أتيهُ كنجْمٍ في عيونكِ مُغرَما
وأروي بناتِ الشِّعْرِ حُسْنًا مُنغّما
وأبسطُ قولي بالمودّةِ حالمًا
لعلّي على رؤياكِ أصحو منعّما
رأيتكِ في دربِ المفاوز بيرقًا
وتيجانَ فخرٍ تجتني الفجرَ بلسما
لثغركِ في دنيا الجمالِ مباهجٌ
يحطّ عليها الإيكُ يرجوكِ مَغنما
فما أنتِ إلا للفؤاد حياته
تجاذبكِ الأحلامُ إرثًا مكرَّما
وما أنتِ إلا للغريبِ حواضنٌ
تجلّلكِ الآمالُ تعنو إلى السَّما
فيا تونسَ الخضراء أفديكِ مهجتي
وأنفاسَ قلبٍ يحملُ الشوقَ مَعلما
تهزّ المعاني ضفّتانِ وشاطيءٌ
فينسكبُ الدرُّ النضيدُ متيّما
أبو القاسم الشابيّ يعلم كنههُ
لذلك أهدته المعارفُ مَوْسِما
ويشهدُ عن ريّاهُ " زيتونةُ " الحمى
غداةَ أتاهُ بالمحبّةِ مُسلما
فضاءُ سخاءٍ ، وابنُ زيدونَ كفُّهُ
فكانَ سحابًا للحضارةِ سُلّما
أما والذي أبكى الدروبَ رحيقُه
وظلّ على الأعماقِ طوباه مُنعِما
سنقبى على نَوْر الفجاجِ منائرًا
رفاقَ بهاءٍ ، للمكاره علقما
نمرُّ سنا قرطاج نحكي شجونَنا
وفي سحره الخلاّب أجثو مسلّما
على الساحلِ الشرقيّ يهمي شعورُ مَن
يبثُّ يواقيتَ الهوى متبسّما
معالم آثارٍ ، عوالم نهضةٍ
تؤرّخُ للإنسانِ مجدًا عرمْرما
وبابُ جنانٍ ينثر الدمعَ حاملاً
لجوهرةِ الصحراءِ طيبًا وحوْجَما
ينابيع رأسِ العينِ يروي غِراسَها
هنا " توزر " الأحباب مفخرة الحمى
ولا تنسَ لطف القيروان فعقبة
يحاكي الحنايا عن لياليه مُلهَما
وعند رباط المنستير مشاهدٌ
تعيد لنا الماضي طريفًا مُلثّما
وفي دوحة المرسى قصورُ سعادةٍ
بها الليلُ يستجدي الهنا مترنّما
فيا تونسَ الخضرا دعي متولّهًا
يهيم كنجمٍ في عيونك مغرما
فحسبكِ نبراس المروةِ رأفةً
تواسين مكلومًا وتروين مُعدما