الغالية عواطف،
كيف لنا أن نمل البوح الصادق الذي ينساب بتلقائية وعفوية ، كيف لنا أن نمل من ملحمة أنسانية سطرتها بدمع العين وتنهيدة بعمق المحيط .
غاليتي،
كنت صادقة وكريمة واشعرتني شخصياً انني من أهل البيت الذي انت عميدته عندما فتحت لنا شرفات بوحك لنقترب من وجعك،
أراك قوية وشامخة كنخل العراق الذي لم ينحني رغم الألم ورغم رائحة البارود الذي سكن سعفه، القوة تكمن في مواجهة المواجع والجرأة على البوح بها لا الهروب منها.
الغربة لها وجوه عدة لكن أبشع هذه الوجوه هي غربة الروح، عندما يشعر المرء بإنه مخلوع من جذوره ومجبر على الانغراس في تربة مختلفة في كل شيئ، تعودنا ان تكون ارواحنا مرتبطة بالوطن ولذلك بمجرد بعدنا عن الوطن ندخل في مرحلة تيه قسرية ونشعر بإننا لا نطال الأرض ولا نطال السماء بل نبقى معلقين في منطقة ما بينهما.
حروفك المغموسة بألم كبير اختطفت من مقلتي دمعات صادقة ليس ضعفاً او مجاملة بل هي دمعات تغسل شيئ من القهر الذي نشترك به جميعاً، فكلنا في الهم شرق، كلنا نبحث عن هوية، نبحث عن دفء الوطن، كلنا مجبورون على العيش في أماكن لم نخترها بل اختارها القدر لنا.
الألام لا تٌنسى ولا يوجد لها وصفة سحرية لمداواتها، الألام عبارة عن أرث نختزنه بعناية ليذكرنا بمن ظلمونا ومن انتزعوا الأمان والسكينة من نفوسنا.
لا تنسي أي من التفاصيل يا عواطف طالما بقيت في الغربة، ربما تتبلسم جراحك وتنسي بعض ألامك عندما تعانق عينيك نهر دجلة والفرات، ربما تهدأ التنهيدة بصدرك عندما تتنفسين هواء بغداد ، ربما تخف ملوحة دموعك عندما تغتسلين بحب الأهل والاصدقاء ممن ينتظرون عودة الغائبين.
أقدر حجم القهر الذي يرخي بظلاله القاتمة على النص، لكن الفرح حتماً سيزورك ويزور كل من طالهم الأذى والظلم، سينبثق صبح تزهر فيه شقائق النعمان وتعود البسمة لثغرات الماجدات.
كوني بخير غاليتي وكوني على ثقة بإننا نكون أسعد وأقرب وأكثر انسانية عندما نتشارك همومنا،
مودة لا تبور،
سلوى حماد