ها هو الوقت يلفظ آخر أنفاسه
ليرسو بنا في ميناء الرحيل
ليتني أعلم إلى أين يرحل من يرغب في البكاء
يا أنت.. يا سيد الآهات
قل لي بربك
كيف أتقن الرحيل دون أن يمسسني هجر..؟
كيف أثقب وجه الفراق بخرم لقاء مؤبد
كيف أفرغ قلبي منك.. لأملأه بهم
قل لي بربك
كم يلزمني من الخطى لاجتياز محنة صمتك
كم يلزمني من الحزن لاستعادة ما فقدته من رشدي
كم يلزمني من العسر ليأتي بك اليسر
أو يدلّني عليك
كم يلزمني من الدهاء لأدرك الطريق التي لا تأخذني إليك
وكم يلزمني من الشجاعة لارتيادها
ليت لي حبّة نسيان أخدّر بها أنة أشواقي إليك
ليت لي ما يعيد إليّ قلبي المعلّق على حبل غسيلك
ليت لي ما يغلّف أحلامي الهشة
القابلة للكسر والإلتواء
من يأتيني ببوحك حين تصير الأيام من حولي أعواما
من يأتيني بالربيع
حين يتساقط الصبر من خريف فقدك
من يأتيني بضحكة خجلى أطرّزها على أديم مساءاتي الغريبة
أين أمضي بوجهي المبضّع بأشجان الحنين
أين أمضي بساعاتي المدججة بالخواء
والعمر بعدك لا يستجيب للأفراح
سأدوّن على حائط القلب وصيّة حبّك
وأبعثر الأشواق في كل الجهات
وأسكب أقدامي في كل الشوارع والطرقات
وأبقى على قيد حبّك
أو أموت دونه
أنثى المطر.. أنثى الكدر
أنثى التناقضات
كم أشتهي أن أتنازل عن هذه الألقاب
أتصدّق بها لأخرى سواي
ما زلتُ راسخة في الشؤم.. أعصر المشاعر نبيذا
يسكر أوجاع المارّة ردحا من الغليان
أطعم الأمل من فتات خيبتي
وألقّن أشواقي حديث اللا جدوى
وأملي عليها ما تتّعض بها من نصائح الكبرياء
أدرك تماما أن الوجد أعمق من أن يحاط بدمعة
أترك نبضي معلّقا بين المراد والسهاد
أتغاضى عن أمزجة القدر
أكمم الوقت بديمومته
وأمضي في دروب اعتدت تركيبها على السطور
أتأبط عينيك وحماقة أمنية
ذرفتُ العمر في إنجازها
أفرش غيابك على بساط انتظاري
أتناول طيفك جرعة جرعة.. كي لا أغصّ بوهمي
أقطّع الرتابة بمخالب الإرادة
وأبهرُ جمهور الصبر
لأبدو أمامك بكامل ولعي
وأمارسك
كما يليق بشغفي
عندما أرمم السعادة من خيوط الفقد الهزيلة
وأشيّد من حطام الوهم.. واقعا نضرا
فذلك هو الغرام
وذلك هو الألم اللذيذ
بعض الوجع تمدّن
حضارة
يخلّدها تأريخ الغرام على صفحات العمر
هل أرفض دفء الإشتياق
لأشتهي رعشة برد.. خلّفها لقاء شاتٍ
لا يمتّ لأصابعي بصلة
ما زال يلزمني المزيد من التباين
المزيد من التنائي
كي أنظر للشّغف من أبعاده الأربعة
وأتأمله بعين جائعة
تجيد التهام وجبتها بحرص باذخ
بين الهوى الممانع.. والهوى المطاوع فارق كبير
فثمة صلة بين الحرمان والرغبة
وبين الرخاء والتقاعس
ما قيمتي بلا أحمال فقدك
وما ثمني.. بلا أغراض هجرك..؟
يا معجزتي التي آمنت بها كل حواسي
وانفرجت لها نوافذ يقيني
وتعافت بها لكنات قصائدي
يا صرخة تجوب فضاء رأسي بدويّها
ولا يسمعها أحد سواي
يا نسمة منحها الله لأنفاسي ذات نجاة
لم يكن ليلي بخير.. كي أبوح لك بأسراره
ما عدت قادره على الصمود طويلا
أمام سواده الذي أخلّ بمنظر اهتشاشي لك
ليتني كنت واهنة في أداء طقوس الرغبة
فالعجز عن التفكير بك مقدرة عظيمة
وموهبة لم يحترفها عقلي
ليس بإمكاني النظر إلى ما هو أبعد من الورق
من الحلم.. والخيال
ما زلت أتجمّد في أركانك الدافئة
ويتخثّر الفرح بأوردتي
كلّما لمحت شبح احتياجي لعينيك
بكيت حتى تسلل اسمك خلسة في زحمة الهطول يا سيّد لحظاتي المرتبكة يا موجد هواي العذري يا ملجأ أفكاري ولحن مذكّراتي العابسة يا صبر البلابل.. على أشجار قصائدي في ذمّتي عمر يتجوّل في أوردة الرحيل لم يكن نبيلا معي لكنني مدانة لأياديه التي وضعت عينيّ على غيمة وجهك وصبّت نظراتك السمراء في حضيض اشتهائي يا لذيذا ما صادفتُ في تأريخ الثمار نكهة تشبهك يا روحا لم تختلف على جمالها انبهاراتي قل لي كيف ستكون خطاي إن لم تلوّنها دروبك أم كيف سيكون الحرف إن لم يستعر دهشته من معانيك..؟ اصطنعتك لقلبي واحتفلت ببشاشتي وهذياني وفلسفة أمطاري وألقيت أقداري على خطوط كفّك الخضلة لعلّي أكون الأنثى الجامحة التي تتلو الطاعة على طقوس الجوى بين يديك فقط.. يتناسل النبض من أصابعي وتنصهر النشوة في كؤوس لهفتي وأنا كما أنا مبتورة الوصال.. منخورة المنال أقسم لك بدموع الفرات الساخنة أن أدوزن نواياي على وقع مشيئتك وأحبّك هنا.. على الطريقة اللازوردية وستشهد مواقيت الولوع على كل شيء (سواك) كنت قد طردته من جنّة رغبتي
تعال وقل لي
هل ينطفئ السهد إن لم يمسسه ليل..؟
وهل يحترق التبغ.. إن كان ملفوفا بقصيدة خضراء
تعال
واشهد تدافع نبضاتي على باب لقائك
وحدك على الشوق تخطر
وحدك من الآه تصدر
يا نبيّ حزني الأول
خذني إليك.. ما استطعت من وجد
واعجن قلقي برزانة رجولتك
وقشّرني من أوزار ظنوني اللاذعة
كيف أصف إيماني بك.. بعد كفر مبين
جعلني أنقّح باليأس أوجاع الرماد
وأسلّم للموت أشلاء الوداد
كيف أشرح غيابك الذي تمخّض في غرور صبري طويلا
وشغفني به وجعا
وصهر مهارة خطاي.. في خدر القنوط
كيف أروي حكايا التوق على مشيب العمر
وألقّن الندم نبوءة فجرنا القادم
أحتاجك وطنا.. أفرش ملامحي على ملاءة أحداقه
أحتاجك صوتا.. أبث عبره حروف اسمي
أحتاجك عمرا.. أوزّعني على أيامه بالتساوي
أحتاج أن تعتقني من غموضك
لأكون حرّة لوجه الوفاء
لأهديك خضوعي ودفتر تجاربي وحقيبة شبقي العفيف
أحبه.. ذاك العشق الداكن الذي أغراني بقطيعته
وجعلني أواصل أمنياتي على سفوح الرجاء
أخبرني بربك
هل ينطفئ السهد إن لم يمسسه ليل..؟
وهل يحترق التبغ
إن كان ملفوفا بقصيدة خضراء
؟
دنوتَ من عزلتي.. كـ قاب شمسين أو أبهى
ناولتني الحبّ من خرم صدفة
أجّجت سكون شغفي بنظرة ساهية
جعلتني أهرع خلفها.. بحثا عن نواياها المحرّمة
غمست انبهاري في خلجان جرأتها
صححت بها أخطاء ذائقتي المغفّلة
وأحببتك يا هذا
فاطرد غربان الشك من غابات يقينك
ونم قرير الذنب.. على وسادة قلبي
لوّن صحيفة أحزاني بجرائمك النضرة
واملأ جرار ليلي ببزوغك المضطرب
ليتوب عليّ العمر
ويغفر لي ما تقدّم من هجرك
تعال كـ مبتدأ.. يبحث في مفارق انتظاري
عن خبر يقين
وانثر حنطة أصابعك على يباب وجهي المغترب
تعال أعترف لك بقبلة
تفتّحت أزهارها على غواية شفتي
ففرّ شيب اللحظات بعيدا عن جريرة وقاره
فقدتني فيك
ضعت بين هموم نظراتك المكبّلة بأعراف القبيلة
ماذا لو أعلنت العقبات رحيلها
وسدّدت فواتير الترقب المتوالية؟
ليتني قطعت لك عهدا بسكّين التمرّد العنيد
لتندلع شهواتك في دمي
وتخلع الخيبات أسمالها
أي يد عابثة لا تأخذني إليك
وأي حكم جائز لا يصدر براءتي من تهمة فقدك
ما بيننا أمل غمره النعاس
وحتى اللحظة
لم يهتدِ لسراط يقظة
منذ ألف يأس
وأنا أرغم أحلامي على الإختباء
أمنياتي الكثيرة.. حكايا معتّقة بالمجهول
تجرجر خلفها أياما لم تولد بعد
من قال أن الإنتظار لا يعجز..؟
غادرَتني للتو.. كل احتمالات الممكن
وبقي وجهك رابضا في أحداقي
يا أنت.. هل ضاع الأمل
ما زلت أقترف الــ (ياليت) إثما
لتخدير شغفي يوما أو بعض ليل
أرتشف خمرة وهمها لإخراس الواقع ذات وعي
أخيطها قصائدا معطّلة
لا تستر ولو جزءا خسيسا من الحقيقة العارية منك
تنوح محبرتي.. دون دمع يذكر
وأحترف الهروب صمتا.. حتى الموت
عيناك مبرّر قوي لمحنتي
حُسن نابغ.. يغسلني بتنهيدات ساطعة
يكاد فوحها يضيء ولو لم يمسسه قصد
أحبّك بفقر مقتدر
يعصرني رغبة حتى أقصى بقيّتي
وثمة قدر.. يرقب سريرتي
يخنقني من بعيد
دون أن يدنو من أنفاسي
وثمة نافذة مغلقة.. لا تغتالها خيوط الشمس في الصباح
في لهاث الوقت مكيدة أسّستها الظنون ضدّي
رغم أنني لم ألمس الشكّ في غموض أجوبتك
وثقت بك
لأنني لا أملك الوقت الكافي للنسيان
سأضع هنا أمنية مزمنة
وأختم رسالتي بميثاق قبلة حمراء.. قاتم لونها
تسرّ البائسين
تحيطني المُرْية من كل الجهات
تتشبّث بي.. كــ وجه غريب يتعفّر بعد شقاق طويل بتراب الوطن
حبّك خريف واهن
لا يقوى على العبور لمواسم أخرى
قابلتك بجهد المعجبات.. وسيئات الغيرة
أعياني الشك وقتلني المحك دون أدنى رثاء
وفي مقتبل الخيبة
عثرت عليك مخضّبا بظنون الخيانة
أطلقت عليك سهم السؤال
فسقط الجواب صريعا.. غارقا بغموضه
هل بلغ الندم سنّ الرشد
كي أعيره بعضي على عجل وأمضي..؟
هل أبتكر الرحيل حلا.. يسدل ستائر النهاية على الحكاية
هل أسقط في وحل التغاضي لأعيشك على مزاج القلب
هل أبتر عنق الدمع بمقصلة التغابي
وأحتسي رماد العشق كـ قهوة بنكهة العجز
كيف..؟
ومشاعري أدلّة لهثت خلف أغوار اليقين
حتى انتهت إلى مفترق طريق كافر
يحملني للعقل تارة.. وللقلب أخرى
أهكذا تتخلّى أنثى المطر عن غيمتها
آه يا دمعة أمي
كم كنت صغيرة على استيعابك
أعرف أن القلب بلا ضمير
وغالبا ما تكون أحاديثه خالية من الحصافة
لكنني لا أنبض إلا به
ولا أذكي الحبر إلا بأنفاسك
ولا أنسى قبلاتي
إلا على طراوة شفتيك