عند الحديث عن المطالعة والقراءات الخارجية لتنوير حياة الإنسان، فان أول ما يخطر ببالنا هو الكتاب كونه أهم مصادر المعرفة التي عرفتها البشرية فهو الصديق الأمين الذي يفتح أبواب المعرفة بين يديك وهو الصاحب إذا ما الظلمة جنت , والمؤنس إذا ما الوحدة أحكمت فهل لنا أفضل منه صديق يحمل للقارئ الفائدة إلى جانب المتعة فلا أحب على الإنسان من كتاب نافع يغنيه عن صديق منافق لأنك إذا نظرت فيه قوم طبعك, وبسط لسانك, وجود بيانك, ووضعك على طريق المعرفة الحقيقية.
ولكون الكتاب، عموماً وسيلة لاكتساب المعرفة يمكن الإنسان من الاتصال المباشر بالمعارف الإنسانية في حاضرها وماضيها وسيظل دائما وسيلة اتصال الإنسان بعقول الآخرين وأفكارهم بالإضافة إلى أثرها البالغ في تكوين الشخصية الإنسانية بأبعادها المختلفة, وهو الركيزة الأولى لعملية التثقيف و مكملا لدور التلقين ووسيلة من أهم وسائل التعليم.
عالم الألفية الثالثة
ولكن مع دخول العالم الألفية الثالثة أصبح لمصادر المطالعة منهجا أخر عند بعض الأفراد فقد استطاع الانترنت أن يصبح احد أهم معلومة في هذه الألفية نتيجة لما يتمتع به من سمات أكسبته المرونة الكافية لتجعله نقلة نوعية في تاريخ المعرفة البشرية ومن الخصائص التي ميزت المعلومة الالكترونية هي سهولة الوصول إليها وقلة التكاليف اللازمة للحصول عليها نسبيا بالإضافة لتعدد مصادر المعلومة بانتشار الكتب الالكترونية وقدرتها على اختزال المعلومات بشكل مبسط وانتشار المدونات التي جعلت بإمكان أي شخص كان أن ينشر ما يرغب وما يشاء.
تجاوز الحدود
وقد ساعدت شبكة المعلومات العلمية على نشر المعلومات بين الناس جميعا متجاوزة الحدود الإقليمية ما بين الدول مختصرة المسافات الشاسعة بين مجتمعات والأفراد فهذه الشبكة تقدم خدمات جليلة وفوائد كبيرة لكل المستخدمين على الرغم من بعض المساوئ التي قد تصاحب سوء استخدام الانترنت بالرغم من أنها المصدر للمعلومات بالنسبة لكثير من الناس حيث حولت هذه الشبكة العالم إلى قرية صغيرة تسمى القرية الكونية clobal village ساعدت على نشر المعلومات واختصرت الزمن للمد العلمي في انفجاره الهائل وحرية واسعة في التناول من قبل الجميع عبر شبكة المعلومات العالمية ومتابعة نتائج البحوث وآثار الحوادث والتطورات العلمية ومتابعة الأخبار مما ساعد على مواكبة التقدم البشري.
ويلعب الإنترنت دورا مهما للغاية في أقسام المراجع في المكتبات بأنواعها كافة من مكتبات عامة أو جامعية أو خاصة بالإضافة إلى الفوائد الكثيرة التي تم الحديث عنها فان المكتبات ومراكز المعلومات يمكنها استعمال الشبكة لأسباب أخرى خاصة بها لكونها توفر بصفتها أداة مرجعية ورصيدا هائلا من المصادر الحديثة وسهولة الوصول للبيانات الببليوغرافية للكثير من الكتب والى مقتنيات مكتبات البحث والمكتبات الجامعية في أنحاء العالم, وإنشاء القوائم الببليوغرافية وتدقيقها لمجموعات المكتبات ومراكز المعلومات على هذه القوائم والعمل كدليل للعناوين الكاملة للمؤسسات أو المنظمات في أنحاء العالم.
عالم حر من الفهارس
وبعملية بحث للفهارس المحوسبة للمكتبات ومراكز المعلومات في أنحاء العالم إذ يمكن عن طريق نظام gopher فحص أحدث المقتنيات في مكتبة الكونغرس والوصول إلى الفهارس المحوسبة للمكتبات ومراكز المعلومات دون الحاجة إلى إجراء الاتصالات الهاتفية المكلفة والجدير بالذكر أن نظام غوفر يمد المستخدم بالتوجيهات اللازمة للوصول إلى هذه الفهارس.
وتتم تنمية مصادر المعلومات بفحص العناوين الجديدة وطلبها ومعرفة وضع المصادر إذ توفر شركة black will American عبر الشبكة فهرسا للكتب التي لا تزال متوفرة في السوق.
وتوفر أيضا قوائم ببليوغرافية لمخازن ناشرين عدة ومحلات بيع الكتب
ومنتديات الحوار والتخاطب الفوري وأيضا الاتصال المباشر بالباحثين والعلماء بالتخصصات جميعها من خلال قائمة المناقشة والمؤتمرات الالكترونية إذ توفر شبكة الانترنت مئات من قوائم المناقشة الخاصة لأمناء المكتبات الأمريكية وغيرها من المنظمات بدعم المؤتمرات الالكترونية التي تعنى بالموضوعات، مثل الكتب النادرة والخرائط بالإضافة إلى استفادة المكتبة من الوصول لآلاف الباحثين والعلماء بواسطة قائمة معينة.
يشتمل الانترنت على الآلاف من المجلات والنشرات الإخبارية الالكترونية في موضوعات مختلفة أو تشبه المجلات مثيلاتها المطبوعة من حيث أنها تنشر في تواريخ منتظمة ولها محررون ومراجعون من ذوي الاختصاص وبديلاتها الورقية ويصدر عنها بالشكلين المطبوع والالكتروني مثل مجلة the scientist أما بالنسبة للمكتبات ومراكز المعلومات فان المجلات الالكترونية مثل access computer systems public ومجلة curreut cities توفر أحدث المعلومات عن استعمال تكنولوجيا المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات ويتم الحصول على الإعداد السابقة من المجلات الالكترونية من خلال بروتوكول نقل الملفات وتتوفر هذه المجلات وغيرها من المراجع والبرمجيات على الخادمات serves في الشبكة.
صفات اجتماعية
ومع كل تلك الصفات للانترنت و الخيارات الواسعة التي تمدنا بها المطالعة الالكترونية إلا أن بعض السلبيات لا تزال تشكل عائقا في انتشار الفكرة بسبب عدم وصول خدمة الانترنت لجميع الأماكن وذلك نتيجة لعده عوامل منها عدم امتلاك الشخص لجهاز كمبيوتر أو عدم قدرته على احتمال تكاليف خدمة الانترنت , وأيضا توفر المصادر الواسعة للمعلومة تلعب دورا سلبيا للتأكد من مدى صحة ومصداقية المعلومة الأمر الذي يقلل بدوره من حجم الموضوعية في الحكم على المعلومة , وعدم القدرة على تحديد مصادر المعلومات هذا ينقلنا إلى مشكلة الملكية الفكرية فغالبا ما تضيع بين دهاليز الانترنت الأمر الذي يؤدي إلى إضاعة حقوق المالكين الأصليين للمعلومة , ويشكل محتوى المعلومة الجزء الأخطر للمطالعة عبر الانترنت لعدم وجود رقابة على عملية تسلسل المعلومة بحيث نجد أن الكثير من المعلومات تكون مخالفة ومسيئة في بعض الأحيان وبهذا تصبح الحرية التي يوفرها الانترنت نقمة على هذا الزخم ألمعلوماتي الكبير وبهذا يمكننا الجزم أن العصر الذي نحن بصدده قد يشهد اختفاء الكتاب بصورته التقليدية كمصدر رئيسي للمعلومة.
كتبت اليزابيث براوننغ في مرة عن الكتاب(( انه المعلم الذي يعلم بلا عصا ولا كلمات ولا غضب...بلا خبز ولا ماء...وان دنوت منه لا تجده نائما وان قصدته لا يختبئ منك وان أخطأت لا يوبخك وان أظهرت جهلك لا يسخر منك )).
وقال آخرون في ذكر أهمية الكتاب أن الكتب ليست أكواما من الورق الميت بل أنها عقول تعيش على الأرفف فقد كان وما يزال الكاتب رمزا لمصدر المعرفة والثقافة.
والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذا التحول هل أن المطالعة عبر الانترنت تعوض عن القراءة من الكتاب ؟
بالرغم من اعتبار القراءة الالكترونية وسيلة حديثة للتثقيف فلا أجدها بديلة عن الكتاب لوجود بعض العيوب والمساوئ لكونها تسبب ضعف التركيز الناتج عن تأثير الخلايا الصوتية للشاشة على العقل الذي يبذل مجهودا مضاعفا لتتبع الأسطر والتعب الذي يشعر به القارئ من طول
فترة الجلوس أمام الجهاز لان ذلك يؤثر على الأعصاب وكما انه مع الزمن يسبب جفاف في العين غالبا ما يرافقه صداع وألم في أعلى الظهر.
لا للتقليد
ويبقى لأسلوب القراءة التقليدية رونقها وجمالها وفائدتها بالإضافة للمتعة في ملمس الأوراق ورائحة الأوراق التي تخرج أثناء قلب الصفحات التي لها صدى في داخل النفس. وبالإضافة لكون الكتاب متاحا في مختلف الحالات إذ بإمكان القارئ المطالعة في الحافلة واقفا أو جالسا ولا يستدعي مراعاة ظروف معينة أن يحرك جسمه لأنه غير مقيد بوضعية معينة في المقابل نجد الكتاب الالكتروني يلزم وضعا معينا غالبا يكون غير مريح عند بعض الأفراد ولكونها تستدعي انتباها وتركيزا ذهنيا اكبر بسبب الإرهاق مع طول فترة الجلوس.
فلا يزال يحتفي الكتاب في صفته الورقية ويعتبر الأنيس الوحيد في الوحدة والصديق الوفي وبجولة في المكتبات يمكن أن نستنتج انه قد عاد الكثيرون ليدركوا مكانة الكتاب وان موجة الانبهار بالعالم الالكتروني ستنتهي ولا شيء سيغنيهم عن الأنيس الوحيد في الحياة وهو الكتاب سيظل يزين الرفوف ويغريك لتعاود الإطلاع عليه ويسمح لك بان تستخرج ما ألهمك من أفكار ولا يقبل أن ترميه في سلة المهملات كما نفعل بالكتاب الالكتروني لمجرد أن ننتهي من قراءته بضغطة زر واحدة.
منقول