سوزانيات متنوعة الأحزان ترسم شخصية
الكاتبة سوزان حسن ديّوب
بقلم
حسين أحمد سليم
أديب, شاعر وفنان
الكاتبة سوزان حسن ديوب, انطلقت في بوح خواطرها "السوزانيات" من اللغة الإنسانية الطبيعية, لتحلل تجربتها النسائية الشخصية, إنسانيا واجتماعيا, فاعتمدت اللغة التدوينية, وانتهجت الإنشاء الخواطري, في تكوين مرسلة لغوية مقروءة, تنتقل إلى الملتقط القارئ, في أشكال من الخلق والابتكار, تمتطي صهوة فنون التحرير والكتابة والتدوين, في قوالب متعددة, من البوح والنقد, وليس انتهاء بالخاطرة والأمثال والوجدانيات ...
فالكاتبة في رحلتها مع الكتابة, عكست وتعكس كتابة أخرى, تعاني من الألم واللذة والفزع والمعاناة في آن, وهي بمهارتها الفنية, وثقافتها, وقدرتها الفكرية, تعرف كيف تعطي كلماتها, صفة الحياة, وتسبغ عليها من ذاتيتها, وتعطيها من انفعالاتها, ما يوحي للقارئ, أنها كتبت فقط منذ لحظة, زمانا ومكانا... وفي خواطرها الفكرية, تعيش المعاناة, بروح حانية, تدون البوح, بأنامل رقيقة, إنما قوية, تتأمل بهدوء, تتفكر بعمق, تدير نورج التحليل, تزيل القشور, تنقي الشوائب, تجمع الخلاصة, تزقها في حواصل ذهنها, تسحنها في أرجاء بصيرتها, تعجنها في مياه مرونتها, تدخلها نار عواطفها, لتصبح طعاما ثقافيا لروحها, ولكل روح جائعة...
الكتابة وسيلة تعبير جميلة, عند سوزان حسن ديوب, تجسد شعورها المرهف بلذة الحياة, وتعكس معاناتها بمرارة الواقع, لذلك, فهي تستشعر الحدث, وتتحسس الواقع, فترسم بالكلمة, ما تستمتع به, مشكلة شخصيتها الفنية, كتابة وترجمة لمشاعرها, بلغة مميزة, وان تباينت الصور الفنية, والمضامين الكتابية, لأن الكتابة الفنية التدوينية المميزة, عند الكاتبة سوزان حسن ديوب, ليست وليدة الصدفة, أو وليدة الاستشعار والتحسس, وليست وليدة المعاناة فقط, إنما وليدة احتكاك عناصر الأشياء ببعضها, وتزاوج عناصر الأشياء من بعضها, في كينونة المجتمع, وصيرورة الواقع, واستمرارية الحياة...
فالكاتبة تنتخب الموضوع, الذي تريد من تجربتها ومعاناتها, فتنخب عناصره الفنية, وتلج لبابه, ولا تهجره إلا بعد استنجاف خلاصته, فتتملكك الدهشة, وتأخذ بك الحيرة, لخيالها الواسع الخصب, وأدائها البارع, وتعابيرها الفنية الجميلة, وعفوية خاطرها, وفيض قريحتها, وحسن استخدامها الكلمة, بمعان رقيقة جدا, كرقتها, وصور صافية نقية, كنقائها, تشعر معها, بأن الكاتبة سوزان حسن ديوب, قريبة منك, وأنت تقرأها, في خواطرها الحكمية, في كلماتها النقدية, في صور حكاياتها الواقعية, في آرائها الفنية, في أفكارها المختلفة, في ومضاتها الجميلة, تحس بأنك تسافر معها, في ماورائيات الحروف والكلمات, ترود آفاق الجمال, عند حدود الخيال, لتبقى الكلمة من تشكيلة سوزان حسن ديوب, محفورة في القلب, ثابتة في مكنون العقل, وعند متناول الفكر...
في عباراتها الموجزة, المستحسنة شكلا ومضمونا, ما يؤكد للقارئ, خبرة الكاتبة سوزان حسن ديوب في الحياة, التي أثرت معرفتها الثقافية, فأثرت تعابيرها, وزادت في وضوحها... لنتبين في خواطر سوزان حسن ديوب, صدق النظرة, وصواب المضمون, وبالتالي يتجلى لنا, المضمون الفكري, والرأي السديد, لفكرة صادقة, أثبتتها التجربة, وصقلها العقل, الهدف منها الإرشاد, والغاية منها النصح... ففي خواطرها, تكتب فن ملاحظة الحياة, واعادة صياغة بعض مواقفها, أو لحظاتها الشعورية, في قالب أدبي فني, يعكس صنعتها الكتابية, وقدرتها الفكرية, على توظيف أدواتها الفنية, وكتاباتها الخواطرية, هي عمل لم تبتدعه من الخيال المطلق, ولا اقتصرت فيه على تسجيل الواقع الذي تعيشه, أو تقترب منه, فأتت رؤية للحياة, فيما تنتجه من كتابات مختلفة في شتى النواحي...
حين تكتب سوزان حسن ديوب كلماتها الوجدانية, تتأرجح بين الخيال والواقع, وترسم بالكلمة أصداء من واقع حياتها وحياة بعض الناس, وتنمنم حروفياتها, في نقاط من ضوء, لصور من معالم ومظاهر حياتها وحياة بعض البشر, الذين تلتقي بهم, وتتعامل معهم, وتراقب أحوالهم, عن قرب أو بعد, أو تسمع منهم, أو تستقي معاناتهم, ووجدهم, وتستجلي مآسيهم وعذاباتهم, والبعض من شجونهم... ففي نقدها وتحليلها, تعتمد الكاتبة سوزان حسن ديوب, على وقائع حقيقية, إنما لا تتعمد, أن تروي, فيما تكتب, حكاياتها أو حكايات الناس المحددة, أو أن تصوغ روايتها أو روايات أشخاص بعينهم, من وحي الزمن, في قالب معين, فكتاباتها لها جذور, وأشباه وملامح في حياتها وحياة الناس, ويومياتها ويوميات البشر, وهي مزيج فني, ومزيج تقني, وفن تأمل أحوالها وأحوال الناس, والتفكر فيها, والتمعن بها, والتحليل لها...
الكاتبة سوزان حسن ديوب, حين تركن إلى قلمها, وتجلس إلى أوراقها, لتكتب عملا فنيا, فإنها تبحر في أعماق ذاتها, وتهيم في كنه ذاكرتها, تستدعي كل ما اختزنت في أعماقها, وترسب في مغمور أفكارها على مر السنين, وحقب الزمن, من معالم ومظاهر ومشاهدات يومية في حياتها, مضمخة بذكرياتها الشخصية, فيسيل قلمها على الورق, ويخط يراعها فوق القرطاس, مختلطا بكل تلك المعالم, مضافا إليها, خلاصة الخواطر, وصفوة الأفكار, ورؤيتها الشخصية, للحياة والوجود والحب...
باكورة الإنتاج الفكري, وليد اللغة والإنشاء الفني, للكاتبة سوزان حسن ديوب, بدايات مميزة, تعملقت الكاتبة, في حروفية وكلمات, خواطرها, ووجدانياتها, وأقاصيصها, ومقالاتها, وأبحاثها, ودرساتها, وتحليلها, لتبدو فيما تمخضت به, خفيفة الروح, عفوية الكلمة, تعزف على أوتار النفس, سمفونيات الحياة, فتهتز الروح, وهي تحلق في عالم الأثير, على أجنحة كلماتها, التي تجاوزت حدود السمع, والقراءة, إلى شغاف القلب, لتتخطى حدود الجسد, تستوطن الحنايا والمشاعر, بالصور الجميلة, والكلمات الدقيقة الرقيقة, بخصوبة يانعة, وانفتاح على الحياة الحرة, من وحي الحياة, تحاكي الأمل بالأمل, كارزة بالحب, من أجل الوجود والحياة والإنسان والحب...
سوزانيات الكاتبة سوزان حسن ديوب الفكرية, كتابات تجسد ديمومة الكلمة, وتؤكد قدرتها, في حياة الكاتبة, المبحرة في رؤى الفكر, على أجنحة الوجدان, ترسم وجودها في كلماتها, تشكل حياتها في خواطرها, فتأتي على قدرها, ملونة بألوان الوجود والحياة والحب, لتنتصب الكاتبة سوزان حسن ديوب, في ربى العطاء الأدبي, رافعة راية الكلمة المسؤولة الحرة...
رؤى استقرائية
من هنا فإنّ في كنه الأشياء أسرار وأسرار, تكمن في خفايا النوى, نتلمس فيها حقيقة الرؤى, في عناصر خصوبة التربة الجيدة, حيث تودع بأمان بذار الأمل المرتجى, حلم يحاكي الغد الزاهر, نطفة الخلق تتوالد ذاتيا, تخلق من جزيئات عناصرها دورة الحياة, حلقة تجذب أخرى, تتحاب بحكم الكينونة, نظام في قانون استمرار, فعل كينونة الوجود... فينفلق النوى معرفة, على اسم الأمل البعيد, من كنه الحب, يتبرعم نسغ الوعي, في أرض الفكر الجيدة, في العمق المغمور, تمتد خيوط الجذور, ترسي قواعد الأشياء, تمتنها في تربة العطاء, في البعد اللامرئي,تورق البراعم, وتتفتق في قوامها الأكمام, تهيئ المعرفة اللازمة للإنسان, الحرية هي المرتجى, في مختلف المجالات, فنيا وعلميا وثقافيا, في ميادين الإعلام المنتشر, تنمو رياض الثقافة, تسبل في دوحها, تتقارب سنابلها, وتنضج في حقول الحياة الممتدة, فإذا اللغة الإنسانية, تنظيم من الإشارات, تخلق القدرة على الإبداع الفني, لتأمين سبل الاتصال, بين المرسل والمرسل له, ونشر عناصر المعرفة, في طرس الرسالة... وفي البعد الآخر, حيث الفضاءات الفكرية, تبتكر الأساليب والأشكال, في حرية إنسانية معينة, لممارسة فنية أو أدبية خلاقة, تتيح لنا, استخدام دلالات ومصطلحات مختلفة, تساعد في تجسيد الرؤى الإنسانية الذاتية, تمكننا من أن نصبح كتابا, أكثر نجاحا, وأكثر إبداعا, إذا ما عرفنا, توظيف تجاربنا, واستخدام خبراتنا, واستفدنا من ممارساتنا, وفقا للرؤى الاجتماعية, في صياغة إنشائية صحيحة, تمتاز بالسهل الممتنع, أو المبسط المتقن, شاملة فنون الأدب وأشكاله المتعددة...
رؤى تحليلية
استقراء كتابات سوزان حسن ديوب المختلفة, يحملنا ليسافر الحزن بنا على صهوات الأثير يحملنا بعيدا, يرود بنا عوالم أخرى غير هذه العوالم, هناك يرمي بنا لنقتات العذابات المتوالدة من العذابات, وهناك يتركنا نجترّ الآلام المضنية للقلوب والنّفوس, لا نكاد نلتقط أنفاسنا حتى نعود سكارى الى حياة المعاناة, التي لا تتركنا ولو لبرهة ومضة نعيش الحلم الذي يتراءى لنا في البعد, دائما تحرضنا الآلام في أتون الذكرى فتلهب منّا الجنبات والجوارح, وتتركنا لقمة سائغة لنيران الحزن والألم والعذابات, وكلّما صحونا من عذاباتنا نعود لنرود عوالم العذابات...وذكريات الأمس تصحو في كلّ لحظة من ثباتها العميق, تثير في دواخلنا الألم لماض بعيد, وتعيدنا من حيث لا ندري الى دقائق الأشياء التي كم تمنين ألا تعود بنا للذكرى, ولكن مشيئة العقل الباطني أبدا تشاء لنا ما لا نشاء نحن لأنفسنا في معتركات الحياة...
كتابات سوزان حسن ديوب توقظ بنا الذكريات الغافية, فكم من الأحداث ننساها عبر مرور الأزمان, ولا نعود اليها أبدا مهما اختلفت بنا الأيام, وكم من مناسبات ننساها مجرد مرور لحظات عليها فتغدو وكأنها لم تكن, وكم من أفعال لا تنام على سرير النسيان, وتبقى واعية فينا توقظنا من هدأتنا كلما جنحنا ولو قليلا للهدأة, فنعيش فعل الإضطراب النفسي للذكرى التي تحرضنا على ذاتها, ولا ننسى تفاصيل الفعل الذي مضى فنتألم ونحزن ونعيش فعل الذكرى بكل التفاصيل ودقائق الأشياء, فنزداد ألما على ألم...
ونحن نبحر في كتابات سوزان حسن ديوب, تصحو الذكريات بنا من غفواتها الطويلة, رغم كل الفعل الذي نلهث وراءه للنسيان, ولا نقوى أبدا على محي آثار الفعل رغم كل الأشياء, تتحكم بنا الأشجان ونخسر الرهان مع النسيان رغم طول النسيان, ويمتلكنا الخطب وتجتاحنا جيوش الذكرى, وتكمن لنا الأحزان وراء القضبان, وتهمي من مآقينا الدوع حرّى, وتسيل حارّة على الخدود تكوي بحرارتها جلدة مورّدة بلون الورود والأزهار...فتضيق بنا الرؤيا إلى أقل مما نتوقع, فندور على أنفسنا دورة الضياع في متاهات الضياع, ونتحسس أننا أضحينا كما الأشجار الباسقة المجردة من الأغصان الخضراء والأوراق المخضلة, تتلاعب بها هوج الرياح في كل اتجاه, وتذرو ما تبقى من أوراقها في الامتدادات, وتكسر ما يبس من أغصانها وترمي به في البعاد...ونستشعر في البعد النفسي أننا أصبحنا كما الأطفال الأيتام الذين فقدوا أبائهن وأمهاتهن, وغدوا بلا أهل ضياع في متاهات الحياة, يبحثون بين الأنقاض المتعاظمة عن الصدور الحنونة الدفء والقلوب النابضة بالحب ولكن لا حياة لمن تناد...فالإنسان مذ وجد في هذه الحياة وجد كتلة من العواطف والميول والأهواء وفي كل منها تكمن خبايا الآلام والأحزان, والانسان منذ كان جبلت كينونته بأشياء وعناصر من ومضات الروح وفي ثناياها زرعت نعمة الذكرى ليتذكر الانسان عل الذكرى تنفع فتعيد صياغة النفس لهذا الانسان, وتقوّم له ما اعوج من سبيل, فيتابع الدرب الذي سلك ولكن بأمان....فالقلب والفكر والعقل واللب وكل الجوارح تغرق في أتون الذكرى, والعيون والمآق تتأثر بالذكرى فتنزف الدموع فوق الخدود, وكذلم الأقلام تنزف الحبر والمداد فوق القرطاس, تكتب من وحي الذكرى , كلمات للذكرى تحكي رواية الأمس بكثير من حاني الكلمات, تضج عندها النفوس عندما تقرأ ما تحتوي حروفيات هذه الكلمات...
وهو ما تضج به وتتنزّى وتنزف كلمات وخواطر الكاتبة سوزان حسن ديوب في مجموعة سوزانياتها...
منوعات مختارة من كتابات سوزان حسن ديوب
من خاطرة قريتي
نجمة الصباح من ضيعتي الغافية على كتف النهر قد أشرقت... ضيعتي, أنت يا وردتي الفائقة الجمال, يا سرَ أسرار كينونتي, يا سرا من أسرار شموخ اطباعي, يا عشقي, يا دندنة شغافي بك ولك... ها هو قمر سماؤك العالية ساطع في فضاءاتك اللامتناهية...
اعشقك ببساطتك وكبريائك, اعشقك بشموخك, ببحرك وغديرك... بطرقاتك المتمايلة كانثى ترقص فرحاً بلقاء من تحب, بهدوءك, بصخب امواجك, بكل ظروفك إنت ملاذي, ينبوع املي بترابك الذي ضم إليه سر وجودي...
لا عجب في شمسك وإشراقتك, لا عجب في نجومك الخاصة لك وحدك, في ريحانك, في بخورك الذي أعشق, في أغصان زيتونك لا عجب...
أراك صورة لمن أحب...
من خاطرة غدر
غدرني الوعد, وقهرني العهد... اعترف بالقصور والتراجع... ها هو يجتاحني الالم بكل هدوء وقوة وثقافة إمراة شرقية, ها هو يسكنني العذاب بكل شفافية, بكل تفاصيله الرائعة, يسكنني...
أحقاً أنا الأن سئمت العيش؟! وفاضت روحي حباً و ولهاً وذلاً وهامت بروحي الامتدادات... جسدي النحيل قد مات وأضحى رميما وبقايا آلام, فلقد سجنتني الاقدار في قوقعة النسيان, وأضجعتني تحت التراب جثة هامدة بلا عنوان...
أرجوك حبيبي, لا تقتلني مرتين على يديك الحانيتين... قتلتني يوما الأقدار, يكفيني موتاً واحداً, إرحمني من ذبح كلماتك, من فيض وبعثرة عباراتك, إرحمني من تلفيق اقوالك, فقد فاضت روحي بي, ولم أعد أحتمل منك لا القهر ولا العتاب...
من خاطرة أفتقدك في شهر نيسان
كيف لي أن أرسم له بريق كتاباتي التي طالما أحبها, وكيف لي أن تلامس أطراف يداي الباردة يداه... أتمنى لو أن فصل الربيع يبقى إلى اللانهاية, وكم أتمنى لعيني الحزينتين منذ الفراق أن تلاقي ملامح وجه المليئة بالدين والوقار وأن تلتقي يداه بيدي التي طالما قبلها تارةً ضاحكاً والأخرى باكياً... كم أتمنى ولكنني فقط سأتمنى...
من يستحق الورد الجوري بعد ما لمسته يداه الباردتان؟! من سيترك الدنيا بما فيها لينفرد بسكون الليل وقصائده؟! من سيهدئ روحي من ضجيج هذه المدينة المليئة بالتناقضات المفرحة بذكرياتها والمحزنة بواقعها؟! ومن سيضمني بعد أن فارقني الحضن الدافئ؟! ومن سيهديء عصبيتي من هموم الدنيا وما فيها؟! ومن سيمسح دموعي الحزينة من غدر الزمان؟!
افتقدك اليوم بعدد أزهار ياسمين هذه المدينة, افتقدك وأفتقد معك الأماكن والقبب الطاهرة التي زرناها سوية... افتقدك اليوم بقدر اشتياقي لوجه والدي الحزين... افتقدك بكل ما في الكون من شوق وحنين... افتقدك يا أول كلمة حب عشتها وآخر كلمة حب سأعيشها...
جالسة في هذا المقهى كلما شاهدت مشروع رجل, أتمسك برجولته أكثر فأكثر...
من خاطرة أيها القلب العاشق
اغتالتني ذكرياتي حولتني الي انثى لا تدري ان كانت عاشقة او كارهة, ولا تدري ان كانت هي نفسها الأنثى قبل سنين أم لا... فقدت السيطرة على عواطفي, فعادت لتغتالتني دموعي بعد ان اقسمت الا ابكي مجددا يكفيني ذبحا لمشاعري, يكفيني انتظارا لوهم وسراب...
تمردت على ذاتي وعليك ايها الحب الخالد وانت ايها القلب العاشق, تمردت عليكم لانكم اهم اسباب ما يجري بي وما سيجري بي... عرفت انني رسمت ملامح الموت بهدوء وبصمت لم يعد متكلم بعد الان, وعرفت انني انتظرت وهما وسرابا رغم ثقتي بالقلب العاشق والحب الخالد,
لكن يبدو انك ستبقى محصورا في قصص الخيال حبا ابديا على الاوراق؟!...
من خاطرة بقايا قلب نيسان
لا تلمني يا قلبي ولا تحزن من أجلي, فأنا منذ كنت صغيرة وأنا عندي عقدة الحب... لا تسخر من عقليتي فقد كنت محاطة بآلاف آلاف الكتب والروايات, وفي كل ليلة أقضيها بدلاً من أن أفكر بفراغك يا قلبي وأجد لك مؤنساً أضمه لي حين أبكي, فقد كنت أحضن رواياتي وكتبي وأضمها لصدري كأنني أسعى لامتلاك أحشائي...
عذراً منك قلبي الصغير, فقد نسيت نفسي بين قصاصات الورق ومقاعد الدراسة وأوراق الكتب التي طالما الآن أقلبها كارهة ذاك البياض الذي في سطورها... تناسيت أنوثتي زمناً طويلاً وضاع بريق شعري وخفت ألوان عيوني, ونسيت أن الضحك واجب علي... نسيت أهم ما في دنيتي, أنني أنثى...
أنا الآن وفي هذا القلب المتجمد والمشاعر الباردة, أبحث عن الممكن في زمن المستحيل
أبحث عن مشاعري, أبحث عن وجودي العاطفي, أبحث عنك أنت, يا قلبي أنا...
من خاطرة ثورة دموعي
الويل وألف ويل لك يا دموعي والتي مقرك في قاع جفوني, الويل والهلاك لك مني إن خذلتني وفضحت ما في داخلي, الويل لك من أفعالي وغضبي عليك إن جعلت مني سيرة ترددها الطيور...
أريدك أن تختفي وتحافظي على جمودك في مقر جفوني وأن تلزمي الصمت إن لاقت عيوني عيون جارح كبريائي ومالك قلبي...
يا ملازمة دربي, لن تبكي وحدك فمعك شريكة في كل شيء, فكيف أتركك دموعي وأنا أحتاج إليك في داخلي و في وحدتي وفي حزني وفرحي ويأسي وعلى مشارف قبور أحبابي؟! أعتدت عليك موجودة في حياتي لا تفارقي أفكاري, إن لم تظهري في عيوني فأنت حتماً مخبأة في سويداء قلبي إلى أن أخلد إلى نومي...
أنت أجمل ما يمنح لشخصيتي الهدوء ويعطيها الطابع المفقود, وأروع تعبير عن مشاعري في حين انتهى الكلام وكتبت النقطة على أخر ميناء الصفحات...
من خاطرة حبه حلم لا يفارقني
يأتيني الصباح لأستقبل نهاري بدموع جديدة ويأس وحزن جديد، وفي طريقي إلى مكان عملي تمر في مخيلتي الأماكن التي زرناها معا وفي كل طريق مشينا فيه وفرحنا وحزنا وتشاجرنا فيه وكل شجرة ياسمين وقفنا لقطف الأزهار منها... وعندما أصل لغرفة مكتبي أشغل نفسي بكل ما في الكون من عمل وأجمع قواي وأتناسى كل شيء مررنا به، لكن لبضع لحظات تخونني قواي وتنهار ولا أستطيع الاستمرار...
أراه على كرسي مكتبي ومع فنجان قهوتي الصباحي وفي عيون حاسبي ومع جرائدي اليومية التي ليس بها جديد ومع كتبي الجامعية... فأعود أدراجي لتلك الحارات القديمة التي تحمل لوحات خطواته وياسمين الشام وورودها التي ترتل على مسامعي صوته الملائكي، وإلى غرفتي التي جمعت بها أحزاني وآلامي ودموعي... وها هو النصف الأخر من الليل يناديني وأنا ما زلت بين أوراقي البيضاء, التي ملئت بالكلام والدموع والقصائد...
من خاطرة دمعة يتيمة على مدفن سر وجودي
على برزخٍ يضمُ فيِه أقدس من رأت عيوني أمطرُ اللؤلؤ الحزينَ من عيوني أنا عيون النرجس الحزين لأبلل أطهرَ تراب وأنقاه قد خلقَ الله منه ُآدم, وعلى قبرٍ غيبَ في قاعهِ أكرمَ عندي من عظمةِ الملائكةِ والقديسين زرعتُ على جوانبهِ الرياحين فطالما كان والدي يعشقُ الريحان...
وحيدة أنا حملتُ مجمرتي المليئة بعطرِ البخورِ ورحتُ أطوفُ حولَ قبركَ وما هو الآن إلا كعبتي التي أزورها فما أجملها من كعبةٍ فلقد سمعتُ همسَ الملائكة وكأنها ترتلُ على برزخك والدي آياتَ الرحمةَ وصورَ الغفران, وهنا جثوتُ على ضريحكَ وركعتُ كما يركعُ الخاشعونَ أمامَ عظمةَ الله, فلا تعجبوا من أوصف فإن هذا البرزخَ هو قبرُ والدي فكيف لا أركعُ على تربتهِ وأشتمُ وأستنشقُ من أعماقهِ رائحةَ الجنانِ وعطورَ الأنبياءِ فأشعرُ بعطفهِ يلامسُ أطرافَ يديٌ الباردة...
من خاطرة مشاعر لابد منها
له متعة هائلة تسحرنا, تربكنا, تبعثرنا ومن ثم لا تعرف مرة اخرى أن تعيدنا إلى رشدنا من جديد وتتركنا في دوامة لا نستطيع الخروج منها... أنه الحب الذي يملك قوة مهلكة تستملكنا في كل الاوقات وتجعل من ثواني ولحظات حياتنا تمتد إلى الابدية رغم أنها في عرق هذا الزمن هي لحظة واحدة... ففي لحظة الحب الاولى, ولحظة المشاعر الاولى التي لا بد منها مهما ادعينا اللامبالاة والنضج الفكري والابتعاد عنها... كل شيء في واقعنا يتبدل وكل شيء في حياتنا قابل للزوال, قد تتغير بعض من عاداتنا ومن تقاليدنا حباً منا في تخليد هذا الحب بكل مافيه من قدسية وبكل ما فيه من احترام لذاتنا، فيتحول هذا العالم الكبير بمقياسه إلى قوة وشيء صغير نكاد أن نمسكه بين أيدينا... إنها قوة الحب والإعتراف الأول به, إنها المشاعر التي لا بد منها مهما تناسيناها وابتعدنا عنها مغرقين انفسنا بمقاعد الدراسة وبشلال من العمل المتواصل...
من خاطرة مواسم الحب
كان حب حياتي، وفرحتي المشرقة بالأمل، ابتسامتي وحلمي البريء النقي لم يكن إلا قلبي البريء ولم أعش يوماً إلا على تفكير واحد, بأن هذا النوع من الحب لا ينتهي ولا يزول، وهل يعقل أن يختفي نور الشمس؟ وتتراجع الجبال من مكانها وأن تختفي وتموت البحار؟! إلى هذا المستوى كان يقيني بذاك الحب واضحاً, ومرسخا في ذاكرتي بقدسيته والوجه الأخر للحب متشبثاً في داخله, ليحول هذا الحلم الجميل الذي شيدناه معاً بكل النوايا الطيبة إلى جماد في المعنى والفعل, وليجعله يسقط ويتراجع أمام أول مهب عاصفة, لأنه لم يكن سوى حلماً من الرماد و بيتاً من الملح... فلو كان لدينا الوعي الصحيح واليقين والثقافة بان الحب له مواسم وفصول وهو مثل أي شيء اعتيادي في حياتنا يحتاج إلى الرعاية اللازمة لما مهدنا له الطريق عن جهل وقلة خبرة لأن ينهار... فمن أين سنعرف أن ربيع الحب المرح سيتبعه صيف هاديء وأن الخريف الناضج للحب خلفه شتاء بارد وموحش من العزلة والإغتراب؟!...
من خاطرة هذا قراري
اليوم أعلنت على الملأ قراري بالرحيل، وقدمت أوراق إستقالتي من دنيا لامبالاتك بعواطفي وإهمالك لمشاعري ولملمت أوراقي الخريفية التي سقطت حزينة ومنسية لاشيء سيحميها من رياح تشرين، واخذت كل أحلامي وذكرياتي وأعلنت قراري الصائب بالرحيل عنك...فأنا راحلة يا حبيبي إلى أخر حدود لشطآن عرفتها بحاري، وهارية كل الهرب من أنانيتك وأستعمارك لذاتي ووجودي وأيضاً لتصرفاتي وقلبي... أنا راحلة في قطار لا أعرف في أي محطة سينزل بي ولا ألى أي مكان سيأخذني, وسأتمسك بهذا الرحيل وبهذا القرار وسأترك هذا القطار يأخذني كل يوم إلى مدينة وأن يعرفني كل يوم على وجوه جديدة, ولن أنظر إلى الوراء ولن أتراجع عن قراري فاليوم قد أنتهى موسمي وذبلت ياسمينة عمري من الإهمال وأنتهت حكاية لم تبدأ بعد ولم تكتمل...
سأرحل وفي داخلي كل ما أملكه من ذكرى حب يائس وكلمات حلمت بها ولم أسمعها منك، هاربة من الواقع الذي أعيش، سأرحل وأزيح عن عاتقي وعن كتفي ذلك الشال الذي أتعبني طويلاً ومازال الى الان يتعبني... لن انتظرك كل ليلة على تلك التلة ولن اتعطر ولن أرتدي اجمل مالدي من اجلك... سأرحل وأحطم قيود عشقي لك وساتحرر من عبوديتك آملة في سري وفي داخلي أن تأتيني يوماً باحثاً عن قلبي وحبي الصادق وأن تحكي لي عن ضياعك بدوني وعن حاجتك لوجودي بقربك...
حرصاً مني لألم قادم منك إن اكملنا دربنا، ولحزن ساعيشه لامحال منك، واختصاراً مني لنهاية حتمية بيننا، وأرضاء لكرامتي ولأنوثتي فإنني لن اتراجع عن رحيلي, فهذا قراري...
من خاطرة وداعاً حلم السنين
تعال إليّ... فلم ولن ولا أعاتبك فلا وقت للعتاب ولا وقت للتأخير، ولن أطلب منك أي شرح أو تفسير فقد ضاع وقت التفكير وتبعثر الحلم الجميل إنما سأعطيك سنين عمرنا هذه المرة بصمت وبجفن مبلل ودميع... تعال لترى أناس تعرفهم كيف هي وجوههم في نصرهم على محبتنا وكيف يشربون نخب وداعنا وفراقنا بعد أن أعطيناهم الفرصة ليعرفوا كيف النار التي اشتعلت في داخلنا اليوم أصبحت رماداً، وكيف نضب ينبوع الإخلاص والمحبة وكيف تساقطت أوراق الأشجار قبل أن يأتِ موسم الخريف...
تعال... ولا تنسى أن تحضر معك باقةً من الورود السوداء لتطوق عنقي بها كما طوقته منذ سنين بطوق الياسمين، وضع يدك بيديَ لتعرف كيف أصبحت أعصابي يغطيها الجليد... تعال لنعلن استقالتنا من دنيا الحب الكبير على ورقةٍ في أول سطورها كتب, وداعاً حلم السنين...