((اختراق))
(إلى الأنثى الفكرة ... بمناسبة الاختراق)
بهدوء حالم تتبع صوت المطرب الذي كان يردد أغنيته الأثيرة على غير عادته (حاول تخترقني)* , ربما لان أنثى الليلة الفائتة كانت متحصنة في برج من العاج , عصية على الاختراق لدرجة إن دموعها وجمالها الكوني كان دافع لانثيال كل جراحات الفكر التي رددت كما المطرب الكبير (حاول تخترقني) , تحت ضغط هذا الطقس الاستفزازي , لم يعد يحاول بل كان مصرا على ذلك الاختراق الكبير , نفض غبار السنين عن قلم الأزمات , القلم الذي نادرا ما كان يستخدمه إلا في محن الكتابة ومخاضاتها العنيدة , أو كلما واجهته قصيدة سلاح تمنعها الدلال والغنج الغجري اللذيذ , مواء عصي على التعري ونص لا يقبل الاختراق . بعد سهر طويل كان معه الكثير من كؤوس الخمر , صاغ وجمل وشحذ رمح القصيدة الطويل , كان ذلك الرمح خارقا لدرجة إن قلاعها تهاوت من الطعنة الأولى أو الاختراق الأول , اخترق الأنثى وولج في دهليز العتمات اللذيذ , كان هنالك ظلام تبرق فيه ملايين الدموع , آهات وصراخ موغل باليأس وحتى خفافيش أليفة , دقق في عمق العتمة الأم , فرأى بصيص ضوء يحاول أن يحتضن فضاءات نرجسة تحتضر . عز عليه أن يرى النرجسة تموت , لذلك ركن رمح القصيدة الشامخ والكبير جانبا , ليمارس مع الآخرين لعبة الشعر الخطيرة , ومضى هو بصدره العاري ومن دون أي سلاح , ليعمل ويسهر ويناضل على أن لا تموت تلك النرجسة النبيلة .
***
(*) اعتذار لروح المطرب والعندليب الكبير عبد الحليم حافظ وأغنية (حاول تفتكرني)