قذائف اللهاث
تلك الليلة
لم تحدق في السقف، ولا طارت وراء قمر خلف غيوم بعيدة، لم يجهد ضوء نوّاسة غرفة النوم عينيها، ولم تتحول الستارة الوردية إلى بحيرة دم قاتم..لم يستفزها جسده المرتاح في نوم عميق، وتنفسه الرتيب، وشاربه المنتصر فوق شفته المتورمة بالنهم بعد أن أفرغ شبقه وترك معها نثار فضلات فيضه..
لم يسكنها القيئ كما في كل مرة يسلب لحمها، ولم تعذبها لزوجة رائحة النوم معه على فراش واحد..
تلك الليلة أخذت قرارها ونامت حتى الشبع..
حلمت وارتسمت على وجهها ابتسامة صافية، كانت مشغولة بفكرة مجنونة هي البحث عن فساتين العريّ..في الحلم عثرت على ما تريد، وصممت أكثر من موديل للعرى، وتوصلت إلى نظرية جديدة في التلفع بالأردية التي تظهر أدق تفاصيل الجسد..
أطلقت على إنجازها "أردية السرائر البلورية" عرضت ما صممت في كبريات دور الأزياء، وحازت على الجوائز والأوسمة وشهادات التقدير..وكان معظم المحتفين بها من الرجال وجيش من نساء خرجن للتو من قصور الأحلام..
في إحدى صالات العرض اعترضها عجوز يتصابى..
- هل تدثريني بعباءة عريّ شتوية؟
أدركت أن الرجل قطع رحلة عمره ولم يدرك أن العرى لا يأبه بالفصول، ولم يدرك أن العري" هو أن نخلع ما لا نحب ونلقي به في بئر العدم"
قبل شروق الشمس، نهضت عفيّة، نظرت إليه بجياد، كان يلحس شاربه الذي انهدل، خيل لها أن فمه أصبح كهفاً تسكنه سحلية ترقد على بيضها بانتظار الفقس وخروج السحالي الصغيرة التي ترضع من لعابه ورغوة ريقه ثم تختفي في دهاليز لسانه..دققت النظر في وجهه..رأته هادئاً مع ابتسامة نائمة..ضحكت هازئة..وتعرت أمام المرآة، دلقت صدرها على السطح الفضي ,ثم لفت ذراعيها حول ثدييها فانتصبت الحلمتان منتصرتان بفرح دافئ وأغمضت على لذة عميقة..سحبت شفتيها مثل خرطوم نحلة ونهلت قبله طويلة من كل حلمه, وغرقت في الرقص مع دندنة أغنية ماجنة..وبخفة غزال آمن أخذت الصابونة والليفة والمنشفة ودخلت الحمام..
في الحمام:
غطست في الرغوة..دعكت جسدها بنهم، ورأت كيف تنحل طبقات نفاق تراكمت على جسدها منذ زمن طويل، وكيف أصبح الماء مثل حساء باءت بارد، طفت عليه فقاعات أخذت تتلاشى بانفجارات مخصية..
جددت ماء المغطس عدة مرات، وكل مرة يذهب بعض حساء الرغوة، ويسير الماء إلى حال الصفاء..فيما هي مأخوذة لدرجة النشوة، وهي ترى أعضاءه تختفي مع ماء الصرف إلى قاع المدينة، وتلوح لنتفه الذاهبة إلى العدم، ودعت آخر الأعضاء، ربما كان شيئاً من الأصابع أو الشفاه، أو شيئاً آخر لم تنشغل به، كل ما كان يهمها أن يستقر ماء المغطس إلى الصفاء، لكن بقايا أرق ظل على لحمها..دبق لزج عالق ما بين فخذها ينفث زنخاً قديماً..غادرت المغطس تحدث نفسها "ربما دبق جور قديم.."
وقفت تحت الدش تفضفض جسدها، استسلمت لرشيش دافئ، انزلقت بقاياه عن سطوح جسدها تحمل آخر الآثار إلى فم البالوعة، بعض شعيرات شاربة تلكأت على الأرض، أزاحتها بإبهام قدمها، دارت الشعيرات مع لولب الماء وسقطت في جوف العتمة..تفتحت مساماتها، وصارت امرأة مشرعة النوافذ لرياح الراحة وتأكدت انه غادر إلى غير رجعة..
خرجت من الحمام عارية مثل فراشة الندى
في الصالة
كان يبحث في شاشة التلفاز عن مطربته الشابة..جأر مثل ذئب جائع،عيناه كرتان من لهب، وفمه يحمل شارباً منتصراً.. تخلص من منامته وطار بها إلى السرير..
في الفراش أصبح رجلاً من لهاث..يتشممها..يلحسها، يمرر لسانه على كل جلدها، يعبر زواياها، ويدندن بأغنية مطربته المفضلة..نفر دبق لزج على فخذيها، ورأت صغار السحالي تغادر لسانه، تغرس أسنانها في أديم لحمها، تحفر أنفاقاً ومسارب, أغمضت على ذهول، وغطست في سحابة سوداء.. كانت السحلية تتحول إلى كائن أسطوري، صوته مثل رعد يسألها عن آخر فساتين العري..
وكان بواب العمارة يرتدي وجه العجوز المتصابي..يسب ويلعن، ويسأل عن الشقة التي طفحت مياه مجاريها وأغرقت سلالم العمارة برائحة زنخة.. فيما كان رجلها ينفث فيها ما استطاع من اللهاث.