وفدَ الحجّاجُ على الوليدِ بنِ عبدِ الملكِ في خِلافتِهِ فوجَدَهُ في بعضِ نزهِهِ فاستقبلَـهُ، فلمَا رآهُ ترجّلَ لـهُ وقبّلَ يدَهُ وجعلَ يمشي وعليهِ درعٌ وكنانةٌ وقوسٌ عربيّةٌ، فقالَ لـه الوليدُ: اركبْ أبا محمدٍ، فقالَ: يا أميرَ المؤمنينَ دعْني أستكثرُ من الجهادِ في خدمتِكِ فإن ابنَ الزبير ِوابنَ الأشعثِ شغلاني عنهُ، فعزمَ عليهِ الوليدُ حتى ركبَ. ودخلَ الوليدُ دارَهُ فتغلـّلَ في غـُلالةٍ ثمَّ أذِنَ للحَجّاجِ فدخلَ في حالِهِ تلكَ وأطالَ الجُلوسَ عندَهُ إذ جاءَتْ جاريةٌ فسارَرَتْهُ وانصرفتْ، فقالَ الوليدُ للحجّاج: أتدري ما هذا أبا محمدٍ؟ قالَ: لا واللـهِ، قال: بعثتْ ابنةُ عمّي أمُّ البنينَ بنتُ عبدِ العزيز تقولُ: ما مجالستـُكَ هذا الأعرابيَّ المستلئمَ في السلاح ِوأنت في غـُلالةٍ، فأرسلَ إليها إنه الحجاجُ، فراعَها ذلك وقالتْ: واللـهِ ما أحبُّ أنْ يخلوَ بكَ وقد قتلَ الخلقَ، فقالَ الحجاجُ: يا أميرَ المؤمنينَ دَعْ عنكَ مُفاكهة َالنساءِ بزخرُفِ القولِ، فإنّما المرأةُ ريحانةٌ وليسَتْ بقهْرمانةٍ، فلا تطلعْهنَّ على سِرِّكَ ولا مُكايدةِ عدَوّكَ ولا تـُطمعْهنَّ في غير ِأنفسِهُنَّ ولا تشغلـْهنَّ بأكثرَ من زينتِهنَّ وإيّاكَ ومُشاورتـَهنَّ، وأكثرَ من ذلكَ. ثم نهضَ الحجاجً فخرجَ ودخلَ الوليدُ على أمَّ البنينَ فأخبرَها بمقالةِ الحجاجِ فقالتْ: أحبُّ أنْ تأمرَهُ غداً بالتسليم ِعليَّ، قالَ الوليدُ أفعلُ. فلما غدا الحجاجُ على الوليدِ قالَ لـهُ: يا أبا محمدٍ صِرْ إلى أمِّ البنينَ فسلمْ عليها، فقالَ: اعْفني من ذلكَ يا أميرَ المؤمنينَ، قالَ: لابُدَّ منهُ؛ فمضى الحجاجُ إليها فحجَبَتْهُ طويلاً ثم أذِنَتْ لـه وتركتْهُ قائماً ولمْ تأذنْ لـهُ في الجلوسِ ثم قالتْ: إيهِ يا حجاجُ، أنتَ الممْتنُّ على أمير ِالمؤمنينَ بقتل ِابنِ الزبير وابن ِالأشعثِ؟ أما واللـهِ لولا أنَّ اللـهَ علِمَ أنَّكَ أهونُ خليقتِهِ ما ابتلاكَ برمْي الكعبةِ وقتلِ ابنِ ذاتِ النِطاقين؛ فأما ابنُ الأشعثِ فقدْ واللـهِ والى عليكَ الـهزائمَ حتى لـُذتَ بأمير ِالمؤمنينَ عبدِ الملكِ فأغاثـَكَ بأهلِ الشامِ وأنت في أضيقَ من القـَرْنِ فأظلـّتْكَ رماحُهم ولطالما نفضَ نساءُ أمير ِالمؤمنينَ المِسْكَ عن غدائِرهِنَّ وبـِعْنَهُ في الأسواق حتى أخرِجَ في أرزاقِ البُعوثِ إليكَ، ولولا ذلك لكنتَ أذلَّ من البُقْعة، وأمّا ما أشرْتَ به على أمير ِالمؤمنينَ من تـَرْكِ لـَذ ّاتِهِ والامْتناع ِعن بلوغ ِأوْطارِهِ من نِسائِهِ فإنَّهُ غيرُ قابلٍ منك ولا مُصْغ ٍإلى نصيحتِكَ، فإنَّ كُنَّ يفرجْنَ عن مثلِكَ فما أوْلاهُ بالقبول ِمنكَ؛ ثم قالتْ لجواريها: أخرجوهُ عني، فدخلَ على الوليدِ من فورهِ فقالَ: يا أبا محمدٍ، ما كنتَ فيه؟ قالَ: واللـهِ يا أميرَ المؤمنينَ ما سكتَتْ حتى كانَ بطنُ الأرض ِأحبَّ إليَّ من ظهرها، فضحكَ الوليدُ حتى فحصَ برجليهِ ثم قالَ: يا أبا محمدٍ إنَّها ابنة ُعبدِ العزيز.
سيبقى التراث العربي
من المناجم الكبيرة التي لا تنتهي من القصص والعبر
ومادة ثقافية ضخمة نتفيأ ظلالها كلما عشت نفوسنا
إلى المنادمة فإن(خير جليس في الزمان...)
شكراً لهذا القسم الرائع
مودتي أستاذي
جميل جدا ما جدت علينا به من التراث الإسلامي
فعلا في حياة أسلافنا الكثير من العضات والعبر
ومازالت المرأة العربية ذات فطنة وحنكة
وهي لا تحب من يستخف بها
سلمت أناملك أستاذ عبد الرسول معله
سيبقى التراث العربي
من المناجم الكبيرة التي لا تنتهي من القصص والعبر
ومادة ثقافية ضخمة نتفيأ ظلالها كلما عشت نفوسنا
إلى المنادمة فإن(خير جليس في الزمان...)
شكراً لهذا القسم الرائع
مودتي أستاذي
في تراثنا مناجم ذهب كبيرة ولكننا تعودنا على إخراج التراب فقط
جميل جدا ما جدت علينا به من التراث الإسلامي
فعلا في حياة أسلافنا الكثير من العظات والعبر
ومازالت المرأة العربية ذات فطنة وحنكة
وهي لا تحب من يستخف بها
سلمت أناملك أستاذ عبد الرسول معله
المرأة في تاريخنا القديم لها بصمات كبيرة رغم الظلم الذي أحاط بها
ليس بينها وبين الرجل تفاوت من الناحية العقلية ولكن الأمية فرضت عليها