لِلخِضرِ سلام في زمن البلاء
بقلم: حسين أحمد سليم
أبجديّة الضّادِ, بَدؤها, ألفْ باءْ,
مُنتهاها, قدرًا حرفُ الياءْ,
و مناجاة العبادِ, الفقراءْ,
تبتديء على ذِمّة التّسابيح بالياءْ...
يا سيّدة الحزنِ و النّحيبِ و البكاءْ,
مهلاً, مهلاً على المُعاناةِ و البلاءْ,
هذا زمن العهر و الكفرِ و الضّوضاءْ,
و عصرُ القهر و الغدرِ و النّفاقِ و الإبتلاءْ...
تعالي حبيبتي, نُسرِجْ صهوةَ الأنواءْ,
نمتطي الحُبّ جوادًا و نلبسُ العِشق رِداءْ,
نُضيءُ شموع الخضرِ عندَ كُلّ غسقٍ و مساءْ,
نُنادي على موسى النّبي ضراعةً بأحرّ النّداءْ,
و الكُلُّ نناجي لا نُفرّقُ بين الرّسلِ و الأنبياءْ,
آمنّا بالله و ما أُنزِل إلينا و فيه ترياقٌ و دواءْ,
و ما أُنزِل إلى إبراهيم و إسماعيل من السّماءْ,
و إسحق و يعقوب و الأسباط و ما قد جاءْ,
و ما أُوتي موسى و عيسى و النّبيّون الأمناءْ...
تعالي حبيبتي, نُعلِنُ حُبّنا و عِشقنا دون إلتواءْ,
لِله في العُلا, نستجير بهِ و نلوذ إذا حلّ البلاءْ,
نقتفي إستقامة مساراتَ التٌّقى لِرِجالِ الله الأتقياءْ,
خلفاءَ الله للنّاسِ في الأرضِ و نِعم السّادة الخلفاءْ,
لأبي بكرٍ و العادلِ عمرَ و عثمانَ و كُلّ الأوصياءْ,
و من حملوا المسؤوليّة تكليفًا من الشّرفاءْ...
تعالي حبيبتي, نُعلِنُ حُبّنا و عِشقنا و الولاءْ,
لأهلِ البيتِ أئمّة الهُدى السّادة الأوصياءْ,
لِعلّيٍّ, يومَ الغديرِ, نجهرُ بالإخلاصِ و الوفاءْ,
في غُرّة الفجرِ, قبلَ صِياحِ الدّيكِ و الضّياءْ,
نتشهّدُ لله, نُبسمِلٌ و نُحمدِلُ و نُعلِنُ الولاءْ,
و نُقيم عِندَ كلّ معلمٍ للحسينِ العزاءْ,
نُحيي لله قربةَ إيمانٍ مناسكَ عاشوراءْ,
عُربونَ حُبّ خالصٍ و عِشقٍ طاهرٍ و وفاءْ,
و لتشهدْ الأرضُ لنا حُبّ الحسينِ و السّماءْ,
و التّسابيحُ و المناجاةُ و الدّعاءْ,
و التّهجّداتُ و الإستِغاثاتُ و البكاءْ...
عليكَ السّلام, يا خِضرَ موسى و الأنبياءْ,
يا سِرَّ الوعيِ و مُرشِدَ الأولياءْ,
يا جوهرَ العرفانِ و علمَ العُلماءْ,
يا خليفةَ الله على الخلفاءْ,
يا ناهل الحياةَ من عينِ الماءْ,
يا كوكبَ الصّبحِ المنيرِ بالرّجاءْ,
يا بدر الدّجى المُشرقِ من رحمِ الظّلماءْ,
عِندَ مجمعِ البحرينِ كانَ اللقاءْ,
و كانَ الوحيُ رحمةً منَ السّماءْ,
السّفينةُ حركةُ فِعلٍ و مسارٍ في الإبتداءْ,
و الغلامُ مثلٌ لِلورى, فلِكُلِّ داءٍ دواءْ,
و الجدارُ رحمةٌ من الله للأبناءِ بالأباءْ,
و أفعالٌ تُنكرُ على ظاهرِ الأشياءْ,
و التّفسيرُ أتى حاملاً أسرارَ الضّياءْ,
لما لمْ يسْطتعْ صبرًا له شيخُ الأنبياءْ...
يا مكنون النّورانيّةِ عِندَ سيّدِ البلغاءْ,
يا يعقوب العمرانِ يا خِضرَ النّماءْ,
يا بُرهن الله يا خاتَمَ الرّسلِ و الأنبياءْ,
يا خِضرَ موسى و صاحِبَ الأنبياءْ,
بكَ الإبتداءُ كانَ دونما الإنتهاءْ,
نتلمّسُ ظِلّكَ العابرِ فوقَ الماءْ,
نتضرّعُ لله نرفعُ أكُفّنا للسّماءْ,
نحنُ أمّةُ غرقى في أتونِ البلاءْ,
نثملُ طربًا و يُسكِرنَا الرّقصُ و الغِناءْ,
نجهلُ معنى الحياةِ و قدرَ العناءْ,
نرودُ الظّلمةَ قهرًا, بديلَ الضّياءْ...
يا خِضرَنا يا سيّدَ الصّفاءِ و النّقاءْ,
سئمنا العصرنةّ و سياسةَ الغوغاءْ,
قرفنا, قرفنا... ساسة النّفاقِ و الرّياءْ,
تقيّأنا علوجَ الفتورِ و أبجديّةَ الدّهاءْ,
مججنا أباطيلَ الوعدِ و الواعدِ و الوعودَ الرّياءْ,
و لمْ نعُدْ نُصدّقُ لعبةّ الرّياءْ,
و المواقف الرّياءْ,
و الوعودَ الرّياءْ,
و اللقلقةَ الرّياءْ,
و الدّموعَ الرّياءْ,
لمْ تعُدْ تُشْغلنا الخرافاتُ الرّياءْ,
و الأساطيرُ الرّياءْ,
و حكايا الغيلانِ و العنقاءْ...
يا خِضرَ المكانِ و الزّمانِ و الرّجاءْ,
عفوًا قبل البدءِ, في بلادنا الثّكلاءْ,
نبتَ الحِقدُ و الحسدُ و عرّشَ الوباءْ,
و تسلّط الأدنياءُ على الأتقياءْ,
و سادَ الأغنياءُ و تقزّم الفقراءْ,
و غدوْنا نمشي إلى الوراءْ,
في زمنٍ بائرٍ, الحقيقةُ فيه هراءْ,
من الكهوفِ طلَعتْ علينا السّعلاءْ,
من القبورِ إنتشرتْ هياكلُ العماءْ,
و أفتى من أفتى, ظُلمًا و إفتراءْ,
قد غدر بنا التّاريخُ و ثقافة الجُهلاءْ,
و طعنتنا الجغرافيا و تدفّقت الدّماءْ,
و إصطبغتْ بالألوانِ الحرباءْ,
و إرتوتْ من دِماءنا الجرباءْ,
قتلوا الحُبّ فينا فِعْلَ إعتداءْ,
طعنوا العِشقَ فينا عِنوةَ غباءْ,
مزجوا أجسادنا بتُربةِ الأرضِ الجرداءْ,
بالحصى و الحجارةِ الصّمّاءْ,
و كانَ الماءُ للخليطِ الدّماءْ,
قدْ أضحتِ كُلُّ الأشياءِ سوداءْ,
و ضجّتْ الأرضُ بالتّربةِ الرّماديّةِ الغبراءْ,
تحت أديمها يئدُ الأحرارُ كُلّ الأشياءْ,
و أحلام أولادَ السّراري و الإماءْ,
و ثِمارِ المُتعةِ و السّباءْ,
كُلّما جُنَّ البغاءُ كثُرَ اللقطاءْ...
يا خضرَ الزّمانِ و المكانِ و الرّجاءْ,
ما زِلنا نتخبّطُ في نجيعِ الدّماءْ,
صُراخنا و نحيبنا قدْ ملأ الأرجاءْ,
و إمتدّ حتّى عمّ فجاجات الفضاءْ,
و لبّد في سيّالاته طبقاتَ الأجواءْ,
و إستغاثاتنا ألهبتْ الأرض و السَّماءْ,
الحاكمُ قاتلٌ تتملّكهُ الأفعالُ الرّعناءْ,
و المؤتمنون لصوصُ و ليسوا أمناءْ,
و الأشباح عنوةَ عهرٍ تقودنا للفناءْ,
يرسمون مصائرنا البرّاجون الأعياءْ,
و هاروت و ماروت يهدوننا الدّعاءْ,
و نوستر أداموس يدعوننا إلى اللقاءْ,
فشيخنا مُسِخ طفلاً تلاعبه الأشياءْ,
و طبائعنا تختزنُ النّارَ في رحمِ الماءْ,
و ندري أنّ حياتنا في قِمّةِ الغوغاءْ,
و نأبى إلاّ مناجاتكَ يا ربّ السّماءْ,
فحقّنا مسلوبٌ لمْ و لنْ و لا نترك النّداءْ,
و سارقُنا لِصٌّ دوليّ سِمته الغباءْ,
فيا لِزمنٍ فاجرٍ داعرٍ ساد فيه البغاءْ,
و يا لزمنٍ كافرٍ قاهرٍ حلّ فيه البلاءْ...
سيّدنا يا خِضرُ أنتّ الأملُ و الرّجاءْ,
ما حكّ مِثلَ ظِفرنا جلودنا السّمراءْ,
نستودعكَ الله و في كلّ وداعٍ لقاءْ,
فلنا في كُلِّ أرضٍ مزارَ عزٍّ و بهاءْ,
و لنا بكلّ مكانٍ مقامَ فخرٍ و ضياءْ,
تخضوضِرُ السّهولُ و تُصبحُ خضراءْ,
و مناراتُ القِممِ الشُّمِّ بكَ تُضاءْ,
و تُشْرِقُ الشّمسُ غربًا إذا الله شاءْ,
و يسطعُ كوكبكَ المنير في الليلةِ الظّلماءْ,
و في السّماواتِ و الأرضِ ينشرُ الضّياءْ,
إنّما المؤمنون أخوةٌ فليؤمنْ منْ شاءْ,
و كُلّ النّاسِ من آدمَ و الإنسانيّة دينُ السّماءْ.