الحب و الجنس
قالت : و لكن اعذرني ان قلت أنني لا أستطع الفصل بين الحب و الجنس ؟
قلت : ومن يفعل ذاك مخطئ . فالحب بالمعنى العام مرتبط بالمصلحة ، و اشتداده أو ضعفه يكون حسب زيادتها و نقصها ، بل في أكثر الأحايين يزول بزوالها سواء كان صداقة أو أخوة أو وطنية أو غير هذا من فروعه الكثيرة . أما الحب
الذي قصدته و هو الشجرة الأم لكل العواطف و الأحاسيس فانني أقول ا ن هذه الجاذبية العظمى ما بين الرجل و المرأةالتي هي سر الوجود تبقى المحرك الأساسي لنا .. و لولا هذه العاطفة السامية لما استمرت الحياة و لما شدنا اليها شيء ، و لا عزف الوجود لحنه الخالد في نفوسنا الظامئة الى زلال الحب . الحب يملى علينا ولا نختاره ، و متى دقت قلوبنا به أسرعنا الى موضوعه حبيبا كان أو حبيبة ، و سعدنا أو شقينا بقرب أو بعد المعني .
أما الجنس فهو المبتغى أو القطاف أو الثمرة التي من أجلها كانت شجرة الحب ، و لا يمكن للزارع أو البستاني أن يقدم على عمله دون أن تكون النهاية جنيا و قطفا و فاكهة . الجنس ضرورة وجودية ، و لولاه ما استمرت حياة ، وهو غاية ذاتية تتولد عنها غاية اجتماعية طبيعية ، و حتى نقوم بواجب كان حق اللذة مقدما ، فلا هروب لنا الا اليه . و مهما قلنا عنه أو أخفينا من حقيقة فانه يبقى السر في تحركنا في هذه الحياة كما قال - دروين -.
قد يهرب بعض المحبين من أن الهدف جنس ، و أن الحب يكفي أن يكون الرابط الوحيد بين الاثنين ، و قد يدعون الترفع عن الجنس و شهوة الجسد ، و لكن ذاك ليس له أساس واقعي و لا منطقي . قد يكون الحب رابطا و كفى متى حالت بيننا و الطرف الآخر ظروف ، و الحب قبل كل شيء تضحية و فداء ووفاء ، وأما أني لا أسعى الى جنس لسبب ما فمن أدراني أن الطرف الآخر مثلي لا يريد ذاك ؟ . ان الغاية هي الوصول الى المحبوب ، بل هي الذوبان فيه أو الحلول متى أمكن ذاك ، و ما دام ذاك لا يحصل كما نتمنى يبقى الجنس الممكن الذي في المتناول ، و هنا تنعدم المسافة و الفصل ما بين الحب و الجنس ، وتتداخل الأمور .
قالت : نفينا هنا أن يكون حب بلا هدف جنسي . فهل يمكن أن يكون جنس بلا حب ؟
قلت : أكيد و ما أكثر ما يحدث هذا ، بل في كل خطوة نصادف تلك الصورة ، و يمكن أن يتولد عن هذا الهدف علاقة حب تبلغ مدى من الوفاء و الاخلاص .
الزواج :
قالت : الزواج محطة وصول يتوقف عندها الكل .
قلت : هو غاية يصلها المحبون ، و ضرورة جنسية أو اجتماعية أو دينية يلتجئ اليها الغالبية و سجن يدخله البعض كما أنه لا شيء لبعض الآخر .
فالزواج هو ما أمكن أن يصل اليه الانسان من وسيلة تحقق الغاية الاجتماعية ، أما الغاية الجنسية و العاطفية فتبقى نسبية
عند الأكثرية .
قالت : ولكنه نظام اسلامي ، و حل لا بديل له ؟
قلت :نحن نتحدث من وجهة عامة . اما بالنسبة للاسلام فأعتقد أنه بفتحه باب التعدد حقق للرجل حلولا قد تكون كافية ..
و لكن أين نحن في الواقع من الاسلام ، فقد صار الحلال حراما و الحرام حلالا ؟
قالت : و هل الزواج لا يحقق المبتغى ؟
قلت : جزئيا ولا يصل الى ذاك جل المتزوجين ، و كم من متزوج أو متزوجة ليس له من ذاك الا سحب بطاقة العزوبية من حياته . و لهذا يستمر السعي بكل الطرق للبحث عن الجنس و العاطفة .
التوقيع
تـذكّـــــري مَـن لم تُحِـــــبِّيـه = والقلبُ أنتِ دائِــمًا فــيـهِ
ديْن عليكِ سوف يبقَى عالقًا = وليس مِن شيءٍ سيُلغيهِ
العربي حاج صحراوي .