نضطر الى المجاملة في العالم الواقعي بحكم المواجهة الشخصية مع بعض الأشخاص كأن أجامل جاري أو أجامل زميلي او زميلتي بالعمل أو أن أجامل حارس البناية ..كلها متطلبات إنسانية بحتة تحتمها علينا الجيرة والزمالة والإنسانية...لكن تبقى المجاملة في إطار نحدده حتى لا تتحول الى نوع من النفاق والرياء.
أما في العالم الافتراضي فالأمر مختلف..الروابط التى تربطنا هي عبارة عن رفقة قلم وفكر..ربما تتطور في بعض الأحيان الى صداقات واقعية إن سمحت الظروف.... لكن البدايات تكون عبر التقارب الفكر من خلال الكلمات وليس عن طريق التعارف الشخصي..
يجب أن تٌبنى العلاقة بين الأفراد في مواقع التواصل الاجتماعي على انها علاقة تواصل ثقافي الهدف منها تطوير مهاراتنا وقدراتنا الأدبية عن طريق الاحتكاك الأدبي البحت ..حتى بين الأصدقاء المقربين يجب ان تبقى هناك مساحة من الصدق والصراحة في نقد المنجز الأدبي نقداً يهدف الى التطوير بالاتجاه الصحيح وليس نقداً مبنياً على سوء نية مبيتة أو تعال ..فلكل منا قيمته الإنسانية وهي أكثر أهمية من القيمة الأدبية ..
لو قمنا بمراقبة النصوص المطروحة في الفضاء الالكتروني وطريقة التفاعل معها سنلاحظ التالي:
- نصوص جادة وتقع في دائرة النصوص الحوارية التواصلية..نجدها شبه مهجورة
- نصوص شعرية ..نجد من يتفاعل معها فقط الشعراء وبعض متذوقي الشعر
- نصوص نثرية ..وهي النصوص الأوفر حظاً لأن روادها كثر ..ربما لسهولة قراءتها وفهم مضامينها..
- نصوص الجملة الواحدة تشبه الرسائل النصية القصيرة يستخدمها البعض في إرسال رسائل خاصة..
- نصوص أنثوية..وتنقسم الى قسمين:
- نصوص انثوية تكتب في الأدب الأنثوي الناعم البعيد عن الابتذال يرتادها أصحاب الذائقة الراقية
- نصوص انثوية مبتذلة تتجاوز حدود الكلمة المحترمة لتتحدث عن تفاصيل شهوانية تثير القرف وتفتح المجال للخيال المريض.. وهذه يرتادها أصحاب الذائقة الشهوانية التى تبحث عن أنثى ولا تبحث عن فكرة بين السطور...
ما لاحظته من خلال تواجدي بالعالم الافتراضي منذ فترة طويلة أن التواصل الأدبي غير حقيقي لأنه مرتبط بعدة عوامل ..فمن يقوم بالرد على موضوع ما يرد لاعتبارات معينة كأن يكون كاتب النص صديق فيجامله..أو تكون كاتبة النص أنثى فتتهافت على نصها عبارات الإطراء حتى لو كتبت بضع جمل غير مفهومة..بالإضافة الى المسميات الفضفاضة كالأديبة/الأديب أو الشاعرة الكبيرة /الشاعر الكبير أو الناقدة الفذة / الناقد الفذ والتى لا تتناسب أبداً مع مستوى أصحابها.
أليس هذا نفاقاً ؟؟؟؟
يا ترى لماذا ينافق الرجل وخاصة اذا كان كاتباً وله إسم معروف في دنيا الأدب كاتبة متواضعة القدرات..أليس من الأولى أن يقدم رأيه في النص مجرداً وتوجيهها لتحسين قدراتها الأدبية ؟
يا ترى لماذا تركض الكاتبات خلف الأسماء الأدبية اللامعة في ماراثونات الكترونية .. يا ترى مالذي ممكن أن يقدمه قلم كبير لمن لا يملك موهبة أدبية؟
متى يفهم المتسلقون في دنيا الأدب أن الكتابة موهبة وليست هبة من أحد..ولا يمكن أن تكون معرفة سيدة بكاتب أو شاعر له إسمه بوابة تدخلها الى دنيا الأدب لو لم تكن تملك موهبة الكتابة وهذا ينطبق أيضاً على أشباه الأدباء من الرجال الذي يرمي شباكه حول الأديبات المعروفات للحصول على تذكرة عبور لعالم الأدب حتى لو لم يكن يعرف الفرق بين حروف الأبجدية..
أما على الفايسبوك فالوضع مزري..تضع أحداهن جملة سخيفة فتنهمر التعليقات الأسخف خاصة من الأصدقاء الذكور وعندما تضع أحداهن موضوع يفتح المجال للتواصل والحوار لا تجد له رواد..وتجد أحدهم يضل جملة مبهمة لا معنى لها فتتزاحم نون النسوة للتعليق ..يا ترى هل السبب عدم التواصل بالطريقة الصحيحة يكمن في ضحالة فكر معظم من يرتادون الفايسبوك وعجزهم عن التعبير؟
حقيقة أشعر بإن المجاملة حد النفاق متفشية أكثر في مجتمعاتنا العربية كانت افتراضية ام واقعية.. لقد عشت فيالمجتمع الغربي ووجدت إنهم أكثر تلقائية وأكثر شفافية منا..يقولون الحقيقة في وجهكمباشرة..ينصحونك بصدق..يلومونك بصدق..ينقدونك بمحبة ويساعدونك حتى تجتاز اخطائك بأمان..
يا ترى لماذا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضي بيئة خصبة ينمو فيها النفاق والمجاملة أكثرمن الواقع رغم أن في الواقع هناك اعتبارات معينة تفرض النفاق الاجتماعي.
في انتظار أرائكم ومداخلاتكم الكريمة..
سلوى حماد