رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
السلام عليكم
جواب السؤال السابعوالعشرون
أولا ..... ( أنزل ) من نزل :
1. صيغتا ( أفعل ) ، و ( فَعَّل ) لهما معانٍ كثيرة في كلام العرب ،وأفعل تعني الفعل دفعة واحدة وفعّل تعني الفعل على دفعات وما أوردته ـ هنا ـ لا يدل على أنه هو المتبادر في كل سياق من سياقات العربية ، فلكل سياق معنىً يقتضيه . 2.( أَنْزَلَ ) و ( نَزَّلَ ) ما ذكرته من التفريق بينهما ـ هنا ـ إنما أوردته لما له من أصلٍ في كلام العرب ، ولتأييد سياق الآيات التي وردت فيها مسألة نزول الكتب السماوية لهذا التفريق ، وكلام أهل العلم يدل على ذلك . 3.ليست كل صيغة من صيغ ( أَنْزَلَ ) و ( نَزَّلَ ) في كتاب الله الكريم وكلام العرب يرد فيها مثل هذا التفريق ؛ لأن السياقات التي ترد فيها لا يلزم أن تدل على المعنى الذي أثبتنا فيه التفريق ، بل قد تدل على معانٍ أخر . 4.ذكرت أن القرآن نزل على سول الله جملة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ، ومفرقا منجما في ثلاث وعشرين سنة ؛ لأنه صريح القرآن ، واختيار جماهير أهل العلم ، ونُقل الإجماع عليه ([21]) ، ومِن ثَمّ اقتصرت عليه وإن كانت هناك أقوال أخر مرجوحة . 5.إذا وردت قراءة أخرى ورد فيها الفعل ( أَنْزَلَ ) بدلا من ( نَزَّلَ ) أو العكس فذلك لا يعارض ما تقدم ؛ لأن القراءات يفسر بعضها بعضا ، وَلأن سياق الآية دال على ما يقتضيه معناها . 6.ما ذكره العلماء من التفريق بين ( أَفْعَل ) ، و ( فَعَّل ) إنما هو من باب الغالب تبعا لقاعدة كل زيادة في المبنى يتبعها زيادة في المعنى ، ولأن الترادف التام تأباه قواعد العربية ؛ لما ينشأ عنه من التكرار الذي لا وجه ، ومع ذلك فلكل قاعدة شاردة وواردة ,
لفرق بينها وبين نزول القرآن الكريم من خلال فعلي ( أَنْزَلَ ) بزنة ( أفعل )، و ( نَزَّلَ ) بزنة ( فَعَّل ) .
فأقول مستعينا بالله علماء العربية يقولون : كل زيادة في المبنى تتبعها زيادة في المعنى ، ومَن تأمل كلام العرب بان له ذلك ، فمن شواهد ذلك ألفاظ فعل نزول الكتب السماوية ، فمرة ترد بزنة : ( أفعل ) ، ومرة ترد بزنة : ( فَعَّل ) ، ولكل من الصيغتين معنى زائداً يخالف معنى الصيغة الأخرى ، وإن اتفقتا فـي المعنى الأصلــي للنزول ؛ فما كان بزنة ( أفعل ) يدل على النزول دفعة واحدة ، وما كان بزنة ( فَعَّل ) يدل على تكرار النزول وتتابعه ، لأن صيغة ( أَفْعَل ) من معانيها في العربية الدلالة على حدوث الفعل دفعة واحدة ، وصيغة ( فَعَّل ) تدل على تكرار حدوث الفعل ، فقولك مثلا : ( أعلمت فلانا المسألة ) يفيد أنك أفدته به مرة واحدة ، بينما قولك : ( علّمت فلانا الفقه ) يفيد أنك أفدته به على مراحل .
فصيغة ( أَنْزَلَ ) في الآيات الآتية تدل نزول الكتب السماوية السابقة جملة واحدة ، قال الله عزوجل في نزول التوراة على موسى ـ عليه السلام ـ : (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيّ ُونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ([1]) ، وقال الله تبارك تعالى في نزول الإنجيل على عيسى ـ عليه السلام ـ : ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ([2]) . وقال الله سبحانه في نزول القرآن جملة على نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا ْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ([3]) وبين في آية أخرى أنه أنزله في ليلة مباركة من ليالي رمضان فقال : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ) ([4]) ، وبين في سورة القدر أنها ليلة القدر فقال عز شانه : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ([5]) .
ويعضد كون الكتب السماوية السابقة نزلت جملة واحدة اعتراض الَّذِينَ كَفَرُوا على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نزول القرآن مفرقا خلافا للكتب السابقة ، قال تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ) ([6]) . قال ابن كثير : (يقول تعالى مخبرا عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم وكلامهم فيما لا يعنيهم حيث قالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) ([7]) .أي هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحى إليه جملة واحدة كما نزلت الكتب قبله جملة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية فأجابهم الله تعالى عن ذلك بأنه إنما نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث وما يحتاج إليه من الأحكام ليثبت قلوب المؤمنين به ) ([8]) .
أما صيغة ( نَزَّلَ ) فتدل في الآيات الآتية على نزول القرآن مفرقا منجما على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن ذلك قوله تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ) ([9]) ، وقوله سبحانه : (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ([10]) ونزول القرآن مفرقا منجما في ثلاث وعشرين سنة هو صريح قوله سبحانه وتعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ً) ([11]) ، واستعمال صيغة ( نَزَّلَ ) في الدلالة على ذلك واضحة في الآية فقال سبحانه : (وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ً).
ويدل تخصيص صيغة ( نَزَّلَ ) بالقرآن الكريم عند الجمع بينه وبين الكتب السماوية السابقة على إرادة نزوله مفرقا منجما ، وإرادة نزولها جملة ، فتأمل في قوله تعالى : ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) ([12]) ، وقوله جل جلاله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ) ([13]) . قال ابن حجر في فتح الباري : ( وَيُؤَيِّد التَّفْصِيل قَوْله تَعَالَى : ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل ) ([14]) فَإِنَّ الْمُرَاد بِالْكِتَابِ الْأَوَّل الْقُرْآن وَبِالثَّانِي مَا عَدَاهُ ، وَالْقُرْآن نَزَلَ نُجُومًا إِلَى الْأَرْض بِحَسَب الْوَقَائِع بِخِلَافِ غَيْره مِنْ الْكُتُب) ([15])
أما قوله سبحانه : (والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) ([16]) فقد عبر فيه بالإنزال جملة واحدة لعمومه جميع الكتب السماوية كما تقدم .
وما تدل عليه صيغتي ( أََفْعَلَ )، و ( فَعَّل ) في العربية من حدوث الفعل في الأولى دفعة ، وفي الثانية دفعات تدل عليه الآثار الواردة في مسألة النزول فقد صح عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ،"سَأَلَهُ عَطِيَّةُ بْنُ الأَسْوَدِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي قَلْبِي الشَّكُّ، قَوْلُهُ: " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ " وَقَوْلُهُ: " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ " وَقَالَ: " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ " وَقَدْ أُنْزِلَ لِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَشَهْرِ رَبِيعٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا نَزَلَ فِي رَمَضَانَ، وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَفِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ مِنَ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ" ([17]) . وتدل عليه نصوص العلماء فقد قال الآلوسي : ( وقوله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ) ([18]) ، وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئا فشيئا كما في تسلسل والألفاظ لابد فيها من ذلك فصيغة ( نَزَّلَ ) تدل عليه والإنزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم وبالإنزال الذي قد قوبل به خلافه أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام ) ([19]) . وقَالَ الرَّاغِب : ( الْفَرْق بَيْن الْإِنْزَال وَالتَّنْزِيل فِي وَصْف الْقُرْآن وَالْمَلَائِكَة أَنَّ التَّنْزِيل يَخْتَصّ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُشِير إِلَى إِنْزَاله مُتَفَرِّقًا وَمَرَّة بَعْد أُخْرَى ، وَالْإِنْزَال أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ ) ([20])
تعني إنزال الحيثية من ساحة الى ساحة مع تغير في ماهية المنزل وحيثياته .. ويأتي بمعنى سخـّـر وذلـّل وهيئ, يعني أنزال الحيثية من ساحة الى ساحة بحيث تتغير ماهية المنزل... و بحيث يتلائم مع حيثيات المنزل اليهم ... مثال: الاحاديث الصحيحة للنبي ص او السنةالشريفة الصحيحة فهي كلام الله يعني معاني منه سبحانه لكن تم صياغته من قبل النبي ص لكي يكون متلائم ومفهوم ومسخر ومذلل للناس .. فلأن سنة النبي ص الصحيحة هي شارحة ومبينه لكليات النص القرآني فهي بصيغة (أنزل) وليست بصيغة (نزّل) كما هو حال القرآن الذي نزل كما هو كنص خام ثابت ومجرد مثال آخر يقول تعالى : ( خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ) إنزال هذه الازواج الثمانية من الانعام هو تسخيرها وتذليلها بين أيدينا لجعلها بمتناول الفائدة , اي هو إنزالها من ساحة عدم التسخير والتذليل الى ساحة التسخير والتذليل ولذلك جائت صيغة (أنزل ) وليس (نزّلنا ) ثانيا ......... (نزّل ) من التنزيل :
هو تنزيل الحيثية من ساحة الى ساحة دون تغيير في ماهية المنزل ... يعني ينزل كما هو مثل نزول النص القرآني العظيم حيث نزل كما هو من اللوح المحفوظ الى الناس كما هو تماما بدون تغيير ..
يتميز القران بصفة التــّزيل في حين انه يشترك مع باقي الكتب بالانزال
وهذه صفة مهمة تميـّز بها القران ، فكلمة (نـّرل ) مشدده فيها (مباشره) وتعني تحول من ساحه الى ساحة دون اي تغير كما هو في ماهيته ، في حين كلمة (أنزل ) من غير تشديد تعني (هيأ) تعني تحول من ساحة الى ساحه بمعنى سخر وهيأ وجعله بمتناول الفائدة والادراك للساحة المنزل اليها ، بما يتلائم للأدراك وللفهم وللتدبر ولنقرأ معا ً الايات العظيمات التاليه :
الحواريون طلبوا مائدة من السماء بصيغة(نزّل) لأنهم قالوا ( هلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا ) يعني مائده تنزل كما هي طعام السماء دون تغيير في ماهية الطعام المنزل .. يعني طعام وفق قانون السماء يعني خارق للناموس يعني طعام ليس كطعام الارض فالذي يأكل من مائدة السماء لا يتعرق ولا يتغوط ولا يتبول ... ولايسببب كل تلك الامور التي يسببها أكل الارض من بول وغائط
ولكن المفاجئة إن عيسى عندما طلب من الله تعالى المائده لم يطلبها على شكل مائدة بحيث يكون فيها خرق للناموس ومعجزة واضحة بلطلب المائدة على شكل طعام عادي كأي طعام من الارض ولذلك جائت طلب عيسى بصيغة ( أنزل علينا مائدة) من (أنزل) الان لننظر لمن استجاب ربنا عزوجل في نزول المائدة؟هل استجاب لطلب الحواريون بكون المائدة خرق للناموس من صيغة (نزّل) ؟ يعني طعام لايسبب التغوط والتبول والتعرق كطعام الأرضأم استجاب لطلب عيسى بنزول المائدة بشكل طبيعي كطعام طبيعي حاله حال أي طعام أرضي يعني من صيغة (أنزل) ؟ الجواب : الله تعالى استجاب لطلب الحواريون وليس لطلب عيسى ع !!!حيث تم تنزيل المائدة من صيغة (نزّل) ولم يتم أنزال المائدة من صيغة (أنزل) بدليل عبارة: (قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداًمِّنَ الْعَالَمِينَ )
ومن الله التوفيق
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
اجابة السؤال السابع والعشرين
السلام عليكم
يرى البعض أن نزل بالتضعيف تفيد التدرج والتكرار وان الانزال عام وقال آخرون انه هو الأكثر ويرى البعض الآخر أن الكتاب سمي تنزيلا لأنه لم ينزل جملة واحدة بل سورة سورة وآية آية
قال تعالى (( ولو نزل عليه القرآن جملة واحدة )) وقوله سبحانه (( ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية ))
فالتضعيف في نزل أفاد التكرار فقوله تعالى (( نزل عليك الكتاب )) اشارة الى تفصيل المنزل وتنجيمه بحسب الدواعي وانه لم ينزل دفعة واحدة
فالفعل نزل قد يكون للتدرج والتكثير وقد يكون للاهتمام والمبالغة أي يستعمل لأكثر من معنى وهذا وارد في لغتنا بمعنى ان نزل أهم وآكد من أنزل
أما الفعل أنزل فلا يعطي ذلك اعطاء الفعل نزل وان كان محتملا ، فالتوراة نزلت دفعة واحدة فقال تعالى (( والكتاب الذي أنزل من فبل ))
ففي سورة الانعام (( وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه )) فالموقف في سورة الأنعام أشد لعنت الكافرين وعدم ايمانهم بالحياة الآخرة
وفي سورة العنكبوت ((وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه )) والموقف فيها أقل شدة لذلك استعمل التضعيف مع القوة والشدة وفي العنكبوت لم يتقدمها تهديد ووعيد فاستعمل أنزل
وخلاصة القول
1/ان التضعيف في نزل أعطاه دلالة على قوة الحدث
2/ان الفعل أنزل يستعمل مع التوراة والانجيل كونهما نزلا دفعة واحدة وتستعمل الصيغتان نزل وأنزل مع القرآن كونه نزل دغعة واحدة الى السماء الدنيا ونزل على دفعات على صدر نبينا الكريم (ص)
3/ وكما يقول ابن الأثير ان كل تحول في بناء الكلمة يصاحبه تحول في معناها
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطاف سالم
السؤال السابع والعشرون
قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ" سورة لقمان 34
قال تعالى: "خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ " سورةالزمر 6
عند تأمل الآيتين السابقتين
نجد أن الله عزوجل زاوج بين فعلين هما "أنزل" و"نزل"
فما الفرق بينهما ؟!
ينزل في نص الآية 34من سورة لقمان وردت بدلالة الحاضر والمستقبل
فنزول الغيث يكون في أزمنة تتميز بالإستمرار إلى أن يرث الله الأرض ومن
عليها ونزَّلَ مضارعه ينزِّل ، تنزيلاً ، فهو مُنزِّل ، والمفعول مُنزَّل
قال الله تعالى : (أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ) الآية6 الواقعة
وأنزل وردت في الزمن الماضي في نص الآية 6 من سورة الزمر حيث تمت
عملية الإنزال من علو إلى أسفل بعد النشأة والخلق .
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
الفرق بين لفظين من كتاب الله ذُكرا في مواضع متفرقة ولكن في سياق واحد وقد يظن القارئ أنها بمعنى واحد وهما (أنزل) و (نزًّل).
بداية لا بد أن تعود الألفاظ إلى دلالاتها اللغوية فلفظ (أنزل يعود إلى صيغة أفعل) و(نزًّل تعود إلى صيغة فعًّل) ويُلحظ هنا أن في صيغة أفعل زيادة على صيغة نزّل والزيادة في المبنى زيادة في المعنى كما قرر ذلك علماء اللغة والبلاغة فكلا اللفظين يدل على معنى النزول ولكن لكل دلالته في المعنى وسأذكر في الباية المعنى اللغوي لـ (نزل) وفيها معاني متعددة :
انحطاط من علو. يقال: نزل عن دابته: قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ" سورة لقمان 34
الخلق: قال تعالى: "خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ" سورةالزمر 6
القول: قال تعالى: " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ" سورة الأنعام 93
البسط: قال تعالى: " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ" سورة الشورى 27
وقد وردت كلا الصيغتين في القرآن في مواضع متعددة أذكر بعضها كلا على حدة:
ما ورد في القرآن بصيغة (أنزل):
قال الله : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) البقرة : 185
(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة : 136
وقال سبحانه: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة 44
وقال الله تبارك تعالى: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة 47
وبين في آية أخرى أنه أنزله في ليلة مباركة من ليالي رمضان فقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) الدخان 3، وبين في سورة القدر أنها ليلة القدر فقال عز شانه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) القدر1
وأما ما جاء بصيغة (نزًّل):
قال الله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) آل عمران 3
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء 136
وقال تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) الأعراف 176
وقال تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر 1-6
وقال تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل 44
وقال تعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ً) الإسراء 105- 106
وقال سبحانه: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان 32
وقال سبحانه: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) الزمر23
وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) محمد 2
وقال سبحانه: (قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ) الملك 9
وبعد ذكر جمع من الآيات القرآنية التي وردت فيها صيغتي (أنزل) و (نزَّل) نشرع في ذكر الفرق بينهما في الدلالة والمعنى.
المتأمل في الآيات التي جاءت فيها صيغة (أنزل) يجد أنها جاءت بذكر النزول المطلق للقرآن وبنفس الصيغة جاءت الآيات التي تذكر نزول الكتب السماوية الأخرى كالزبور وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل ومعلوم أن هذه الكتب لما نزلت نزلت كاملة غير منجمة وأن القرآن نزل في ليلة القدر جملة واحدة كما هو واضح في الآيات وكما ورد في السنة الصحيحة، ويكون هنا المعنى فيها أن أنزل تكون لدلالة نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الأولى.
وأما صيغة (نزَّل) جاءت في نزوله بين الناس وكلام المشركين عنه وتكذيبهم له ومعلوم أن القرآن لم يكن بينهم كاملا وإنما كان ينزل منجما حسب الوقائع والأحداث ولعل قوله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) آل عمران 3 من أبرز الأدلة التي تعطي هذا المعنى حيث لما ذكر القرآن قال (نزَّل) ولما ذكر التوراة والإنجيل قال (أنزل) حيث أن القرآن نزل في الدعوة منجما وأما التوراة والإنجيل جملة واحدة وقوله تعالى: (ونزلناه تنزيلا) يؤيد هذا المعنى.
قال الراغب الأصفهاني –-: "وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل، لما روي: (أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجم فنجما) (أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" قال: أنزل القرآن في ليلة القدر، ثم نزل به جبريل على رسول الله نجوما بجواب كلام الناس"
وقال القرطبي –-: "والقرآن نزل نجوما: شيئا بعد شئ، فلذلك قال " نزل " والتنزيل مرة بعد مرة.
والتوراة والانجيل نزلا دفعة واحدة فلذلك قال " أنزل."
ومما يدل على هذا التفريق إنكار المشركين نزل القرآن على النبي مفرقا وطلبوا لماذا لم ينزل جملة واحد كما أنزلت التوراة والإنجيل (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان 32
قال ابن كثير –- في تفسيرها: "يقول تعالى مخبرا عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم وكلامهم فيما لا يعنيهم حيث قالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ).أي هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحى إليه جملة واحدة كما نزلت الكتب قبله جملة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية فأجابهم الله تعالى عن ذلك بأنه إنما نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث وما يحتاج إليه من الأحكام ليثبت قلوب المؤمنين به"
وقال السعدي –-: "هذا من جملة مقترحات الكفار الذي توحيه إليهم أنفسهم فقالوا: لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً أي: كما أنزلت الكتب قبله، وأي محذور من نزوله على هذا الوجه؟ بل نزوله على هذا الوجه أكمل وأحسن، ولهذا قال: كَذَلِكَ أنزلناه متفرقا لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد طمأنينة وثباتا وخصوصا عند ورود أسباب القلق فإن نزول القرآن عند حدوث السبب يكون له موقع عظيم وتثبيت كثير أبلغ مما لو كان نازلا قبل ذلك ثم تذكره عند حلول سببه.
وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا أي: مهلناه ودرجناك فيه تدريجا. وهذا كله يدل على اعتناء الله بكتابه القرآن وبرسوله محمد حيث جعل إنزال كتابه جاريا على أحوال الرسول ومصالحه الدينية."
ومما يدل على هذا المعنى من الروايات ما صح عن ابن عباس ساله عطية بن الأسود : انه وقع في قلبي الشك قوله شهر رمضان الذي انزل فيه القران وقوله انا انزلناه في ليلة القدر وقال إنا أنزلناه في ليلة مباركة وقد انزل لشوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر ربيع ، فقال ابن عباس : إنما نزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل على مواقع النجوم من الشهور والايام"
ومما يؤيد هذا الفهم ما قاله الآلوسي –- : ( وقوله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ )، وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئا فشيئا كما في تسلسل والألفاظ لابد فيها من ذلك فصيغة ( نَزَّلَ ) تدل عليه والإنزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم وبالإنزال الذي قد قوبل به خلافه أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام )
وقَالَ الرَّاغِب : (الفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقا، ومرة بعد أخرى، والإنزال عام)
فالفعل تنزَّل يفيد التدرُّج والتكرار وأيضاً التكثير والمبالغة ومن مقتضيات التكثير والمبالغة في الحدث استقراق وقت أطول وأنه يفيد تلبثاً ومكثاً.
ومما سبق يتبين أن صيغة (أنزل) تعني نزول القرآن جملة واحدة وصيغة (نزَّل) تعني نزوله منجما مفرقا على الوقائع والأحداث أو ما تقتضيه حكمة الله في تنزيل الأحكام.
وقد يعترض معترض على هذا التفريق أن من القراءات ما يخالف ذلك لأن لفظة أنزل قد تكون في قراءة أخرى نزل لنفس الآية والكلمة والجواب على ذلك أن مثل هذا هذا التفريق لا يكون على الإطلاق وإنما لكل قاعدة شواذ وكذلك أن هذه الآيات تكون محتملة للمعنيين فيكون بهذا تفسير بعضها لبعض.
يقول الطبري (ت:310ه) : "يقول تعالى ذكره: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بـالله لَوْلا نُزّلَ عَلَـيْهِ القُرآنُ يقول: هلا نزّل علـى مـحمد القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كما أنزلت التوراة علـى موسى جملة واحدة؟، قال الله: كَذلكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ تنزيـله علـيك الآية بعد الآية، والشيء بعد الشيء، لنثبت به فؤادك نزلناه "
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي المحمود
السلام عليكم
جواب السؤال السابعوالعشرون
أولا ..... ( أنزل ) من نزل :
1. صيغتا ( أفعل ) ، و ( فَعَّل ) لهما معانٍ كثيرة في كلام العرب ،وأفعل تعني الفعل دفعة واحدة وفعّل تعني الفعل على دفعات وما أوردته ـ هنا ـ لا يدل على أنه هو المتبادر في كل سياق من سياقات العربية ، فلكل سياق معنىً يقتضيه . 2.( أَنْزَلَ ) و ( نَزَّلَ ) ما ذكرته من التفريق بينهما ـ هنا ـ إنما أوردته لما له من أصلٍ في كلام العرب ، ولتأييد سياق الآيات التي وردت فيها مسألة نزول الكتب السماوية لهذا التفريق ، وكلام أهل العلم يدل على ذلك . 3.ليست كل صيغة من صيغ ( أَنْزَلَ ) و ( نَزَّلَ ) في كتاب الله الكريم وكلام العرب يرد فيها مثل هذا التفريق ؛ لأن السياقات التي ترد فيها لا يلزم أن تدل على المعنى الذي أثبتنا فيه التفريق ، بل قد تدل على معانٍ أخر . 4.ذكرت أن القرآن نزل على سول الله جملة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ، ومفرقا منجما في ثلاث وعشرين سنة ؛ لأنه صريح القرآن ، واختيار جماهير أهل العلم ، ونُقل الإجماع عليه ([21]) ، ومِن ثَمّ اقتصرت عليه وإن كانت هناك أقوال أخر مرجوحة . 5.إذا وردت قراءة أخرى ورد فيها الفعل ( أَنْزَلَ ) بدلا من ( نَزَّلَ ) أو العكس فذلك لا يعارض ما تقدم ؛ لأن القراءات يفسر بعضها بعضا ، وَلأن سياق الآية دال على ما يقتضيه معناها . 6.ما ذكره العلماء من التفريق بين ( أَفْعَل ) ، و ( فَعَّل ) إنما هو من باب الغالب تبعا لقاعدة كل زيادة في المبنى يتبعها زيادة في المعنى ، ولأن الترادف التام تأباه قواعد العربية ؛ لما ينشأ عنه من التكرار الذي لا وجه ، ومع ذلك فلكل قاعدة شاردة وواردة ,
لفرق بينها وبين نزول القرآن الكريم من خلال فعلي ( أَنْزَلَ ) بزنة ( أفعل )، و ( نَزَّلَ ) بزنة ( فَعَّل ) .
فأقول مستعينا بالله علماء العربية يقولون : كل زيادة في المبنى تتبعها زيادة في المعنى ، ومَن تأمل كلام العرب بان له ذلك ، فمن شواهد ذلك ألفاظ فعل نزول الكتب السماوية ، فمرة ترد بزنة : ( أفعل ) ، ومرة ترد بزنة : ( فَعَّل ) ، ولكل من الصيغتين معنى زائداً يخالف معنى الصيغة الأخرى ، وإن اتفقتا فـي المعنى الأصلــي للنزول ؛ فما كان بزنة ( أفعل ) يدل على النزول دفعة واحدة ، وما كان بزنة ( فَعَّل ) يدل على تكرار النزول وتتابعه ، لأن صيغة ( أَفْعَل ) من معانيها في العربية الدلالة على حدوث الفعل دفعة واحدة ، وصيغة ( فَعَّل ) تدل على تكرار حدوث الفعل ، فقولك مثلا : ( أعلمت فلانا المسألة ) يفيد أنك أفدته به مرة واحدة ، بينما قولك : ( علّمت فلانا الفقه ) يفيد أنك أفدته به على مراحل .
فصيغة ( أَنْزَلَ ) في الآيات الآتية تدل نزول الكتب السماوية السابقة جملة واحدة ، قال الله عزوجل في نزول التوراة على موسى ـ عليه السلام ـ : (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيّ ُونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) ([1]) ، وقال الله تبارك تعالى في نزول الإنجيل على عيسى ـ عليه السلام ـ : ( وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) ([2]) . وقال الله سبحانه في نزول القرآن جملة على نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا ْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) ([3]) وبين في آية أخرى أنه أنزله في ليلة مباركة من ليالي رمضان فقال : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ) ([4]) ، وبين في سورة القدر أنها ليلة القدر فقال عز شانه : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ([5]) .
ويعضد كون الكتب السماوية السابقة نزلت جملة واحدة اعتراض الَّذِينَ كَفَرُوا على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في نزول القرآن مفرقا خلافا للكتب السابقة ، قال تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً ) ([6]) . قال ابن كثير : (يقول تعالى مخبرا عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم وكلامهم فيما لا يعنيهم حيث قالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) ([7]) .أي هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحى إليه جملة واحدة كما نزلت الكتب قبله جملة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية فأجابهم الله تعالى عن ذلك بأنه إنما نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث وما يحتاج إليه من الأحكام ليثبت قلوب المؤمنين به ) ([8]) .
أما صيغة ( نَزَّلَ ) فتدل في الآيات الآتية على نزول القرآن مفرقا منجما على الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن ذلك قوله تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ) ([9]) ، وقوله سبحانه : (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) ([10]) ونزول القرآن مفرقا منجما في ثلاث وعشرين سنة هو صريح قوله سبحانه وتعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ً) ([11]) ، واستعمال صيغة ( نَزَّلَ ) في الدلالة على ذلك واضحة في الآية فقال سبحانه : (وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ً).
ويدل تخصيص صيغة ( نَزَّلَ ) بالقرآن الكريم عند الجمع بينه وبين الكتب السماوية السابقة على إرادة نزوله مفرقا منجما ، وإرادة نزولها جملة ، فتأمل في قوله تعالى : ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ ) ([12]) ، وقوله جل جلاله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً ) ([13]) . قال ابن حجر في فتح الباري : ( وَيُؤَيِّد التَّفْصِيل قَوْله تَعَالَى : ( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل ) ([14]) فَإِنَّ الْمُرَاد بِالْكِتَابِ الْأَوَّل الْقُرْآن وَبِالثَّانِي مَا عَدَاهُ ، وَالْقُرْآن نَزَلَ نُجُومًا إِلَى الْأَرْض بِحَسَب الْوَقَائِع بِخِلَافِ غَيْره مِنْ الْكُتُب) ([15])
أما قوله سبحانه : (والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) ([16]) فقد عبر فيه بالإنزال جملة واحدة لعمومه جميع الكتب السماوية كما تقدم .
وما تدل عليه صيغتي ( أََفْعَلَ )، و ( فَعَّل ) في العربية من حدوث الفعل في الأولى دفعة ، وفي الثانية دفعات تدل عليه الآثار الواردة في مسألة النزول فقد صح عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ،"سَأَلَهُ عَطِيَّةُ بْنُ الأَسْوَدِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي قَلْبِي الشَّكُّ، قَوْلُهُ: " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ " وَقَوْلُهُ: " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ " وَقَالَ: " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ " وَقَدْ أُنْزِلَ لِشَوَّالٍ وَذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَشَهْرِ رَبِيعٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا نَزَلَ فِي رَمَضَانَ، وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَفِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ أُنْزِلَ عَلَى مَوَاقِعِ النُّجُومِ مِنَ الشُّهُورِ وَالأَيَّامِ" ([17]) . وتدل عليه نصوص العلماء فقد قال الآلوسي : ( وقوله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ) ([18]) ، وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئا فشيئا كما في تسلسل والألفاظ لابد فيها من ذلك فصيغة ( نَزَّلَ ) تدل عليه والإنزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم وبالإنزال الذي قد قوبل به خلافه أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام ) ([19]) . وقَالَ الرَّاغِب : ( الْفَرْق بَيْن الْإِنْزَال وَالتَّنْزِيل فِي وَصْف الْقُرْآن وَالْمَلَائِكَة أَنَّ التَّنْزِيل يَخْتَصّ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُشِير إِلَى إِنْزَاله مُتَفَرِّقًا وَمَرَّة بَعْد أُخْرَى ، وَالْإِنْزَال أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ ) ([20])
تعني إنزال الحيثية من ساحة الى ساحة مع تغير في ماهية المنزل وحيثياته .. ويأتي بمعنى سخـّـر وذلـّل وهيئ, يعني أنزال الحيثية من ساحة الى ساحة بحيث تتغير ماهية المنزل... و بحيث يتلائم مع حيثيات المنزل اليهم ... مثال: الاحاديث الصحيحة للنبي ص او السنةالشريفة الصحيحة فهي كلام الله يعني معاني منه سبحانه لكن تم صياغته من قبل النبي ص لكي يكون متلائم ومفهوم ومسخر ومذلل للناس .. فلأن سنة النبي ص الصحيحة هي شارحة ومبينه لكليات النص القرآني فهي بصيغة (أنزل) وليست بصيغة (نزّل) كما هو حال القرآن الذي نزل كما هو كنص خام ثابت ومجرد مثال آخر يقول تعالى : ( خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ) إنزال هذه الازواج الثمانية من الانعام هو تسخيرها وتذليلها بين أيدينا لجعلها بمتناول الفائدة , اي هو إنزالها من ساحة عدم التسخير والتذليل الى ساحة التسخير والتذليل ولذلك جائت صيغة (أنزل ) وليس (نزّلنا ) ثانيا ......... (نزّل ) من التنزيل :
هو تنزيل الحيثية من ساحة الى ساحة دون تغيير في ماهية المنزل ... يعني ينزل كما هو مثل نزول النص القرآني العظيم حيث نزل كما هو من اللوح المحفوظ الى الناس كما هو تماما بدون تغيير ..
يتميز القران بصفة التــّزيل في حين انه يشترك مع باقي الكتب بالانزال
وهذه صفة مهمة تميـّز بها القران ، فكلمة (نـّرل ) مشدده فيها (مباشره) وتعني تحول من ساحه الى ساحة دون اي تغير كما هو في ماهيته ، في حين كلمة (أنزل ) من غير تشديد تعني (هيأ) تعني تحول من ساحة الى ساحه بمعنى سخر وهيأ وجعله بمتناول الفائدة والادراك للساحة المنزل اليها ، بما يتلائم للأدراك وللفهم وللتدبر ولنقرأ معا ً الايات العظيمات التاليه :
الحواريون طلبوا مائدة من السماء بصيغة(نزّل) لأنهم قالوا ( هلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا ) يعني مائده تنزل كما هي طعام السماء دون تغيير في ماهية الطعام المنزل .. يعني طعام وفق قانون السماء يعني خارق للناموس يعني طعام ليس كطعام الارض فالذي يأكل من مائدة السماء لا يتعرق ولا يتغوط ولا يتبول ... ولايسببب كل تلك الامور التي يسببها أكل الارض من بول وغائط
ولكن المفاجئة إن عيسى عندما طلب من الله تعالى المائده لم يطلبها على شكل مائدة بحيث يكون فيها خرق للناموس ومعجزة واضحة بلطلب المائدة على شكل طعام عادي كأي طعام من الارض ولذلك جائت طلب عيسى بصيغة ( أنزل علينا مائدة) من (أنزل) الان لننظر لمن استجاب ربنا عزوجل في نزول المائدة؟هل استجاب لطلب الحواريون بكون المائدة خرق للناموس من صيغة (نزّل) ؟ يعني طعام لايسبب التغوط والتبول والتعرق كطعام الأرضأم استجاب لطلب عيسى بنزول المائدة بشكل طبيعي كطعام طبيعي حاله حال أي طعام أرضي يعني من صيغة (أنزل) ؟ الجواب : الله تعالى استجاب لطلب الحواريون وليس لطلب عيسى ع !!!حيث تم تنزيل المائدة من صيغة (نزّل) ولم يتم أنزال المائدة من صيغة (أنزل) بدليل عبارة: (قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداًمِّنَ الْعَالَمِينَ )
ومن الله التوفيق
بارك الله فيك
أحسنت ولقد أجبت وشفيت وكفيت
وفقك الله
وأشكرك جزيل الشكر مع كل التقدير والتحايا
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور اسعد النجار
اجابة السؤال السابع والعشرين
السلام عليكم
يرى البعض أن نزل بالتضعيف تفيد التدرج والتكرار وان الانزال عام وقال آخرون انه هو الأكثر ويرى البعض الآخر أن الكتاب سمي تنزيلا لأنه لم ينزل جملة واحدة بل سورة سورة وآية آية
قال تعالى (( ولو نزل عليه القرآن جملة واحدة )) وقوله سبحانه (( ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية ))
فالتضعيف في نزل أفاد التكرار فقوله تعالى (( نزل عليك الكتاب )) اشارة الى تفصيل المنزل وتنجيمه بحسب الدواعي وانه لم ينزل دفعة واحدة
فالفعل نزل قد يكون للتدرج والتكثير وقد يكون للاهتمام والمبالغة أي يستعمل لأكثر من معنى وهذا وارد في لغتنا بمعنى ان نزل أهم وآكد من أنزل
أما الفعل أنزل فلا يعطي ذلك اعطاء الفعل نزل وان كان محتملا ، فالتوراة نزلت دفعة واحدة فقال تعالى (( والكتاب الذي أنزل من فبل ))
ففي سورة الانعام (( وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه )) فالموقف في سورة الأنعام أشد لعنت الكافرين وعدم ايمانهم بالحياة الآخرة
وفي سورة العنكبوت ((وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه )) والموقف فيها أقل شدة لذلك استعمل التضعيف مع القوة والشدة وفي العنكبوت لم يتقدمها تهديد ووعيد فاستعمل أنزل
وخلاصة القول
1/ان التضعيف في نزل أعطاه دلالة على قوة الحدث
2/ان الفعل أنزل يستعمل مع التوراة والانجيل كونهما نزلا دفعة واحدة وتستعمل الصيغتان نزل وأنزل مع القرآن كونه نزل دغعة واحدة الى السماء الدنيا ونزل على دفعات على صدر نبينا الكريم (ص)
3/ وكما يقول ابن الأثير ان كل تحول في بناء الكلمة يصاحبه تحول في معناها
إجابة موفقة جدا وبها إضافة قيمة للغاية
أحسنتوأشكرك جزيل الشكر
وارجو لك كل التوفيق والسداد
تحياتي
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تواتيت نصرالدين
ينزل في نص الآية 34من سورة لقمان وردت بدلالة الحاضر والمستقبل
فنزول الغيث يكون في أزمنة تتميز بالإستمرار إلى أن يرث الله الأرض ومن
عليها ونزَّلَ مضارعه ينزِّل ، تنزيلاً ، فهو مُنزِّل ، والمفعول مُنزَّل
قال الله تعالى : (أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ) الآية6 الواقعة
وأنزل وردت في الزمن الماضي في نص الآية 6 من سورة الزمر حيث تمت
عملية الإنزال من علو إلى أسفل بعد النشأة والخلق .
أحسنت
إجابة جميلة جدا وفيها إضافة جديدة
أشكرك جزيل الشكر وأرجو لك كل التوفيق
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر علي
الفرق بين لفظين من كتاب الله ذُكرا في مواضع متفرقة ولكن في سياق واحد وقد يظن القارئ أنها بمعنى واحد وهما (أنزل) و (نزًّل).
بداية لا بد أن تعود الألفاظ إلى دلالاتها اللغوية فلفظ (أنزل يعود إلى صيغة أفعل) و(نزًّل تعود إلى صيغة فعًّل) ويُلحظ هنا أن في صيغة أفعل زيادة على صيغة نزّل والزيادة في المبنى زيادة في المعنى كما قرر ذلك علماء اللغة والبلاغة فكلا اللفظين يدل على معنى النزول ولكن لكل دلالته في المعنى وسأذكر في الباية المعنى اللغوي لـ (نزل) وفيها معاني متعددة :
انحطاط من علو. يقال: نزل عن دابته: قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ" سورة لقمان 34
الخلق: قال تعالى: "خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ" سورةالزمر 6
القول: قال تعالى: " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ" سورة الأنعام 93
البسط: قال تعالى: " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ" سورة الشورى 27
وقد وردت كلا الصيغتين في القرآن في مواضع متعددة أذكر بعضها كلا على حدة:
ما ورد في القرآن بصيغة (أنزل):
قال الله : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) البقرة : 185
(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة : 136
وقال سبحانه: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة 44
وقال الله تبارك تعالى: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة 47
وبين في آية أخرى أنه أنزله في ليلة مباركة من ليالي رمضان فقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) الدخان 3، وبين في سورة القدر أنها ليلة القدر فقال عز شانه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) القدر1
وأما ما جاء بصيغة (نزًّل):
قال الله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) آل عمران 3
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء 136
وقال تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) الأعراف 176
وقال تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر 1-6
وقال تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل 44
وقال تعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ً) الإسراء 105- 106
وقال سبحانه: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان 32
وقال سبحانه: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) الزمر23
وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) محمد 2
وقال سبحانه: (قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ) الملك 9
وبعد ذكر جمع من الآيات القرآنية التي وردت فيها صيغتي (أنزل) و (نزَّل) نشرع في ذكر الفرق بينهما في الدلالة والمعنى.
المتأمل في الآيات التي جاءت فيها صيغة (أنزل) يجد أنها جاءت بذكر النزول المطلق للقرآن وبنفس الصيغة جاءت الآيات التي تذكر نزول الكتب السماوية الأخرى كالزبور وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل ومعلوم أن هذه الكتب لما نزلت نزلت كاملة غير منجمة وأن القرآن نزل في ليلة القدر جملة واحدة كما هو واضح في الآيات وكما ورد في السنة الصحيحة، ويكون هنا المعنى فيها أن أنزل تكون لدلالة نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الأولى.
وأما صيغة (نزَّل) جاءت في نزوله بين الناس وكلام المشركين عنه وتكذيبهم له ومعلوم أن القرآن لم يكن بينهم كاملا وإنما كان ينزل منجما حسب الوقائع والأحداث ولعل قوله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) آل عمران 3 من أبرز الأدلة التي تعطي هذا المعنى حيث لما ذكر القرآن قال (نزَّل) ولما ذكر التوراة والإنجيل قال (أنزل) حيث أن القرآن نزل في الدعوة منجما وأما التوراة والإنجيل جملة واحدة وقوله تعالى: (ونزلناه تنزيلا) يؤيد هذا المعنى.
قال الراغب الأصفهاني –-: "وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل، لما روي: (أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجم فنجما) (أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" قال: أنزل القرآن في ليلة القدر، ثم نزل به جبريل على رسول الله نجوما بجواب كلام الناس"
وقال القرطبي –-: "والقرآن نزل نجوما: شيئا بعد شئ، فلذلك قال " نزل " والتنزيل مرة بعد مرة.
والتوراة والانجيل نزلا دفعة واحدة فلذلك قال " أنزل."
ومما يدل على هذا التفريق إنكار المشركين نزل القرآن على النبي مفرقا وطلبوا لماذا لم ينزل جملة واحد كما أنزلت التوراة والإنجيل (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان 32
قال ابن كثير –- في تفسيرها: "يقول تعالى مخبرا عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم وكلامهم فيما لا يعنيهم حيث قالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ).أي هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحى إليه جملة واحدة كما نزلت الكتب قبله جملة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية فأجابهم الله تعالى عن ذلك بأنه إنما نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث وما يحتاج إليه من الأحكام ليثبت قلوب المؤمنين به"
وقال السعدي –-: "هذا من جملة مقترحات الكفار الذي توحيه إليهم أنفسهم فقالوا: لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً أي: كما أنزلت الكتب قبله، وأي محذور من نزوله على هذا الوجه؟ بل نزوله على هذا الوجه أكمل وأحسن، ولهذا قال: كَذَلِكَ أنزلناه متفرقا لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد طمأنينة وثباتا وخصوصا عند ورود أسباب القلق فإن نزول القرآن عند حدوث السبب يكون له موقع عظيم وتثبيت كثير أبلغ مما لو كان نازلا قبل ذلك ثم تذكره عند حلول سببه.
وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا أي: مهلناه ودرجناك فيه تدريجا. وهذا كله يدل على اعتناء الله بكتابه القرآن وبرسوله محمد حيث جعل إنزال كتابه جاريا على أحوال الرسول ومصالحه الدينية."
ومما يدل على هذا المعنى من الروايات ما صح عن ابن عباس ساله عطية بن الأسود : انه وقع في قلبي الشك قوله شهر رمضان الذي انزل فيه القران وقوله انا انزلناه في ليلة القدر وقال إنا أنزلناه في ليلة مباركة وقد انزل لشوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر ربيع ، فقال ابن عباس : إنما نزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل على مواقع النجوم من الشهور والايام"
ومما يؤيد هذا الفهم ما قاله الآلوسي –- : ( وقوله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ )، وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئا فشيئا كما في تسلسل والألفاظ لابد فيها من ذلك فصيغة ( نَزَّلَ ) تدل عليه والإنزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم وبالإنزال الذي قد قوبل به خلافه أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام )
وقَالَ الرَّاغِب : (الفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقا، ومرة بعد أخرى، والإنزال عام)
فالفعل تنزَّل يفيد التدرُّج والتكرار وأيضاً التكثير والمبالغة ومن مقتضيات التكثير والمبالغة في الحدث استقراق وقت أطول وأنه يفيد تلبثاً ومكثاً.
ومما سبق يتبين أن صيغة (أنزل) تعني نزول القرآن جملة واحدة وصيغة (نزَّل) تعني نزوله منجما مفرقا على الوقائع والأحداث أو ما تقتضيه حكمة الله في تنزيل الأحكام.
وقد يعترض معترض على هذا التفريق أن من القراءات ما يخالف ذلك لأن لفظة أنزل قد تكون في قراءة أخرى نزل لنفس الآية والكلمة والجواب على ذلك أن مثل هذا هذا التفريق لا يكون على الإطلاق وإنما لكل قاعدة شواذ وكذلك أن هذه الآيات تكون محتملة للمعنيين فيكون بهذا تفسير بعضها لبعض.
يقول الطبري (ت:310ه) : "يقول تعالى ذكره: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بـالله لَوْلا نُزّلَ عَلَـيْهِ القُرآنُ يقول: هلا نزّل علـى مـحمد القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كما أنزلت التوراة علـى موسى جملة واحدة؟، قال الله: كَذلكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ تنزيـله علـيك الآية بعد الآية، والشيء بعد الشيء، لنثبت به فؤادك نزلناه "
ملتقى أهل التفسير
أحسنت سحر
إجابة موفقة وسديدة
أشكرك جزيل الشكر
وأرجو لك كل التوفيق والسداد
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: مسابقة النبع الرمضانية في الفروق اللغوية بين الدلالات المتشابهة في القرآن الكريم لعام 1436هـ - 2015م
إجابة السؤال السابع والعشرين
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر علي
الفرق بين لفظين من كتاب الله ذُكرا في مواضع متفرقة ولكن في سياق واحد وقد يظن القارئ أنها بمعنى واحد وهما (أنزل) و (نزًّل).
بداية لا بد أن تعود الألفاظ إلى دلالاتها اللغوية فلفظ (أنزل يعود إلى صيغة أفعل) و(نزًّل تعود إلى صيغة فعًّل) ويُلحظ هنا أن في صيغة أفعل زيادة على صيغة نزّل والزيادة في المبنى زيادة في المعنى كما قرر ذلك علماء اللغة والبلاغة فكلا اللفظين يدل على معنى النزول ولكن لكل دلالته في المعنى وسأذكر في الباية المعنى اللغوي لـ (نزل) وفيها معاني متعددة :
انحطاط من علو. يقال: نزل عن دابته: قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ" سورة لقمان 34
الخلق: قال تعالى: "خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ" سورةالزمر 6
القول: قال تعالى: " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ" سورة الأنعام 93
البسط: قال تعالى: " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ" سورة الشورى 27
وقد وردت كلا الصيغتين في القرآن في مواضع متعددة أذكر بعضها كلا على حدة:
ما ورد في القرآن بصيغة (أنزل):
قال الله : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) البقرة : 185
(قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة : 136
وقال سبحانه: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة 44
وقال الله تبارك تعالى: (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة 47
وبين في آية أخرى أنه أنزله في ليلة مباركة من ليالي رمضان فقال: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) الدخان 3، وبين في سورة القدر أنها ليلة القدر فقال عز شانه: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) القدر1
وأما ما جاء بصيغة (نزًّل):
قال الله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) آل عمران 3
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء 136
وقال تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) الأعراف 176
وقال تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ (8) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر 1-6
وقال تعالى: (بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل 44
وقال تعالى: (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلا ً) الإسراء 105- 106
وقال سبحانه: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان 32
وقال سبحانه: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) الزمر23
وقال سبحانه: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) محمد 2
وقال سبحانه: (قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ) الملك 9
وبعد ذكر جمع من الآيات القرآنية التي وردت فيها صيغتي (أنزل) و (نزَّل) نشرع في ذكر الفرق بينهما في الدلالة والمعنى.
المتأمل في الآيات التي جاءت فيها صيغة (أنزل) يجد أنها جاءت بذكر النزول المطلق للقرآن وبنفس الصيغة جاءت الآيات التي تذكر نزول الكتب السماوية الأخرى كالزبور وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل ومعلوم أن هذه الكتب لما نزلت نزلت كاملة غير منجمة وأن القرآن نزل في ليلة القدر جملة واحدة كما هو واضح في الآيات وكما ورد في السنة الصحيحة، ويكون هنا المعنى فيها أن أنزل تكون لدلالة نزول القرآن جملة واحدة إلى السماء الأولى.
وأما صيغة (نزَّل) جاءت في نزوله بين الناس وكلام المشركين عنه وتكذيبهم له ومعلوم أن القرآن لم يكن بينهم كاملا وإنما كان ينزل منجما حسب الوقائع والأحداث ولعل قوله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) آل عمران 3 من أبرز الأدلة التي تعطي هذا المعنى حيث لما ذكر القرآن قال (نزَّل) ولما ذكر التوراة والإنجيل قال (أنزل) حيث أن القرآن نزل في الدعوة منجما وأما التوراة والإنجيل جملة واحدة وقوله تعالى: (ونزلناه تنزيلا) يؤيد هذا المعنى.
قال الراغب الأصفهاني –-: "وإنما خص لفظ الإنزال دون التنزيل، لما روي: (أن القرآن نزل دفعة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم نزل نجم فنجما) (أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" قال: أنزل القرآن في ليلة القدر، ثم نزل به جبريل على رسول الله نجوما بجواب كلام الناس"
وقال القرطبي –-: "والقرآن نزل نجوما: شيئا بعد شئ، فلذلك قال " نزل " والتنزيل مرة بعد مرة.
والتوراة والانجيل نزلا دفعة واحدة فلذلك قال " أنزل."
ومما يدل على هذا التفريق إنكار المشركين نزل القرآن على النبي مفرقا وطلبوا لماذا لم ينزل جملة واحد كما أنزلت التوراة والإنجيل (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا) الفرقان 32
قال ابن كثير –- في تفسيرها: "يقول تعالى مخبرا عن كثرة اعتراض الكفار وتعنتهم وكلامهم فيما لا يعنيهم حيث قالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ).أي هلا أنزل عليه هذا الكتاب الذي أوحى إليه جملة واحدة كما نزلت الكتب قبله جملة واحدة كالتوراة والإنجيل والزبور وغيرها من الكتب الإلهية فأجابهم الله تعالى عن ذلك بأنه إنما نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الوقائع والحوادث وما يحتاج إليه من الأحكام ليثبت قلوب المؤمنين به"
وقال السعدي –-: "هذا من جملة مقترحات الكفار الذي توحيه إليهم أنفسهم فقالوا: لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً أي: كما أنزلت الكتب قبله، وأي محذور من نزوله على هذا الوجه؟ بل نزوله على هذا الوجه أكمل وأحسن، ولهذا قال: كَذَلِكَ أنزلناه متفرقا لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد طمأنينة وثباتا وخصوصا عند ورود أسباب القلق فإن نزول القرآن عند حدوث السبب يكون له موقع عظيم وتثبيت كثير أبلغ مما لو كان نازلا قبل ذلك ثم تذكره عند حلول سببه.
وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا أي: مهلناه ودرجناك فيه تدريجا. وهذا كله يدل على اعتناء الله بكتابه القرآن وبرسوله محمد حيث جعل إنزال كتابه جاريا على أحوال الرسول ومصالحه الدينية."
ومما يدل على هذا المعنى من الروايات ما صح عن ابن عباس ساله عطية بن الأسود : انه وقع في قلبي الشك قوله شهر رمضان الذي انزل فيه القران وقوله انا انزلناه في ليلة القدر وقال إنا أنزلناه في ليلة مباركة وقد انزل لشوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر ربيع ، فقال ابن عباس : إنما نزل في رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل على مواقع النجوم من الشهور والايام"
ومما يؤيد هذا الفهم ما قاله الآلوسي –- : ( وقوله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ )، وذكر بعض المحققين لهذا المقام أن التدريج ليس هو التكثير بل الفعل شيئا فشيئا كما في تسلسل والألفاظ لابد فيها من ذلك فصيغة ( نَزَّلَ ) تدل عليه والإنزال مطلق لكنه إذا قامت القرينة يراد بالتدريج التنجيم وبالإنزال الذي قد قوبل به خلافه أو المطلق بحسب ما يقتضيه المقام )
وقَالَ الرَّاغِب : (الفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقا، ومرة بعد أخرى، والإنزال عام)
فالفعل تنزَّل يفيد التدرُّج والتكرار وأيضاً التكثير والمبالغة ومن مقتضيات التكثير والمبالغة في الحدث استقراق وقت أطول وأنه يفيد تلبثاً ومكثاً.
ومما سبق يتبين أن صيغة (أنزل) تعني نزول القرآن جملة واحدة وصيغة (نزَّل) تعني نزوله منجما مفرقا على الوقائع والأحداث أو ما تقتضيه حكمة الله في تنزيل الأحكام.
وقد يعترض معترض على هذا التفريق أن من القراءات ما يخالف ذلك لأن لفظة أنزل قد تكون في قراءة أخرى نزل لنفس الآية والكلمة والجواب على ذلك أن مثل هذا هذا التفريق لا يكون على الإطلاق وإنما لكل قاعدة شواذ وكذلك أن هذه الآيات تكون محتملة للمعنيين فيكون بهذا تفسير بعضها لبعض.
يقول الطبري (ت:310ه) : "يقول تعالى ذكره: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا بـالله لَوْلا نُزّلَ عَلَـيْهِ القُرآنُ يقول: هلا نزّل علـى مـحمد القرآن جُمْلَةً وَاحِدَةً كما أنزلت التوراة علـى موسى جملة واحدة؟، قال الله: كَذلكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ تنزيـله علـيك الآية بعد الآية، والشيء بعد الشيء، لنثبت به فؤادك نزلناه "
ملتقى أهل التفسير
ويمكن العودة لبقية الإجابات للإطلاع على بعض الإضافات القيمة والهامة
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم