الخلاف في الحروف الزائدة والأصلية في ألفاظ العربية:
الخلاف في الحروف الزائدة والأصلية في ألفاظ العربية:
الفاظ العربية كثيرة ومتنوعة، ومعاجم اللغة العربية حفظت قسمًا كبيرًا منها، واعتمدت هذه المعاجم على الجذور في حصر الألفاظ ضمن طياتها، ثم أدخلوا ضمن هذه الجذور الألفاظ التي تشتق منها.
ووجد اتفاق كبير بين العلماء في تحديد المجرد والمزيد وحروف الزيادة والأصالة وغيرها من القواعد الصرفية لكن ذلك لم يمنعهم من الاختلاف في كثير من الألفاظ مِن حيث الوزن أو نوع المزيد أو موضعه من الكلمة أو اشتقاقها أو أصلها في اللغة، ويأتي بعض هذا الخلاف نتيجة لاختلاف اللفظ في النطق أو الرواية أو احتماله أكثر من وزن، لكن القسم الأكبر من الخلاف جاء بسبب تعامل العلماء أنفسهم مع هذه الألفاظ؛ لأنَّ تعارض دليلين أو أكثر في اللفظة الواحدة يَفتح باب الظن والاجتهاد، فتَكْثُر الآراء في النفي والإثبات، والفرق والتفصيل، وتختلف المذاهب في تحديد موضع الحرف الزائد ونوعه، الوزن المناسب للفظة التي يرد فيها مثل هذا الخلاف، وهو موضوع يطول ذكره ويتشعب، وقد ذكرتُ تفصيلاته في كتاب الخلاف بين المجرد والمزيد لكني أحببت أن أُطْلعكم على جزيئة منه للفائدة، وهي: الخلاف في إثبات بعض الأبنية :
اختلف العلماء في إثبات أوزان بعض الألفاظ التي يكون ثانيها صوت النون غالبًا، نحو جُنْدَب، وعُنْضَب وأمثالهما. إذ أنكر سيبويه في الرباعي المجرد وجود وزن فُعْلَل ضمن أبنية العربية المتفق عليها فقضى بزيادة النون ثانية في جُنْدَب وعُنْصَل وعُنْظَب؛ لأنَّه لا يجيء على مثال فُعْلَلٍ شيءٌ إلا وحرف الزيادة لازم له، فالنون ثابتةٌ زيادتها فيه
وخالفه الأخفش فأثبت وزن فُعْلَلٍ مستدلًا بكلمة جُخْدَب، وهذا اللفظ لا يتضمن أي حرف من حروف الزيادة، فلزم القضاء بأصالة النون في الألفاظ التي وردت فيها النون ثانية عند الأخفش.
فجر هذا الخلاف معه خلافًا في كثير من الألفاظ بين أن تكون على وزن فُعْلَل كما هو مذهب سيبويه أو فُنْعَل كما هو مذهب الأخفش، وتبعه خلافًا في المعاجم بين أن تكون هذه الألفاظ من الثلاثي المزيد بحرف أو من الرباعي المجرد، فحق لعلماء اللغة ان يضعوا مثل هذه الألفاظ في الموضعين.