|
اقتباس: |
|
|
|
|
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أدونيس حسن |
|
|
|
|
|
|
|
الوطن هو ذاتنا \\ في نص الشاعرة عواطف عبد اللطيف \أتقاطر منك\
أنسنت الشاعرة عواطف عبد اللطيف الوطن, وحدثته وتحدثت عنه كأنه المعشوق الأول إن لم يكن هو.
ذلك الحبيب الذي تتفجر في غيابه كل عناصر الضياع والألم والارتباك, و تنغرس داخلها كالمسامير في الأكف والأقدام , حيث يضمحل المكان على سعته لحد يعجز فيه عن الإحاطة بشهيق أو زفير يحمل من الصدر تلك الأثقال من الغربة والبعد . وتُختَصرُ المدينة لدهاليزٍ تتشتت فيها الأفكار والرؤى, فاقدة خط الرجاء والأمل بتحقيق الحلم والأحلام التي من الممكن أن تجعلها في منطقة الراحة والاستقرار .
وعند المحاولة لإخفاء الألم, يعود ليظهر بشكل مركب وبطريقة تشغلها عن الاحتفاظ بالأشياء في حقيبة الذاكرة التي لا تستطيع أن تستوعب إلا جهة المكان الذي نشأت فيه, وتؤكد ذلك بفشل الصبر عن إخفاء الضعف وهروب الطاقة والقدرة على التوازن ..
وثمة مانع يحول بين الشاعرة وبين اللقاء أو الرحيل إليه , فلا يبقى لها إلا أن تتلمس آثاره وكل ما يذكرها به من جماد أو أحياء وكل شيء يحمل جزء من هويته أو معنى من معانيه , ولا ترى نفسها إلا وهي تتصرف مع تلك الآثار وكأنها التقت به , لكن يبقى هذا إلى حين, حيث تنقلب بواعث تلك الآثار إلى الضد, عندما تكتشف أنه مازال بعيدا واللقاء به لم يحدث بعد, فتعود سيرتها الأولى من الألم والوجع والنزف , تفقد الهدوء والسكينة, تدخل في عالم غير محدد القسمات والمعالم , وكمن يسير في العتمة والضباب , وهو يبذل الجهد الكبير للعثور على الطريق وسبل الاتزان والاستقرار في العيش الحياة .
جواب آخر لتساؤل تضعنا الشاعرة في بحره , يبرر هذا الوجع , لقد سكنها هذا الحبيب كما يسكن الدم الشرايين والأوردة,ويصبح الشرط الرئيس للحياة , فكل الفكر والعمل والأحلام والمشاعر, لا جهة لها إلا جهته من أي نوع كانت .
وبصورة أخرى غاية في الدقة والبراعة ترسم الشاعرة حقيقة وليس مشاعر فقط , وبشكل يعاكس ويتضاد مع الشكوى والحزن والفراق, عندما تتسائل عن عودته التي إن حدثت سيفقد الحبر والقلم والمداد معنى وجوده, فهي لم تعد بحاجة للكتابة طالما كانت الكتابة هي العزاء والصديق والرفيق في غيابه, وستعود إليها القدرة والطاقة نضرة تستطيع بها الصراع مع كل طاقة وقوة موج البحر, وتوفر لها إرادة تقتحم بها كل الموانع والمعوقات التي تقف بينها وبينه , تعيد تلاشيها على جميع أبعاده من السطح إلى الأعماق حتى تتجمع داخله في ذلك الحنين للحالة الجنينية التي شكلتها في قلبه ببداية التكوين والخلق و قبل الميلاد, ولا بديل لديها إلا هذه العودة للتوحد والاندماج بترابه وهوائه ومائه وحتى ناره, ولا طريق أو وسيلة للارتواء إلا هذا الذوبان الطاعن في نكران الذات إلا بذاته .
لا تتركنا الشاعرة عواطف عبد اللطيف بين عواصف البحث وأعاصير الأسئلة عن ماهية هذا الحب الكبير للمكان الذي بعثها إلى الوجود , فالوطن هو ذاتها. ذات غير قابلة للنقل أو السفر أو الحركة أو التبديل, ففي الغربة تعيش هذا الانفصال الرهيب بين كينونتها وجوهر وجودها. وعند توفر أسباب اللقاء بين الكينونة والذات , تعود طاقة العمر الغض إلى الجريان في عروقها , ويعود البذل والعطاء إلى مساربه وأسرة أنهاره, يغمره بدفء كحنان الأم لطفلها.
و
وأمنية أخيرة للشاعرة تخطها في مناجاتها للوطن على شكل وصية وبعث جديد.
تتحدث فيها عن عزيز اللقاء به: فليضمني ترابك فهو الضامن الوحيد لأن أعود من جديد للحياة فيك وبعدة صور تتباين في ألوانها وخطوطها بتباين عناصر استمراره من البشر والشجر والحجر والمدر , وتتوحد في جوهرها وذاتها, لأنها ذاته ونهاية صيرورته التي لا تنتهي.
وكل الاحترام والتقدير
للشاعرة الكبيرة عواطف عبد اللطيف
التي جعلتنا نتعلم درسا جديدا ومعنى آخر من معاني الوطن
بمداد الوجع
عندما نعيشه ألما وشوقا في الغربة
|
|
|
|
|
|
(تتقاطرُ منه)
بين الحقيقة والمشاعر ....بين الغياب والعودة
والأقلام هنا...تنحني بسخاء لتقرأ الظاهر والباطن
صدقا تعلمنا درسا جديدا ومازلنا نتعلم منها
معنى الوطن بمداد الوجع والحنين
كل التقدير والاحترام للك أستاذي القدير أدونيس حسن
زاويتنا وضاءة بك
وسعيدة لأنك هنا