أيّها الزّمن الجميل...أيّها الغابر بين الأيّام...
كنّاا هنا نركض مفلتين من أحزاننا وهواجسنا....
وكنّا هنا مزهوين .......
وكنّا هنا نتدثٍّر بأمانيناوالمكان يشتاقنا فتهتزّ ضلوعنا وتخفق قلوبنا....
وكان الوقت يتخبّط منّا في أغلاله ويلتاع ولا نلتاع......
كلّ شيئ كان هادئا جميلا ونحن في زهونا واختيالنا سلاطين وملوك على الأرض.....
وكنت
كنت أنت الملاذ الطّاهر والمرفأ تكتسحنا فتزهر في الرّوح كعباد اللّه الصّالحين ...
وكنت أنت وجيب القلوب للقلوب تخفق بالمودّة والمحبّة......
وكنت انت الأفق ...والخير واليمن
وكنت أهزوجة المكان ومذاقه وطيبه وعطره وشذاه .... هنا يفقد الزّمن والمكان ملامحه.....
كلمّا دخلت تتكوّم أوجاعي...
فيتقاذفني الحال ....
صوت سيّدة البيت ذوى في ذاكرة المكان والزّمان....
وعددالاخوة تبدّد في العدم....
موتا...وغيابا.... وهجرة.....
والأب بات صورة باهتة في الإطار المعلّق على الجدار....
والسّاعة الجداريّة تسرّب غبار اليها فالتفّ على عقاربها...
وأعلنت عن تعطّب دورة الزّمان في المكان.....
فزغرد الغياب ونعق...
فراحت العناكب تمخر السّقف.... فتتناثر أتربته....
وحتّى كلاب الحارس.....
ما عادت مستنفرة...
ولا نابحة....
ومربض الحصان مات فيه صهيله وغفا مع الزّمن
شجرة الصّفصاف الظّليلة غدت في شهيقها حسرة وكمدا عنّ لي ذات يوم أن أوغل في نفسي ...
أستجمع شتاتي وأبحث في تفاصيل ماض غابر...
بحثت في دفاتري القديمة التي أحتفظ بها وأواريها عن عيون من في بيتي من زوج وأولاد ....
أمتدت يدي الى كشكول كنت أبحث عنه في كل الزوايا الخفية الخاصة بي في بيتي و كنت قبل هذا أجهد نفسي في العثور عليه...
كاشكول أودعته وجدا تلبس بي وسكن روحي وخالط نفسي أيام كنت صبية يافعة ...
كشكول بدّدت فيه الشوق والحب في الكلام عندما كان يضيق بنا الكلام ..
يوم كان عشقنا لا يخرج من حدود حينا القديم ...عشق مضمخ بروائح الحي وألوانه ...
أيام كنا في العشق كما نحن في الحياة ...
لهو وبراءة وهمس وجري وقفز بالحبل ....
وخجل معتّق في لواعجنا ...والذّكور من حولنا أبناء عمومة و صلة أرحام وأمشاج روحانية... وثلّة من أبناء جوار غير غرباء عن حيّنا يتبارزون من حولنا بنبال من خشب يصوبونها حولنا فتخرّ قلوبنا صريعة حب ......
والحكايا تسري بيننا وحواجبنا تقضي حوائجنا نحن سكوت والهوى يتكلم ....
والحمام يهدل ويبني أعشاشه الدّافئة فوق سطوح بيوتنا فنزداد عشقا وصبابة... يا وجع الوجع....
والعمر يطوي شراعه....
.يا سنين العمر...
والعمر قدغامت سماه...
نسيت الدّرب...
حتّى أقفر الدّرب من يمامه..
ولم تعد تعرفني المرايا...
من السّقم اكتحلت محاجري جمرا
فركض بي زمان..
والجرح نازف...
وغدت الرّوح موزّعة بين أنين وغياب ...
فدع يا رفيقي الدّمع يموج حارقا على وجنتيّ...
ولا تسل عنّي أحاديث اللّيل...
فقد جفّت ...
وضاعت شرائطها
وتدبّج الكلام فيها بحزن الكلام
ولا تسل عنّي ليلي..
فقد أسرج مواقده من رزنامة العذاب.
ولاتسل عنّي نهاري
فقد شاغب صبحه الغمام....
وتقمّصت تباشيره أردية النّسيان
.فأين منك يا ليل الأماني....
وأين منك يا نهار لهفتي على النّهار...
لا تلمني يا صديقي....
فما عاد وجد يجدي...
ولا عادت قصيدة ترقص ....
ولا قلب يهفو...ويهمس...
ولا عطريرنو ....
ولا سحر الكلام...
يلقى صداه في الأرجاء......
فللرّوح حزنها الموشوم
يؤسس فجره... مرّ الزّمان
أسود....
سيّد الألوان
يغوص في قرقعات دمي...
فتتقافز الرّوح....
تتهجّى.تفاصيل عراء ...
ويرحل ليل داكن في دمي...
فتهرب منه كلّ الألوان.....
ويتفطّر القلب حزنا ...
صور في الذّاكرة...
تمشّط ذاكرة في عتمة الألوان.
اخيتي دعد
اعود ثانية لانني في المرة الاولى اديت واجب المتذوق الغريب
ومررت كمن يمر على واجهة دار بهرته من الخارج او مزرعة باسقة
اشجارها من خلف الاسوار
وبعد ان عرفتك اخية لي وتجولت في فناءك الرحب وبستانك الاخضر
اليانع ببراعم الجمال وعطر قداحه ..من حروف باذخة..
كان لا بد من العودة..
اخيتي دعد..
هذا الحنين للماضي دفعنا اليه بهاتة الحاضر
وقد وجدت في كل كتاباتك هناك بصمة وشفرة
الانطلاق..
المكان والزمان وشخوصه ومنها تنطلق كل روائع
النزف ليسيل على الورق ويرسم لوحة جمالية في
النقاء والبراءة والجمال بدون مساحيق العصر الملوثة
اخيتي دعد..
رسالتك ..رسالة الروح..لروح نتمنى احياءها..ولكنا
كمن نكتب على الاطلال
استغرقت وقتا لتجميع بعض كتاباتك..ولكنها اسعدتني
ها انا اتيت بدون موعد..ولكنك اعطيت موعد قد نسيتيه
في طق طق...
لرأي اخيتي مذاق...دمت اخية لي..ودمت قلما يديم ماض
ويؤرخ مرحلة..اتسمت باجمل معاني النقاوة
حفظك الله
أخيّ الغالي الرّائع أحمد العابر
وعيك يا أحمد الغالي بهمّ الكتابة وقلق الكتابة ورهبة الكتابة هو الدّافع لمرور ووقفة متأنيّة لبعض من خربشات قلمي هنا...
ولشدّما أسعدت قلبي يا أخيّ الحبيب بجمعك لمقتطفات من هذه الكتابة ....
فقد انتابني احساس أنّ صورة بعضنا البعض يبقى أثرها في النّفس كذكرى ثابتة في أعماقنا يتردّد صداها الى ما بعد قراءتها....
أتعرف يا أحمد أن مجاري الحياة فينا وأحداثها وترسبّاتها فينا هي عالمنا المبعثر فينا وهي هزّاتنا وشطحاتنا بمرّها وحلوها...وأنّ ضرورة التّواصل بيننا هي البصمة الباقية فيها فأنا يا أحمد من الذين يعشقون الكتابة ولا أرتّب لها ولا أوثّقها الا في نفوس أحبّتي والقريبين من نفسي وأنت أحدهم يا أحمد على قصر المدّة وحداثتي بك هنا في هذا النّبع الجميل...
أحمد أوخيّ الغالي
مبادرتك الرّقيقة هذه ذات قيمة ودلالة لأنّها تثبت الى أيّ حدّ نستطيع أن نلتقي والى أيّ حد اصبحت كتاباتنا في زمن العولمة تجمعنا وتحقّق بيننا التّلاقي ...والى أيّ حدّ بات التّواصل قيمة لا محدودة بزمان ولا مكان....
فكيف يا أحمد أقول لك شكرا وكيف يا أخي الغالي أقول لك أنّك تكبر في عيني وأنّك تؤكد صورة النّقاء وأنّ الإبتعاد تكسّره روح مثل روحك في سطوعها مرآة كبيرة لفضاء دافئ تحتضنه محبّة بيننا للّه وفي اللّه