عـادَتْ وكـلُّ قلـوبِ النبـعِ تَنْتَظِـرُ
وكـانَ دَهْـراً عَليْـنـا ذلِــكَ السّـفَـر
عادَتْ إلينا وعِطْرُ الحَرْفِ يَسْبقُها
كأنَّها الشّمْسُ فاصْدَحْ أيُّهـا الوَتَـر
فلِلحُـروفِ حَنـيـنٌ فــي أضالُعِـهـا
كيْ تجعَلَ النّبْعَ فواحاً بـه المَطَـر
يـا بنـتَ دِجْلـةَ إنَّ النبْـعَ مَزرعـةٌ
مِنّا ومِنْكِ سيُجْنى الطِّيـبُ والثَمَـر
فـلا تغيبـي فـإنَّ النـبْـعَ رَوْضتُـنـا
قلوبُـنـا بـوِشـاحِ الـصِـدْقِ تَـأْتَــزِر
كمْ مُنْتدى برَكيكِ الحَرْفِ مُنْشغِـلٌ
وفـي يَنابيعِنـا يَسْمـو بـنـا السَّـمَـر
وأنــتِ للنَـبْـعِ كَــمْ أثْرَيْـتِـهِ عَبَـقـاً
حـتـى كـأنَّـك فـــي آفـاقِــهِ قَـمَــرُ
لَمَمْتِ شَمْلَكِ فـي بَيْـتٍ تُحيـطُ بـهِ
وشـائِـجُ الـحـبِّ والآدابُ والفِـكَـر
كـأنَّ مَـكّـةَ قــد نـادَتْـكِ صـارِخـةً
إنّـي بمَـنْ قلبُهـا صـافٍ سَأَفْتَـخِـر
فكانَ قلبُـكِ صَـوْبَ النـورِ يَرْمقُـهُ
حتى حَجَجْتِ فهامَ السَّمْعُ والبَصَر
حَزينةٌ قـد قضَيْـتِ العُمْـرَ مُؤْمِنـةً
أنَّ العَـذابَ امْتحـانٌ ساقَـهُ الـقَـدَر
أظــنُّ مَـكّـةَ قــد أَهْـدَتْـكِ طَمْـأَنَـةً
فعُدْتِ لا ضَجَـرٌ يُـؤْذي ولا كَـدَر
فذي حُروفيَ قد جاءَتـكِ شاخِصَـةً
لـعـلَّـهـا بـقَـبــولٍ مــنــكِ تُـبْـتَــدَرُ
وذا فــؤاديَ قـــد أهـــداكِ قـافـيـةً
على البسيـطِ مداهـا وهْـيَ تَعْتـذِر
وليْتَـنـي صُغْـتُـهـا عِـقْــداً أُعـلّـقُـهُ
عـلــى جِـــدارٍ لـنـبـعٍ كُـلُّــهُ دُرَر