شوية / برشا / بزاف ضحك / زهراء

سيادنا الاكارم
ها واحد السلام عليكم
اليوم بالذات شدني حنين غريب وقوي وقلت والله حتى نشاركو معكم

في الحقيقة بعض المرات يسكني الضحك
نبقى نضحك نضحك نضحك حتى تلوى كرشي من الضحك
لما كنت صغيرة كانت جارتنا لالة فطيم تقوللي:
"ضحكي ابنيتي مادام الضحك مواتيك وقادرة ضحكي ""وتختمها بتنهيدة
وكنت نفهم باللي خاصني نضحك ،ونبقى نضحك ونقوي في صوت الضحك ، حتى يخترق الحيطان ديال الدرب
كان صعيب نفهم كلامها وخصوصا ذيك التنهيدة
كنت صغيرة وكنت زْوينة وكنت نقية وكنت على دقة فرح لا ينتهي
ما كانش عندي بزاف اختيارات مادية
كنت على قد الحال بدقة أكثر : كنت فقيرة
ولكن دون حتى حساسية حيث كل الدرب كان على قد الحال وكان فقير
كنا عائلة وحدة
إذا جهز ​طبيخ جارة ناكل منه جميعا
وخبزنا خبز الجميع
حتى واحد ما كان يموت جوعا
حتى واحد ماكن ينقص ثياب
الكل كان واكل شارب ولابس
ومازال في ذاكرتي صورة التلفاز في بيتنا الصغير والعادي جدا
كانت الجارات : لالة فطيم / مّي محجوبة / مّي زينب المراكشية / خالدة / مّي الهراوية / والحاجة الزوهرة
هاد الجارات الغزالات تاتي الى أمي باش يتفرجوا على مسلسلات لبنانية وغير ضحك: / قولها وضحك عليها /
كان البطل اللي كيطلقو عليه / الولد / الوجه الوسيم عبد المجيد مجذوب وشاشي كابور ديال الهنود
كنا نسمعو وشوشاتهن على عبد المجيد مجذوب
""غزال تبارك الله الزين والثبات "" ويتنهدن سرقة على ازواجهن
مممممم كنا فاهمين الحكايا

كانت الحياة هادئة وزوينة بزاف
ولما كبرنا حنا البنات ودخلنا في سن المراهقة
كان حبيبنا هو عبد المجيد مجذوب
وخوليو اكلسياس ومارسيل خليفة
وعلى طول الشارع اللي كيربط ما بين دارنا وعين الذياب الكورنيش نغني ونرقص
نغني الوطن مع مارسيل والحب مع شاشي وعبد المجيد وخوليو
ما كناش نعرفو معنى الحب
ولكن كنا نغي الحب كل أغاني الحب
""
زي الهوا يا حبيبي زي الهوا
وآه من الهوى يا حبيبي آه من الهوى
وخذتني من إيدي يا حبيبي ومشينا
تحت القمر غنينا وسهرنا وحكينا
وفي عز الكلام سكت الكلام ""
الله الاسمر العندليب
كلامنا كلو ضحك
لما كانت مّي الزوهرة تجي من فرنسا كانت ترمي لينا من خلف الستارة الفاصلة بينا وبينها ال/ bonbons
""هاكو يا البنات البونبون ""
مي الزوهرة نقولو bonbons
ترد بغضب: شكون كان في فرنسا انا ولا انتم يا البراهيش ؟؟
ننفجر ضحكا دون أن تظهر أسنان العقل
كان العقل تارك لينا مساحة الضحك / مساحة كبيرة بزاف للضحك
كان على ميعاد موثق مع ما سيأتي

وكبرت وهاجرتُ
ورجعت لنفس الحي / حينا الزين / بعد عام؟؟ عامين؟؟ أعوام ؟؟
كل ناس الحي تقريبا رحلو .. وبعض الدور رَابُو ومنهم دارنا القديمة
لما سمعت بأن الدار اللي تولدت فيها / رابَت / تهدمت
بكيت بحرقة
قالو في الأخبار : دار مي الزوهرة الله يرحمها : هي السبب / هي اللي سقطت على جميع الدور اللي كانو لاصقين فيها وسقطوا بالتتابع
ولما سمعت باللي كثير من الجيران توفو الله يرحمهم في غيابي
بكيث بحرقة
وتذكرت قول جارتنا لالة فطيم
""ضحكي يا بنتي العزيزة مادمت قادرة على الضحك ""
وفهمت ذيك التنهيدة الحرى ..
ورجعت نضحك
نضحك على كل شيء
على الوجع على الفرح على الفتنة على الغْبينة على السّموم على الهجرة
نضحك على نفسي لما أٌقف قدام المرايا ونوشوش لنفسي : شحال نتي زوينة يا الغزالة ..وأنفجر ضحكا مني علي
أصبحت نضحك حتى على الموت
ففي كل موت أحس بالجوع إلى الضحك فأضحك كثيرا ما أضحك
في موت والدي رحمه الله ضحكت جوعا فغضبت العائلة وقالوا باللي عندي زايد ناقص يموت / بابا الحبيب/
ظلموني؟؟ ايه ولا واحد فيهم فهم هذاك الجوع اللي كنت فيه

""ظلمونى الناس ... ظلمونى والجانى سابوه واتهمونى
ظلمونى الناس
ظلمونى والحق معايا وسقونى من مر أساهم
""

ساضحك فـ حتى شيء في هذي الدنيا الفانية يجعلنا نبكي ونحزن
فكل شيء مقدر من العلي العظيم
فلنضحك ..
زهراء / قدام باب مراكش في المدينة القديمة /


ملاحظة
رَابَ : بالفتحة يعني تهدم
مْواتيك: يليق بك
دْيال : تعني الشي الخاص بـ فلان
بزاف: كثير
هاكو / هاكم وخذوا
البراهيش : جمع برهوش وهو الطفل اللي ما وصل البلوغ بعد وهي ذات أصل أمازيغي
وتطلق أيضا في بعض مناطق المغرب العربي على بطيء الفهم والغبي

بونبون bonbons وهي الحلوى candies

قرأت هذا النص المحكي المؤرخ لزمان مضى من عدة عقود
لقد عشت تفاصيله التي لا تفصل فواصله طبيعة الحياة في مغربنا
الكبير وما تتميز به البيئة الطبيعية والإجتماعية .
تحية تليق أستاذة زهرة على هذا السرد الذي يوقع لماض قريب
بدأ في التلاشي .
دمت في رعاية الله وحفظه

كانت الحياة بسيطة والعوائل تتعاون بالحلوة والمرة
النفوس نقية
كان الحب يملأ القلوب وتسير الحياة وفق ذلك
و الضجك يخرج من القلب

نص جميل فيه من الذكريات والحنين للماضي الجميل

دمت بفرح
محبتي

ربما حاولنا التأقلم مع واقعنا بما فيه من مصائب وأهوال نمر بها
ولكنها هي الحياة التي لا تخلو من مواقف نستعيد عبرها شيئا من طبائعنا
ولله الأمر
دمتم بخير

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تواتيت نصرالدين     قرأت هذا النص المحكي المؤرخ لزمان مضى من عدة عقود لقد عشت تفاصيله التي لا تفصل فواصله طبيعة الحياة في مغربنا الكبير وما تتميز به البيئة الطبيعية والإجتماعية . تحية تليق أستاذة زهرة على هذا السرد الذي يوقع لماض قريب بدأ في التلاشي . دمت في رعاية الله وحفظه

بارك الله فيك أستاذ نصر الدين
كنت أعتقد بأن النص سيبقى صفرا
لكن حضورك زرعه نبتا مخصبا
حفظك الله خويا الفاضل

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عواطف عبداللطيف     كانت الحياة بسيطة والعوائل تتعاون بالحلوة والمرة النفوس نقية كان الحب يملأ القلوب وتسير الحياة وفق ذلك و الضجك يخرج من القلب نص جميل فيه من الذكريات والحنين للماضي الجميل دمت بفرح محبتي

الفاضلة عواطف
صدقت تلك أيام باتت خوالي ولن تعود
لقد تغير الحال إلى الأسوأ للاسف الشديد
و الرجاء في الله
من يدري قد يتغير كل شيء وتعود نقاوتنا عنوان تقدم
من يدري

شكرا كبيرة لحضورك الرائع

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألبير ذبيان     ربما حاولنا التأقلم مع واقعنا بما فيه من مصائب وأهوال نمر بها ولكنها هي الحياة التي لا تخلو من مواقف نستعيد عبرها شيئا من طبائعنا ولله الأمر دمتم بخير

لخصت النص في ما تفضلت به أخي الفاضل
نعم ولله الأمر من قبل ومن بعد
ولنا في الذكريات متسع من ابتسامة مخبأة
شكرا كبيرة وممتنة جدا