على سفح جبل تنام احدى القرى الفلاحية التي تتربع أراضيها الفلاحية على مساحات معتبرة بامتداداتها السهلية التي تقطعها الكثير
من الأودية التي نمت على ضفافها أشجار شتى وترعرعت لوجود مياه الينابيع التي أصبحت موردا ومقصدا لسكان القرية
لما يسد حاجياتهم من شرب وسقي وأغراض منزلية . لقد كانت القرية تحيط بها الغابات من كل الجهات التي تقطعها بعض الطرقات التي أنشأها
حراس الغابات لتسهيل مهامهم في التنقل بسياراتهم الخاصة وهذه الطرق جعلت من الغابة متنزه يقصده كل نهاية أسبوع أعدادا
كبيرة من سكان المدينة التي لا تبعد عن القرية رهاء ثلاثون كيلومترا لقضاء بعض الوقت للمتعة والاستجمام حتى أصبحت قبلة
للزائرين والسواح لما تمتعت به من غطاء نباتي من الأشجار والنباتات المتنوعة .
لقد عنيت حقول القرية بنشاط فلاحي دائم طيلة السنة من طرف الفلاحين وأسرهم ناهيك عن السهول الممتدة هنا وهناك التي يقوم
الفلاحون ببذرها وحرثها كل موسم خريف لكن الذي يؤرق الفلاحين ويعكر سعادتهم سطوة الخنازير على البساتين والحقول التي تخرج
ليلا لتدميرها وفسادها مما جعل سكان القرية يستعدون لمحاربة هذا الكم الهائل من الخنازير التي لا تترك كل ما يصادفها أثناء زحفها
ليلا رغم مطاردة الكلاب لها والتي لم يكن بوسعها مقاومتها و أودت بكثير منها للهلاك .
لقد اجتمع سكان القرية وعلى رأسهم عميد الفلاحين الشيح منصور وأجمعوا على محاربتها واصطيادها لكن دون جدوى لتكاثرها
وانتشارها في كثير من المناطق الجبلية والغابية بشكل مذهل ورهيب حتى أصبح يراها العام والخاص في وضح النهار .
ومن الخطط التي انتهجتها الحكومة لمحاربة هذه الآفة المدمرة من طرف المسؤولين بوزارة الفلاحة والبيئة بعد سبر آراء الكثير
من الفلاحين في عدد كبير من القرى حيث اهتدوا إلى اقتناء عدد من الأزواج من اناث وذكور الضباع واطلاقها في الغابات حيث تتواجد
الخنازير والقضاء عليها .
لقد أطلقت الضباع في الغابات ووجدت في الخنازير مصدر غذاء لها وبدأت تتكاثر بعدما انقرضت منذ حقبة من الزمن لتبعث من جديد
بقرار حكومي وبالفعل بدأت الخنازير تتضاءل وبدأ خطرها الداهم يزول تدريجا وحلت الضباع مكانها فأصبحت تهاجم الحيوانات الأليفة
في القرية لسد حاجياتها الغذائية لأن الغابة لا تحقق التوازن الأيكولوجي لمثل هذه الحيوانات الفترسة التي تضعف الأسود في مقاومتها
وهذا ما جعل الفلاحون يتذمرون من وجودها وشرها المستطير .
ولما شاع خبر انتشار الضباع في الغابات المجاورة للقرية ومهاجمتها حتى حراس الغابات بدأ سكان المدينة يعزفون عن الخروج لقضاء أيام
نهاية الأسبوع وبدأ هلع السكان يزداد بعدما أصبحوا يرونها عن قرب .
لقد قرر الشيخ منصور مع معية من الشباب التخلص من هذا الخطر الداهم وبدأوا في اصطيادها بعدما سطت سطوتها في القرية وأصبحت
حياة الناس غير آمنة لكن دون جدوى لأن هذه الحيوانات أصبحت محمية بنصوص قانونية وتشريعة تمنع محاربتها .
---------
تواتيت نصرالدين
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه
آخر تعديل تواتيت نصرالدين يوم 11-07-2018 في 01:07 PM.
عن حياة الإنسان ، التي لم تعد تهم الكثير في هذا العالم
عموماً أخي الكريم نصر الدين حكايتك جميلة ، سردتها
بأسلوب قصصي جميل ، كما أنك أنعشت الذاكرة بوصف حياة
الفلاحين الرائعة ، وقراهم الوادعة الهانئة ، كم هي حياة جميلة حياتهم
بوركت أيها الشاعر الكريم ، ودام يراعك ،، تقديري
لقد توصلت أسناذة بسمة إلى الهدف والمبتغى من وراء هذه القصة المستوحاة
من الواقع بقراءتك المتمعنة . كما أكبر فيك حبك وتعلقك بحياة الريف التي يعيشها
الفلاحون . تحية تليق ودمت في رعاية الله وحفظه.
التوقيع
لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه