نفخة في ناي الحنين

سأمنحك إقامة.. شرط أن تكون جبريّة
في قفصي الصدري
دون أن تجد حتى مخرج طوارئ تتسرّب منه
لكن تذكّر أنك اللصّ الأوّل الذي سرقني منّي
وجعلني أرتجل الحزن حتى الإنتشاء
وعلّمني أن الحب يقف على واحد من اثنين
إما احتواء.. أو انطفاء
إما انتصار.. أو احتضار
علّمني.. أن لا حيلة للفقد سوى الإنتحار
كن لي
لأحرمك من كل أوجاعك
وأغرقك حتى الثمالة.. في خلجان رغبتي
يا قلبك المعلّق بخيوط مشاعري
كن لي
فــ على رصيف الشوق
لا أحد ينتظرك.. سواي
كن لي
يا وطني الذي لا يهدأ له طهر
يا ريحانتي الممسكة بنفحة عطر
يا عقدا يطوّق نحري ببريقه
وخاتما في بهو بنصري.. ينبض
كن لي
لأعدَ صباحي بقهوة.. نكهتها (أنت)
لأكتشف الندى على وجنة مزنة.. لم تلمس التراب بعد
لأستعير أنوثتي من ارتعاشة جوريّة خجلى
قلبي مملكة رحيبة الهوى
لكنها لا تتّسع إلا لساكن واحد
من أنفاسه بدأت حكاية البيلسان
عاشق متفوّق
يدرك معاني الضوء جيّدا
لأنه وحده.. القمر

أسألني
ما الذي يقصيك بعيدا رغم قربك..؟
أي الأجوبة ترضي اشتياقي
وأي جنون.. يخضع لقوانين الإنتظار
إنتبه.. أمامك حب
ونبض شائق يرفض مقعده على الهامش
والليل عليل
مثقل بأعباء فقدك
الفقد نقطة.. تخدش حياء التوق
تسلبه بياضه المقمر
أعلم أن الوقت مبكّر جدا للبكاء
إلا أنني أحبّك
يرعبني غروبك الذي لا يبزغ
وتلك الحواجز البالية التي تحجب وجهك
يصطادني الحزن دون علم مني
يختبئ في جيب وسادتي عمدا
يرقب طقوس قلقي
والدموع الراسخة في ذاكرة المقل
يناولني صوتك
فيخرج القلب من محلّه.. كما يخرج السهم من الضلع
هات يدك.. طوقني بشدّة
وامسح على رأس غربتي
لينبت على صدري أقحوان الأمل
فلن ينبلج الفجر.. حتى تنعم عليه بنظرة
الساعة الآن الثالثة إلا أنت: Am
أغلقت الباب وعدت إلى جوّالي.. وكوب قهوتي الباردة
أغراضي وكل ما حولي فشل أن يبدّد دقائق
لا يستهويها سواك
سأضع قلبي على طاولة القصيدة
وأغلق الحكاية برشفة ذكرى
وأمضي
لينعم الليل بالظلام

ما كنتُ أنثى
كنتُ محضَ بكامةٍ تقتاتُ يأساً
يرهبُ الوجدانَ يمتشقُ الأنينْ
أبدي الحياةَ كأنني حقاً أعيشُ
أصاحبُ الأحلامَ ألبسُ زيَّ همّي
زيفَ وهمي
أنتمي المحسوسَ كيما أنتهي
وأسايرُ الأظماءَ أمنحها الدموعَ أدسّها كلّي، على مرِّ الحنينْ
ما كنتُ أنثى
ساقني قدري ممراتٍ تؤثثها البداهةُ
تربكُ الخيباتِ تُزهرُ نغمةً عذراءَ برعمها يغرّدُ باسماً
ينثالُ كـ الشلاّلِ دفقاً
يغمرُ الصمتَ الحزينْ
ما أنتَ قل لي؟
ليسَ ثمةَ فطنةٌ توحي بمعناكَ المضبّبِ في دمي
من أنتَ، فهمي قاصرٌ!
أيُّ المسالكِ أقتفي كي أستدّلَ رياضَ كنهكَ
إنني حقاً ملبّدةُ اليقينْ
إني أحبّكَ، كيفَ لا أدري
بأيّ ثقافةٍ قد أستبينْ!

خلفَ السكوتِ
وفي سكونِ الليلِ عندَ تخاطرِ الأرواحِ
يُقرئُني وأقرئُهُ السلامْ
متماهياً
يدنو بأنفاسٍ تدغدغُ خافقي عطراً
فيشتعلُ التياعٌ في الهيامْ
وأنا سدًى، عبثاً أراوغُ مَهجعي
أ أنامُ.. كيفَ؟
وفي فِناءِ الروحِ إصرارٌ وإقرارٌ وإعصارٌ
وتوقٌ لا ينامْ
في داخلي ينمو الوصالُ معوّقاً
قد غلَّ نبرتَهُ الهوانُ فباتَ ينظرُ للرجاءِ بعينِ يأسٍ
لا يقاومهُ التصبّرُ
إنّما يصبو ويرنو باحتدامْ
خلفَ السكوتِ
يقولُ أشياءً تبدّدُ كلَّ لكناتِ الصدودِ
تعيثُ بركاناً ببيداءِ البرودِ
تسايرُ الوجدانَ
كيما ينتمي لهديلها ثغرُ الحمامْ
خلفَ السكوتِ
يمارسُ الإطراءَ و الإغواءَ والإرواءَ
يسألني الهطولَ
ومبدئي أبداً غَمامْ

لي في الهوى أمنياتُ
لا ترتضيها الحياةُ
.
من ثقلها خارَ قلبي
واشتاقَ ضَمّي المماتُ
.
لي في النوى ألفُ سهدٍ
يلتاعُ منهُ السّباتُ
.
ليلي كساهُ اغترابٌ
يحتارُ فيهِ الشتاتُ
.
عشقي لعينيهِ نبعٌ
لا يلتقيهِ الفراتُ
.
في ثغرهِ التوتُ ينمو
لا تحتويهِ النواةُ
.
في حرفهِ الصمتُ يسمو
تنهارُ منهُ الدّواةُ
.
ما حيلتي، أينَ أمضي؟
والصبرُ منّي فُتاتُ

أيني..؟
بحثتُ ولم أجدني
يا ترى..!
غيبوبةٌ سرقتْ كياني
أم سكونُ الليلِ أجّجَ بي خيالَكْ؟
ما لي أرى الدنيا انطفاءً كلّما اتقّدَ الحنينُ بمهجتي
أخبو..
فيلهبُني احتمالٌ واردٌٌ
أنْ قدْ أمرُّ ببالكَ الكسلانِ
ما ذنبي
وبي شوقٌ لمحياكَ الملبّدِ بالهروبِ
وعذركَ المشبوهُ لا يبدي انشغالَكْ
أنا لستُ أحترفُ الرويّةَ، بي ظماءُ الكونِ يا غيثي
وما جادتْ غيومكَ بانهمارٍ
بلّلِ الأعماقَ
واملأها زلالَكْ
أنا لم أكن تلكَ الهزيلةَ، مذ رأيتكَ خارَ كلّي
وارتمى يجثو قُبالَكْ
ما كنتُ أطمحُ بالحياةِ، أردتُ إصلاحَ البصيرةِ
أفقأُ الدنيا
وأنظرني خلالَكْ
يا كبرياؤكَ.. كيفَ تكتنفُ الهجيرَ
وتعتري ألمي
وتأبى أنْ أطالَكْ
أ أهونُ؟
ما كانتْ جلابيبُ التمنّعِ من مقاسكَ
كيفَ
أم ماذا جرى لَكْ؟

وهبتكَ قلبيَ من غَرسهِ
نضيراً يبثُّ ندى همسهِ
.
ويملأُ نبضاً دلاءَ الغرامِ
لتشربَ نخبكَ منْ كأسهِ
.
طفقتُ أُناشدُ وجهَ الصباحِ
ليزرعَ ليلَكَ في شمسهِ
.
وهبتكَ عمراً بطعمِ الوفاءِ
فرُحتَ تبالغُ في طَمسِهِ
.
لماذا قطعتَ حبالَ الودادِ
ليكبو صريعاً على رأسهِ؟

(روحُ الأنا) يا قاتلي ما أغضبَكْ؟
عبثاً تموجُ حروفُها عرضَ السطورِ ولا تداعبُ مركبَكْ
كفكف ظنونكَ أنتَ شمسُ القلبِ
لا ترجو الترائبُ مغرِبَكْ
أنا لا أريدُ محابري
وأصابعي سأحزُّها
وأقاطعُ الحرفَ الجسورَ إذا تمادى دونَ قصدٍ
أو بقصدٍ أتعبَكْ
طيفي يمرُّ على جفونكَ يقطفُ الإغضاءَ
يسلو كلَّ كلّي
يعبرُ الآفاقَ.. عطشاناً يجيءُ
ليشربَكْ

تعبَ الغرامُ وشاخَ وجديْ
وقرعتُ أبوبَ التردّيْ
وخلعتُ عن خَطوي الطريقَ وسرتُ خلفَ اللا تحدّيْ
كلُّ الدروبِ وكلُّ أمديةِ الوصولِ
إليكَ قطعاً لا تؤدّيْ
قالوا اهربي
فهربتُ من أُطُرِ المرايا وانشغلتُ بألفِ صدِّ
نادمتُ كلَّ المبعدينَ ببرزخِ الأحياءِراوغتُ السباتَ
وكنتُ حتى الفجرِ وحديْ
فأمطتُ عن وعيي اللِّثامَ ولم أجد إلاّكَ
والجُدرانُ عنديْ

إني وعينيكَ غرقى
أصارعُ الـ (ليتَ) حقّا
.
إني أعاني، وشوقي
قد أحرقَ الكونَ حرقا
.
أينَ الهوى، يا هواني؟
وزمرةُ الفقدِ حمقى
.
هذا اللقا لا يجيءُ
أغراهُ صبري، فسُحقا
.
الصمتُ أولى، فحرفي
ما عادَ يكتالُ عُمقا
.
الدمعُ أردى عيوني
وتحتها لاحَ شَقّا
.
العذر لي في هروبٍ
يغدو بهِ الوجدُ أرقى
.
سيّانِ قربي وبعدي
هل أحدثَ الوصلُ فرقا؟
.
هلْ نلتقي في تناءٍ
يزقّني الموتَ زقّا؟
.
منحورةٌ من كياني
يا طيفَ من لستُ ألقى
.
زنزانةً باتَ عمري
كم أرتجي منهُ عِتقا
.
.