{{إلى كل الذين تقزموا بفعل تغير المناخ ؛ وتغير تضاريس الوطن.
لأن الألحان ليست ألحانهم. إنما لطبول الخواء. التي تشكلت من البكتيريا
وما جاد به العفن ..!}}
{{مو حزن.. لكن حزين
مثل ما تنقطع جوّا المطر شدّة ياسمين
مو حزن لكن حزين
مثل بلبل قعد متأخر.. لقى البستان كلها بلاي تين
مو حزن لكن حزين..
مثل صندوق العرس ينباع خردة عشق من تمضي السنين ..!
( الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب )
في أيام من سبقونا في الوجود والعيش، كان { لصندوق العرس} مقامات.
تتفاوت في رقيها، في شكلها وجمالها.. حتى في حجمها الذي تحكمه أمور عدة.
منها الوضع الاقتصادي والذي كان سيئا على الأغلب. هكذا كان وضع الناس، باستثناء
بسيط لبعض العائلات التي شاء القدر أن تنعم بخصوصية الثراء !
إذن..
كان للصندوق مقامات..ولم يخلو الأمر من طرفة هنا،
وقصة هناك.. حتى صار للصندوق قصص وحكايات.!
الصندوق : قطعة أساسية، وضرورية، في البيت. وعلى الراغب في الزواج أن
يتجهز لإحضاره وتقديمه لشريكة حياته القادمة من بيت أهلها. حتى وان كانت في
بيت أهلها تعيش من غير صندوق خاص..أو.. تتشارك وأخواتها بصندوق واحد.
هذا الصندوق كان يحمل كل أسرار البيت وأسباب سروره ؛ ألم البيت وآماله.
كان خزانة غرفة النوم.
الجزء المهم في غرفة النوم التي تأخذ الكثير من الأيام، لتبدعها يد النجار. يبدأ صناعتها
بحسابات دقيقة ليتوافق إنجازها مع موعد الزفاف المنتظر، أو.. يسبقه قليلا. وخلال ذلك
يروح العريس والعروس يرافقهما
(أخت العروس الصغيرة.دقيقة الملاحظة.. السمراء، ذات الشعر المجعد.)
مرات.. ومرات إلى النجار قبل اتخاذ القرار الأخير والاتفاق على الشكل النهائي
الذي ستكون عليه غرفة النوم.
(هذا ما يحدث اليوم )
أو.. ما كان يحدث في زمن قريب. بينما الصندوق القديم، صندوق العرس. كان على
اختلاف أشكاله يبدو بشكل واحد. كل الصناديق لها نفس الشكل. ربما أختلف اللون ..
وربما اختلفت أحجامها.(زركشتها) برسومات وألوان مختلفة. ترصيعها بالخرز والصدف
وأشياء أخرى. يحدد هذا قدرة العريس المادية. هذا ما يحدد ما سيكون عليه صندوقه ..
هذا إن لم يكن ورث صندوق أمه.!
بقي الصندوق يصول ويجول في أرجاء البيوت حتى بعد اكتشاف (الساطرة. )
(والساطرة) بشكلها الهندسي ليس فيها ذلك ( التجويف ) العميق،كالذي يملكه
الصندوق، لذلك حافظ الصندوق على مكانته، وإن نقصت قليلا.!
ولان التطور الحضاري والإنساني كان سريعا، متلاحقا. كانت قيمة الصندوق تتناقص
بتدرج مريب. ومقاماته صارت مهددة بالإطاحة .. فقد ظهرت (النملية ) بشكل مفاجئ..!!
ثم ظهر ( المطوى ) وهذا التهديد كان يًنذر بالتلاشي.. وكان واضحا أن الصندوق
بدأ يشيخ ..!
وخصوصا أن (المطوى) حمل على ظهره أغلب أعباء البيت وفراشه. كان تهديدا صريحا
وواضح (للصندوق ) فمسؤولية الحمل الخارجي، أو ما يُحمل على الظهر لم تعد من مهماته
وإن بقي من الداخل يحمل أعظم الأسرار...والأوزار.!!
تسارعت الأيام، تسارعت الحضارات. ومع مرور الأيام تطور الناس وتطورت الصناعات.
صارالصندوق مثل معمر يجلس على صخرة بجانب باب الدار. يراقب الأطفال إذا لعبوا،
ويسأل النساء عن صوت الآذان ..ثم يقضي وقته ما بين صلاة ؛ وصلاة.. في انتظار الأجل.!
صار للصندوق استخدامات أخرى في البيوت التي احتفظت به، وبقي مقيما فيها. يحمل الوثائق
القديمة وأشياء لا يريد مالكها أن يطلع عليها الناس. ما عاد يحمل سر العروس وما تخبئه
لشريكها حين يعود في المساء. لم تعد تفوح منه رائحة المسك والكالونيا وعطر (البروفسي)
وجاء زمن بدا فيه الصندوق مثل مسن تهرب منه الذاكرة. لا يحمل بداخله إلا القليل من الذكريات
المتهرئة، تفوح منه رائحة ( الفشك ) وقنابل يدوية ( مبردة ) مر عليها الكثير من الوقت
دون مناسبة، وربما مر (أمل قصير القامة)..وفكرة ترددت كثيرا قبل هذا السبات.. لم تنفجر
وأبدا .. لن تنفجر.!
وهكذا .. لم يعد للصندوق أي مقام في هذه الحضارة وسطوتها حتى اختفى. ما عاد أحد يحتاجه
ما عاد أحد يذكره، أو.. يتذكره.!
ويقال : أنه في زمن ما...
إن عثر عليه ــ مصادفة ــ في مكان ما.. تحت ملكية أحد ما، يهرع كل مهتم لمعرفة أسرار
هذا الصندوق. فسيرته مهمة جدا في تحديد قيمته، ومقامه. يهتم الجميع بنسبه الأول..
من الذي اقتناه أول مرة .. أول عروس خبأت فيه عطرها، ومنديلها الأبيض.. أو..
(الزهري ) أول ثائر جمع فيه الرصاص.. وهكذا .. وعلى أساس المعلومات المتوفرة
يحدد له الثمن الذي يستحق في سوق ( الخردة)
يعود الصندوق إلى ارتحال جديد، من بيت.. إلى آخر.. إلى فيلا، وربما إلى قصر.
يلبس حلة جديدة على اعتبار انه ( تحفة ) يتبارز بها من يقدرون على دفع ثمن
ما لا يلزم لحياتهم ..!
والصندوق يقبع في أمكنة مختلفة بهدوء.. وصمت يشبه إلى حد ما (صمت) العبد في
أزمنة كانت تٌسيد الأسياد.. وتمتهن العبيد..!
ويقال :
أن بعض الصناديق بقيت على قيد الحياة، خارج متطلبات العمر. تعيش في أقبية عميقة
تحمل في داخلها ما هو أعتق منها في الوجود.. وهي تنتظر زمنا آخر تطل منه.. وبعض
الصناديق كان مصيرها (المزابل ) البعيدة عن المدينة وضجيجها..خارج الحضارة والزمن.
وبعضها، امتلكها بمحض صدفة فقراء أبت الحضارة أن تطاوعهم.. أو.. أنهم لم يتمكنوا من
تطويعها. وربما أنهم لم يرغبوا بتطويعها. فخبئوا فيها اليسير من مقومات أحلام بعيدة.
وبعضها لم يظهر مرة أخرى، لم يُعثر عليها.. ربما أنها انكسرت مع الأيام.. وتفسخت..
أو أنها كانت حشوة مناسبة في مدفأة ما .!
التوقيع
قبل هذا..ما كنت
أميـــز..
لأنك كنت تملأ هذا
الفراغ..صار للفراغ
حيــز.!!
ما اجملها من ذكريات
كان عندي صندوقين
احدهما يحتوي على صور العائلة
ولكني تركتها ما تركت لدى خروجي من وطني في تلك الليلة السوداء
وربما بيعت بعد ذلك على يد من سرق كل محتويات البيت
الموضوع لامس الجرح بكل ما فيه من وجع
اللّه....اللّه....أغرقتنا في جمال وبهاء تقاليد غابرة لم يعد لها مكان غير ذاكرتنا
أشياء حافظوا عليها ومنحوها من وجدانهم ولمساتهم وفكرهم الكثير....
تبدّلت الأزمنة أخي الغالي والدثرت تقاليد وحلّت محلّها حضارة وتطوّر عصفت بها فلم نعد نراها ...
الصّندوق بأسراره بحكاياه بكنوزه لم يعد غير ذاكرة عند جيلنا نحن من واكبه ...
أتدري أخي أنّي أحتفظ بصندوق خشبيّ مزركش على ملك المرحومة والدتي كانت تحفظ فيه أشياؤها العتيقة من "مرود الإثمد" إلى قلادتها العنبريّة التي صنعتها لها جدّتي بمناسبة زفافها ...
الى مرآتها الصغيرة إلى قوارير عطرها..وكم كنت أعتقد أنّي سأجد فيه كنوز سليمان ومال قرون غير أنّ الا أنّ مافيه لا يقاس بثمن فما وجدته فيه هو أثمن بكثير من المال والمجوهرات...
ما أروع نصّك وما أجملمعانيه
نبشت فيّ مشاعر تدفق منها الدّمع سخيّا ....فبعض الأشياء غابت مع أصحابها ولن نقدر على ابتداعها أو تقليدها مهما فعلنا
نصّ راق أدعو الى تثبيته ...ليكون شاهدا على جمال زمنهم الغابر
مداد واسع للذكرريات ، يفوح من خلالها عبق الماضي
البعيد ، وحتى القريب ، رحم الله جداتنا وأمهاتنا اللائي
أورثننا هذا الجمال القيم .
وشكراً لأسلوبك الشيّق الرائع أخي الكريم محمد
قد تم التثبيت ،، مع التقدير
ما اجملها من ذكريات
كان عندي صندوقين
احدهما يحتوي على صور العائلة
ولكني تركتها ما تركت لدى خروجي من وطني في تلك الليلة السوداء
وربما بيعت بعد ذلك على يد من سرق كل محتويات البيت
الموضوع لامس الجرح بكل ما فيه من وجع
حماكم الله
تحياتي
همسة
تم نقل الموضوع بعد اذنكم للقسم المناسب
في البداية أعتذر عما سببته لكم من ألم سيدتي المكرمة وأديبتنا الفاضلة
عواطف عبداللطيف (روح النبع) سيدة هذا الموقع الدافئ والودود.
من المؤسف فقدان الصندوقين معا والمؤلم ان يكون ذلك عند لحظة رحيل
وهجرة قسرية ..موجع ان يسلب المرء أشياءه الخاصة ولا يدري أين بيعت
واستقرت..
عافاكم الله تعالى من كل وجع ومكروه وأعاد لكم الأمن والطمأنينة والسكينة
والعراق الذي لأسمه وقع مهيب في النفوس...وقاتل الله تعالى الخونة والعملاء
ومن وظفهم كأمريكا ودولة صهيون والدول العربية المتخاذلة.
(بالنسبة للنقل الأمر لكم سيدتي فأنا لا أعرف كل أقسام المنتدى ولا تقسيم
هذه الموضوعات التي لا هي بالقصة ولا بالخاطرة، لذلك لا أذن لنا إن كان
النقل بناء على ما تقسيمات منطقية أنتم أعرف بها أكثر مني.}
التوقيع
قبل هذا..ما كنت
أميـــز..
لأنك كنت تملأ هذا
الفراغ..صار للفراغ
حيــز.!!