صديقي واخي شاعرنا الأنيق عوادالشقاقي
بعدالتحية
أوافقك فيما ذهبت اليه،ولو قرأت مقالي(من كان منكم بلا خطأ
فليرجمني بحرف)لوجدتنا نتفق بالهدف والفكرة.رغم أني عنيت
الأديب وليس المثقف،لأن ليس كل أديب مثقف وليس كل أكاديمي
مثقف وليس كل متعلم مثقف،الثقافة من وجهة نظري الشخصية
هي المام معلوماتي شامل مقترن بموهبة التفكير والتفكروقدرة
الأستنباط والعقلانية الثاقبة .ولهذا هناك القلة القليلة من المثقفين
وفق هذه الرؤيا في الأنتماء وألا أنتماء،فالمثقف ينتمي للحراك الفكري المتجدد والى الأنفتاح ولا ينتمي لأي أفق ضيق،
بداية؛ ما مفهوم المثقَّف؟
المثقف والثقافة - لغةً - مشتقان من مادة (ثقف)، والتي تدل - حسب ما جاء في معاجم اللغة العربية وقواميسها - على عدَّة معانٍ، منها: الحذق، وسرعة الفهم، والفطنة، والذكاء، وسرعة التعلُّم، وتسوية المعوجِّ من الأشياء، والظفَر بالشيء؛ قال تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} [الأنفال: 57]"[1].
(والمثقف في المفهوم الاصطلاحي: ناقدٌ اجتماعيٌّ، "همُّه أن يحدِّد، ويحلِّل، ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظامٍ أكثر إنسانية، وأكثر عقلانية"، كما أنه الممثِّل لقوَّةٍ محرِّكةٍ اجتماعيًّا، "يمتلك من خلالها القدرةَ على تطوير المجتمع، من خلال تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه الضرورية".
والمثقف يملك قدرًا من الثقافة التي تؤهله لقدرٍ من النظرة الشمولية، وقدرٍ من الالتزام الفكري والسياسي تجاه مجتمعه، وهو مبدع كل يوم، يستطيع بهذا الإبداع الثقافي أن يفصل بين تهذيبات القول وتجليات الفكر، بين الثقافة وعدم الثقافة، بين التحضروالتطور والتطور)2
عند أدوارد سعيد- صورة المثقف
” دور المثقف في الحياة العامة يعتبر اللاّمنتمي أو الهاوي الذي يعكر صفو الحالة الراهنة”
المثقف عند سعيد ليس الممثل représentant الذي ينوب شريحة اجتماعية معينة في مكان اتخاذ القرار على غرار البرلمان ويكون صوت من انتخبه ومن أعطاه توكيلا بل هو Intellectuel رجل الثقافة والفكر ويختص بالذهن والذكاء والمنطق والتجربة ويمتلك مهارة الحوار العقلاني ويضم الوعي السياسي والتحضر إلى الالتزام الاجتماعي والممارسة النقدية والتربية الانسانية. اذا كانت صورة المثقف متعددة في الوجود الاجتماعي وتتوزع على جميع مستويات الحياة وبالخصوص علاقة الإنسان بنفسه وبغيره وبالعالم الذي يعيش فيه فإن المثقف الحق حسب إدوارد سعيد هو الشخص الذي تمسك بقيم عليا مثل العدالة وحقق استقلاليته التامة عن السلطة “بمعنى عدم الارتباط بقيود تحد من تفكيره أو توجه مسار أفكاره مهما تكن تلك الأفكار” )نعود الى جوهر موضوعك،العقيدة موجودة لدى كل منا منها ماهي
موروث ومن خلال البيئة والعائلة تترسخ،ومنها ما هو استدراك
ضمن عوامل شتى محيطة بالفرد ليختار عقيدته،كلاهما تتزاوج مع
العصبية والأنانية للفرد،وهنا يأتي دور المثقف في أمتلاك البصيرة
وقدرته على مسك لجام العقيدة من العصبية ،من خلال ايمانه
بحرية المعتقد والرأي,فما اتيح له يتاح للأخر.فالمثقف طائر حر .
هناك من يدعي الخلاص منها،ولكن لو دققت في كتاباته ستجد
الشفرة السرية في بقاء العصبية يطمسها بمقبلات لغوية ليدين
الأخر الذي على شاكلته،فكلاهما يبطنان ويغلفان الرأي لأيصال
والأيحاء بخطأ الأخر!فرغم أن التطرف موجود في كل العقائد
أذ كانت دينية او سياسية..ولكنه في تأشيره للتطرف ورمزيته
تراه يغض الطرف عن ذكر المتطرفين من معتقده بطريقة ملتوية
ليؤشر برمزية معروفة لعقيدة الأخر.
وبنفس الوقت..هناك تتداخل ما بين العقيدة والوطنية،والأشكال
هو فيما حدث تناقض بينهما،هنا يكون الفرز،بين المثقف الواعي
القاريء لمجريات الأحداث وفق منظور تأريخي وحاضر ومستقبل
ويؤشر أختياره مدى قدرته على التحكم في لجام العصبية والأنتماء
العقائدي..أو الوطني..!!وبنفس الوقت يظهر مدى انسجام العقيدة
مع الأستقلال الوطني او التبعية..وهذه هي اشكالية فكرية ووطنية
وعندنا الأمثلة كثيرة..ومنها نعيشها يوميا..في ظل تأزم الأوضاع
في وطننا العربي..وعراقنا الحبيب..وأستغلت بدهاء من الغير
الخطأ التعريفي هو ان نسمي الأنتماءات بالطوائف..بينما هي في
الحقيقة عقائد..حتى لو كانت هناك مشتركات..فالمشتركات موجودة
في كل الأديان والحركات السياسية.فالتقاطع والأختلاف مفعوله
السلبي أكثر من المشتركات في مفعوله الأيجابي في ظل
بيئة الجميع فيها ضمن دائرة الأستقطاب السياسي والقومي المغلف
بالعقائدية
الصراحة المتناهية في طرح الرأي هي من توصل المختلفين لنقطة
الألتقاء،طبعا بين الملمين ومن لهم درجة ما بالثقافة العامة بعيدا
عن التحامل..ونقطة الألتقاء هي الوطنية بأنحياز تام.
أخيرا اخ عواد..ليس من ادعى الثقافة مثقف..فشفرة ما بين
السطور تفضح عصبيته العقائدية،وهناك أمثلة تراها يوميا
من خلال شاشات التلفاز والمنتديات والصحف،
الثقافة..هي البراءة من العصبية العقائدية والقراءة لما حولنا
بحيادية من خلال خلفية ليس فيها عقد..والأرتماء في حضن
الوطنية الخالصة نسبا وأرضا.....وأذ حدث التقاطع بينهما من
وجهة نظري..فالأنحياز للوطن والنسب..فوق العقيدة..
فبأمكانك أن تمارس العقيدة في غرفة مغلقة..ولكنك لا تستطيع
أن تمارس وطنيتك في ظل التبعية!فالتبعية عبودية!
أما أبواق المنظرين للفتنة والمثقفين المقنعين بالعقيدة أذ كانت
دينية أو سياسية وحتى مجتمعية ومناطقية فميدانهم وساحتهم
الجهل والأمية وقطيعهم اتباع السفسطة اللاهوتية والاساطير
والظلامية وهم جنود التبعية ووقود في الدنيا والآخرة لنار تحرقهم
أما المثقف الواعي..فعقيدة الوطن هي البوابة لعقيدة السماء غير
عابرة للحدود،تختلف عن عصور انبثاق العقائد الدينية،والأيدلوجيات
الأممية،فالخصوصية الوطنية هي المحك في أمتحان
العقائد،عكس الثقافة التي كانت سائدة في العقائد المولودة في بيئة
مفتوحة عابرة للخصوصية الوطنية،وما يحدث اليوم هو استغفال فكري
وعقائدي للخصوصية.. يستغله اليوم البعض من الموروث لطمس
الهوية الوطنية ومن كل المنظمات ذات البعد الأيدلوجي العابر للحدود..
أرهابية كانت أومغلفةظاهرها انساني وباطنها وسلوكها ارهابي..ولكنهما بذات الروح
وبذات السلوك وبذات الهدف فكلاهما عملة واحدة للتطرف العقائدي
أذن..فالدكتور! والشاعر! والمدرس! وغيرهما لاتؤهل شهاتدتهما للدخول في عالم
المثقفين اذّ علمنا البعض منهم..يصنف في خانة الجهل!!فتراهم يمارسون الطقوس
العقائدية ذات السفسطة اللاهوتيةجنبا الى جنب مع الجاهل والأمي المعذور لجهله
القائد الحقيقي هو من كان ملك الجميع وكان الجميع في عينيه سواسية..وغير هذا
هو أنتماء ضيق وليس انتماء رحب وواسع يتسع الجميع..وبهذا اتفق معك اخي عواد
في فن القيادة..و...أللهم أرزقنا بقائداً للجميع
الأخ عواد...جزيل شكري اليك..لمقالاتك الهادفة والتي تفتح باب
النقاش والمعرفة..كما هو ديدنك في الشعر ..
وما مداخلتي الا وجهة نظر..قد أكون مخطأ فيها..ويشرفني ان
تصوب وجهة نظري بالحجة المقنعة..وأذ كنت مصيب..فلا شكرا
عليها...
دمت اخاً وصديقاً ![نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة](images/smiliess/1 (45).gif)
----
1و2\أ ابراهيم الشافعي
ما بين الأقواس دراسة في نظرة ادوارد للمثقف