يا ..بلاد الرافدين .... تعترينا في المساء و في الصباح رعشة ٌ تُدعى ( وطن ) .. في عينيها المتعبتين ينبض تاريخ ُ الوطن
تتمايل الأشجار في هذيانها ... طلبا ً لبعض ٍ من النبيذ المعتّق ِ من عيون ( وطن ) ... لا تبكي سيدتي ففي مزن السماء ، يعيش
الأوفياء ... فيؤلفون لحنا ً من شظايا الروح ....من قوارب ما زالت ترسو على أرصفة ( الوطن ) ما زلت يا نهر دجلة متعبا ً
تحاول السير بالقوارب الخشبية ... التي لا تحمل عليها ، إلا شيخا ً ضريرا ً ..لم يعد للبيت منذ تاريخ الضباب ، منذ أن حل َّ الأسى ، بأشجار النخيل ...ما زال يبحث عن جسد العراق هناك ... بين أمواج ٍ محملة ٍ بزبد البحر .... ينتظر منذ ذلك الوقت
حورية ً تُدعى ( وطن ) لتعيده إلى بيته سالما ً متعافيا ً .. من موت أحلامه على أرصفة دجلة و الفرات ..... يا سيدتي ما زال الجرح ينال منّا يطاردنا ... و يطردنا بعيدا ً عن ( وطن ) بالأمس شاهدت طفلا ً عراقي الملامح و الجبين ... على يديه الصغيرتين ... تضاريس ( الوطن ) و في وجنتيه تشرق شمس الصباح و في عينيه يشتاق الغريب إلى الصياح .. أمسكت يده
و قلت له ..ما اسمك يا ولد ..فأجاب و في شفتيه تتمايل الحروف غنجا ً اسمي ( وطن ) فأجبته اسم ٌ جميل ٌ يا بني .. و أين أمك
لماذا تمشي وحيدا ً ؟ فأجاب و الدمع المُعنّى يتراقص ألما ً ليحرق وجنتيه الورديتين ... ذهبت إلى حضن ( الوطن ) .... ضممته بين ذراعي مسحت من على وجنتيه دموع الكبرياء ...و في لحظة ٍ ليست بالقصيرة ...شاهدت في عينيه لوحة ً من أرض العراق .... شاهدت نهر دجلة َ واقف ٌ عن سيره ... يعاتبني ... و ينأى بشطآنه عني ....لم أرى يوما ً نهرا ً يبكي حزنا ً كما رأيت ؟؟ يا طفلي الصغير ..... هل تسامحنا ، قل لي أنك تستطيع مسامحتنا .. فقال لي و في وجهه علامة الدهشة و الاستغراب من هذا ؟ و ماذا يريد ؟ أسامحك على ماذا ؟؟.... حسنا ً أسامحك ..... لالالالا فما ذنبي أنا إذا كنت طفلا ً لم أرى وجه وطني .... دع القدس تسامحك أولا ً ...... ساعتها لملمت نفسي و تركت روحي و قررت المسير ..لم أقل للطفل وداعا ً ..و لم يسألني اللقاء ....... وما زلت أبحث عن ذلك الطفل الذي يُدعى .....(وطن ) .
التوقيع
أحنُّ إلى خبز أمي
و قهوة أمي .. و لمسة أمي
و تكبر فيّأ الطفولة .. يوماً على صدر يوم
و أعشق عمري .. لأني إذا مت ُ أخجل ُ من
دمع ... أمي ...