نفحاتبقلم: حسين أحمد سليم أفعمَ الله أردانَ الأرضِ بشذا السّماءِ ولكنَّ الإنسانَ أفسدَ فيها وسفكَ الدّماءَ. كُلُّ ما في الوجودِ يبتهلُ ويخشعُ لله إلاَّ من استكبرَ وجحدَ وكفرَ بآياتِ الله نورُ الله يتكوكبُ جذلاً على عرشٍ من الأنوارِ والملائكةُ تُسبِّحُ له ليلَ نهار. الأرضُ التّاعسةُ المرذولةُ الرّاجسةُ أنبتتِ في تُربتها سُلالةُ الأبالسة. خلقَ اللهُ البرايا وتركَ لهمُ الخيارُ فغلبت وساوسُ إبليسَ في نفوسِ الأشرارِ. عندما يتسلطنُ الشّيطانُ على العالمِ تنحني لهُ الرّقابُ ذليلةً مُعفّرةً. عندما تَغلُبُ إرداةُ إبليسَ تنقادُ لهُ الدّنيا مطيّةً مُسخّرةً. شاء اللهُ دنيانا مودّةً ورحمةً في الحُبِّ والعطاء وشاءها إبليسُ نزواتاً للشّرِّ والظّلمِ والبغضاءِ. أقدارُ الإنسانِ تتلاعبُ بها الأهواءُ الرّعناءُ إذا ما النُفوسُ وسوستْ لها الشّياطينُ والأبالسةُ. مصائرُ الإنسانِ ترسمها الإراداتُ الشّوهاءُ إذا ما النّفوسُ راودتها شرورُ الوسواسِ الخنّاسِ. كانتِ الأرضُ بِكراً طاهرةً جرَّعها الإنسانُ عُصارةَ الشّرورِ فأضحت تاعسةً عاهرةً. الأرضُ أضحتِ سكرى في هذا الزّمانِ من تجرّعها عصيرِ الزّنى والمسكنةِ والظّلمِ والفجورِ والبهتانِ والزّورِ والشّرورِ. إذا غدتِ الضّمائرُ سكرى بمفاسدها تحوّلت صروحُ الفضائلِ طلولاً وأنقاضاً. إذا سادتِ المفاسدُ في المجتمعاتِ غدت مواقفُ العِزِّ من الذّكرياتِ. إذا سادَ الجهلُ في المجتمعاتِ تقزّمَ العالمُ وغاصَ في مناقعِ الظّلاماتِ. إذا حكمَ الظّلامُ تزعزعت قواعدُ الحضاراتِ وذُلِّلتْ حصونُ المجتمعاتِ. إذا غاصَ الحُكّامُ في مناقعِ الظّلامِ فعلى الدّنيا ومن فيها السّلام. إذا جثا الشّعبُ لسلطةِ الظُّلاَّمِ رانَ على عقولهم وصدورهم وقلوبهم الظّلام. ثورةُ الرّفضِ للظُّلمِ أجدى من البُكاءِ على الواقعِ الأليمِ. عندما تُهانُ الأوطانُ وتُستباحُ الأعراضُ ونُمارسُ الصّمتَ ونسكت يكونُ وجودنا قد أمسى مرآةً للذُّلِّ. إذا تحطّمتْ أقلامُ الحقيقةِ والجرأةِ سادَ البهتانُ المجتمعاتِ. إذا تكسّرتْ جرارُ المحبّة توالدتْ الكراهيّةُ والأحقاد. إذا عمَّ الكُفرُ البلادَ زالَ نورُ الإله من قلوبِ العباد. قهقهاتُ الأبالسةِ في الأسماعِ وساوسٌ ومفاتنٌ وإغراءاتٌ. لا يرجمُ وجهَ الحقيقةِ إلاَّ أعمى البصيرةِ. من باعَ نفسهُ للشّيطانِ سكنَ الشّيطانُ نفسهُ. إذا قلَّ الحياءُ قلَّ معهُ كُلَّ شيءٍ. إذا سادَ الحَقدُ والشّؤمْ تعملقَ ماردُ المكرِ واللّؤْم. عندما تموتُ الإنسانيّةُ في النّفوسِ تخفقُ رايةُ الفناءِ فوقَ الرّؤوس. إذا تساقطَ الفرحُ من النّفوسِ سكنها الحُزنُ واليأسُ. إذا دانتْ النّفوسُ لعبادةِ الشّهواتِ ذُلّتْ في النّفوسِ شمخةُ الحياةِ. شاءَ اللهُ الحياةَ هدياً للحيارى وشاءها إبليسُ خمّارةً للسّكارى. من استبدّتْ برؤوسهم الأطماعُ تحكّمتْ بأجسادهم الأوجاعُ. الحُكّامُ الظّالمونْ بِجراحِ شعوبهم يُتاجرونْ وفي دمائها يَلِغونْ ومن كؤوسِ الدّنسِ يشربونْ ومن فعلِ الذّلِّ يتباركونْ. لا تنقضُّ كواسِرُ الأطيارِ إلاَّ على الجِيفِ الأقذارِ. إذا تعاظمتْ في الأرضِ المُوبقاتْ تكاثفتْ على من فيها اللّعناتْ. الأرضُ مقبرةُ الأحياءِ والأمواتْ والنّاسُ فيها يُصارعونَ بينَ الحياةِ والموتْ. الكهوفُ الظّلماءُ لا تسكنها إلاَّ الحشراتُ والأقزامْ. تُعشِّشُ عناكبُ النّفوسِ في كهوفِ الصّدورِ التي لا تراها أشِعّةُ الشّموسْ. إذا دبَّ الجهلُ في النّفوسِ اللّئامْ دبّتْ في زواياها العُقولُ دبَّ الهوامْ. الأنثى العاهرةْ لا يُساكنها إلاَّ الفُجّارْ. من جفَّتْ في عروقهِ ماءُ الحياءِ والوقارْ اشتعلتْ في صدرهِ نارُ الشّهوةُ والعارْ. نفوسٌ تشتعلُ بالشّهواتِ والعارْ وجبَ إحراقها بالكبريتِ والنّارْ. من يُعاقرُ العجوزَ العاقرَ الشّمطاءْ لا يحملُ في وجدانهِ إلاَّ الأفكارَ التّافهةَ السّوداءْ. ما الأرضُ في ضميرِ الكونِ سوى نُقطةٍ في بحرِ الوجودْ. الأرضُ دميةٌ غدتْ تتلاعبُ بها النّفوسُ الفاجرةْ والزُّمرُ الكافرةْ والحُكّامُ الظّالمةْ والدّولُ العاهرةْ. الجهلُ سِجنٌ حقيرْ وعبوديّةٌ للفقيرْ. الجاهلُ أعمى ذليلْ والعالمُ حُرٌّ بصيرْ. من يعيشُ في سراديبِ الظّلمةِ يموتُ وعيونهُ لمّا تتفتّحْ. البشرُ قُطعانٌ يبصُقها جوفُ الأرضِ لتعيشَ في عذاباتِ الحياةْ. الإنسانُ وحشٌ مُتمدّنٌ يزحفُ فوقَ المقدّساتِ ليسفُكَ الدّماءْ النّتنةَ بالضّحايا البريئةْ. حُكّامٌ بُلهاءْ عقولهم جوفاءْ وأقوالهم نكراءْ وأفعالهم رعناءَ رجساءْ أشعِلوا الثّورةَ في عروشهم القبيحةُ والخواءْ. حُكّامٌ يُمجّدونَ نفوسهم صباحَ مساءْ اسخروا منهم والعنوهم مع كُلِّ صباحٍ ومساءْ. الإنسانُ حيوانٌ ذو قلبٍ ولسانْ يرسمُ دوائرَ الزّمانْ. حُكّامُ العصرِ طينةٌ قذرةٌ وخليطٌ حقيرٌ من الشّهواتِ يدورونَ في فلكِ الهوانْ. حُكّامٌ يشربونَ نخبَ الدّماءِ ويرقصونَ على جُثثِ شعوبهم مُجرمونَ كافرونَ مُستكبرونْ. من خُلِقَ من الرّغباتِ السُّفلى وتكوَّنَ من الميولِ الرّعناءْ وحشٌ من طينةٍ قذرةٍ ملساءْ. لا يتمتّعُ بأدنى مُقوّماتُ الإنسانيّةِ من يتخلَّقُ بحمّى الفجورْ والجنونُ المحرورْ. من فُطِرَ على الباطلِ والبهتانْ يعيشُ لمشيئةِ الشّيطانْ. من جُبِلَ بالحِقدِ والشّرِّ والحسد لم ولن ولا ينعمَ بمشيئةِ الواحدِ الأحدْ. حُكّامُ العصرِ وحوشٌ مخالبهم شفراتٌ ماكرةْ وأنيابهم خناجرُ غادرةْ وابتساماتهم خِدعٌ باهرةْ. عندما تسكنُ الشّهواتُ والأطماعُ والميولُ والغاياتُ نفسَ الإنسانِ يتحوّلُ إلى ثورٍ هائجْ. الضّميرُ الجريحْ والعقلِ المنزوفْ والحِسُّ الدّامي نذيرُ الشّؤمِ واللّؤمْ. تفرحُ الورودُ وتنتشي الأزهارُ في تعطيرِ الأجواءِ بالطّيبْ. تغتبِطُ البلابلُ والعصافيرُ عندما تُشجي الآذانَ بموسقاتِ التّغاريدْ. تُسعدُ الثّمارُ وتفرحُ عندما تُطعِمُ الجياعَ الباحثةُ عن القوتْ. تنتشي الينابيعُ غزارةً عندما ترتوي من معينها العطْشى للمياهْ. ما أتفهَ من لا يسعى إلاَّ لإشباعِ غرائزهِ ولا يرى في الوجودِ إلاَّ وجودهْ. الخمّارةُ الدّاعرةُ لا يؤمُّها إلاَّ التّائهونْ. من ضلّتْ نفوسهمْ وزلَّتْ أقدامهمْ يسقطونَ في جوفِ المعاصي. من تجتاحُ الأفكارُ السّوداءْ تفكّرهِ يتراقصُ جنوناً على نقرِ الدّفوفِ وقرعِ الطّبولِ في ليالي العربدةِ والسّكرْ. الأفكارُ الشّوهاءْ لا تأتي إلاَّ من الأفاعي الرّقطاءْ. لُهاثُ الخطيئةِ يُسمّمُ نسائمَ الفراديسْ. الأخيلةُ الجحيميّةُ تُجمِّرُ الرّؤى الطّريئةْ. عندما تُضاجعُ أفكارُ الثّعابينِ الأرضَ تتمخّضُ وتلدَ الغدرَ والخيانةْ. الفضيلةُ عروسٌ أرملةٌ تندبُ مذلّةَ البشرْ. ساقطةٌ في أتونِ العذاباتِ تلكَ النّفوسُ الموشّحةُ بالرّذيلةِ. الأرضُ امتلأتْ برهبةِ ضجيجِ البشرْ. تضيقُ صدورُ القبورِ برهبةِ صمتِ الأمواتْ. التّناسلُ ملهاةُ البشرْ والمقابرُ مثوى للبشرِ وقدرْ. قايينُ قايينْ من نسلكَ ذُرّيّةُ قتلةِ الأنبياءْ. لا باركَ اللهُ في سُلالةِ الكبريتَ والنّارْ. نسلُ سدومَ ذُرّيّةُ العارِ والشّنّارْ. الشّجرةُ السّوداءْ لا تَلِدُ إلاَّ الثّمارَ السّوداءْ. الجذوعُ كما الأغصانُ وقودُ النّيرانْ. واهمٌ من يعتقدَ أنّ الآتي أفضلَ من الماضي فالكُلُّ سواءْ. حُشودُ الكُفرِ والمهانةِ أبناءُ العارِ الزّنيمْ ووقودُ الجّحيمْ. قُبحُ الخطيئةِ حشرجةُ الموتِ في جسدِ الخيانةْ. عندما تهِبُّ عواصفُ الأنوارْ تصفعُ عتماتْ الظّلامْ. من رفعَ هياكلَ القداسةْ قوّضَ معابِدَ النّخاسةْ. من رفعَ صروحَ البِناءْ اجتثَّ البُنيانَ المُهتريءْ. إذا دوّى بوقُ الحقِّ لعلعتْ ساعةُ الحسابْ. إذا هبّتْ أعاصيرُ النّورْ اقتلعتْ جُذورَ الظّلامْ. إذا تنفّسَ الفجرُ بالأنوارْ ترنّحتْ أبالسةُ الليلْ. من هالتهُ الحقيقةُ بالصّدمةِ قذفتْ بهِ في وجهِ سُلالةِ الظّلمْ. من فاتهُ النّورُ الأعظمْ حلّتْ عليهِ لعنةُ القضاءْ. لا تيأسْ من رحمةِ الله إلاّ عفاريتُ الليلْ. الظّالمونَ والمستكبرونْ والعُتاةُ والمُفسدونْ في أروقةِ الدّجنَّةِ يُحشرونَ ويقبعونْ. وحدهم الكافرونَ والظّالمونْ يرتعدونَ ويُجمجمونَ ويبكونَ ويُولولونْ... يرثونَ متاهاتِ الضّياعْ وينوحونَ فُقدانَ الجِنانْ وغيابَ النّورِ الأعظمْ عنهمْ.
الدكتور حسين أحمد سليم أنقل هذه النفحات التي تسعد الروح الى نبع الإيمان الوارف لما فيها مباديء وقيم تضيء نور الحق دمت بخير تحياتي
الله يجزيك الخير