ولهذا قال تعالى : " وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ" أي لنسكننهم منازل عالية في الجنة تجري من تحتها الأنهار على اختلاف أصنافها من ماء وخمر وعسل ولبن يصرفونها ويجرونها حيث شاءوا " خَالِدِينَ فِيهَا " أي ماكثين فيها أبدا لا يبغون عنها حولا " نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ" نعمت هذه الغرف أجرا على أعمال المؤمنين .
هذا ذكر مآل الأبرار من السعداء في الدار الآخرة الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين وعملوا الأعمال الصالحة التابعة لشريعة الله "لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ" أي يتنعمون فيها بأنواع الملاذ والمسار من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمراكب والنساء والنضرة والسماع الذي لم يخطر ببال أحد .
وقد ذكر عطاء بن يسار والسدي وغيرهما أنها نزلت في علي بن أبي طالب وعقبة بن أبي معيط ولهذا فصل حكمهم فقال " أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ" أي صدقت قلوبهم بآيات الله وعملوا بمقتضاها وهي الصالحات " فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى " أي التي فيها المساكن والدور والغرف العالية " نُزُلًا " أي ضيافة وكرامة.