كثيرٌ هم الشعراء الذين ألقى عليهم التغييب رداءهُ، وغربتْ عند آفاقهم شمس الإعلام،
وساهمت كل الأيدي في ان تطمس آثارهم الجميلة، ولوحاتهم التي كانت غاية في الروعة والأناقة،
فبقوا رهين محبس دواوينهم ولم تلتفت لهم الاتحادات الأدبية والمؤسسات الثقافية بإشارة
حتى كأنهم لم ينقشوا في كهف الشعر قصائدهم..
مسلم الجابري
الشاعر العراقي المولود في مدينة النجف والذي على الرغم من قلة إنتاجه إلا أنه ترك بصمة
مهمة على خارطة الشعر العراقي..
أهدي لك أستاذي الكريم(عبد الرسول معلة) قصيدته لعلمي بمعرفتك به وربما جمعتكما الأماسي
الجميلة التي لا تمل وكؤوس الشعر مترعة بما ما هو ممتع وجميل ومفيد فتقبل مني هذا النقل:-
مدَّ السرابُ لقلبي من تبرجهِ= خيطاً فهللَ عريٌّ في مغازلهِ
وقلّبتْ طرفها الأوهامُ آملةً= أن يسعفَ الجدبُ ناءٍ من جداولهِ
صحراء.. أبعدُ مما يدعي أملٌ= ظلٌّ على الرملِ يرخي من جدائلهِ
صبوْتُ للقفرِ لا أنساً بموعدهِ= من صدّقَ الجدب، يروى عن خمائلهِ
فما سرابكَ يغريني على ظمأي= ولا جهامكَ يرويني بوابلهِ
يا قلبُ.. لم تعْدُ سمعي منكَ معْتبةٌ= مرّتْ بكبري فنالتْ من تطاولهِ
أنّى تقلّبتُ مسْتْ أضلعي حرقٌ= كما يحرقُ جمرٌ كفّ حاملهِ
ما دللَ الحبُّ غصناً منكَ مزدهراً= فما تمنيكَ أن يرثى لذابلهِ؟
وهل ضرعْتَ لبحرٍ خضتَ مزبدهُ:= ان يرتمي منكَ شلوٌ في سواحلهِ
لا أكذبنكَ ما عذبْتُ منكَ هوىً= إلا ليقلعَ عزمٌ عن تخاذلهِ
أعيذُ شوطكَ أن يعدو القنوطَ بهِ= والغيبُ يكتمُ سراً في غلائلهِ
فما حببتكَ أن تحيا بلا أملٍ= والحلم بالوعدِ أشهى من تناولهِ
مرّتْ على دربكَ المهجورُ ساحرةٌ= فراحَ يشْرقُ محرابٌ بساحلهِ
ورحتِ سمراءُ تختالينَ في خلدي= فأسكرتْكِ طيوبٌ في محافلهِ
وهجْتِ سربَ منىً.. ما رفَّ جانحهُ= إلا وعيناكِ طيفٌ في أوائلهِ
كم عرّتِ الريحَ لي غُصْناً فانكرهُ= وطافَ دنياكِ بحثاً عن حبائلهِ
سمراءُ يا سحر مافي الروضِ من زهرٍ= أينكر الزهر صوتاً من بلابلهِ
شكى لعينيكِ قلبي مرَّ وحشتهِ= وما يرجّمُ من نجوى عواذلهِ
شكوى الغريق إلى عينينِ ترقبهُ= وروحهُ تتلظّى في أناملهِ
لمستُ جرحيَ مخموراً فنبههُ= دفءٌ وهزَّ الشذا من جفنِ غافلهِ
ومرّغَ الأملُ الهيمانُ وجنتهُ= في راحتيكِ فأغراني بباطلهِ
وأمرعُ العمرَ بالنعمى تدلـلهُ= وتضفرُ الحبَّ أطواقاً لعاطلهِ
زرعتِ دنيايَ- أحلاماً ملوّنةً= كالنور إذ يتدلى في أصائلهِ
على المساء وقد خطتْ مراودهُ= في مقلةِ الأفقِ سحراً من مكاحلهِ
أضأتَ لي الدربَ فاخضرّتْ مفاوزهُ= ورحتُ والعطرُ أطوي من مراحلهِ
وطفتُ أفقكِ مسحوراً يدلّهني= نبعُ الجمالِ تعرّى في مناهلهِ
سمراءُ أظلم من قيدٍ رأيتُ بهِ= زهو الكريم أسبراً في حمائلهِ
أنّ(الرقيبَ) على حبٍّ نمنعهُ= بالروح لم يدرِ ما نعمى(رسائلهِ)
وأنَّ ما بَنَتِ الأحلام من أملٍ= قد لا يمرُّ الكرى في جفنِ آملهِ
قصيدة سراب 1966.. من ديوان (الرمح أنتِ)
آخر تعديل عادل الفتلاوي يوم 01-14-2010 في 10:21 PM.
سعيد أستاذي أن ذكرتك بجيلك الذي لن يتكرر
فكم مرّ بنا شاعر رأينا فيه من الشاعرية ما
نقف منبهرين بإبداعهِ لكن ما وصلنا منه الشيء القليل
دلالة على غبن الإعلام والاتحادات لكثير من عمالقة الشعر