هنا ندرس بحور الشعر العربي بطريقة جديدة تختلف عما تعرضه كتب العروض فهنا سنقوم بدراسة كل بحر لوحده وهذه الطريقة تنفع من له إلمام بسيط بعلم العروض وأول هذه البحور هو
البحر الطويل
يتكون هذا البحر من تفعيلات ثمانية هي
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن = فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن
قال أبو فراس الحمداني
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ ، أمَا لِلْهَوَى نَهْيٌ عَلَيْكَ وَلا أمْرُ؟
أرَاكَ / عَصِيْ يَ دْ دمْــ/ ــعِ ِشِيمَ /تُكَ صـْ صَبروْ = أمَا لِلْـ/ هَوَى نَهْينْ/ عَلَيْكَ / وَلا أمْروْ
فعولُ / مفاعيلن / فعولُ / مفاعيلن = فعولن / مفاعيلن /فعولن / مفاعيلن
ولو أمعنا النظر في التفعيلات التي تقابل البيت لوجدنا أن تغييرا حدث في تفعيلة ( فعولن ) وهو حذف الحرف الخامس الساكن لأنها أصيبت بزحاف الْقَبْض ( حذف الخامس الساكن ) وتصبح ( فَعُوْلُنْ )
فَعُوْلُ ) وهذا جائز في البحر الطويل
أعاريض البحر الطَّوِيْل وأضربه مع التمثيل :
العروض هي :ـ التفعيلة الأخيرة في الشطر الأول
الضرب هو :ـ التفعيلة الأخيرة في الشطر الثاني
للبحر الطَّوِيْل عروض واحدة فقط وثلاثة أضرب :
عَرُوْضه تامة مَقْبُوضَة [ قبضها واجب ، وهو زحاف جارٍ مجرى العلة ] ولها ثلاثة أضرب :
أ-صحيح ، كقول أبي فراس الحمداني
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي = إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَةُ والفِكْرُ
تَكادُ / تُضِيْءُ نْ نا /رُ بينَ / جَوَانِحِي = إذا هِــ / يَ أذْكَتْهَصْـ / ـصَبَابَـ/ـةُ ولـْ فِكْرو
فعولُ / مفاعيلن / فعولُ/ مفاعلن = فعولُ / مفاعيلن /فعولُ / مفاعيلن
نلاحظ أن زحاف
القبض (حذف الخامس الساكن ) قد أصاب كل ( فعولن ) وأصاب العروض ولكنه في العروض لازم يجب أن يكون في جميع الأبيات
ب :ـ الضرب مقبوض مثل العروض كقول المتنبي
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
عَلى قَدْ / رِ أهْلِ لـْعَزْ / م تأتلـْ / عَزائِمو = وَتأتي / علَى قَدْرِ لـْ / ـكِرامِلـْ/ مَكارمو
فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلن = فعولن / مفاعيلن / فعولن / مفاعلن
نجد أن جميع التفعيلات لم تصب بالزحاف إلا العروض والضرب فهو زحاف لازم لجميع الأبيات
ج :ـ الضرب محذوف والحذف هو علة لازمة تصيب التفعيلة ( ذهاب السبب الخفيف من آخر التفعيلة ) فتصبح ( مفاعيلن ) ( مفاعي ) وتنقل إلى (فعولن) كقول أبي فراس الحمداني
فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاةُ مَرِيرَةٌ، = وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ
فَلَيْتَ / كَ تَحْلُو وَلـْ /حَيَاةُ /مَرِيرَتن = وَلَيْتَ /كَ تَرْضَى وَلـْ/أَنَامُ / غِضَابو
فعولُ / مفاعيلن / فعولُ/ مفاعلن = فعولُ / مفاعيلن /فعولُ / فعولن
نلاحظ أن زحاف القبض (حذف الخامس الساكن ) قد أصاب كل ( فعولن )
ويستحسن قبض [ فَعُوْلُنْ ] الواقعة قبل هذا الضرب ومن خلال قراءتي للقصائد التي جاءت على هذا النوع أن قبض( فعولن ) قد يكون واجبا ولم أجدها سالمة إلا في أبيات معدودة ولكن بعض الشعراء المحدثين أتوا بها سالمة كثيرا ومن خلال هذا العرض الموجز للبحر الطويل نرى أن زحاف القبض لــ( فعولن ) يرد كثيرا في قصائد الطويل ولكنه
قبيح جدا حين يقع على (
مفاعيلن ) في الحشو وعلى الشاعر أن يتجنبه إذا استطاع ذلك .
وقد تصاب ( مفاعيلن ) في الحشو بزحاف
الْكَفّ ( حذف السابع الساكن ) فتصبح به ( مَفَاْعِيْلُنْ ) : ( مَفَاْعِيْلُ ) وهو زحاف
قبيح على الشعراء أن يتجنبوه .
هناك زحاف سماه العروضيون
الخرم : حذف أول الوتد المجموع في أول شطر من البيت فتصبح فعولن في أول البيت (
عولن ) ولم يحفظ لنا التراث إلا أبيات لا تتجاوز عدد الأصابع من العصر الجاهلي كقول امرئ القيس والمرقِّش الأكبر
دَعْ عَنكَ نَهباً صِيحَ في حَجَرَاتِهِ وَلَكِنْ حديثاً ما حديثُ الرّوَاحِلِ
هَلْ يَرْجِعَنْ لِيْ لِمَّتِيْ إِنْ خَضَبْتُهَا إِلَى عَهْدِهَا قَبْلَ الْمَشِيْبِ خِضَابُها
والذي أظنه أنه سهو جاء من الرواة لأن كلا البيتين يردان في مقطوعتين تدلان على اقتطاعهما من قصيدتين وأن بيت امرئ القيس في الحالة التي وصل إلينا بها من الكامل في الشطر الأول ومن الطويل في الشطر الثاني لذا أظن أن البيتين قد سقط منهما حرف الفاء أو الواو .