) برزت في الولايات المتحدة،حركة الحد الأدنى ونادت بكتابة مختصرة لحياة مختصرة ،واستدلت على ذلك أن القصة القصيرة أو الأقصوصة هي التطبيق الأمثل لهذا المبدأ ، الأكثر ملاءمة لما يتصف به هذا العصر من طغيان السرعة ، وهو زمن الوجبة السريعة ، حيث بات المتلقي لا يميل للنصوص الطويلة والإسهاب فيها وهنا تظهر الومضة الشعرية بصورة وليدة لهذا العصر، وتتفق النظرة للقصة القصيرة مع ذات النظرة للومضة الشعرية ، ويبدو أن القصة القصيرة والومضة الشعرية توأمان تَخَلَّقَتا في رحم واحد، ووُلدتا في زمن واحد، يلتقيان في الخصائص والسمات.. ،وهما جنسان أدبيان قابلان للتشابك والتّماهي، وتكاد تذوب بينهما الإختلافات، ولا تظهر. وغالبا ما نقرأ نصّا ً فيختلط علينا وصفه أنه قصة قصيرة أو ومضة شعرية . لذلك كان على الدارسين والمهتمين والنقاد إعادة النظر للأجناس الأدبية ومسمياتها وخاصة في هذين الجنسين. ولا غرابة أن نقرأ نصوصا أدبية تهرب من نظرية التجنيس، وتَنْشَر تحت عنوان (كتابات) أو (إبداع) أو (نصوص) وهي في حقيقتها (قصيدة نثر) مع وقف التعريف.ومن ضمن هذه المسميات قصيدة الومضة .
الشاعرة :
الأستاذة / عواطف عبد اللطيف ، أديبة وشاعرة عراقية ، تكتب الشعر الكلاسيكي والحر والشعر باللهجة العراقية الدارجة وتُجيد كتابة النثر ، ولسنا في تقديم ببلوغرافيا حول الشاعرة ذلك أن المقام لا يتناسب بقدر ما كان همّنا هو تقديم قراءة لنص لها استوقفني كما استوقفتني نصوص عديدة لها ولكن لظروف كثيرة حالت دون اتمام قراءتها وإخراجها للنور ، لكن ربما أجد متسعا من الوقت لاحقا بحول الله لتقديم قراءة أكثر تفصيلا وأكثر عمقا لأعمال هذه الشاعرة والأديبة العربية الباسقة .
العنوان :
شوق : عنوان إختارته الشاعرة وجاء في ثوب النكرة ، ربما لأن الأشواق التي تعصف قلبها كثيرة وغير محصورة ، فشوقها للأرض والإنسان ، لذاكرة مُتعبة ، لتفاصيل مرّت بها ، لبلاد نأت عنها قسرا ً رغم شدة تعلقها بها ..من هنا كان العنوان توصيفا ً لمشهدية نفسية بحتة تسيطر على الشاعرة عبد اللطيف في بناء نصّها الشعري ..
منذ مطلع القصيدة تفاجئنا الشاعرة بهذا المطلع الإستهلالي : ( تتسارع ُ في قلبي النبضات )
وهو مطلع ٌ غير نمطي ، أرادت من خلاله ترجمة دقيقة للأشواق التي تتسابق في وجدانها المليء بالشوق لعدة أشياء وأمور وشخوص ، فكأن ّ لكل نبضة بوصلة نحو شوق ٍ معيّن ...وجاءت بالفعل المضارع تتسارع ُ واستخدام مفردة تحمل في طيّاتها معنى الحركة ( السرعة ) لتشكل هذه المفردة في زمانها وشكلها حجر أساس في بناء المشهد النفسي والدرامي في بناء القصيدة .
ثم نقف عند مفردة ( النبضات ) ومفردها : نبضة ، والمفرد والجمع هما مؤنثان ، ولم تقل مثلا : يتسارع ُ في قلبي النبض ُ ، أي أنها لجأت للتأنيث في رسم الصورة ..وهنا لهذا الشكل عدة دلالات تشير لنفس الكاتبة .
وكان تقديم الفعل على مكان وقوع الحدث ( القلب ) تجذيرا منها للحالة دون المحل ..فكأنها أرادت أن تلفت إنتباه القاريء للسرعة في حركة النبضات داخل قلبها ..فعندما نقول : كسر َ الولد ُ الزجاج َ ، يكون تركيزنا على الفاعل وهو الولد ، بينما عندما نقول : كسر الزجاج َ الولد ُ فيكون تركيزنا على ما فعله الولد ( المفعول به ) ...وهنا الشاعرة تركز على عامل الحركة من خلال الفعل المضارع ونوع المفردة (تتسارع ُ / الحركة ) .
تنقل للسطر الشعري الثاني ..لم تلجأ لحرف عطف أو استئناف أو غير ذلك ...فجاء الفعل المضارع ( تختنق ) في مرادفة متتابعة بشكل سلس متناغم مع الصورة في السطر الأول ..
وهناك العديد من المحن والمصائب التي لخّصتها في مفردة تحمل الدلالات ( الغصّات ) ، وكل ذلك في صدرها ..والصدر هو المكان الأكثر شمولية من القلب ، فالقلب في السطر الأول هو جزء من الصدر في السطر الثاني فجاء الجزء كتعبير ينسجم مع الكل ما بين القلب والصدر وهذا يدل على أن الشاعرة عواطف عبد اللطيف هي شاعرة مطبوعة ، لا تتكلف ولا تتصنع في بناء نصّها الأدبي .
وبعد التسارع والإختناق ، يسقط قلمها في العثرات في طريق التعبير عما يختلج القلب الموجود في الصدر مما يسكنه من لواعج وأشواق ..
وتأتي لوضه نهاية لهذه الومضة العميقة ، تفضح النص حين توجه بوصلة كل المشاعر لوطن ٍ يسكنها حد الدهشة ، والوطن هو الكل الذي يحوي الجزء كما هو الحال في الصدر والقلب ، فهنا تلجأ الشاعرة لأسلوب القـَلْب ِ لا في اللفظ بل في المعنى ، فهذا الوطن الذي يحوي كل ما يشعل شوقها من شخوص وجماد ، من هواء وماء ، من ذكريات مسلوبة ..كل هذا وغيره ..يقتلها الحنين له في اليوم مرات كثيرة ..واستخدمت أسلوب المبالغة عشرات العشرات كناية ً عن مدى تعبها ووجعها ..
الشاعرة الكبيرة / عواطف عبد اللطيف
حاولت ُ الإقتراب من هذه الومضة الجميلة ، فإن أصبت ُ فهذا التوفيق من الله تبارك في عُلاه ..
وإن أخطأت فهذا مني ومن الشيطان ...أعتذر على الإسهاب ...
لك ِ ولقلمك وحرفك وشخصك باقات ورد وود
باحترام
الوليد
الأرض المحتلة
ما أروع محبّة الأوطان....
فهذا الوطن واسع والقلوب تسافر إليه مرّات ومرّات
أبيات تحمل في طيّاتها حبّ جارف للوطن.
أدام اللّه السّلم والأمان على عراق الشّموخلتنعمي بعودة قريبة لارضه وفراته ودجلته...
تقديري سيّدتي الغاليةعواطف.
التوقيع
لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:
سيِّدةً حُرَّةً
وصديقاً وفيّاً’
لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن
لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن
ومُنْفَصِلَيْن’
ولا شيءَ يُوجِعُنا
درويش
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 12-08-2014 في 06:14 PM.
شوق
\
تتسارع في قلبي الضربات
تختنق في صدري الغصات
فتتعثر في قلمي الكلمات
يا وطناً حبه يقتلني
في اليوم عشرات المرات
هو حب جارف لا يفقهه إلا من تلظى بناره ، حب ملائكي البصمات سحري الهمسات لم يمنحنا غير الأنات ،
لقلبك كل الفرح وعلى الأيمان الثبات
تقديري لومضة كالسكر النبات
أعطر التحايا
الأمَّ الرَّءُوم
ذكّرتِني بيتا للرصافي مِن قصيدة له قالها في حُبّ بغداد ، حفظناها في المتوسطة،والبيتُ:
الشوقُ أرّقني والبُعدُ برّحَ بي
بُعدُ الحبيب عذابٌ ليس يُحتَمَلُ
التوقيع
أنبعَ الوُدِّ لو أبَصَرْتَ حَقًّا
رأيتَ النبْعَ في الشريانِ يَجري
وأهلُ النبعِ كَوكَبةٌ كِرامٌ
حَدِيثُهُمُ إلى الأقمارِ يَسْرِي
عواطفُ إنْ تُباعِدْنا دِيارٌ
فإنَّ النبعَ في الأحداقِ ؛ فادْرِي