من الصــــانع؟!
منذ أن وُلدت لم أر شيئا صنع نفسه . كل ما رأيته وجدته وقد صنعه صانع . أن أعرف من صانعه هذا موضوعٌ آخر لا يمت بصلة إلى ما أكتب الآن . أحيانا أعرف الصانع بنفسى دون حاجةٍ إلى من يرشدنى إليه . أحيانا يكشف الصانع عن نفسه . أحيانا أجد الصانع وقد كتب على الشيئ أنه صنعه . وأحيانا كثيرة أجد الشيئ أمامى ولم يكتب الصانع أنه هو الذى صنعه . ولكن كما أسلفت عدم ذكر الصانع لما صنعه هو موضوعٌ آخر . ربما نسى الصانع أن يكتب على الشيئ اسمه ومضى لحال سبيله . ربما سيعود لاحقا ليكتب ذلك . ربما اعتاد على ذلك . وربما هو يفعل ذلك دائما معتمدا على فطنة من سيجد الشيئ . وربما ، وربما...احتمالات عديدة ولكنها لا تغيّر الحقيقة الأساسية بأن صانعا صنع هذا الشيئ الذى وجدته أمامى . رُبّ سائلٍ يسأل: وماذا إذا كان ما وجدته شيئا غير نافع؟
ولكن مسألة النفع أيضا موضوعٌ آخر ، لا يمت بصلة لما أكتب الآن . سنأتى على موضوع النفع أو الضرر في مناسبةٍ أخرى . يجب ألا نخرج من موضوعنا الأساسى وهو أنى ومنذ جئت إلى هذه الدنيا لم يصادفنى شيئٌ في طريقى ليس له صانع ! قطعة نقدية ، لها صانع وأعرفه . علبة سجاير ، لها صانع مكتوبٌ عليها . سيارة ، لها صانع وأعرفه . تراب ، له صانع ولا أعرفه . قلم ، له صانع مكتوبٌ عليه . قطة ، لها صانع لا أعرفه . تمرة ، لها صانع لا أعرفه....إلخ إلخ !!
ولنا عودة .
عدنا يا أ. قصىّ وشكرا لتذكيرى . أحيانا أجد شيئا غير نافع كحجرٍ صغير ملقىً على قارعة الطريق . أو حشرة دقيقة جدا تكاد لا تُرى بالعين المجردة تدبّ أمامى لا أدرى لها وجهة ولا من أين أتت ... فأقول في نفسى: إن كنت لا أدرى من صانعها ولماذا صنعها فالقصور من عقلى وليس من الصانع . ثم إنى في عالم وذلك يعنى كأنى في منزل مضيفٍ لى . وليس من اللياقة أن اسأل المضيف عن كل صغيرة وكبيرة في منزله قائلا (ما هذا وما تريد به؟)..., ولنا لقاء قادم بإذن الله
هذا المقال يدخل ضمن الجدال الفلسفي للخليقة والكون ويذكرني بسارتر ورؤيته في (المنتمي والا منتمي)وبعض ما طرحه أدونيس
أخي سر الختم ..ما عدا ما يصتعه الإنسان فالباقي هو خلق وصنع الله تعالى ..لقد اعطى الله العقل للإنسان ومنحه حرية الإبداع
وهناك فرق بين الصناعة والخلقّّ فالصناعة من وحي عقل الإنسان والخلق هو من الله وللتفريق بينهما يحتاج لجرعة إيمان
وعقل متفتح يوازن ما بين الصناعة والإبتكار وما بين الخلق والتكوين ..وهذه الطروحات الفلسفية تحتاج لعقل متفتح وبذات الوقت
مؤمن إن هناك خالق
ممتن لك لهذا المقال وكان بودي الإسترسال ولكن ظروفي الشخصية ربما عائق ..كل التقدير والمودة والإمتنان اليك
صدقت أ. قصىّ ، فشتان بين الخلق والصنع . فالصنع تجميع لقطع والخلق نموّ لمخلوق كامل . وذلك مما تفرد به الله عز وجل فهو شيئٌ من أمر ربى . سنلتقى قطعا فى مناسبةٍ أخرى بعد فترة النقاهة إن شاء الله .