نقد الشعر / يرجى قراءة المقال

شكراً أخي الحبيب رمزت لمواعظك الفنية ، وأرى مادمت من دعاة النصح والإرشاد وداعياً إلى رحابة صدر المنقود ألا تغضب لما سوف أطرحه في الأيام اللاحقة حول هذه العجالة إذ (لا أحد فوق النقد) .
عذراً لمروري السريع ولي عودة .
المحب : د.نبيل قصاب باشي

أخي الفاضل رمزت نضر الله قلمه وأدام وداده ومحبته .. إنه انطلاقاً من شعارك المطروح ( لا أحد فوق النقد ) رغبت بادئ ذي بدء أن لا أسجل لك الشكر على الشطر الأول من المقال ، وأن يكون كلانا تحت النقد ؛ ولا أحسب أنك طائع له فلك أن تسمع رأينا ، ولك أن ترده في إطار من الموضوعية مشفوعة بالحجة الملزمة . أقول :
أولاً ــ هذا ليس مقالاً اكتملت فيه عناصره الفنية المعروفة ؛ إنما هو موعظة لمن يتعظ ، وأستطيع أن أصفه بأنه ملحوظات في عجالة ليس غير .
ثانياً ــ أما فيما جاء في متنه فإني أستطيع القول : إنه لم يعد يصلح في هذه الأيام هذا اللونُ من الطرح في تناول المصطلح النقدي في الكشف عن جماليات النص ؛ لأن مثل هذا الطرح لا ينأى عن الأسلوب المدرسي الذي تناولته المناهج المدرسية في مراحلها الثانوية ؛ فتقسيم النص من خلال التعريف الأدبي المدرسي الذي ذكرته في إطار ( العاطفة ـ الفكرة ـ التعبير) إلخ تقسيم يصلح للمتعلمين على مقاعد الدرس ليس غير . فالمخزون الثقافي ــ النقدي اليوم تراكمت فيه المذاهب الأدبية الحداثية وما بعد الحداثية . بل اكتظت فيه المصطلحات الجمالية في خضم الموجة الحداثية حتى ارتقى إلى مستوى متغوّر في دراسة النص ، والكشف عن كنوزه الجمالية وأغواره الفنية . فالنص اليوم لوحة فنية تتشاكل فيها الرسوم والنقوش ، وتغدو تشكيلاً جمالياً معقداً لا يمكن أن يلج نوافذه ، ويتحرى أسراره الجمالية هذا التأطيرُ الذي يقسم النص إلى : عاطفة وفكرة وتعبير . بل إن طبيعة النص الحداثي اليوم سواء أكان نصاً حراً أم نصاً خليلياً ( إن صح التعبير ) تفرض على الناقد أو المتذوق أن ينبش شيفراته الجمالية ، وترميزاته الدلالية ، من خلال طبيعة المصطلح النقدي الحديث الذي انبثق النص الأدبي من خلال بيئته الجمالية ، وتراكماته الثقافية ـ الفنية .
فمثل هذا الطرح النقدي النمطي المكرور شبيه بالنص الكلاسيكي التقليدي أو الحداثي النمطي المكرور ، فكلاهما تجاوزتْهما الذائقة الفنية منذ عشرة قرون أي منذ دعا الجرجاني (صاحب دلائل الإعجاز) إلى تجاوزهما بعد أن ملتهما الذائقة الفطرية . ولقد أشار ابن جني أيضاً إلى أن مجازية العلائق العتيقة أصبحت تقريرية مباشرة بفعل تكريرها وتداولها بين المبدعين ، معللاً بأن كثرة استخدامها لقرون متتالية يخرجها من تصنيفها المجازي إلى نقيضها ( الحقيقة ) ؛ لهذا لا بد من تجديد العلائق البلاغية العتيقة ، وصهرها في منظومة المصطلح الجمالي الحداثي ، لتتعانق العلائق القديمة مع العلائق المستحدثة من جهة ، ولتتلاقح وتتوالد وتتجدد من جهة ثانية ؛ ومن تلاقح هذه العلائق يُولد النصّ المدهش الذي تصطدمك إشاراته الدلالية وإيحاءاته الخيالية وشيفراته الترميزية المبتكرة ، بحيث تلمح فيها فقط بصمة المبدع نفسه , وترى في مراياها شخص مرسل واحد ، له أشعته الخاصة من الإلماع والإدهاش ؛ وبذلك يصبح لكل نص واحد بصمة واحدة لشاعرواحد تتكرر بصماته الفنية المبتكرة بتكرار نصوصه الإبداعية ؛ أما أن نقيّد جمالية النص بصحة الفكرة أو صدقها أو بصدق العاطفة أو فتورها أو بجمال التعبير الذي نلمسه في اللفظ أو المعنى ؛ فذلك أمر عفا وانتفى بعد التراكم الثقافي لفلسفة الجمال التي وسّعت دائرة الكشف عن مكنونات النص الجمالية وأسراره الفنية ؛ فالفكرة لم يعد توصيلها مقبولاً في إطار من التسطح والجاهزية البلاغية الموروثة ، ولم يعد طرحها مقبولاً في إطار من المباشرة الصريحة التي تقتل في المتلقي لذة التفتيش عنها في إيحاءات الدلالة وإيماءاتها ؛ ولكي نحترم عقل المتلقي وثقافته ينبغي أن نترك له العنان كي يفتش عنها ، من خلال مخزونه الثقافي وذائقته الجمالية الخاصة ؛ فالفكرة غدت صورة صارخة في ظل المعطيات الثقافية النقدية الحديثة . والعاطفة أمست شبكة معقدة من تحليل الأحاسيس وربطها بعلائق الدال مع المدلول ، والتفتيش عن الرباط الناظم لهما . والتعبير لم يعد يسبر خصائص اللفظ والتركيب ؛ بل بات في ظل المعطيات الحداثية بل منذ عشرة قرون منظومة جمالية تتداخل فيها خصائص لغوية معّقدة أيضاً في إطار من المحورين : الأفقي الرأسي أو الاستبدالي التعاقبي اللذين ألمح إليهما الجرجاني في إطار اللغة المصطلحية للقرن الرابع الهجري . ولولوج هذين المحورين وبسط مفهومهما النقدي ـ الجمالي لابد من تفسير مطول لهما ليس مكانه هذه العجالة ؛ وإنما كلمتي ها هنا كلمة مرور خاطفة فحسب.
إنّ مارغبت أن أنوّه إليه هاهنا هو قناعتي بأن أعضاء المنتدى ليسوا تلاميذ مرحلة دراسية تأسيسية ، ولكن نحترم عقولهم يحسن بنا أن نطرح لهم الطرح اللائق بثقافتهم التي تجاوزت مرحلة التأسيس الدرسي إلى مراحل أشدّ تعقيداً ، وأوسع إدراكاً ، وأكثر مثاقفة ؛ فنصوصهم الإبداعية التي اطلعت على بعض منها تنبئ بأنهم قطعوا شوطاً طويلاً في ثقافة جماليات النص ومثاقفاته الحداثية المتنوعة.
ثالثاً ــ إن ما يكتبه بعض الزملاء في أعقاب النصوص من تعليقات حول النص ــ فيما يعرف بالرد السريع ــ إنما هو انطباع مروري عابر ؛ لذلك تجد انطباعاتهم أقرب إلى التقريظ منه إلى البحث والتفتيش عن أسرار النص الجمالي . ولهذا ليس معياراً أن يشارك خمسون مشاركاً أو ألف مشارك في التعليق على هذا النص أو ذاك ؛ لأن الانطباع في جُلّ أحواله باعثه الحب أو الإعجاب أو الصداقة أو الوجاهة أو غير ذلك من ألوان العواطف الذاتية .
د. نبيل قصاب باشي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شكرا ً لك لروعة الموضوع وأسلوب الطرح


فكل عمل أدبي بلا نقد بناء لافائدة منه

محبتي لك ..

النقد مهم جدا لأي عمل أدبي يريد أن يرتقي

أنا معك ..النقد جزء لا يتجزأ من عمل إبداعي كامل

سلمت يداك أستاذ رمزت

شكرا يا استاذي الفاضل

مرحبا، أستاذي الفاضل رمزت
دعني -كرما- أنقل الموضوع و ما دار من نقاش فيه إلى قسم الصالون الأدبي
و لك التحيات و التقدير
و شكرا لك و لكل من أفادنا برأي و نرجو أن يستمر الحوار بشأن ما طرحت من موضوع مهم جدا.

شكراً ياأخي الكبير

الشعر أو أي عمل أدبي لا يرتقي بدون النقد الموضوعي البناء

وليس الانتقاد ..للانتقاص من الكاتب

والنقد لا ينحصر على إظهار السلبيات (القليلة)

والتغاضي عن الإيجابيات (الكثيرة)

فكل إنسان له قدرة التنقيص من أي عمل أدبي

إذا لم تتحكم في نقده الحيادية والمجاملات

شكرا لموضوعك القيم صديقي الرائع

الشاعر رمزت

تحياتي وتقديري

أتمنى ايضا استاذى ان يخرج نقدنا العربى من قوالب تنظيراته وتقعيداته التى اصبحت قيدا على النصوص المبدعة مما يسبب حالة من الاختناق الابداعى لدى مبدعينا وكتابنا وفنانينا الأفاضل ، أحلم بان يصبح النقد اكثر فاعيلة مع المبدع وكذلك مع المتلقى ... احلم بان يصبح نقدنا الحديث جسرا حقيقيا بين المبدع والنص والمتلقى ، وشكرا على طرحك الجميل

أخي الكريم .. تحية وتقدير
لقد قرأت مادتك التي أطلقت عليها (نقد الشعر) , وبالحقيقة هي لا تخلو من وجهة نظر .. إلا أنها ليست مادة نقدية بقدر ماهي تلخيص وإيجاز لتعريف النقد لطلاب مازالوا على قيد التعلم .. ولا يجوز تعميمها على أدباء ومثقفين محسومين في المشهد الأدبي والثقافي .
فلا (الشكل والمعنى) بمناهجها النفسية والأجتماعية والفنية والأنطباعية والأخلاقية .. ولا المذاهب الكلاسيكية والرومانتيكية والواقعية والرمزية , وما يتعلق بها من اتجاهات نقدية تقليدية وتأثرية وتأريخية .. لها الهيمنة المطلقة على التحليل والنقد .. فقد تعدى النقد هذه الثوابت بمراحل , وحتى اللغة , فما هي إلا أداة من أدوات المبدع , وله الحق بالأشتقاق والنحت بما يجده ضرورة من ضرورات انتعاش النص.
وهنا أستعير ما قاله الشاعر سلمان داود محمد : ( الشعر مخالفة مرورية في شارع مَلَكي ).
أما بالنسبة لبيت الأعشى الذي استشهدت به , فقد اعتبره الجرجاني من الجناس الممجوج , وكذلك رأي الأديب , المثقف , المعرفي الحديث.
فالنقد هو نص مجاور .. له أصوله انفلاتاته ومخياله , وعليه ماعلى النص أي هنالك (نقد النقد) .. إذاً ليست هنالك عسكرتاريا ثقافية ..
وما أجده في أغلب التعليقات

ماهو إلا نوع من الردود السريعة المشحونة بالمجاملات في أغلب الأحوال.
وهذا موضوع وددت اختصاره لأن المكان لايستوعب الأطالة.

وأخيراً أقول ( أختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ) .. لك أسمى اعتباري.