ولدت في 28 حزيران 1889م، في مدينة أسوان بصعيد مصر، وكان أبي يعمل موظفاً بسيطاً في إدارة المحفوظات، ولكنه استطاع مع ذلك أن يدبِّر شؤون أسرته لما عُرف به من التدبير والنظام.
نشأت وعقلي أكبر من سني، فعندما لمست حنان والديّ وعطفهما عليّ قدّرت لهما هذا الشعور وبقيت طوال عمري أكنّ لهما أعمق الحبّ.
وقد بادر أبي - وأنا طفل صغير- فتعهدني حتى تعلمت مبادئ القراءة والكتابة ، ورحت أتصفح ما يقع تحت يدي من الصحف والمجلات وأستفيد منها. ثم لحقت بإحدى المدارس الابتدائية وتعلّمت فيها اللغة العربية والحساب ومشاهد الطبيعة وأجدت الإملاء، وحصلت على شهادتها سنة
1903 .
وحدث أن زار المدرسة الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله تعالى ،وعرض عليه مدرس اللغة العربية الشيخ فخر الدين كراستي، فتصفحها باسماً وناقشني في موضوعاتها ثم التفت إلى المدرِّس وقال: " ما أجدر هـذا الفتى أن يكون كاتباً بعد! ".
وألممت بقدر غير قليل من مبادئ اللغة الإنجليزية حتى نلت الشهادة الابتدائية بتفوق وأتاح لي ذلك قراءة الأدب الإنجليزي مباشرة. وقد قلت حينئذ عن نفسي: " عرفت قبل أن أبلغ العاشرة أني أجيد الكتابة وأرغب فيها، ولم ينقطع عني هذا الشعور بعد ذلك إلى أن عملت بها
واتخذتها عملاً دائماً مدى الحياة ".
وبعد أن أتممت تعليمي الابتدائي عملت في وظيفة كتابية ما لبثت أن تركتها، وتكررت زياراتي للقاهرة وقويت صلتي بالأدب والفن فيها ولم تستطع الوظيفة أن تشغلني عنهما البتة وأصبحت علاقتي بالصحفعلاقة الكتابة من منازلهم. ولكنني أحسست- بعد فترة- أن الوظيفة أضيق من أن
تتسع لطاقاتي فتركتها وتفرغت لعملي في الصحافة، وأقبلت على تثقيف نفسي بنفسي ثقافة واسعة.
وفي سنة 1905 عملت بالقسم المالي بمدينة قنا، وبدأت إنتاجي الشعري مبكراً قبل الحرب العالمية الأولى سنة 1914. وفي سنة 1906 عملت بمصلحة البرق، ثم تركت عملي بها واشتركت سنة 1907 مع المؤرخ محمد فريد وجدي في تحرير " مجلة البيان"، ثم في "
مجلة عكاظ " في الفترة بين سنة 1912 حتى سنة 1914، وفي سنة 1916 اشتركت مع صديقي إبراهيم عبد القادر المازني بالتدريس في المدرسة الإعدادية الثانوية بميدان الظاهر. وظهرت الطبعة الأولى من ديواني سنة 1916، ونشرت أشعاري في شتى الصحف والمجلات.
وتوالى صدور دواوين شعري: وحي الأربعين- هدية الكروان- عابر سبيل، وقد اتخذت فيها من البيئة المصرية ومشاهد الحياة اليومية مصادر إلهام. وخضت أنا والمازني معارك شديدة ضد أنصار القديم في كتابنا " الديوان " هاجمنا فيه شوقي هجوماً شديداً.
وفى إنتاجي النثري كتبت: الفصول- مطالعات في الكتب والحياة- مراجعات في الأدب والفنون.
ثم كتبت سلسلة سير لأعلام الإسلام: عبقرية محمد- عبقرية الصديق- عبقرية عمر- سيرة سعد زغلول، كما اتجهت إلى الفلسفة والدين فكتبت: الله- الفلسفة القرآنية- إبليس.
توفيت في الثاني عشر من آذار سنة 1964م بعد أن تركت تراثاً أدبياً كبيراً.
ومن مؤلفاتي:
ديوان العقاد- العبقريات- الشيوعية والإنسانية- أبو نواس- جحا الضاحك المضحك.
ونشر لي بعد وفاتي: حياة قلم- أنا (ترجمة ذاتية لي)- رجال عرفتهم
إكتفاءك بالتعليم الإبتدائي ، ترك سؤالا غاية في الأهمية : هل الأهم التعليم والوصول لأعلى مراتبه مزينة بالشهادات العليا ؟ أم بإعتقادك أن الثقيف هو الأساس ؟؟
كنت ترى أن من أراد أن يحصر الشعر في تعريف محدود فهو كمن يولد أن يحصر الحياة في تعريف محدود، فالشاعر لا ينبغي أن يتقيد إلا بمطلب واحد يطوي فيه جميع المطالب وهو "التعبير الجميل عن الشعور الصادق"، وكل ما دخل في هذا الباب - باب التعبير الجميل عن الشعور الصادق - فهو شعر وإن كان مديحا أو هجاء أو وصفا للإبل والأطفال، وكل ما خرج عن هذا الباب فليس بشعر وإن كان قصة أو وصف طبيعة أو مخترعا حديثا
وأن إحساس الشاعر بشيء من الأشياء هو الذي يخلق فيه اللذة ويبث فيه الروح ويجعله معنى شعريا تهتز له النفس أو معنى زريا تصرف عنه الأنظار وتعرض عنه الأسماع، وكل شيء فيه شعر إذا كانت فينا حياة أو كان فينا نحوه شعور. وكذلك بأن كل ما نخلع عليه عن إحساسنا ونفيض عليه من خيالنا ونتخلله بوعينا ونبث فيه من هواجسنا وأحلامنا ومخاوفنا هو شعر وموضوع للشعر، لأنه حياة وموضوع للحياة.
اشتهرت يا عقّاد بمعاركك الأدبية والفكرية مع الشاعر أحمد شوقي والدكتور طه حسين والدكتور زكي مبارك والأديب مصطفى صادق الرافعي والدكتور العراقي مصطفى جواد والدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، كما اختلفت مع زميل مدرستك الشعرية الشاعر عبدالرحمن شكري وأصدرت كتاب من تأليفك بعنوان الديوان هاجمت فيه أمير الشعراء أحمد شوقي، وكان الأستاذ سيد قطب يقف في صفك
فما مدى تأثير هذه الخلافات الفكريّة على رواج أدبك وأفكارك ...
وهل ما ذهبت اليه هو من قبيل خالف تعرف أم أنّك أسّست فعلا لمدرسة أدبية من خلال معاركك الفكريّة مع هؤلاء العمالقة