انظروا معي لهذه المعادلة اخوتي :
أدونيس حسن = ابراهيم حسن
معادلة بسيطة بشكلها النظري يختتم بها الشاعر الرائع مشاركاته ليبلغنا ويخبرنا
من هو كاتب النص ،
أنا عن نفسي لاأحتاج لهذا التعريف فقد أصبحت لنصوص أدونيس هويَّة ً أعيها
وأستطيع تشخيصها بحكم الخبرة والتجربة .
اسم ليس من السهل ِ على المرء أن يقرأه ولا يتوقّف عند كل ّ تعبير ٍ بل
كل ِّ كلمة ٍ ، فقد اعتدنا على أن ينقلنا من خلال ِ نصوصه ِ إلى حالة ٍ نغادر ُ
فيها جغرافيا تواجدنا الآنية َ والتي نتمركز أثناءها خلف حاسوبنا .
فهو الشاعر ُ الإنسان الذي أخرج الحب ُّ له يوما ً ما العسل َ من القصبة .
هل تتذكرون هذا ؟
هنا أدونيس في وضع ٍ مختلف ٍ
فقد استحال َ لديه العسل ُ إلى شراب ٍ سائغ ٍ يثمل ُ الروح َ ويجعلها تنتشي
وتطرب لتراقص َ أذهاننا ومخيلتنا بقصيدة ٍ لخمرة الروح ، خمرة الحب التي لم
تحرمها فضائل السماء على الأرواح النقيَّة البهيَّة كــ هو وأنتم ياقناديل الفكر
والأدب ، فهل تقبلون مرافقتي بنزهة جميلة ٍ بين ثنايا حروفه الرائعة ؟
يبدأ شاعرنا وبشكل ٍ مباشر ٍ ودون مقدمات ٍ بخطاب ٍ سلس ٍ جميل ٍ يرسم ُ
حالات ٍ متعدِّدة ٍ لتأثيرها المباشر ،
آه من هي هذه ؟
لاأعرف ولا يهمني أن أعرف .
فقط هي أنثى شريكة ُ الروح والنبض والتشكيل والتكوين النفسي له .
هي انثى حلَّت على قلبه ِ في خريف العمر ومع نسمات ِ بداية تشرين على
تلال الضيعة الجبلية يستشعر ُ الدفء َ من روحها وحضورها فتعيده إلى طفولة ٍ
كانت لحظتها قد تقمصت روح الأم بحنانها تدفع عنه شر َّ البرد بردائها
وحضنها الرداء الرمزي والحضن الرمزي للاحتضان الروحي والنفسي .
هذه مرة أخرى تأخذ مكانة ً ومكانا ً آخرين تماما ً .
صورة ٌ بليغة ٌ تليها أخرى :
حبّات مطر ٍ تتساقط ُ وتبلِّل ُ الحقل َ وتتسلَّل ُ لتجاويف القلب ِ ، قلبه حديقة ورود
ٍ يرتوي ويستكين ويستسلم لمتعة ِ الارتواء بعد الظمأ .
هل كان هذا حلما ً ؟
ينقلنا أدونيس فجأة ً إلى حالة ٍ من الوحدة ِ مع ذاته حيث تصطلي جداول
مياهه بنار ٍ تجفِّف حتى ينابيعها ، فقط يبقى نهر ُ أشواقه ِ يجري كما ألسنة
اللهب لتأتي على حديقته الجميلة وتؤجِّج ُ مشاعر َ الحنين والحرمان .
وهنا أراها حالة ٌ وجدانيّة ٌ تقترب ُ من صوفيَّة العشق والتوحُّد بالمعشوق ِ
حتى ولو طغى عليها هذا التجهُّم لأنها أيضا ً حالة ٌ غير مستقرَّة وقد تكوِّن ُ
بين الحلم والحقيقة ِ هذه المساحة المغروسة ُ بالتناقض ِ غير المألوف ربَّما .
وقد تلد ُ بين ليلة ٍ وضحاها انفراجا ً شديدا ً يقلب المعادلة تماما ً ،
هي نعوتات الروح المتوهّجة ِ بنار الحب ِّ التوّاقة ِ لأن تحياه ُ دوما ً تاجا ً
لأحداث ٍ عابقة ٍ بالمتغيرات ِ بين الوصل ِ والفصل ِ ..بين اللقاء ِ والوداع ِ ،
في وطن الروح ِ وغربتها عن جغرافيا تواجد الجسد .
...
صورة ٌ أخرى تثبت هويَّة النص وبجدارة
أدونيس حسن لايستطيع أن يبتعد عن الطبيعة الأم .
غاباتها وأشجارها في كناياته واستعاراته البلاغية ِ اللفظية ِ ليرسم لنا مكنونات
أخرى للوحة ٍ يريدها أن تزاوج َ التعابير لمضمون الفكرة في حديثه لها .
غابة ٌ من الأشجار قضى نصف عمره بينها وكلماته أغصان ٌ تلوح ُ في نظراته
رسالة ً بل رسالات ِ وجد ٍ يخاف من أن تفضحها عيناها فترى حديثه ينصاع ُ
لأسلوب تورية ٍ لما يريد أن يقول ....
حالة ٌ من العودة لبراءة ِ الألوان وهي ترسم لوحته الأخيرة فتتراقص الروح
في جنان تواجدها نصب عينيه ِ وهو ينقل الطرف وجنة ٍ لأخرى ،
يرى وجنتيها حديقة ً تتراكض نظرته وتمارس طفولتها عليها باسمة ً ضاحكة ً
الله الله على هذه الصورة الرائعة .
فجأة يخاف العاشق من أية إشارة لاعتراض ٍ ,او تمنع ٍ ، أو حتى من أن
تمد يدها مصافحة ً فيقف مشدود القامة قويا ً بما جنته روحه من هذا الحب ِّ
الصارخ ِ ويبقى لنا شيئا ً من ضبابية ٍ في تكراره أن أقف ثلاث مرات
..
يقفل القصيدة بتساؤل ٍ جميل ٍ :
هل هذا هو الحب ُّ بخمرته الحلال
هل هي ثمالة ٌ ونشوة ٌ بكأس ِ الروح ِ الخريفية ِ تعيد ُ له اخضرار َ ربيعه؟
..
ويبقى أدونيس حسن هو هو
ويبقى لحروفه سطوعا ً ونورا ً لايقوى نور الشمس على إخفائه
قرأتك مرارا ً ياصديقي
وكتبت مداخلتي ليس لأفي النص َّ حقه لأنني لاأستطيع
فقط لأقول َ لك :
كن أدونيس حسن = ابراهيم حسن
وبخير وسلام
مودَّتي
أيمن
القصيدة
مرة.. ترسلين
شمس الخريف
بلطف
تلملم
رداء.. البرد
أجلس.. بحضن
أم
*
وأخرى .. تهطلين
مطرا
يلامس شعر ي
يداعب وجهي
يجري رقراقا
بالقلب
أنام.. بورد
الحلم
*
على ضفاف الوحدة
يستعر الجمر
يشرب
مياه
ينابيعي
يبقى نهر الشوق
نارا
تلتهم
الصدر
*
في غابة
الحديث
تهتز أغصاني
يختبئ الغصن
خلف الغصن
مخافة أن
تقرأ
عيناكِ شعاعها
في القلب
*
أركض
ألعب
أضحك
أبتسم
على سهول
الوجه
أخاف من يديك
أن تمتد لأقف
أو
أن أقف
أ و
أن أقف
*
ترى ..هل
هذا هو
الروض
تفتحت أزاهيره
تعرش ياسمينه
جرت أنهاره
اعتصر كرمه
خمرة أسمها
الحب