لا تحزن ..
وعش واقعك،
ولا تسرح مع الخيال ...
واقبل دنياك كما هي ..
فسوف لا يصفو لك فيها أمر ,
لأن الصفو والكمال والتمام ليس من شأنها
ولا من صفاتها ..
من ذا الذي نال في دنياه غايته؟؟!!
وعاش فيها ناعم البال؟!
وتذكر أنه إذا أشتد الحبل أنقطع ,
وإذا أظلم الليل أنقشع،
وإذا ضاق الأمر أتسع ,
ولن يغلب عسر يسرين..
دع المقادير تجري في أعنتها .. ولاتنامن إلا خالي البال ..
مابين غمضة عين وانتباهتها.. يغير الله من حال إلى حال ..
ولاتنسى أنك في نعم عظيمة
وأفضال جسيمية ولكنك لا تدري ,
تعيش مهموماً حزيناً تتفكر في المفقود
ولا تشكر الموجود!!
فاطمأن , وأهدأ وتفاءل وابشر
واجعل شعارك في هذه الحياة (لا تحزن إن الله معنا)
لم تفتش سيرين ابنة التاسعة والثلاثين عاما عن خبايا ذاكرتها وعن جذورها العراقية الا بعد لقائها بـ هان " حنيف " استاذ الادب العربي المنفي عن العراق ثم علمت من عمها شيئا عن هذه الجذور قائلا لها :
- نحن من مكان صغير يدعى " باب الشيخ " .. هل تحبين هذا ؟
- لم تتكلم عنه ابدا انت لاتتكلم عن العراق اطلاقا
يرفع يديه ويقول " انا عاطفي جدا ، كل شيء عن العراق يمس قلبي الرقيق وحين تكونين عاطفية تقاومين التحدث في امور كهذه
- ولماذا هذا ؟
- هذا يعني ، التحدث عن الفرق بن ذلك الوقت والان . غالبا ماينطوي هذا الحديث على حزن فالمهاجرون منذ البداية يظلون في حزن دائم لااحد يحذرك حين ترحل عن بلدك مالذي يمكن ان يحدث لعقلك كما ان هناك مهاجرون اكثر حزنا من غيرهم وتوجد كل انواع الاسباب لذلك الحزن لكن السبب الاكبر انك لاتستطيع العودة . مثلا العراق الذي جاء منه ابوك وجئت منه انا لم يعد له وجود ، اصبح مكانا جديدا مفزعا . حين لايعود منزلك القديم موجودا تصبح الامور اكثر حزنا تعيش سيرين الامريكية الام والعراقية الاب في لوس انجلس مع عمها المخلص وكلبها وتعمل في مطعم لبناني يقدم وجباته للطلبة العرب والمهاجرين الذين يملأهم الحنين لاوطانهم ومثل الايطالي سيوفيا الذ قال لها " حين نغادر اوطاننا نقع في حب احزاننا " اما صاحبة المطعم ام نادية فلها رأي عن الانسان العربي الذي يعيش حالة المنفى
*تقول ام ديانا ان الوحدة التي يشعر بها الأنسان العربي هي شيء رهيب فهي تستهلكه تماما وهي موجودة في الأصل مثل ظل ضئيل تحت قلبه 0منذ ان يلقى رأسه على حجر أمه
هكذا تشك سيرين بأن العرب يشعرون ان كل شيء هو أكبر من حياتهم وأن مشاعرهم تسير في السماء لكنها حين تحضر امسية شعرية تنابها هواجس شتى كتلك التي نقرأها هنا
" تحاول رفع رأسها كلما نظر الشاعر بأتجاهها ككان صوته يتكتك مثل مدق في طاقة نحاسية وكانت قصائده تستحضر صورة رجل عجوز يجوب شوارع بغداد والقدس . تشاهد سيرين اشجارا مليئة بأقفاص طيور تتلألأ فيها طيور مغردة وملونة تشاهد رمالا على شكل أوتار وأشجار نخيل تنحني في السماء تبدو لها هذه الاماكن كأنها تود زيارتها "
*يقص عليها عمها حكاية خيالية عن الفتى عبد الرحمن صلاح الدين الذي يهرب من اسياده ويفتعل الغرق لتنتهي رحلته بهوليوود
لم تجرب سيرين يوما فقدان نفسها في الحب لكن حين تلتقي هان يتزلزل كيانها بحب عاصف ادى بها الى العيش بوحدة مطبقة على قلبها لمدة عامين حين ظنت انه قد نفذ حكم الاعدام بحقه حين غادرها بغتة عائدا الى بغداد
" هان " بدوره لم يرَ صور بغداد يقينا الا بعد لقائه سيرين .......:
*يفرك صدغيه ويقول " لاشيء بدأت أفكر في الأمر كأنه في داخلي طوال الوقت . ومنذ ان التقيت بك – بدأ يعود لي . بدأت اشعر به وأراه . كلما استدرت حول زاية شارع مؤخرا اشعر انني ادخل في شارع السعدون أو جسر الجمهورية . كل انسان اتحدث معه ينقلب الى بائع خضار اة استاذ مدرستي الابتدائية
- منذ ان قابلتني.؟ ...تسال سيرين
*ياخذ بدها . " كلا انه امر جيد ، لقد كنت اتكلم وافكر باشياء لم اكن افكر بها منذ غادرت العراق واستعيد ذكريات كانت مدحورة بعيدا عني لدرجة اني لم اكن ادرك اين اضعتها . الامر يبدو انيي ارديك ان تعرفي كل شيء اعرفه ، أريد أن آخذك عبر تاريخي ، بحيث يكون هذا التاريخ في داخل كل منا وتعرفين انت من انا – من انا حقيقة
" ان حقيقة كوني في المنفى هي أكبر من أي شيء اخر في حياتي لقد كان تركي لبلادي يشبه – لاأعلم – كأنما جزءا من جسدي قد فقد مني . أشعر بآلام وهمية بسبب فقداني لهذا الجزء
" إن المنفى يشبه..." يجلس الى الامام ومرفقيه على ركبيته بينمت تلتف حبات المسبحة حول يد واحدة ، وتبدو يداه وكأنهما تحاولان الامساك بشكل أو بصورة " انها غرفة رمادية معتمة ، مليئة بالاصوات والظلال ولكن لايوجد فيها شيئا حقيقيا او وافقعيا ، انك تعتقدين باستمرار انك ترين اصدقاء قدامى في الشارع او اعداء قدامى يجعولوك تصرخين في احلامك . تسيرين نحو الناس ، متاكدة انهم من افراد عائلتك وعندما تقتربين منهم تذوب وجوههم لتتحول الى غرباء تماما . او انك تنسين أن هذه امريكا وليست العراق – كل شيء كنت به – كل مشهد ، كل صوت ، كل طعم ، كل ذكرى ، كلها محيت . تنسين كل شيء تظنين أنك تعرفيه " . ينزل يديه الى الأسفل " ان عليك ان تفعلي ذلك "
- لماذا ؟
" ان عليك ان تتركي نفسك للنسيان والا ستفقدين عقلك . احيانا عندما ارى هؤلاء الناس المشردين في الشوارع يهيمون بالارجاء بثيابهم الممزقة اشعر احيانا أنني لم اشعر بحياتي أنني قريب من احد مثلما انا قريب من هؤلاء . انهم يعلمون الشعور بالأمر – ويعيشون بين العوالم بحيث يشعرون في الحقيقة أنهم ليسوا في اي مكان – وانهم منفيون عن انفسهم
" للحظة للحظة نسيت اين انا ، نسيت ان هذه امريكا ، كنت واقفا على ضفاف دجلة وكنت ارى الشمس عبر جفني . كانت اختي على وشك ان تناديني الى الطعام . كأن الضوء اقتحمني وأعاد الي ككل هذا ثم اضطررت للعودة الى هذا المكان
كل هذا في رواية الهلال لديانا ابي جابر ترجمة فؤاد سروجي الذي اجاد في نقل احاسيس الروائية ديانا الى درجة اني شممت حتى روائح الطعام الذي كانت تطبخه سيرين في المطعم اللبناني وركبت زورقا كنت قد ركبته مرارا بين الرصافة والجسر وسمعت حتى صوت حنين " هان " لغروب الشمس في بغداد حين كان طفلا
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
من / رد قلبي- ان الزمن الذي يغير كل شيء لم يغيركِ في نفسي لقد كنتِ اثبت على الزمن منفسه .. لم يستطع شيء قط أن ينزعكِ من اعماقي ..حتى انا .. كنتِ كائنة فيّ برغمي ..كم حاولتُ وأدكِ في قلبي .. ولكن كانت توقظكِ في قلبي أول هزة حنين ورجفة شوق . اني على فرط يأسي منكِ ..كنت اعتبرك املي الدائم وامنيتي الخالدة ..ابعد كل هذا تسيئين الظن بي؟
إني احبك ياانجي .. لقد حلمتُ بك طول حياتي ... وساحلم بك ِ الآن عندما اغمض عيني ...لم تستطع سدود الفوارق ان تنزعكِ من نفسي فيما مضى ، ولن تستطيع سدود الموت ان تنزعك ِ مني الآن .. لقد كنتِ ملكي وستظلين ملكي دائما ً
*********
أفكر في صخور آمالنا التي تتحطم عليها مراكب اعمارنا وبالحياة التي لاتحقق احلامنا الا بعد ان تعتصر امنياتنا .
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
- قلت لك الف مرة لااستطع ان اجاريك الحب وخلف النافذةيئن المطر ، يسقط كل يوم من شموخه القمر ، يموت الياسمين ببطء ، لااستطيع ان احتويك بين احضاني عندما يكون الوطن بين الابواب .. وعلى الارصفة .. يركع ويصلي ينتظر منا اشياء كثيرة
*******
- عندما يكون الوطن جريحا ، اعتقد ان كل الرسائل تتلخص في حمل بندقية
*******
منذ عرفته رأيته من اولئك الذين تحبهم بيروت اشياء كثيرة تراها في عينيه ، تلسمها في كل كلمة يسفرها من شفتيه ابتسامة ، ظننت كثيرا أنه خلق مع هذه الابتسامة
كنت أقول له : احسدك دائما تبتسم
كان يضحك ويجيب : لكن صدقيني ، الانسان بلا حزن جبل أجوف عرفت بعد ذلك انه جبل احزان ولكنه كان دائما يبتسم ، واجمل مااراه بابتسامته كان بيروت ...
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
مع : محمود درويش
من : يوميات الحزن العادي
كان الشّارع المعبد السّائر نحو الغرب لا يعني إلا السّفر إلى عكا . كان الحر شديدا ؛ فبكيت من الشّمس والعطش . وجلست مرارا لأستريح . فكرت بالعودة فخجلت من الهزيمة .
- ماذا كانت تعني الهزيمة لك ؟
- إن اطلب شيئا ولا يتحقق ، أن أبدأ ولا أكمل ، وأكملت طريقي إلى عكا .
**********
ليس وطني دائما على حق .. ولكنّي لا أستطيع أن أمارس حقا حقيقيا إلا في وطني ..
********
هذا هو وطني . ولم يكن والد صديقي المقيم في بيروت يبالغ حين شم ّ تفتح أزهار الليمون في بيارات يافا في موعدها ..ومات .
*********
إن ّ الجنود يحرسون الحلم .. وسأدخله حين ينامون
*********
أنت لاتبكي ، لكن سقوط القدس ..يعني سقوط الدّموع
***********
إني حزين لأني حقيقي ، الفرح تعبير مهذب عن ارتكاب الخيانة مع الواقع
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
هذه مقطوعة أدبية رائعة لشاعر الهند الكبير
عن كتاب النقد الأدبي لسيد قطب
"اليوم لم يُختم بعد. والسوق التي على شاطئ النهر لاتزال.
"لقد خفت أن يكون يومي قد تبدد، واّخر دراهمي قد ضاع.
"ولكن. لا. ياأخي. إني ما زلت أملك شيئاً لأن حظي لم يسلبني كل شيء.
**************
"الآن انتهى البيع والشراء
"لقد جمعت حصيلتي من الطرفين
"والآن حان وقت عودتي إلى البيت
"ولكن أيها الحارس، أفتطلب ضريبتك؟
"لاتخف ياأخي. لأني مازلت أملك شيئاً. لأن حظي لم يسلبني كل شيء
**************
"إن سكون الريح ينذر بالعاصفة
"وإن السحب المتجهمة في الغرب لاتبشر بخير
"والماء ساكن ينتظر الريح
"أما أنا فأهرول لأعبر النهر
"ولكن، ياصاحب المعبر، أفتريد أن تطلب أجرك؟
"أجل، ياأخي، إني مازلت أملك شيئاً. لأن حظي لم يسلبني كل شيء.
**************
"وفي ظلال الشجرة على جانب الطريق، تربع الشحاذ
"واأسفاه! إنه يحدق في وجهي، وفي عينيه رجاء وحياء!
"إنني في ظنه، غنيٌ بما ربحت في يومي
"أجل، ياأخي، إني مازلت أملك شيئاً، لأن حظي لم يسلبني كل شيء.
**************
"لقد اشتد ظلام الليل، وأقفرالطريق، وتألق الحباحب بين أوراق الشجر
"من عساك تكون يامن تتبعني في خطوات متلصصة صامتة؟
"اّه، لقد عرفت، إنك تريد أن تسرق مني كل أرباحي
"لن أخيب ظنك!
"لأني مازلت أملك شيئاً،لأن حظي لم يسلبني كل شيء!
**************
"وصلت المنزل عند منتصف الليل بيدين فارغتين
"وأنت لدى الباب تنتظرين في يقظةٍ وصمت،وفي عينيك الرغبة
"وكعصفورةٍ وجلةٍ طرت إلى صدري،يدفعك حب تواق
"اّه يا إلهي.إن شيئاً كثيراً ما يزال باقياً معي،لأن حظي لم يخدعني،ويسلبني كل شيء".
مع عبد الخالق الرّكابي
من رواية : أطراس الكلام
كنتُ أستجير بقدر الأطفال الذين حرمهم الحصار من أن ينعموا بطفولتهم كما ينبغي ، فشمّروا عن سواعدهم الغضّ’ ليبيعوا ماكان حقهم التّمتع بالتهامه من حلويات ولبان وشوكولاته
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟