الأديب الملتزم هو الّذي يجعل سلطة العقل الواعي
الحكم المقيم لإبداعه وكل ما يطرحه من قضايا جوهرية
لا تمس بحرية الآخرين ويجعل الفضيلة عنوانا لكتاباته والحرية
مبدأ من مبادئه في الحياة الأدبية والفكرية دون المساس بالقيم
والأخلاق . تحية تليق أستاذي الفاضل ودمت في رعاية الله وحفظه
تواتيت نصرالدين شكرا لك و أقول:
ما جاء في ردك الكريم هو الذي ينبغي أن يتحلى به الكاتب و يضعه نصب عينيه أثناء الكتابة ،حتى تجيء كتابته ذات مصداقية و لها قبول لدى القارئ.
تحيتي لك.
مرحبا أستاذي مصطفى
و رمضان مبارك و كل عام و أنت بألف خير
دعني أبدؤ من حيث قولك :
ما أشرنا إليه آنفا تزكيه ممارسة أو ممارسات أدباء راهنوا على نهج مسار معين متخذين من الالتزام مبدءا غير قابل للمساومة عليه ،لكن بعد لأي هبت رياح الصيرورة التاريخية فجعلت هؤلاء الأدباء يغيرون مراكبهم الشراعية فأبحروا في اتجاهات مخالفة و و مضادة لاتجاهاتهم التي كانوا عليها ،و بذلك تكشفوا عن انتهازية ميعت مفهوم الالتزام و أفرغته من محتواه ،و جعلت منه مجرد ذريعة لتحقيق طموحات آنية شخصية ضيقة،كما أكدت بالملموس أن تلك الشعارات التي كانوا يهتفون بها كانت زائفة رفعت من أجل الخداع فقط.
للأسف أستاذي هذه الشريحة هي الغالبة اليوم في عصر عولمة كل شيء حتى الأفكار و المبادىء
فصار المتمسك بمبدئه و الحر بفكره و المتحرر من قيودها كالقابض على الجمرة، وحيدا إلا من رهط قليل حافظوا على ما آمنوا به فآزروه
و لا نبتعد كثيرا و دعني آخذ لك أمثلة بسيطة نعيشها في واقعنا اليومي و لمسناها لمس اليد
تتغير الحقبة،و تتغير التجربة،و تتغير الشخصيات الحاكمة في بلد ما أو موقع ما، و تتغير الظروف...
فيتغير لون قلم الأديب حسبما مالت مصلحته الذاتية التي طالما صدقنا أنها آخر ما يفكر به يوم كان يطرح أدبه على أنه منزه من كل تأثير أو إملاءات من الغير...
هنا يأتي جوابي على سؤالك الأول : إن كان يؤمن بفكر ما و كم كتب عنه و كم تأثر متابعون بقلمه، فصار لزاما عليه الحفاظ على ما آمن به،
و لكن إن ثبت خطأ ما آمن به و اعترف صراحة بأنه كان مضلل حق له أن يغير مسار قلمه و وجهته و إلا فهو مطالب بتغيير أفكار من تأثروا به فيما مضى،
ولكن على أن يكون التغير مشروعا، فلا أرضى مثلا بأديب يطرح قضية فلسطين هي الأساس في قضايا أمتنا العربية و حلها لا يكون إلا بحمل السلاح ضد الكيان الصهيوني
ثم يتغير قلمه إلى ضرورة الاعتراف بدولة الكيان المسخ اللقيط متذرعا بتغير المرحلة من مرحلة صراع إلى مرحلة تفاوض و لا يقولها صريحة مرحلة تنازلات !!
و هو ذاته سيكون جوابا لسؤالك الثاني عن ما معنى أن يكون الأديب ملتزما :
أنا أرى الأديب موقفا و كلمة و مبدأ و كلمة حرة و الالتزام هنا أن يكون عند عهد جمهوره به لا أن يتحول كالبندول مع تحول الظروف و لا يتلون كل مرحلة بلون...
كلمة أديب كبيرة جدا، و عميقة بمعناها، و ليس سهلا إطلاقها على كل من مارس الأدب - برأيي- فكم من أديب كتب و كُرِّم و أشاد الناس بما كتب، و لكنه لم يكتب، فهو جهد غيره المسروق - بشرعية - مقابل حفنة مال أي أنه حرف مرتزق !
و كم من أديب كتب ما لا يؤمن به أي و كما ذكرت حضرتك لا إحساس بالصدق فيما يكتبه
إذن ليكون نتاجه هو أولا، و ليحافظ على مبادئه بتغير الظروف، حينها نقول عنه أنه أديب أديب...
سلمت أستاذي على هذا الطرح
و صدقا أقولها موضوعك يفتح أبوابا كثيرة لنقاش مهم في زمن صار من المهم جدا أن نقول لبعضهم أنك لست بأديب لما نلمسه من زيف حرفه المتلون !!
تحياتي لك و لحرفك السامق أيها الشاعر الأديب.
شكرا لك أستاذة وطن النمراوي على هذا الرد الضافي النام على وعيك بالكتابة و بدورها في الحياة ،و أنا أتفق معك فيه جملة و تفصيلا.
شكرا لك مرة أخرى.
أما الإلتزام من وجهة نظري البسيطة ... أيها الأديب الراقي
هو أن يعرف الكاتب نفسه اولاً حتى يقدم لها ما يليق بمعرفته لها
الإلتزام في الأدب هو الوصول إلى مرحلة ٍ يستطيع الكاتب من خلالها
أن يؤسس شخصيته المستقله و فكره المستقل الذي يهيء له سبل الإبداع
الإلتزام لا يقيد الكاتب أو الأديب بل يجعله أكثر قدرة على تحريك مشاعر الآخرين نحو
رسالة قد تحمل في طياتها غموضاً مختلف ...
شكراً أيها الأديب القدير/ مصطفى معروفي .. على هذه المساحة الجميلة
حماك ربي .
جزاك الله خيرا أخي الأستاذ أسامة على ما تفضلت به من قول كريم و أقول:
عندما يعرف الكاتب نفسه و يلتزم بحدود هذه المعرفة فإنه لا شك سيقدم لنا أدبا هو عبارة عن مرآة لنفسه،و إلا سقط في التنطع و الإحالة في ما يكتبه.
رد جميل و مرور أجمل.
لا هنت أخي الكريم.
مرحبا اخي الكريم
من الملتزمين واقصد الالتزام الذي يدور في عقول كل من يقرأ هذا الموضوع
من الملتزمين الذين أعجبوني في شعرهم أمير الشعراء
ودي إليك وموضوعك موضوع جميل
تسلم أخي الأستاذ محمود:
أمير الشعراء يبقى قامة شعرية سامقة رضي من رضي و أبى من أبى.
وجهة نظرك محترمة و عشت معافى أخي العزيز.
ألالتزام يعني حرية الاختيار وهو يقوم على المبادرة الإيجابية الحرة من ذات صاحبه ، مستجيباً لدوافع وجدانية نابعة من أعماقه.
من طبيعة العمل المسؤول أن يكون هادفاً إلى غاية معينة .. وللإلتزام الفكري هدف ، هو الكشف عن الواقع ، والسعي إلى تغيير ماليس سليماً فيه ( محمود امين )
أن القدامى من الأدباء والنقاد والشعراء لم يكونوا يعون هذا ، ولم يتخذونه فلسفة .. لكنه موجود ضمناً. ويظهر بين الحين والآخر من خلال ديوان شعري أو نظرية فكرية أو عمل فني او من خلال سيرة فيلسوف أو أديب أو فنان.
والالتزام المدون وردنا من اليونان من خلال موت سقراط وإفلاطون بالتزاماته الخلقية المثالية في جمهوريته .. أما أرسطو فقد نادى بنظرية (( التطهير )) وهي أول وجهة من وجوه الإلتزام في العمل الأدبي بمنظار المنفعة ومعنى التطهير.
قال أرسطو في معرض حديثه عن المأساة : أن المأساة محاكاة فعل نبيل تام ، بلغة متبلة بملح من التزيين ، وهذه المحاكاة تتم بواسطة أشخاص الحكاية ، وهي تثير الرحمة والخوف فتؤدي إلى التطهير من هذه الانفعالات ( أرسطو/ فن الشعر )
وإن الأعمال التي تدور حول معاناة مشاعر الخوف والقلق والرحمة والشقاء وما إلى ذلك مما يثيره الحديث عن شرور الحياة وأمراض الناس الإجتماعية والنفسية والخلقية وذلك عن طريق تراسل المشاعر بين الجمهور والشخصيات التي يصورها العمل الأدبي.
وعلى الرغم من التناقض القائم بين مثالية أفلاطون وواقعية أرسطو إلا أنهما يتفقان على الغاية الخلقية والمناداة بها في كل عمل أدبي .. وهنا أراني أجد قول لابروبيير خير شاهد حين قال : حينما تسمو القراءة بفكرك وتلهمك مشاعر النبل وعلو الهمة ، فلا تبحث عن قاعدة أخرى للحكم على الكتاب ، فهو عمل جيد قد صنعته يد ماهرة. ( لابروبيير / ألطباع )
وقال ديدرو : ألعمل الفني ينبع من الواقع ويستمد منه عناصر وجوده العامة.
وإن العمل الخالي من المضمون الفكري ، لايعتد به من وجهة النظر الإجتماعية وهو يرى أن بين الخير والحق والجمال وشائج وثيقة. ( ديدرو / مقالة في الجمال )
ثم توالت النظريات حول الالتزام كـ ( كانت ، وهيغل ، وسان سيمون ، وأوغست ، وغوته ، وأدغار ألان بو ، وفلوبير ) .. إلخ.
لكني أود أن اتوقف عند نظرية الواقعية الاشتراكية التي أطلقها مكسيم غوركي المنطلقة من تعليمات ماركس ونظرية الجدل المادي التي نستطيع ان نستخلص منها ان الانسان لابد له قبل الاهتمام بالسياسة والعلم والدين والفن من ان يحصل على طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه وسائر ما يؤمن له أسباب العيش وأن كل حياة هي ذات بنيتين .. بنية دنيا المتمثلة بالنتاج المادي وبنية عليا متمثلة بالنتاج الفكري حيث يقول : ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم بل على العكس من ذلك . ان وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم.
ويًُعتبر هيغل أبرز من لفت النظر في الفن الى الاعتبارات التاريخية والاجتماعية
وأودُّ ان اتوقف أيضاً عند جان بول سارتر رائد الوجودية في العصر الحديث وأول من نظَّم أسس الإلتزام بكون الإنسان هو الوسيلة التي تكتشف بها الأشياء ولاقيمة لشيء غير الذات الإنسانية وأن الفكر انعكاس للمادة وإن الإنسان موقف يتحدد عن طريق وعي القيم.
وقد عالج قضية الأدب حين تناول ثلاث مسائل هي : ما الكتابة ؟ .لماذا نكتب ؟. لمن نكتب؟ ( سارتر / مواقف ).
ولي عودة إن شاء الله.
محبتي واحترامي.
الأخ عمر:
هذا الرد جزء من مقال لك كنت قد اطلعت عليه في منابر ثقافية و في مكان آخر هنا في النبع.
شكرا لك.