يقول تعالى مخبراً عن استعجال الكفار وقوع بأس اللّه بهم، وحلول غضبه عليهم، استبعاداً وتكذيباً وعناداً{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْفَتْحُ } أي متى تنصر علينا يا محمد؟ كما تزعم أن لك وقتاً تدال علينا وينتقم لك منا، فمتى يكون هذا؟ما نراك أنت وأصحابك إلا مختفين خائفين ذليلين، قال اللّه تعالى:{ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ} أي إذا حل بكم بأس اللّه وسخطه وغضبه في الدنيا وفي الأخرى { لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}، كما قال تعالى:{ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ [1]} الآيتين.
والمراد بالفتح القضاء والفصل، كقوله:{ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا[2]} الآية، وكقوله:{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ [3]} الآية، ثم قال تعالى:{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} أي أعرض عن هؤلاء المشركين، وبلّغ ما أنزل إليك من ربك، كقوله تعالى:{ اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ [4]} الآية، وانتظر فإن اللّه سينجز لك ما وعدك، وسينصرك على من خالفك، إنه لا يخلف الميعاد، وقوله:{إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} أي أنت منتظر وهم منتظرون، ويتربصون بكم الدوائر
{ أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ[5]} وسترى عاقبة صبرك عليهم، وعلى أداء رسالة اللّه في نصرتك وتأييدك، وسيجدون غب ما ينتظرونه فيك وفي أصحابك، من وبيل عقاب اللّه لهم، وحلول عذابه بهم وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.