في النصف الأخير من القرن الماضي، خرج إلى الوجود تعبير الإرهاب، الذي تضمّن بمفهوم صانعية جميع أعمال المقاومة ضدّ المغتصب أو المحتلّ، أو أيّ عمل وطنيّ مسلّح يقف في مواجهة دولة استعمارية. وقد حمل معنى الإرهاب في جوهره منذ البداية معنى دينيّا إسلاميا، وبالتحديد جهاديّا، لأنّه جاء مشتقّا من القرآن الكريم، في قوله تعالى (الأنفال/60): {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوكم وآخرين من دونهم..}. وما لبث تعبير الإرهاب أن انتشر وتطوّر عمليا، بعد تفجير برجي التجارة في نيويورك في 11 من سبتمبر/أيلول عام 2001، الذي اتّخذته أمريكا ذريعة، كي تبدأ حربها شبه العالمية لتنفيذ مصالحها في أفغانستان والعراق، بحجّة القضاء على الإرهاب مجسّدا بمنظّمة القاعدة، التي أنشأتها السعودية بأمر ودعم أمريكي، لدفع التواجد الشيوعي السوفييتي في أفغانستان، باعتبارها أبعد المنظّمات اليمينية عن اليسار الشيوعي وأكثرها تطرّفا.
ومع تجاوز الدخول في التفاصيل، فلقد حمل الإرهاب في نشأته وما زال حتّى الآن، دلالة جهاديّة دينية إسلامية، موجّة بشكل عام ضدّ أعداء أمريكا والصهيونية؛ أيّ توظيف الجهاد بمعناه الديني الإسلامي، بما يلبّي الحاجة الصهيونية الاستعمارية، وذلك على عكس معناه الإسلامي الصحيح، بكونه فرضا واجبا على كلّ مسلم قادر، للتصدّي لأيّ خطر وهجوم خارجي داهم يستهدف الأمّة الإسلامية. وبذلك استطاعت الصهيونية بلعبة (أكروباتية) أن تقلب مفهوم الجهاد الإسلامي لصالحها، وتفقده بالتالي معناه الديني الصحيح، حين وجّهت حربة الجهاد الإسلامي نحو صدر المسلمين أنفسهم. ودليلنا على قولنا هذا، أنّ التنظيمات الإرهابية الجهادية التكفيرية الكثيرة المنتشرة في العالم، لم تقم يوما بأيّة عمليّة جهاديّة، يمكن أن تهدّد المصالح الصهيونية في العالم، وهي حتّى الآن توظّف الجهاد في العديد من الأزمات، باستثناء توظيفه ضدّ إسرائيل. وحتّى تتكوّن عند العقلاء القناعة الكاملة بما نقول، يكفيهم إلقاء نظرة واحدة إلى ما يجري على الساحة العربية، وتجنيد الإرهابيين الجهاديين ضدّ الجيوش العربية؛ في كلّ من العراق وسورية، وفي ليبيا وتونس واليمن، وفي لبنان ومصر ابتداء من سيناء، وما سوف تسفر عنه اعتصامات الإخوان المتأسلمين في ميدان رابعة العدوية والنهضة في القاهرة، والعديد من الميادين في المدن المصرية الأخرى، والتي يمكن بين لحظة وأخرى أن تتحوّل إلى مواجهات دمويّة مع الجيش والقوّات المسلّحة المصرية.. وأكثر ما يثير السخرية والعجب، أنّ أمريكا والصهيونية كليهما لم تنفقا فلسا واحدا على هذه الأعمال التدميرية الدموية الخطيرة، بل قام بتمويلها نفط الأعراب التكفيريين ضدّ العرب والمسلمين، قلبا لمقولة؛ نفط العرب لمنفعة لعرب، كي تصبح؛ نفط العرب لمضرّة العرب، والتي لا تقلّ سوءا وضررا بالأمّة عن قلبهم لمفهوم الجهاد!
وعلى الرغم من معرفة الأعشى والبصير لوحدة العدوّ وتشتّتنا، فما زال الإرهابيّون يسوقوننا إلى ما لا نرغب، ويدمّرون بلادنا، ويذبحون رجالنا ونساءنا، فنتقاذف التّهم غير آبهين، وندافع منفردين بلا أصل يجمعنا، ولا دين يوحّدنا، ولا تاريخ يوفّق بيننا، بل ينخر نفوسنا سوس التشتّت البغيض، ويملأ واقعنا دخان التشرذم الخانق..
11/8/2013
نبيه محمود السعدي
شكرا لك أستاذ نبيه السّعدي وهكذا فأموال الخليج وتركيا وإيران قد شطرت القلب المصري إلى نصفين
والعراقي إلى مالايحصى وكذلك السّوري والليبي
سلمت استاذنا ، وأرجو الله أن يمن على قلوبنا نحن العرب بمحبة بعضنا الآخر
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
شكرا لك أستاذ نبيه السّعدي وهكذا فأموال الخليج وتركيا وإيران قد شطرت القلب المصري إلى نصفين
والعراقي إلى مالايحصى وكذلك السّوري والليبي
سلمت استاذنا ، وأرجو الله أن يمن على قلوبنا نحن العرب بمحبة بعضنا الآخر
الأخت العزيزة كوكب البدري:
شكرا على مرورك المقدّر
أشاركك أمنيتك.. فهي أبسط وأعظم غاية يمكن أن توقظنا من غفوتنا، وتسعفنا في غفلتنا..
مودّتي وتحيّاتي