يبدأ الشاعر قصيدته بذكر الحادثة أن المرثي مات فعم البكاء في كل موقع من مواقعه ويتساءل هل سيكون هناك صوت كصوت مناضل قاتل بقلمه ؟ في سؤال استنكاري للنفي ثم اخذ يعدد مناقب المرثي بادئا بكان وكان ..... وهي ليست مناقب شخصية فقد امتزجت مناقبه بالوطن الذي اقتلع منه / فلسطين / وكيف كانت سيرته النضالية في كل مكان من منفاه ولم يطل الشاعر في هذا التعداد بل انتقل إلى حال الشعب الفلسطيني وكيف تمزق إلى فئتين تقتتلان ولكن الأهم هو أن الفئتين تقدمان الضحايا على مذبح الحرية وقياداتهم أعماها حق الوطن وانتبهت إلى ثرواتها التي غنمتها من المتاجرة بالقضية وحتى في وطننا العربي كله تجد أمهات الشهداء بأعداد كبيرة قدّمن أبناءهن ضحايا في سبيل فلسطين وألمح الشاعر إلى أن الانقسام الفلسطيني وراء الدين الذي جعلوه سياسة كما قال أو الثروة التي تجنى لأولئك الكبراء وان الدولار أصبح هو الهدف وهو القضية فقد أبدلنا بالقضية الفلسطينية الدلاور أصبحت حياتنا تمضي في توديع حبيب هنا وشهيد هناك وكبراء القوم لاهون في غوايتهم و تحدث أخيرا أن المتاجرين بالدين هم أدعياء يتخذون منه وسيلة لبلوغ أهداف بعيدة عن محتوى الدين لغايات أخرى وهي أن تسمع رنين المال في الجيوب ، وقد لبسوا ألف قناع يتسترون تحته وضرب مثالا على تقولهم بالعدل وهو يمارسون الشر والرذائل ويتحدثون عن الفضائل واختتم القصيدة بتشبيههم بالجرذان تختبئ عند أقل خطر وعندما ينتهي الخطر يخرجون . التزم الشاعر أسلوب الأقدمين في الرثاء بذكر مناقب المرثي وإن ابتعدت هنا قليلا عن المناقب الشخصية البحتة مع أنها هموم شخصية في ممارسة حب الوطن والعمل من أجله وبخاصة هموم فلسطين ـ لأن الشاعر فلسطيني الموطن ـــ ولا أقول الوطن لأن الشاعر كان عربيا حتى النخاع ــ ولا ذكر أو تلميح لفلسطين واريد أن أسأل الشاعر : بعد سنوات هل سيدرك القارئ مشكلة الانقسام الفلسطيني في غزة والضفة ؟ مع أن الأدب يؤرخ للأحداث وبالرغم من أن الشاعر ذكر غزة من خلال لمحة صغيرة أنها تقدم الشهداء ثم عمم ذلك على الوطن العربي ، كأني به يريد أن يقول إن الضفة علئمة على الهدوء ولكنه تطرق إلى المسؤولين وسياستهم في المتاجرة بالقضية لقد أمسك الشاعر العصا من الوسط وعمم المتاجرة : فهي إما بالوطنية أو الدين وليس المطلوب من الشاعر أن يتحدث بشكل دقيق في السياسة أو يميل إلى طرف دون الاخر كنت أتمنى على الشاعر أن يذكر نضالات الشعب الفلسطيني الذي التحم به محمود درويش وتحديه للصهاينة كانت عاطفة الشاعر تختفي حينا وتظهر في مقدمة النص فقط عاطفة الأسى والحزن على فقد شاعر حبيب وكذلك اللوعة على واقع الشعب الفلسطيني وقادته الذين يجعلونه سلعة في سوق النخاسة ، وليعذرني الشاعر فقد كات الأسلوب التقليدي عاجزا عن إبراز العاطفة وصحيح أن السياسة تخفي المشاعر ولكنها كانت يجب أن تبدو من خلال الألفاظ الموحية والصور الجميلة وقد استخدم الشاعر التصوير الجزئي التفسيري / تشبيه واستعار وكناية / باسلوب تقليدي ولم نشهد مشهدا ما في موقف ما ولكنه اعتمد المباشرة في أسلوب أقرب إلى التعداد واعتمد والأسلوب الخبري الذي لا يثير القارئ ويجعله يسهو وهو يقرا النص وكان تقليديا في جميع مناحي النص ــ بمعنى أننا نصنف النص تحت عنوان المذهب الاتباعي في الشعر ــ وقد أعذر الشاعر لأنه نظم القصيدة متعجلا ومتأثرا بالحدث ولكن هل يعذره الجيل القادم ؟ استخدم الشاعر البحر الطويل واجاد في استخدامه وروي هو اللام مع هاء السكت وكانها تنهدات متألم وقفت عند كلمة ثاكل في هذا البيت : لنا في بُيوتِ العُرْبِ مليـونُ ثاكِـلٍ
فتاهـا بسيـفِ العُـرْبِ أرْداهُ قاتِـلُـه
ألا يجب أن تكون ثاكلة ؟ او كلمة فتاها : هاء الغائب تعود على من ؟ في الختام تعد القصيدة رائعة الحبك من روائع المدرسة الكلاسيكية
وصاحبة البيت الراقية عواطف .. وعذرا منكم جميعا ...
،
سأم
كثيرة هي الأجساد التي تتحرك في محيطنا
والروح تغط بموت عميق قديم ..
او راحت تبحث عن نفسها بمتاهات الحياة ويقضي الجسد
عمراً يبحث عنها ويحاول استعادتها من ذلك الضياع ..
يعود الجسد خائبا مرات كثيرة ...
الحب هو ايضا مفقود كثيراً ما نبحث عنه وكثيرا ما نعود نجر اذيال الخيبة
وتتراكم الهموم مع كل خيبة أمل ..
شعور ملل وسأم من حالة اعترت شاعرنا
استشعرته يصرخ بوجه تلك الحالة
ويحاول أن يجعلها تتنحى عنه بذلك الصراخ
فلجأ لله ثم لقلمه لينسى تلك الحالة وربما انه لم يوفق
لتعمق الشعور ثم لأن الشعر ربما يجلب معه مزيدا من تلك الهموم والأحزان
وقد أكون رأيت منظر تلك الورقة المسكينة التي جر عليها شاعرنا
المُثقل بوجعه قد اختلطت عليها دماء قلمه ودماء وجعه وأنهار من دموع مرة ..
عدي شتات الأديب
لك منا تقدير خاص على النافذة الرائعة ، و عليك أن تبقيها مفتوحة .
شاعرنا أحمد الحمود هنيئا لك قصيدتك التي لها في نفسك وقع خاص.
رفيقي المختارين معي لتناول القصيدة . سأقول القليل وقد يأتي الكثير منكما فمعذرة اذا قصرت لظروف .
قصة القصيدة : هو قدر المحبين عامة و الشعراء خاصة ، فكم من عاشق غرس و تعب و سهر و أخلص و سقى و رعى و لما أراد أن يقطف حرموه من قطافه، و من ثمار ظل يرقب ، و من نهر أراد منه أن يشرب . و المأساة أن لا يبذل المحبوب أية حركة أمام الجناة ، بل قد يشاركهم فعلتهم . و أتمثل الشافعي يقف و يردد بيته : _ و من البلية أن تحب و لا يحبك من تحبه _ لقد صدم الشاعر ، و فقد الاتزان ، و اسودت الدنيا أمامه ، و لم يجد الا القلم و التعبير لعل هذا يخفف عنه ، و يحفظ جزءا من حياته ، و يتركه مسجلا كي يعود اليه متى هزه ألم و حنين .
قصيدة _ سأم_ لي ملاحظات :
1- ولدت القصيدة ، و مهما قيل فيها هي باقية حية ترزق ، فهناك من تعجبه و هناك من لا تروقه ، و عليه فالقصيدة لا يؤثر فيها مؤثر ، ستسقط الملاحظات و تبقى القصيدة .
2- رأيي الخاص أن الشاعر وفق الى كبير في نقل أهم نقطة في حياته ، و تسجيلها . و القصيدة جميلة ، وفق الشاعر في نقل أحاسيسه و مشاعره بطريقة عفوية دون تكلف .
3- لغة الشاعر وتعبيره في المستوى ، فلا هو جنح الى غريب اللغة لاستعراض قاموسه ، بل أخذ بسهل اللغة و بسيطها ، و وظف كلمات لها أبعاد و ايقاع و نفوذ ، و تفادى الحشو والاكثار من الكلام غير المفيد ، كما ابتعد عن التصنع البياني و البديعي ، و في المقابل رسم بص الصور الشعرية الجميلة التي هي ميزة الشعر الحديث .
4- حبذت لو استعمل الشاعر حرف العطف - و- للربط أفضل بين الأطار الأولى و الثانية . و هذا للتقوية فقط فهو مصيب في ما فعل و لكن حبذنا هذا استحسانا.
5- _ فيا شمس ليلي كفاك شروقا- فاني احترقت ضياعا فغيبي _ لابأس و لكن ليته اجتهد الشاعر فغير في البيت حتى يتفادى حرف الفاء ثلاث مرات حتى لا يضعف البيت .
6- هناك في الوزن خلل في - فاني احترقت - فان أهملنا همزة الوصل فتحنا الياء قراءة و هنا يختل الوزن ، و ان قرأنا همزة الوصل اختل الوزن و همزة الوصل لا تقرأ .
في - لأمحو ذنوبي - مع وجوب نصب المضارع يختل الوزن . و الجملة الأخيرة أشير اليها قبلي .
7- العنوان وان كان يناسب الموضوع و لكنني حبذته يكون جميلا يتناسب و القصيدة الأجمل .
8- شاعرنا بالتوفيق . الامارة أمنحها لبيتك الأول على باقي الأبيات بحكمته ، بدلالته ، لموسيقاه ، لجماليته . ودمت شاعرا متألقا.