ما أضنى الروح بحمل حوصلة أسرارها وهي تُروح وتجيء بين دهاليز جسد مثقل بأحمال دنياه ، محاولة البدء من أرصفة انتهائه لترسم وجه أمنياتها على مقاس بَراحها ..إذْ ما تكاد تطوي شراع أسفارها بعد رحلة التطواف بين مدارات غربتها حتى تقبع في شرَك اتقادها - كأوتار قيثار صادٍ للحظة بوح شفيف تسكبها تهدجات لحن شجي- وهي تستقيم كفتيل ذابل يحترق بجمر آهاته بين الرجع والصدى..وما تلبث أن تذروه رمادا كلُّ هبةِ نسيم قد تداعبه على حين أنّـة من وجع
لتشد من أزره إذا ما أظلم الليلُ وانطبقتْ الجفون مُعرضة عنه ..وظل وحيدا يهدهد صخيب روح ما كانت لتنثال غيما ،وتتسربل بلون الأفق لولا بصيصه الذي يورق من صمت الاحتراق.. ليرتوي وتينُها من وريقات خلودٍ قد يشذبها همسُ مسمعه وهو يرتخي لها في كل حين لتسكب بأنقاض جعبته ما يعيد النبضَ للرمق الأخير..علها ترمم شقوق جسد منكفِىءٍ على وصيد الرحيل..
تماما كقبس النور عندما يتهاوى وهو يبحث بين جنبات الليالي عن يد حانية
تمسك به حتى لا يستكين منكسرا..
فما أكثر الجراحات التي لا تندمل بصدورنا..ومع ذلك نظل نكابر صمتا لنخفي فوهة بركانها الخامد ..ونحن نحاول فك كل الخيوط المتشابكة حولها حتى نصلها ونمرر عليها أيدينا علها تسكن حينا ..أو بعض حين ..
تماما كذلك الوهج الخفي الذي يجمع شتات الروح ،ويروي ذبول الفتيل وهو يمتص قطرات الزيت الأخيرة حتى يظل مشتعلا..
لكن هيهات أن يبقى باسما إذا ما انحنى ممزقا.. وقد امتدت لعنقه النحيل يدُ الأسى ليمضي ذبالة ًحتما ستعبث بها أنفاس الساهرين، والنائمين معا..
قالت الروح ذات اغتراب وهي تبتسم يائسة :..
ماذا يجدي نور الفتيل إذا ما أظلم القلب بين أنفاس الصباح ..
ومددتُ بعضيَ لأتوكأ واهنة على غصن جاف
لم يخضد شوكه..؟
قلت : ..كم من خيوط أحنت الظلام بصدق تشابكها ليُبعث خلفها
وجه الضياء فتيا ..نقيا.. لايزيدها إلا صلابة ..وتلاحما
لتزاحمها أخرى مهما اشتد بأسها سيبقى وجه الضياء في كنفها أسيرا ..كسيرا..مبعثرا ..متعثرا بين عُقـَدها كي لا تزيدها بسمتـُه الذاوية
إلا بعدا وجفاء رغم قرب المسافات ..
فما أرفع الخيوط التي قد تربط بين الضياء ..والفتيل..
وكلما هوى هذا الأخير أمام ناظرينا ..لاح ذاك إيمانا واحتسابا منيرا دروب أرواحنا التائهة ...و أنىّ لظلام الأيام أن يحنيه أو يصادر وهجه ..وهو يزرع بين جنباتنا وجها جديدا لغد أنقى ،وأبقى بعدما رمينا ثقل الحياة عن كاهلنا أسمالا بالية..وركِبنا صهوات الأفق بعيون غسل غبشَها نورُ الإله ..وهو يحرر أجسادنا من رِبقها لتسبح خلف الغيوم البيضاء كطيور ما خلقت إلا لتترفع عن كل ما هو دونها ..مثلما تترفع الأرواح عن ذبول الأجساد ..وتسمو إليه تعالى ..
إذ لا قيد يمكن أن يحنيها ..أو يكبل مساعيها
(قلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}
(سورة الإسراء آية85
الله يا رائعة
مشاعر روحانية طاهرة وقلم عرفاني مدهش
يترفع عن عالم المادة
ليحلق بنا بعيدا.. حيث الحرية المطلقة
حيث لقاء الحبيب المنتظر
رحلتِ بي إلى ما شئتِ وأبعد
شكرا لأنكِ منحتني فسحة للبكاء
ورودي تنحني لجمالكِ
الله يا رائعة
مشاعر روحانية طاهرة وقلم عرفاني مدهش
يترفع عن عالم المادة
ليحلق بنا بعيدا.. حيث الحرية المطلقة
حيث لقاء الحبيب المنتظر
رحلتِ بي إلى ما شئتِ وأبعد
شكرا لأنكِ منحتني فسحة للبكاء
ورودي تنحني لجمالكِ
شكرا جزيلا لفيض مرورك أخيتي
فعندما نتجرد من رهق المادة ..
نحلق بالأفق مثلما الأطيار التي لا يثقلها شيء سوى فسائل الضياء
وهي تنبثق من بين رف الأجنحة