آخر 10 مشاركات
دمـوعٌ خـرســــــــــاء .. !!!!! (الكاتـب : - )           »          محبك في ضيق..وعفوك اوسع ... (الكاتـب : - )           »          الزحاف المركب ( المزدوج) في العروض (الكاتـب : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          الزحاف المفرد في العروض (الكاتـب : - )           »          أسماء القافية باعتبار حركات ما بين ساكنيها (الكاتـب : - )           »          في السماء بلا حدود (الكاتـب : - )           »          خطاب فلسطيني (الكاتـب : - )           »          الشاعر النحرير...! (الكاتـب : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع التألق > مسابقات منتديات نبع العواطف الأدبية > مسابقات السرد

الملاحظات

الإهداءات
عواطف عبداللطيف من أهلا وسهلا : بالشاعر خالد صبر سالم على ضفاف النبع يامرحبا منوبية كامل الغضباني من من عمق القلب : سنسجّل عودة الشاعر الكبير خالد صبر سالم الى منتدانا ************فمرحبا بالغائبين العائدين الذين نفتقدهم هنا في نبع المحبّة والوفاء وتحية لشاعرنا على تلبية الدّعوة

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أفضل قصة
قصة رقم (1) 3 15.00%
قصة رقم (2) 1 5.00%
قصة رقم (3) 0 0%
قصة رقم (4) 4 20.00%
قصة رقم (5) 1 5.00%
قصة رقم (6) 2 10.00%
قصة رقم (7) 1 5.00%
قصة رقم (8) 0 0%
قصة رقم (9) 0 0%
قصة رقم (10) 2 10.00%
قصة رقم (11) 0 0%
قصة رقم (12) 0 0%
قصة رقم (13) 0 0%
قصة رقم (14) 1 5.00%
قصة رقم (15) 0 0%
قصة رقم (16) 0 0%
قصة رقم (17) 0 0%
قصة رقم (18) 0 0%
قصة رقم (19) 1 5.00%
قصة رقم (20) 1 5.00%
قصة رقم (21) 2 10.00%
قصة رقم (22) 0 0%
قصة رقم (23) 0 0%
قصة رقم (24) 1 5.00%
المصوتون: 20. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

موضوع مغلق
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 02-20-2010, 10:15 PM   رقم المشاركة : 21
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (17)

حكاية لــــــو

فى مكان بعيد جدا .... وفى قصر كبير جدا .... ولدت طفله .... حدث ذلك من زمن بعيد .... الأب كان ثريا للغاية .... وسعادة الاب كانت غير عادية .... وكذلك امها .... فهذه كانت الطفله الاولى لهما .... والتى ولدت بعد فترة كبيرة من زواجهما .... الغريب والمضحك فى ذات الوقت .... ان الطفلة عندما ولدت لم تبكى او تصرخ كالاطفال العاديه .... انما كانت تقول لو .... لو .... لو

بالطبع لم يستغرق الامر وقتا طويلا حتى يختارالابوين اسم الطفلة .... فقد سماها ابواها "لو" .... والحق يقال فقد احباها كثيرا جدا .... حتى انهم لم يمنعوا عنها شيئا قط .... وعندما بدات لو فى الكلام .... كانت تقول : بابا .... ماما .... لو عندى لعبة جديدة لكنت اسعد.

طلبات لو أوامر وكانت تجئ لها اللعبة تلو الاخرى .... كما قلت لكم لم يبخل عليها ابوها على الاطلاق .... وعندما تعلمت لو الكلام اكثر .... قالت لو ان لى غرفه اكبر حتى تستطيع ان اضع فيها لعبى الكثيرة .... وجاء المهندسون والبناءون وتم توسعه غرفة لو بتكلفة عالية جدا .... فقد كان التعديل فنيا للغاية ....

ومرت الايام وكل لو من لو تتحقق .... حتى ادخلها ابوها المدرسة .... ولكنها قالت لو اننى ذهبت لمدرسة الأمراء لكان أفضل .... وتحقق طلبها ودفع الاب المصروفات بكل حب ورضا للو .... حتى تتمكن ان تكون فى مدرسة الامراء ....

ولكن لو كان استيعابها بطيئا لدروس المدرسة .... وبكل بساطه عندما تكلم معها ابوها فى الامر .... قالت لو ان عندى مدرسين خصوصين لكنت فهمت كل دروسى .... وبرغم التكلفة العالية لهذه الدروس الا ان اباها حقق لها هذا الطلب .... ولكن للاسف كان تقدم لو فى المدرسة بطيئا ايضا ....

كلما كانت تكبر لو يوما .... كان ذلك معناه لو جديدة للاب .... وكل لو .... للو .... كانت تكلف مبالغ باهظة .... ما بين ملابس والعاب وكتب وحتى قطع فنية ومشغولات ذهبية ونوادر عالمية .... وكان طبيعيا ان ثروة الاب بدات فى الانصهار والذوبان .... وقاربت ان تتلاشى مع كل سنة جديدة تكبرها لو ....

وعندما حاول الاب ان يجعل لو تحاول ان تقلل من لولواتها الكثيرة .... فاجأته بقولها .... لو كنت انت اغنى لكنت انا أسعد .... ولو كنت تعرف كيف تجلب المال لاسعادى وشراء ما اتمناه لكان افضل .... لو كنت تحبنى لكانت حاولت المزيد لاجلى .... واستشاط الاب غاضبا .... بعد كل هذا هو لايحبها .... وفى ثورة غضبه صفع لو صفعة قويا .... لم تتمالك لو نفسها من الدهشة وسقطت مغشيا عليها على الفور ....
لم يدرى الاب ما يصنع .... فقد تملكته عدة احاسيس متداخله .... واسرع بجلب الطبيب .... وقام الطبيب بفحص لو سريعا .... الا انه انكب عدة مرات على لو .... وهمهم قائلا : شئ لم اصادفه فى حياتى من قبل .... حقا شئ عجيب .... ثم فتح قنينة خرجت منها رائحة نفاذة .... وبدأت لو تفيق شيئا فشيئا .... وبدأت تفيق اكثر مع قبلات واحتضان ابواها ....

اصطحب الطبيب الاب واخبره ان فى جسم لو شيئا عجيبا لم يعهده فى المرضى الذى عالجهم ولا فى كتب الطب التى درسها .... ان نبض لو على مايرام .... ولكن لو ليس لها نبضات فى القلب .... وهذا معناه على حد علم هذا الطبيب ان لو لا تملك قلبا!!!! .... وبما ان الطب فى هذه الفترة كان لا يملك هذه الادوات الحديثة التى نملكها .... فلم يعرف ذلك الطبيب يقينا ان يقع قلب لو .... وتبعا لذلك لم نعرف نحن ايضا ان يقع قلب لو .... ترى اين يقع قلب لو؟؟؟ ....

تحاور الاب مع الطبيب قليلا .... الذى لم يملك فى النهاية الا ان يقول له .... طالما لو عاشت ما يقرب من عشرين سنه حتى الان على هذا الوضع .... فمن المؤكد انه ليس هناك خطورة على حياة لو .... واذا كانت المشكله كما حكيتها لي .... فما المانع من تزوج لو .... ويتحمل زوج لو لولواتها؟ .... راقت الفكرة كثيرا للاب .... ولكن من اين يأتى بالزوج؟ ....

ولأول مرة منذ ان ولدت جاء حظ الاب جيداُ .... فقد جاء اولاد خاله لو الثلاثة : ماشى , وحاضر , ومعلش .... لزيارة لو والاطمئنان على صحتها .... ولاحظ والد لو ان هناك انجذابا بين لو ومعلش .... وكان نظرة الاب فى محلها فقد تقدم معلش لخطبته لو .... ووافق الاب على الفور ....

كانت طلبات لو اسطورية .... وقبلها معلش قائلا : معلش الزوج مرة فى العمر .... واحضر كل من الطرفين ما يخصه .... وطلبات لو من ابوها اوشكت ان تقضى على ما بقى من ثروته .... ولكنه قال فى نفسه انها ابنتى الوحيدة .... وعموما سيتزوجا معلش وهو طيب القلب وسيسكنان فى المدينة المجاورة .... وكلما اشتاق للو ساذهب لزيارتها .... وارتاح من طلباتها ....

وبالفعل اقيمت الفرح الاسطورى .... وتم اقامة المأدبة الاسطورية .... وتم عمل الزينات الاسطورية .... لتسكن لو فى منزل اسطورى ايضا ....

لم تنجب لو .... ولم يجد الاطباء عنها ما يمنعها من الانجاب .... ومعلش لا يقول الا معلش .... ولم يرفض للو أي لو .... فقد كان يحبها حقا .... وكان من الطبيعى بعد عدد بسيط من لولوات لو .... ان تنتهى ثروة معلش .... ويبدأ فى الاقتراض وتتكاتف عليه الديون .... وعندما تحدث معها معلش .... ولاول مرة منذ زواجهما يرفض لها طلب .... قائلا : معلش ليس معى ما يكفى لتلبيه طلبك .... ردت عليه لو باسلوب ساخر ومتسلط .... وانقلب الحديث الى مشاجرة .... واخذت تكبر المشاجرة .... الى ان فقد معلش أعصابة .... واستل سيفه وطعن لو .... معلش طعن لو .... طعنها فى مكان القلب .... كانت لحظة جنون من معلش ....

الا ان الذى لا يعرفه معلش ان لا قلب للو فى مكان القلب المعتاد .... وعندما نزع معلش سيفه .... لم ينزل من لو دم!!! .... لو ليس عندها دم أيضا .... ولكن الاغرب من ذلك كله .... ووسط دهشة وفزع معلش الرهيب .... بدأت لو فى التبخر .... اخذت تتبخر من امامه .... واخذ البخار يمر من اما عينى معلش وهو غير مصدق لما يراه .... ثم مر من اذنين معلش مسببا له صداعا رهيبا جعله يفقد وعيه من شده الالم ....

وعندما افاق معلش لم يجد لو امامه الا ان شيئا فى عقله .... كان يخبره بمكان لو .... وكان هو كالمسحور دائما يبحث عن لو .... احيانا كان ينظر فى السماء ....فيجد سحابة على شكل لو .... واحيانا كان يرى تلك السحابة تمطر فى النهر .... ويرى لو تختلط مع الماء ويرى الناس يرون زرعهم من هذا الماء .... وأحيانا أخرى كان يرى الناس يشربون من ماء لو .... دائما كان يسمع ضحكة لو .... ويرى فى عيون الكثير من الناس نظرة لو .... احيانا كان يرى ناسا تسكنهم لو .... واحيانا كا يرى انهم يرفضون دخول لو داخله .... يهزون رؤوسهم كانهم يرفضون وجودها فتخرج لو على الفور .... كان هو الوحيد الذى يستطيع ان يراها .... سواء ان كانت تدخل الى عقول الناس او تخرج منها .... واخذ معلش يدور فى البلاد وراء لو .... كم شاهد ناس تموت عندما تسكنها لو .... وكم رأي ناسا يعيشون عندما يطردون لو .... وقليلا ما شاهد من ينجو من الناس بعد ان تسكنه لو ....

لا احد حتى الان يعلم يقينا اذا كانت حكايه لو هذه حقيقية ام نسج الخيال .... العلم سيبحث كثيرا حتى يعرف الحقيقة .... بحثنا كثيرا وقابلنا اكثر .... البعض يقول انه لا يعرف لو ولم يسمع عن معلش .... والبعض الاخر يؤكد انه يرى لو ومعلش كثيرا .... ووسط الكم الكبير من حكايات الناس زاد الغموض .... الشئ الوحيد الذى تاكدنا منه ان لو لاتذهب لاحد الااذا فكر فيها وطلبها .... وان اكثر مكان تطلب فيه لو وتكون موضع ترحيب هي معامل العلماء والعظماء الذين ينجحون فى استخراج الجانب الطيب من لو .... وايضا عند الجشعيين والطماعين الذى يبحثون ايضا عن لو .... ولكننا حتى الان نبحث عن حقيقة لو .... فهل رأى احدكم لو؟؟؟












التوقيع

 
قديم 02-21-2010, 12:48 PM   رقم المشاركة : 22
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (18)


إكسير السعادة



علا صوت المذياع مردداً آخر أخبار الساعة
,فتناول جريدة الصباح في كسل ,وأخذ يقلبها
أيُ حياة مملة رتيبة التي يعيش !
لفتَ انتباهه إعلان في الصفحة الرابعة .
إعلان مشابه لتلك التي تستغل عقول القراء , لتنهب أموالهم .
هدايا براقة , ومبالغ طائلة يسيل لها اللعاب.
ما المُلفت إذن ؟!
يقولون أن لديهم الحل لكل مشاكله "إكسير السعادة "
,باستخدام مصل جديد اخترعه نخبة من العلماء
ذُيّلَ الإعلان برقم هاتف للتواصل وعنوان المكتب .
مقر المكتب هذا قريب من مكان عمله.
سينظر للأمور عن كثب في طريق عودته ,وهذا ما حدث
بعد يوم عمل طويل,نجده توقف أمام
المبنى وأخذ يصعد الدرجات في خمول ,
لقد حدث خلاف اليوم أيضا مع مديره في العمل ,حسب رأيه هو مديره هذا
لا يقدر جهوده البتة , وصديقه استدان منه مبلغ كبير من المال
ولم يعده بعد ,لا داعي لأن أذكر أنه فقد الاتصال مع صديقه هذا منذ ذلكـ الحين
والدته تعاني من مرض عضال ,كان يعتني بها ويشفق عليها
إلا أنه تعب من خدمتها , ألا يمكن أن يكتفي بالشفقة عليها فقط ؟!
فالشفقة متعبة أيضاًَ !!
الفتاة التي يخطط للزواج منها , ابتعدت عنه مؤخراً ,قالت بأنه تغير كثيراً
أصبح أنانياً ولئيماً وخبيثاً جداً ,وهذا كله حسب إدعائها ,وكتم غيظه هنا !
وتساءل ,,, هل يتحول الحب إلي كراهية ؟!
وصل أخيراً إلي أخر درجة ..
نفض عن رأسه تلك الأفكار فالسعادة بانتظاره ,وعلى بعد خطوات فقط .
كان باستقباله سكرتير فأطلعه على شروط المصل الجديد لضمان مفعوله
حيث أن التخلص من المشاكل ولتعيش بسعادة يستحق هذا التخطيط.
لمعت عينا صاحبنا ببريق المنتصر , وسأل عن سعر المصل ,
ابتسم السكرتير وقال له : يا سيدي أنت تدرك أن سعادتك لا تقدر بثمن !
نحن لا نطلب الكثير فقط 200 ألف دولار !
فتح صاحبنا عيناه في ذهول !
إنه لمبلغ كبير !
هو ثمن منزله وما ادخره للزواج وقطعة الأرض أيضاً ونصيبه من ميراث أمه !
كل ما يملك !
أعاد السكرتير رسم ابتسامته تلكـ
وقال : عندما تملك السعادة يا سيدي ستكون قادراً على امتلاك الكثير أكثر من مما أنت فيه!
وهنا ارتاح فجأة وكأنه بدا واثقاً من هذه المجازفة !!
وأخرج شيك بـ 200 ألف دولار وذيله بتوقيع !
بعدها رسم ابتسامة رضا على وجهه , هل لنا أن نبدأ ؟!
أرشده السكرتير إلي غرفة مجهزة وثم تم حقنه بالمصل ,
مصل السعادة الذي سحره فما عاد قادراً على رؤية الحقيقة
نام بعدها لساعات طويلة ,
فيما بعد عرفنا أن صاحبنا حصل علي بيت كبير أبيض مبطن بعناية بالأقمشة الناعمة ,
يحصل على العناية ,يقدم له الطعام وهو في مكانه , لا يعمل ,لم يعد بحاجة المدير ,
ليس بحاجة لخدمة أمه بعد اليوم ,ولن يتزوج تلك الفتاة التي تركته ,هو لم يعد بحاجة إلي ذلك المبلغ الذي أقرضه
لصديقه ,حصل على الكثير !
لكنه فقد شيئاً مهما ً , العقل ,ليقضي ما تبقى من عمره في مصحة عقلية حيث السعادة التي أرادها












التوقيع

 
قديم 02-23-2010, 03:31 PM   رقم المشاركة : 23
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (19)


دوران


الغروب شهيّ .. يجرح جسد البحر فينزف مداداً أحمر، مشهد مثير، يغرقها في الطقس الأزلي لحركة الماء، ويجعلها تفكر مليّاً بحقيقة دوران الأرض حول نفسها، كلما ركبتْ زورقاً أصيبت بدوار البحر، أتراه ناتجاً عن شهوة الأرض الأزلية في ممارسة الدوار المحوري حول ذاتها، أيّ لذةٍ تحققها الأرض ؟
في مكان ما رأت رجالاً يطوفون حول أنفسهم وأذرعهم ممدودة، يقال لهم المتأملون، هل كانوا يمارسون طقوس الدوران الذي يجعلهم في نهاية الطواف يسقطون في المتعة الروحية؟

طفلٌ يدور حول جذع النخلة الغليظ، ملاحقاً طفلة كلما أمسك بها أفلتت منه، فيعاودان الدوران ثانيةً وثالثةً ورابعة، ثمّ يلعبان لعبةً أخرى بأن تضع كفيها في كفيه ويشد أحدهما الآخر، يرجعان بثقل الجسدين الصغيرين إلى الوراء، فيدوران ويدوران إلى أن يقعا على الرمل ضاحكين ومستمتعين بشعورٍ مشبعٍ بالحيوية ومتعة الطفولة .

سنوات طفولتها ملفوفة على جذع هاتيك النخلة، آثار أقدامها الصغيرة لم تزل كالوشم على رمل الشاطئ، والطفل أيضاً لمّا يزل يدور في فلك الذاكرة، عندما رحل مع والديه وضع حول رقبتها سلسلة تدلت منها مرساة، أمّا هي فأهدت إليه ساعةً رملية..

عبر الماء وانطوى في المدى البعيد، وشاخ البحر من ورائه، السنون دحرجت طفولتها وألقت بها في بحر الأحلام الذي لا يشيخ، كم هي مدينةٌ للأحلام وتشكرها كلما أذنت لها بلقائه في الأمكنة التي لعبا فيها، لطالما نسيا أحذيتهما هناك وعادا عاريي الأقدام ..
كانت الشمس تهبط بخمول في سريرها المائي، عندما تناول كرسياً وغرس سيقانه الأربع في رمل الشاطئ، وجلس على بعد أمتارٍ قليلةٍ من خلوتها، وكأنه يتعمد اقتحام حماها مما أتاح لها فرصة للنظر في هيئته، لكنّها لم تكن نظرة خاطفة بل طويلة كموجة، انسابت من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه، ثمّ عادت لتستقر على الوجه.

أباحت لنفسها أن تضع الكتاب الذي بين يديها جانباً لتتمكن من قراءة ما اختبأ في عينيه .. أكان يمتلك جاذبية تكفي ليحوز على التفاتة فاحصة، أم أنها فجأةً عثرت على الرجل الذي تنطبق عليه اشتراطاتها كي تحبه ؟

حفيف أوراق الشجر غير البعيد يتسلل إلى أوردته فيثير فيه اشتياقاً لهمس أنثوي، عندما حضر النادل ووضع فنجانين من القهوة أمامها.. عجبت.... !
ما إن أشار النادل للرجل الجالس وحيداً، حتى قام وانضمّ لمجلسها دونما دعوة .. أهو رجل المفاجأة؟
أم فلك الجذب العاطفي الذي تدور في رحاه منذ سنين طويلة دون كللٍ أو ملل يبوح لها الآن بأسراره؟

ما كان من العسير عليها، وفي برهة قصيرة، أن تكتشف في ملامحه الوداعة وبعضاً من طفولةٍ متأخرة، حزنٌ جميل يتهدل على الجفنين، وغموضٌ يغوص بعيدا،ً لكنه سرعان ما يطفو على سطح سحنته المألوفة فيبدو واضحاً لها، وأيضاً تكاد تلمس آثار خسارة فادحة في الوقت ...

أخرج من جيبه ساعةً رملية وجعلها بين يديها، ارتدى كلٌّ منهما طفولته وخلعا نعليهما، ركضا نحو تلك النخلة، أخذت تدور وتدور، والطفل يتبعها دوراناً إلى أن أمسك بها وسقطا في متعة أزلية ...












التوقيع

 
قديم 02-23-2010, 10:24 PM   رقم المشاركة : 24
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (20)



دفيء من وطن

_من منكم يحمل أكفان الجميع ويترك كفنه عرضة للعاب الطريق!
هكذا أقدم على الرحيل قبل أن يؤجج الخبز اليابس في دواخله صرخة الانتحار،تمنى أن لايرى الأشجار تموت ا وان يسمع الكلب وهو يلقن جرائه أبجديات النباح،رأى كل ذلك بل رأى ما يكفي لنسف رأسه بديناميت الذهول،وذلك حين تناحر مع احدهم في إحدى الأماكن العفنة،كان يرتاد مثل هذه ألاماكن عملا بمقولة السيد المسيح((قد بعثت لأجالس الخاطئين)) يعمل ذلك وزوجته تغزل في البيت كفنه الأنيق،زوجته التي صارت قطبا من أقطاب أحاديثه الطويلة،فهي المثل الموجب الوحيد في استذكاراته للأحداث التي تضع اسم الوطن مقابل مسميات المرأة.
_أنا امجد أفخاذ المرأة...
قال ذلك القابع بركنه العفن وكرر ما قال وهو صامت قبالته لا يرغب بأي جدال،حين يطبق الصمت على محياه يعني بأنه على وشك أن يشل المكان وما فيه بحججه الدامغة.
_ولكن ياسيد ايهمك كثيرا أن تتلاقف يداك فخذ امرأة يتوفر منها الكثير أم كف وطن ليس لديك غيره وهو يوشك على الغرق؟
فكر ذلك الجالس في ركنه العفن وحدق للمكان وتمتم:
_يا هذا...اعتقد إن الوطن لايمنحك الدفيء المزروع بأحضان المرأة.
فكر مليا بالدفيء أو ماهية الدفيء الذي يتكلم عنه ذلك الرجل،من يدري... قد يقصد دفيء الدماء المنتشرة في بحر اللحوم المتموجة ام هو دفيء الحب والاستقرار.كوة السيجارة ما بين إصبعيه فالقاها وساءل ذاك الذي ما زال قابعا في ركنه عن أي دفيء يقصد؟
_يا أخي اقصد ذلك الدفيء الذي يقتل الشتاء بالشهوة والذروة والأنين.
عرف بان الرجل يقصد اللحم لاغيره وعرف كذلك بأنه لا يقدر أي دفيء سواه،مضى بعد أن قرر إغلاق هذا الحديث فللوطن دفئه وإغراءاته كما للمرأة دفيء وإغراء،مضى ليمتهن السكوت وغض النظر للأشجار أو حتى البراعم التي تموت،وكذلك لم يتنصت لأبجديات النباح التي صارت تستوعب بسهولة وتنفذ بتفوق،عمل كل ذلك وراهن على الرحيل ولكن...لمن أو لأجل من أو إلى أين؟زوجته توشك أن تنهي غزل الكفن الأنيق،منزله متخم بجموع الكتب،وحين ألقى الزمان على حياته ذلك الرداء الحالك ارتعبت الكتب والكلمات،طارت واستقرت في ركنها المظلم لتمارس الكلمات مهنة الصمت فيما ضلت الكتب تمارس دفئها الأبدي،ربما هو نوع آخر من الدفيء لم يفكر به سابقا،كان الدفيء بالنسبة أليه هو بذرة تنمو لتثمر احتراقا وفناء تماما كالدفيء الذي تمارسه الأشجار ويمارسه الوطن،أو قد يكون دفيء مكتسب تحتضنه الأوراق ثم يمضي في أي لحظة للزوال،طرد مراجل الدفيء وقرر أن يتابع أنامل الزوجة التي توشك أن تكمل غزل الكفن،هذه المرأة هي دفيء غير قابل للطرد،فقد كان قلبه يضخ مع عطرها دفئا من نوع خاص،دفيء يبعث النشوة والخدر واللاخواء،ربما السبب عيناها المتفحصة بين حين وآخر أو ربما كفيها أو...قلبها ذلك ألحمامه المشاكسة،تمنى أن يقبلها لتنبعث بداخله قيامة من مراجل الدفيء فيكون كذلك القابع في ركنه المظلم والعفن ولكن...قبل أن يشرع بذلك كان قد لوح لكل الأشياء التي تترقب بالرحيل.
_من منكم يحمل معي أكفان الجميع ويترك كفنه عرضة للعاب الطريق؟
هتف ومضى تاركا أشيائه السابقة واللاحقة في دفيء قد يكون عرضة لشهوة كانون دون أن تسمح الأنامل بان يمسه لعاب الطريق،وحمل بصعوبة أشياء الجميع وجسده الخالي من الروح ليودعها في صميم ذلك الدفيء المنسي والبعيد.
***












التوقيع

 
قديم 02-24-2010, 05:35 AM   رقم المشاركة : 25
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (21)


قيل لإعرابية، ما الجرح الذي لا يندمل *
قالت: وقوف الكريم بباب اللئيم ثم صده.


رقصة " الدحة "

الدم والحرارة يغليان في بدني.. ـ
وتلك الأعرابية التي هي" أمي " جرحها أعمق من أن يندمل !
وقفت ببابه في ليلة عرسه :
ـ ابنك يحتضر ، أكلت الحمى جبينه ، سيموت رضيعك يا حسان،!
ولأن أرضه سبخة و لئيم فقد صدها، بل رفضها من مملكة الرمل التي يحكمها، ورفض ذلك الجسد الصغير الملتهب المرمي على كتفها الذي هو جسدي أنا " ابنه البكر "
ستلاحقك لعنة الصحراء" أبي "...
نفسك الأمارة بالسوء أوحت إليك لتطغى وجردت ذاتك عن قوامها الإنساني فغدرت المكان وسيد المكان وأصبحت سيدا للمكان!
قبلها ،عفا عنك حين حاولت طعنه ، بكيت يومها تحت قدميه وانحنيت ، طلبت العفو، عفا عنك وأنقذ رقبتك من حد السيف رغم علمه بغدرك قال اذهب والله لا أراك إلا قاتلي !
وها أنت ترد الجميل ! تقطع آخر خيط للمروءة في ذمتك وتطعنه غدرا ثم ترفع قطعة من كبده علقت في رأس سيفك تخور بها المكان فتبعتك القبائل تعلن بيعتها مصحوبة بزغاريد النساء ومباركة الفتاوى وصليل السيوف ،
ها أنت الحاكم ! أصبح الملك لك فالعب به ... تزوج ، اضحك، اغتصب ، هب ،اغدر ، حارب، لك ما تشاء إلا أن تهرب من الخطيئة لأنك عينها وهي ظلك
لا تكدر صفوك لن أفسد عليك ليلة عرسك ،
اخرج إليهم منتصرا من خدر فريسة قادمة اعتلت خدر " أمي " ، رافعاً راية الفحولة الحمراء لتصنع بعدها من عرق الشهوة وحبات الرمل وألم " أمي " وحرارة جبهتي طفلا ً من الفخار يطعنك غدرا ليخلفك في الحكم!!!
اشمخ بأنفك وافتل شاربيك مادامت الرجال ترضى بغدرك وتبارك عرسك ونسوة في الحي يرقصن لهيبتك وحناجر ترجز بما يشبه الغناء وأرداف تـُهَز لمقدمك في كرنفال رملي أسطوري تمتزج فيه دماء بكارتها بعَرَق غدرك لتقف في اليوم التالي عند بابك ذليلة تستجدي عطاءك / تطردها / وتفتل بعدها شاربيك مرات ومرات فأنت المهاب وشهواتهن تطارد عصاك ... حين ترميها تتسابق " نسوة " عليها، تلوذ بها / بك / تلك التي تجاهد وتثابر وتزاحم بنات جنسها لتمنحك جسدا طريا بكرا تجرب به فحولتك مرة أخرى لتنشر الأفراح المقّنعة يعلوها صرير اللحظات !
حبات الرمل لا تعرف الخيانة بطبعها وكثبان الرمال كقلب " أمي " قد تسامح لكنها لا تنسى فللأماكن ذاكرة وللأيام قرار وقصاص والحاضر ضمير يرفض المساومة هو الشاهد على غدرك...
" أبي " ...
لن أدع الحمى وذئاب الصحراء تفترس خلايا دماغي ، ستحيطني أمي بأسرار الدعاء ولن أموت حتى أراك ذليلا تستجدي العطف ورحمة الأعداء ، حينها :
ستذكرك " أمي " بأنك لا زلت زوجها وسأذكرك بأنك أبي الذي طردنا إلى ظلمة الليل وتركنا في ذمة الصحراء !
هناك... حين أرى ضعفك وهوانك سأجمعك بها على حبات الرمل في المدى المطلق للصحراء بحضور القمر وضجيج بيوت الشعر المتناثرة المترامية ومزاجات أهلها ،نضرم النار ونقرر جلسة عشاء طارئة بما يشبه الاحتفال استعدادا للقاء عائلي افتراضي في زمن افتراضي لا تجد فيه من ينظر إليك ، لكنك ستجدنا ننتظر هناك ! نسمع تبريرا لما فعلت لأنك لا تعرف الاعتذار ولا تقوى على الانتحار!
من اختارتك دون الرجال هي " أمي " أحبت فيك صورة الرجل الشهم الشجاع ورفضتك حين سقط القناع لتختار أنت التسلط وتختار هي الكبرياء... كبرياؤها اكبر من ترغيبك وأقوى من ترهيبك هو خلق الأحرار والخيرين في هذه المعمورة ،
حين وقفت بباك لم تكن لتطلب عفوا منك أو عطاء، هي أكبر من ذلك ، لكنها سألت فيك لحاء الأبوة فخاب ظنها وامتد جرحها النازف عبر الصحاري والرمال و عبر بيت عرسك الأول ، بيت عتيق من الشعر، أعملت شموس الصيف ، وأمطار الشتاء ، وغبار البادية يدها عليه فجمعها التعفف بك فيه ...
في مملكة الصحراء لا مكان للضعفاء ،
الضعفاء هم من اخترعوا القانون ليحتموا به من بطش الأقوياء ،
كلام من وحي الشيطان ، استسغته واستعنت بالترغيب والترهيب لتصبح نصف إله ! تكسر القوانين وتضرب بعصاك خاصرة الصحراء كي تكسب فضائل الدنيا وعزها وتضمن الأمان واللذات ! لكنك تجاهلت ما تخبأه الأيام ، ألم يوحى لك بأن الدوائر ستدور وستحتاج ذلك القانون الذي قتلته بطيشك وجنون عظمتك يوما وستنحني مرات ومرات !
***
اشتدت الحمى عليّ، فمي الفاغر، أنفاسي الحارة المتصاعدة، لهيب أحشائي يتدفق على صدرها، تضمني بحنو، تقتات على أمل الوصول ! يرافقنا الكلب مطروداًًًًًُ ًمعنا...
جفت على مقلتي دمعة قبل أن أدخل في شبه غيبوبة، ارتعبت، اسمع أنفاسها تصعد وتنزل مع أنفاسي وتهمس في أذني:
ـ سنصل يا ولدي، ستشفى يا بني !
انطلقت كلبوة جريحة وهي تضمني بشدة إلى قلب الأم الكسير في طريق طويل عبر الصحراء ، تنظر بقلبها إلى الأمام وهي تهمس بالشفاء همسا يفوح برائحة النبات البري يخرج من القلب ، همسا ً موجعا ً كنغمة الدعاء الحزينة في ليل الغرباء
" يا رب "
انطلقت أسرع ينير لها القمر تلك الكثبان الرملية، ينعكس الضوء البلوري على المديات المفتوحة المنداحة نحو المجهول ، لم يساورها أيّ خوف من التيه والضياع بين براثن صحراء بكر وسماء صافية لامعة كصفيحة قصدير، يحركها حس النجاح، يجذبها خيط سري بالاتجاه الصحيح، بوصلتها النار التي تتوقد باستمرار إزاء قلبها المحزون وسر الأمومة الخالد وصدر يعلو ويهبط خافقا لشدة الإحساس بالحنين الدافئ الذي لا ينقطع وقوة الشعور به... هي الأم تعرّف سره وبلوغ كنهه
التهمت خطواتها المسافات، تسحق بقدميها الحافيتين هوام البراري بلا وجل، تمد ّ ُ قامتها البدوية المفتولة الممشوقة كغزلان الفيافي وسمرتها التي تشبه لون المساء المتحفز ، إلى الأمام... إلى أمام
ـ سنصل يا ولدي،
هوى شهاب من كبد السماء بسرعة البرق ، ضمتني بقوة إلى صدرها، نبح الكلب، رمقت السماءَ بنظرة عتاب ورجاء، وتابعت المسير. .. والهمس ما يزال يأتي من قعر القلب:
.. ستعيش يا أحمد.. تكبر، يتلون خدك بالقمح، بلون الصحراء و ضوء النجوم وأزوجك أجمل عروس، أميرة البادية، حورية إنسية، كاعب من النجوم، عروس الفرات، ارقص في عرسك في ليلة مضيئة تستقبل فيها أذرع القمر الفضية الدافـئة هيبة العرس البدوي وزينة الهودج وعطور الهند القديمة تقذف الفضاء بروائحها، سترقص الصحراء في تلك الليلة المضيئة ، تتعالى الزغاريد فيها والسامر يكبر، ليلة تشكل فيها مسحة الحزن القديم والفرح المغيب والأمل مع إيقاعات رقصة " الدحة „ وفحيح أصوات راقصيها وانفتال الأجساد الجسورة، لوحة رائعة/ إرهاصة تخلق القوة والإقدام / لوحة المروءة الأزلية.
الليل طويل والطريق يمتد ويمتد، يتكرر حتى تضيع الاتجاهات، النعاس ينسلّ إلى عينيها وتكيده، تناوره تحت حملها الناري. تمد بصرها تطارد المساحات الممدودة والأفق اللامتناهي على أمل الوصول ، ليس ثمة وجه السماء وبساط ممدود من الرمل والحصى والزواحف والأخاديد وفحيح الأفاعي وارتداد صدى الوحوش الضواري ينقله الريح وصمت البرية والسكون
تعالت الأصوات واقترب عواء ذئب ، تقدم الكلب ، تحفز استعدادا للمواجهة وعوى عواء ً مستطيلا ًبنبرة غريبة تنذر بوقوع فاجعة ، حملته ريح البرية إلى قلب الصحراء ، جاء الجواب وتعالت بعدها أصوات الإنقاذ مسرعة صوب المكان ، استمر الكلب بالعواء حتى اقترب الذئب وكانت المواجهة ... معركة دامية شرسة سلاحها المخالب والأنياب استمرت دون تراجع أو فرٍّ أو إدبار/ معركة بقاء بين الجوع والوفاء / سال الدم فيها غزيرا واجتث الأوردة ومزقت الأحشاء لتنتهي بفرار الذئب تتبعه الكلاب التي لبت النداء ،
راقبت " أمي " الواقعة وهي تهمس بالدعاء ، انطلقت صوب غبار المعركة وانين الكلب ، انحنت عليه ، حاول تحريك لسانه ، لم يستطع ، امتزج دمعها بدمه النازف وفاءا وفارقت روحه الحياة تاركا رسالة قرأتها في عينيه،

انتهت
* من الأقوال الموروثة












التوقيع

 
قديم 02-24-2010, 07:12 AM   رقم المشاركة : 26
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (22)


وطن سيء السمعة


" يا هذا .... أرجوك أطلق أسري , لا أستطيع أن أتحمل ما أنا فيه" قالها معاوية و الدماء تسيل من جسده كله , غابت الملامح عن وجهه حتى أن أمه لم تكن لتعرفه على هذه الحالة.
رد عمرو: " لا شأن لي بك , أنا لا أعرفك , يبدو أن أهل البلدة قضوا بموتك و من يساعدك يموت معك , لا دخل لي فيما بينك و بينهم " تركه و مشى
عاد عمرو ببطء و قال : "لكن من الذي قطع وجهك ؟ , لماذا صلبوك هكذا ؟"
قال معاوية : " كل شيء حدث فجأة , أمس , كان نهاراً بطعم الليل , رأيت الناس تسعى في كل مكان , كأنما يفرون من حدث عظيم , رأيت في عيونهم الأمل حزين عذبته السنين , لكنه لم يمت أبداً , فقد عاش فيهم ." ,
ثم أكمل : "عجيبٌ أمر هذه البلدة , إقامتي فيها لم تتعدَ ثلاثة أيام ,و قد عرفت عنهم كل شيء , هم كما أخبرني جدي تماماً , لم يتغيروا , قهروا تقلبات الدهر و ثورته , لهم طابعهم الخاص الذي رفض الإنسياق في دوَامة التطور و التغيير , فشكلوا أجيالاً جامدة."

الجد نعمان: " أتعلم ما الذي يذهب عني علتي ؟ , أن أذهب إلى بلدي , و أموت هناك معاوية:" يا جدي , لقد طردوك منذ أكثر من أربعين عاماً , و نجوت منهم بأعجوبة , لماذا تريد أن تعود؟."
الجد نعمان : " هذه البلدة عشت فيها أقل من عام , و لكنها وطني , ظننت أن الدنيا كلها هناك , فهذه السماء ملكٌ لها ,و الشمس تستأذن منها كل يوم قبل أن تشرق على الدنيا , الهواء منها و إليها, الحياة هناك , هناك فقط , منذ أربعين عاماً , لم أنم ليلة كاملة , دائماً تراودني في منامي , أراها تناديني , تدعوني إلى الحياة , من بات خارج وطنه لم يذق الحياة."

"منذ سنين طويلة , وجد جدي نعمان نفسه مُلقى في الصحراء , لا يدري من أمر الدنيا شيئاً , لم يكن يعرف أهله و لا بلده , تمكن منه الموت حتى استسلم له , فلم يرد من دنياه شيئاً , ليجد نفسه أمام بلدة صغيرة , سأل الناس على من ينجده, دلوه على لقمان."
نعمان : " يا سيدي , ليس لي في الدنيا حاجة , فهل لك أن تسترني حتى أموت؟."
لقمان:" يبدو أن رحلتك كانت شاقة , ستسكن في تكية السلطان مصطفى , فهي مأوى ملائم لك."
ذهب معه حتى وصل إلى بوابة التكية التفت إليه لقمان : "قبل أن ندخل , أريدك أن تعرف شيئاً , عند إقامتك هنا ,لا تلتفت إلى أحد , و لا تخاطب أحداً , و خاصةً أنه في أول كل شهر ستسمع أصواتاً و صيحات في السمع خانة , فلا تقترب منها ,إنها روح السلطان مصطفى و رجاله , يملأ(( السمع خانة)) أول كل شهر بالذهب و الدواء و الأطعمة الغريبة , يأتي الناس من كل مكان أول كل شهر ليشتروا منا هذه الأشياء , الجميع يعلم أن هذه بلدة طيبة , يخصها السلطان مصطفى دون غيرها بكراماته , فلا تقربها .".
نعمان : " لا شأن لي بها."
لم يعرف من الحياة شيئاً من قبل, هو الآن يعيش حياة لم يختبرها أحد قبله معاوية :" فعند السلطان مصطفى تنتقل حياتك إلى أقدس الأماكن و الجسد ينتظرك على الأرض , لم ينم منذ شهور طويلة, فالتعب لا يجرؤ على زيارة ضيوف السلطان ,ما يأكله ليس بطعام , و ما يشربه كل يوم ليس بماء , هو يعرف ذلك جيداً , لم يسبق لبشر أن يرى مثله , لكنه لا يستطيع أن يطلع أحداً عليه حتى لا تغيب عنه كرامات السلطان مصطفى ((السمع خانة)) لم يدخلها جدي قط , لكنه كان يجلس على عتبة بابها أول ليلة من كل شهر , لأنه يعلم بوجود السلطان هنا." ,
أكمل معاوية : " و في إحدى تلك الليالي شعر بحركة مريبة داخلها , نظر من خلف باب القاعة , فوجد سفيان - أغنى أهل البلدة - يقف وسط رجاله و أمامهم عطايا السلطان صيد ثمين , هرع إلى لقمان يحذره , لم يصدقه , و أراد أن يرى بنفسه , و عندما وصل لم يتمالك تفسه و اقتحم القاعة على سفيان و من معه لينقذ عطايا السلطان اشتبك الاثنان , و قتل كلٌ منهما الآخر , و صاح رجال سفيان , في البلدة , أن نعمان الغريب حاول سرقة عطايا السلطان , و عندما باغتوه , هاجمهم و قتل لقمان و سفيان
خشى جدي أن يقتلوه , فهو يعلم أن غريباً مثله لم يكن ليصدقه أحد, هرب من وطنه و تقاذفته الأوطان حتى أنهكته, ثلاثة أعوام مرت على وفاته , و لم أنسَ وصيته أبدا , و قد أتيت اليوم لتنفيذها."
"أما أهل البلدة بعده , فقد انقلبت أحوالهم , و منذ هذا الحادث ,لم تعد عطايا السلطان مصطفى تزورهم , بل إن السلطان , قد بالغ في غضبه عليهم , و قطع عنهم نبع الماء الذي يتفجر من أعلى هذا التل ,تحول الوطن الذي طالما جذب أهالي المنطقة كلها , إلى أرض تسلك كل الطرق التي لا تؤدي إليها , فهو وطن أغضب من كان يمنحهم العطايا , لا بد أن يصيب كل من اقترب منهم شر عظيم , هو وطن سيء السمعة."
" منذ ثلاثة أعوام , فجأة عادت عطايا السلطان مصطفى إلى ((السمع خانة)) , لم يفهم أحد لماذا ذهبت؟ , و لماذا عادت؟ , عادت بعد أن مات من ظلموه , لم يكن السلطان مصطفى ليستمر في عطاياه , و جدي نعمان يعيش طريداً مظلوماً , و عندما مات , سامحهم و أكمل عطاياه ,لكن نبع الماء لم يعد أبداً."
"اليوم , احتفالهم السنوي بعودة عطايا السلطان , و رحيل اللعنة عنهم ,حضرت اليوم ومعي رفات جدي , حتى ألقيه أثناء إحتفالهم , و حينها تزول اللعنة كلها و تتفجر المياه مرة أخرى , بعدها لن أشعر أن جدي مات , لأنه أخبرني أنه يحيي بحياة وطنه ,و في وسط الاحتفال , أخرج معاوية حقيبة صغيرة, فتحها أخرج ما فيها , و ألقى بها في الهواء , إذا بغبار أسود ينتشر في المكان , نهار بدله تلاشى , و انطلق ظلامٌ مخيف , أخلف اليوم موعده , نظر الجميع إليه و فجأة صرخ أحدهم : "لا بد أنه ابن نعمان الملعون"
" خذوه إلى الشيخ بلال , يفتيكم في أمره"
بلال : " نعم , إنه من ذرية نعمان , إذا أردتم أن تزول لعنته , اصلبوه أعلى هذا التل , و مع آخر نفس له , آخر نقطة دم ترحل عنكم لعنة نعمان."

معاوية : "أرجوك أعطني ماء , حياتي تنتهي."
تحرك عمرو بسرعة و جلب ما تبقى معه في رحلته من مياه و سقى معاوية

شرب معاوية ثم قال : " و لكن من أنت و لماذا ساعدتني؟."
رد عمرو : "أنا ابن سفيان , بعد كل هذه السنين , لم ينسَ جدك نعمان وطنه و أرسلك و هو يعلم أنك ميت , آن الأوان أن أرمي ما حملني به أبي حتى لو دفعت حياتي ثمناً
و حينها تفجرت المياه من أعلى التل وهم فوقه ,و تسللت الشمس خلفه , لتقدم نهاراً طال إنتظاره."




.
السمع خانة)) : هي قاعة تستخدم للذكر، و الصلاة والرقص الصوفي الدائري












التوقيع

 
قديم 02-28-2010, 10:25 AM   رقم المشاركة : 27
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (23)


أنوثة بلغة كونية


هي من جعلتهُ بأسلوبِها المدهش وقوامها الرشيق الذي يختصر انحناء الكون ، يفكرُ في أن يواجهَ نفسهُ للمرةِ الأولى ، ويعترف بفشلهِ في نيلِ حريتهِ على مدى أعوامهِ الخمس والثلاثون ، وللمرة الأولى أيضا رأى بأنه لم يكتشف شيء مهم في بحثهِ المتواصل عن حقيقةِ الإنسان .
حاول أن يخفي اهتمامَهَُ بها أمام طلبتهِ الذين تعودوا منهُ حبهِ لأبحاثه ونظرياته الغريبة التي جمعت الكون في قشرة جوز ، ولكنهم كانوا على قدرٍ من الذكاء ، ليعرفوا إن أنوثتها المعلنة هي السبب في هذا التغير، هذا ما كان يدور بخلدهِ بعد أن بدأت هي تؤثر شيئاً فشيئاً على سلوكهِ اليومي .
كان يجيبُ على ما يراه في عيونِهم من أسئلةٍ مبطنةٍ من خلال محاضراتهِ اليومية :
ـ أنها مسألة بايولوجية بحتة ، هي تحدث عادة عند الاقتراب من سن الأربعين عندما تبدأ خلايا الجسم لا إرادياً بالدفاع عن وجودها ضمن دائرة الشباب ، ذاتنا العميقة ترفض وتراوغ بمهارة لكي لا تقترب من العدّ التنازلي للعمر .
في أحد الأيام ، أعد لهم مخططات ومصورات وشرح من خلالها دورة الزمن على الإنسان ، وكنوع من التبرير أخبرهم بأنه هو نفسه يمر بما يسمى بالمراهقة المتأخرة ، وهي حالة من التوازن الكوني في حياة الإنسان عندما يقترب من منتصف العمر بجسده فان روحَهُ تبتعد بالإتجاه المعاكس لذلك يحاول التصرف لا شعورياً بروح العشرينات .
ولكنه كان يعرف بأنهم لم يستلموا رسائله المبطنة بشكل فاعل ، فعيونهم كانت تصرخ بوجهه : أعترف يا أستاذ أنوثتها هي السبب .
كان على منصة الدرس يتهرب ببراعة من تلك الأسئلة الصامتة ، يقف كثيراً موجهاً عينيهِ إلى سقف القاعة لأنه يعرف أن العين هي بؤرة الطاقة المفضوحة ، ثم يحرك يديه بشكل محترف ليبدو كنجم سينمائي مشهور ، هو تصرف يشتت تركيزهم ويسهل عليه أعادة برمجتهم ولو لثوان ، وأحياناً كان يجلسُ على طرف المنضدة ليبتسم ابتسامةً ضاحكةً وهو يوجه لهم أسئلة فوق مستوى وعيهِم . كل هذا ليجعلهم يعتقدون أن التحولات الأخيرة على شكلهِ وملبسهِ هي من ضمن المخطط العام للتطور النفسي الطبيعي عند الإنسان . ولكي يراوغ أكثر فأنه يطرق على مسامعهم ما يحاكي شكوكهم ؛ فأفضل مكان تـُخفي فيه الأشياء هو أن تضعها أمام مرأى الجميع !! .
عندما ينظر إليها وهي تجلس في مؤخرة قاعة الدرس ، كان يشعر بأنهما خارج الزمن ، أو انه يقف على سطح كوكب خفي في طرف المجرة وأمامه بوابه واسعة للاندماج بالكون ، بينما هي تجدل شعرها تحت شجرة من زجاج ، وتنظر أليه وهو يرف حولها كهمسة خافتة ،
لذلك كان يقول لهم ، إنكم عندما تكبرون قليلاً ستكتشفون أنّ الإنسانَ كائنٌ لا محدود ، إذا وإذا فقط ، حصل على حريتهِ ، والحريةُ هي في أن يواجه مخاوفهُ وينتصرُ عليها .
كان يضعُ عينيهِ في عينيها وكأنّهُ يقصدها وهو يعلن رأيهُ بالأنثى الذي سيقولهُ علناً في كتابهِ الجديد :
(المرأة أكثر تكاملاً من الرجل ، أتعرفون لماذا ؟ لأنها مصممة أساساً لوجودٍ مؤقتٍ ومرنٍ في المكان ، لأن وجودها الحقيقي هو وجود زمني ، لذلك هي أكثر خفة وحركة من الرجل ، وتعيش بمشاعرها وقلبها أكثر من فكِرِها وعقلهَا ، ولأنها تهب الحياةَ من خلال الولادةِ لذلك هي لا تخشى الموت مثل الرجل ، ولذا تميل المرأةُ للتبرجِ لتعلن للعالم بأنها موجودة ، وتقوم بشكل عفوي برسم عينيها لتبدوان بشكل أكبر لأنها بحاجة لإحتلال مساحات أكبر على الأرض ، هي معركة وجود لا أكثر ولا أقل )
انتهت المحاضرة وتأخرت هي بشكل مفتعل ، ثم تقدمت نحوهُ بخفتها ورشاقتها المعتادة ، نظر إليها فشعر إن أوراقاً قديمة تسقط وأخرى جديدة تنمو على شجرة حياتهِ القادمة ، وتخيل القاعة تكبر وتنفجر في الفضاء فلا يبقى سواهما متقابلينِ على طريق من نور تحفهُ عصافير ملائكية بيضاء وزهور عجائبية من كتابِ ألف ليلة وليلة ، قالت لهُ برنةِ صوتها الناعم :
ـ أستاذ ، تعرف جيداً ، كم أنا معجبة بك ، أنت مصدر سعادة كبيرة لي ، وشخصيتي بأكملها بنيتها على ضوء مفاهيمك وأفكارك ، أنت أقرب شخص لي في الوجود ، ولم أتعلق بأحد مثلما تعلقي بك ، لذلك فإنني حرصت بأن تكون أولَ من أدعوهُ لحفلةِ زواجي في الأسبوع القادم ؟












التوقيع

 
قديم 03-01-2010, 12:40 AM   رقم المشاركة : 28
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة

القصة رقم (24)

أسرار الطقوس

توجهنا إلى الموسم وكلنا أمل في إيجاد شيء ما يغرينا ويخرجنا من براثن الروتين الذي كبس على أنفاسنا. كنا أنا وصديقي مملوءين بالرغبة الدفينة في معرفة أسرار ذلك التقليد الذي دأب عليه سكان هذا الدوار الفقير، لم يكن أحد منا يعرف حقيقة هؤلاء الضعفاء الجهلاء في مدى اقتناعهم بهذا التقليد الذي حافظوا عليه منذ عقود. الطريق مملوء عن آخره بالراجلين وكذا بكل وسائل النقل من سيارات وشاحنات. استغربنا كثيرا من هذا الأمر . يوم ليس كباقي الأيام. سعادة عظيمة تبدو عليه وجوه الصغار والنساء. مسحوقات تجمميلية وعطور تتعالى روائحها في الفضاء وتمتزج بالهواء امتزاجا غريبا كأننا أمام معمل لتكرير البترول. واستمررنا في الطريق نلوك الاستغراب والشرود والتردد، بينما الصغار يتظاهرون بالفرح السامي ويبدو عليهم التحرر من قيود لا يعلمها إلا الله وهم أنفسهم.
هذه القيود قد عايشتها يوم كنت طفلا مثلهم، لكني لم أكن أقدر أن أحدد هويتها لصغر سني ولعجزي عن إعطاء معنىً أكيد لشيء مبهم. الطفولة شيء آخر في عمر الإنسان إلا لمن لا يقدر أن يعيشها في التحرر. صديقي لم يكن يعرف آنذاك فيما كنت أفكر، لعله هو الآخر كان يسترجع طفولته، وهل بها ما يتذكر فعلا ويستحق التأمل قليلا أم لا ... ؟ .
كان الطريق شائكا وصلبا، وعيوننا مملوءة بالأمل الجديد في اكتشاف مكنونات هذا الاحتفال المعتاد. لم يكن عقلنا يفكر في شيء سوى في الحصول على حقيقة كانت غائبة في بال الكثيرين. كانت الشمس محرقة تلدغ بأشعتها رأسينا وجسدينا النحيلين، وبعض الغيوم تنتشر بصفحة السماء الزرقاء متقطعة كأنها بقع خضراء بصحراء قاحلة. أغلب الأطفال كانوا قد وصلوا مكان الموسم بزاوية سيدي علي بن احماد وانتشروا بين الباعة والزوار مثل حبات الشعير تختلطا بأكوام القمح بالبيدر، فرحين بما يرون، غير آبهين بطقوس الموسم الدينية التي انهمك فيها الرجال الداويش والفقهاء .
كان الاندهاش هو أول نقطة غير معتادة، استولى علينا دون إنذار، وانسحقنا بين المتجمهرين نراقب تلك الطقوس باهتمام مبالغ فيه. كان الرجال الدراويش يعيدون كلمات لم نفهم منها شيئا ولم نسمع منها حرفا لكثرة الألسن التي تصيح وتدعو، تعمقنا أكثر بين المتجمهرين رغبة منا في معرفة حقيقة هذه الطقوس الغريبة علينا وعن ثقافتنا. لم يسبق لي أن رأيتها في موسم آخر، هي تختلف كليا عنها. سمعت من سكان البلدة من يقول أن هناك امرأة من الدوار كنات قد قتلت حمارا وعاقبهم الله بسنين قحط وجفاف، فأملى عليهم أحد الفقهاء بذبح الذبائح تقربا إلى الله، فما إن فعلوا ما أمرهم حتى بدأت السماء تمطر سيولا جارفة ومطرا غزيرا. وسمعت آخرين يقولون بأن امرأة كانت قد مارست منذ زمن بعيد الحنس مع حمار لها فماتت على إثرها فاتخذ سكان الدوار على أنفسهم هذه الطقوس تقربا إلى الله ليغفر الله لها مادامت مخطئة ومذنبة .
تمكنا من إحاطة الموسم كله بنظرات مختصرة ، وعقولنا مازالت تتابع الطقوس باندهش شديد، اقتربنا من رجل بدين تبدو على سماته أنه من العارفين بكل شيء، وأنه من سكان الدوار الذي اعتاد الاحتفال بهذه المناسبة المجهولة، كان الرجل يتابع الطقوس باهتمام شديد وقلبه متعلق بما يقال من أدعية. لم يكن من بدنا إلا أن نتبادل معه الحديث ونستفسره عن كل شيء استعصى علينا معرفته :
_ اسمح لنا يا سيدي أن نسألك ..
_ تفضلا، أنا رهن الإشارة، لابد أنكما غريبان عن الدوار ؟ .
وكأنه في منافسة كبيرة، قال له صديقي يونس :
_ نحن نعمل بدوار قريب من هنا، لكننا نريد أن نعرف أصل هذا الاحتفال وسبب الحفاظ عليه !
وبطريقة العلماء المفسرين افتتح الحديث :
_ أنتما تعرفان أن المولد النبوي قد مضى عليه أسبوعا كاملا، ومن هنا يظهر أن هذا الاحتفال هو بمناسبة عقيقة السيد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وقد ابتدع هذا التقليد الديني قبل عدة عقود لا أعلم كم عددها، الولي الصالح سيدي علي بن حماد، وهو من آل البيت وينتسب إلى الشرفاء أحفاد المولى إدريس الأول مؤسس الدولة الإسلامية الأولى بالمغرب ...
وقاطعته بطريقة لبقة :
_ يعني أن كل ما يقال عليه من بدع وكلام احتقار بأن امرأة قتلت حمارا أو مارست معه الجنس،وبأنه تقرب إلى الله بالقرابين طلبا للمغفرة، ليس إلا كذبا وبهتانا مبينا ؟ .
وبقليل من الاعتراض المفعم بالابتسامة واللباقة رد علي :
_ يا سيدي ، أنت أعرف مني بالوضع بحكم عملك، فالجهل متفشٍ بما فيه الكفاية. فالناس ينجبون أفكارا من مخيلاتهم لا تمت للحقيقة بصلة، وكل واحد يدلو بدلوه في الأمر وكأنه عالم تاريخ ودين. المهم هو الحقيقة التاريخية، هذا الاحتفال الديني يحضر إليه رجال دين من أماكن عديدة بعيدة من المغرب كله، ويدوم ثلاثة أيام، تذبح فيها الذبائح من الأبقار ويقرأ القرآن وتكثر الأدعية والصلوات وتعم الصدقات والهبات. أما هذا الذي ترى من بدع في البيع والشراء، والعشق الحرام الذي يكثر بين الشبان والفتيات، وهذا الخروج عن الطريق السليم والمستقيم وعن تعاليم الولي الصالح سيدي علي بن احماد وكذا الغرق في الملذات والشهوات الدنيوية هو من ابتداع الناس الجاهلين بحقيقة هذا هذا الموسم الديني والبعيد عن جادة الصواب والطريق الصحيح .
ثم سألته :
_ ولماذا يفعل الناس هذه الأمور مادام الاحتفال هو تقليد ديني محض ؟ .
وبشيء من التوتر :
_ قلت لك يا أخي إنه الجهل والكفر من فعلا بهم هذه الأشياء كلها، وأعرقهم في وادي الشهوات والملذات الزائلة ...
ثم قاطعه صديقي يونس بلغة بسيطة يسأله :
_ وماذا يقول هؤلاء الدراويش الآن ؟ ولماذا يحملون تلك الرايات ؟
وبابتسامة رقيقة أجابه :
_ إنهم يصلون على النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فقط ولا شيء غير ذلك، أما حملهم للرايات فهذا تقليد فقط دأبوا عليه، يعني الكثير بالنسبة إليهم .
ساد بيننا –بعد ذلك- صمت طويل، واكتفينا بمراقبة الوضع والتعليق عليه في أذهاننا. لقد تمكنا أخيرا من معرفة أسرار هذا الموسم، وهذا ما أتينا من أجله وتركنا عملنا في سبيل اكتشافه .
لم يعد لنا من هدف نبقى من أجله في هذا المكان الغارق في المتناقضات. كان الطريق الشائك ينتظرنا، وكنا نفكر في ولوجه كثيرا، بينما الأطفال الصغار يعجبون بما يرون، ولم يتزعزعوا من مكانهم إلا بعد حلول الظلام، حينها كنا قد وصلنا بيتنا وجلسنا نستعيد الزيارة من جديد، فاقترب تفكيرنا من نقطة سوداء في ذلك الموسم كانت هي النهاية ... !!!












التوقيع

 
قديم 03-01-2010, 12:35 PM   رقم المشاركة : 29
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية للقصة القصيرة



نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة





بحسب شروط المسابقة

تم التوقف اليوم 1/3/2010 عن أستلام قصص جديدة للمشاركة في المسابقة

عدد المشاركات 24 مشاركة

تتقدم أدارة منتديات نبع العواطف الأدبية

بجزيل الشكر لكل من شارك في المسابقة

آملين للجميع التوفيق

وسوف يتم الأعلان عن النتائج يوم 15/3/2010

للعلم مع التقدير




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة













التوقيع

 
موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأصدارات الخاصة بأعضاء منتديات نبع العواطف الأدبية عواطف عبداللطيف أخبار الأدب والأدباء 7 09-20-2010 11:14 PM
نتائج مسابقة نبع العواطف الأدبية الأولى للقصة القصيرة عواطف عبداللطيف مسابقات السرد 38 03-23-2010 01:12 PM
نتائج مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية الأولى للخواطر عواطف عبداللطيف مسابقات الخواطر 13 03-22-2010 08:09 PM
مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية الأولى للخواطر عواطف عبداللطيف مسابقات الخواطر 17 03-17-2010 10:40 AM


الساعة الآن 09:56 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::