛ فهم أصحاب القرار و الأرض...
أشكرك جمّا لمرورك اللطيف هذا، و تفاعلك مع الرسائل
و كم أتمنى ككل بني أمة يعرب أن نجد يوما لأصواتنا في الشوارع صدىً تحت تلك القبة !
تحياتي نبعتنا الكريمة و