خرجت من باب داري المتكئة على أطراف بلدتي الصفيرة ، حيث تستقبل أول أشعة الفجر ، وعلى نداها ينساب أول شعاع الشمس ، واستقبلتني طبيعة شهر نيسان ،والدفء يغمر الكون فانساقت قدماي إلى حقول الزهر المشبعة بهطول أمطار الشتاءوندى الصباحات الربيعية المتناثرة على مساحات واسعة ، وقد اختصرت جميع ألوان الطيف وصهرتها في أشكال جديدة ، وتنويعات من صنع الطبيعة
تجولت مأخوذا بألوان الأزهار وتنوعها فمن أحمر قان إلى أصفرفاقع إلى متداخل الألوان سرت بينها وأنا أراقب تمايلها مع هبات النسيم
ـــ لماذا لا أجمع باقة زهور أقدمها لحبيبتي رانية فموعدنا بعد ساعتين؟ وسوف أفاجئها بها بأن اقول لها احزري ما في يدي في نفس الوقت أكون واضعا يدي خلف ظهري .... وسأضع الورود على وجهها ..... ونضحك
ورانية من محبي الورد والزهر ودائما تحاول أن تزرع في بقعة صغيرة في بيتهم بعض أنواع الزهور وتعتني بها ،
جمعت بعض الأزهار وحاولت أن يطغى على الباقة اللون الأحمر بالإكثار من شقائق النعمان ووضعت في الوسط بعض البنفسجوالأقحوان
حتى اكتملت لدي باقة جميلة ملونة ربطت وسطها بساق من أسواق البيلسان
مررت على بقعة من العشب فشدتني لأجلس عليها وجلست وأنا أراقب بعض الطير تحلق هنا وهناك مزقزقة فرحة وفجأة تفقدت باقة الورد بقربي فلم أجدها بحثت بلهفة فإذا هي سائرة بعيدة عني قليلا ، أخذتني الدهشة والمفاجأة ومشيت باتجاهها ظانا أن نسمة ما قذفتها وكانت المفاجأة الكبرى أن باقة الزهر أخذت تمشي ، وبدافع الفضول مشيت وراءها كانت ترتقي الهضبات وتنزل المنحدرات وأنا أكاد لا أصدق ما أراه حتى شككت بنفسي وساورتني الظنون أنني مريض وكم فكرت أن أعود وأراجع الطبيب؟
ـــ لو رويت هذه الحادثة لحبيبتي ستقول هذا هو الزهايمر يا وسام
تابعت المسيرخلفها فغابت عن ناظري وكنت قد اقتربت من نبع الماء القريب من بلدتنا فرويت ظمئي وجلت ببصري باحثا عنها ولكنني لم أرها ،
ـــ هل كنت في منام ما ؟
جلست تحت ظل شجرة الصفصاف لعلني أصحو مما أنا فيه وحاولت إشغال نفسي بمراقبة بعض الطيور التي تستظل مثلي بأغصان الأشجار
وفجأة خرجت الباقة والماء يتقاطر من وريقاتها ، وفاجأتني من جديد :
ــــ كنت أغتسل في زاوية من النبع حتى لا تستطيع رؤيتي
ـــ وقلت في نفسي:
هل هذه مما يتكلمون عنه أنه الجن يتقمص سخصيات وأشياء متنوعة ؟
سارت وسرت وراءها ، كانت تسير بضع خطوات وتنظر خلفها وأنا تسيطر على مشاعرمختلطة متضاربة لا أعرف كيف أصفها ، وطالما راودتني نفسي أن أهرب من هذا الواقع ، ولكنني من طبعي العناد و السير إلى آخر الشوط
صعدتْ هضبة صغيرة ووقفت ، وأنا على بعد أمتار منها أراقب ماذا سيحدث ؟
فكت ربطتها ورمت ساق البيلسان ونثرت ازهارها على بقعة من الأرض صغيرة ليس عليها ورود أو أزهار كثيرة
اقتربت أكثر وأكثر
ـــ هذا أحق بالزهور من حبيبتك رانية
وأشارت إلى الأرض التي نثرت عليها الورد
تأكدت من كلامها عندما قرأت على شاهدة القبر / الشهيد ..........
جثوت ألثم التراب
أفرحتني وأبكيتني بنفس الوقت
وأنا المتتبعة لما يبوح به قلمك ،
يا عاشق الوطن
أمام أضرحة الشهداء لا نستطيع إلا الركوع اجلالاً وتقديراً لهم .
بوركت
لهم المجد والخلود
دمت بودّ
الشاعر إبراهيم عليا
تحية لك
وألف شكر
هيام
التوقيع
وما من كــاتب إلا سيفنى … ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شي... يسرك في القيامة أن تراه
الأخت هيام صبحي
كنت أرتشف عبير حرفك مع رشفات القهوة الصباحية
فأعطى لها طعما أجمل
ورحت أعيد قراءة ما كتبت فرأيت فيك شاعرة
وتمتلكين عنان الحرف
سلمت يمينك
ودمت مبدعة