بقلم: عذاب ألركابي** يكتب بحماس وصدق لا مثيل لهما وانه مسؤول جدا مع نفسه ومع ما يكتب ، ولهذا فإن الكتابة عنه غاية فى الصعوبة..وغاية فى الحذر والمسئولية واننى إذ أتحدث عنه كشخص مبدع يعشق الكلمة ويتوه فى دهاليزها حبا ، وطاعة وخشوعا ، أرى أن الكتابة عنه – بالنسبة لى – تأخذ شكل الاحتفاء والوفاء والتذكير ، فله دوره الجاد والفعال على المستوى الابداعى والنقدي والصحفي ن فهو إذا ما تناوله الدارس كمبدع وككاتب قصة فانه يربض في إيقاع كلمة
هادئة بسيطة تمنحك نفسها وكأنها امرأة تطفئ ظمأك بابتسامة أو نظرة مشاغبة عابرة ..
وهو كناقد يقترب من العمل الادبى برئتيه وحنجرته واصابعه ، وربما بكامل جسده متناسيا تماما اسم صاحبه ، لانه فى كتابته واضح وصادق ولا تعرف كلماته الجميلة المجاملة ، ويكره فى الكتابة النقدية الاطراء والمجاملة والتلميع والجلجلة الفارغة ، وذلك لان هدفه تتويج الكلمة المتفجره والجادة والفاعلة التى تغير فى القارىء وتجدد فى شرايينه الحياة..وهى تاخذه الى نهر الابداع الحقيقى ..!!
2- و محمد الغزالى كصحفى يشهد ببراعته الكثيرون ، وهو يعمل فى اختيار موضوعاته عمل ( الكاميرا ) الشديدة الحساسية والالتقاط ، حتى تصير موضوعاته جزء من ذاكرته ، وجسده ، وطموحه ، هي منه ، من نسيج تفكيره واحلامه ، ليس طارئا عليها، لانه يعالجها بحب وصبر وثقة وحنكة ومران.
وهى منه ولهذا يغفر لها هذا الزحام على مساحة اصابعه ّّ
ان ذكائه الصحفى جعله مقروءا ، بل متميزا من بين العديد من الاقلام ، انه يكتب ولايثرثر ن يبدع ولايتسلى ، انه يقول اننى هنا ، وهذه الكلمات هي بعض الصراخ الدفين الذى يتحول الى مظاهرة تقودها الكلمات بثقة ، واصرار، ورغبة جادة فى التفعيل والتغيير ..!!
الصحفى محمد السنوسى الغزالى ، محليا لااحد يزايد على انتمائه النادر للارض والوطن والثورة ، يكتب عنهم بفرح ، وصدق ، وعشق ، ووعى ، تذبحه كلمة ثائرة ، رتبت لها ثورة الفاتح حروفها الفسفورية ، واضافت لها الارض الليبية ايقاعا مميزا ، ومنحها الوطن الاخضر هذا العمق والانتشار ، وهو كاتب عاشق لتربته ومُنحاز لها حتى النفس الاخير!!، لايسعى الى منفعة ، بل هو الطموح والرضاء النفسى ، لهذا عندما تفتش عنه تجده يجلس فى مكتب متواضع جدا بإذاعة صوت افريقيا – بنغازى ، تحيط به ملفات البرامج المتعددة والكتب والاوراق ، بيده قلمه وهو يطارد فكرة جديدة او كلمة عصية ..!!
3
والكاتب محمد السنوسى الغزالى ، قوميا فى المقدمة دائما ن فالجانب القومى عنده يطغى على الجانب الاقليمى ( المحلى ) ، وإ ن كان الاخير نقطة الانطلاق الى القومى والانسانى الذى ظل الصديق الغزالى حريصا على متابعته ، فهو يتابع ما يجرى فى العراق – على سبيل المثال- يمكن اكثر من العراقى نفسه .. وحين حوصر العراق ، وتعرض للضربات الامريكية الغادرة والحاقدة ، كان محمد السنوسي الغزالى فى مقدمة الرافضين ، وقد كان انزعاجه فى تلك اللحظات ضروريا ورائعا ، وهو يتحول الى مقالات نارية على صفحات جريدة ( العرب الدولي) الصادرة فى لندن ، وقد سجل بجرأة وشجاعة موقفا قوميا مشرفا حين تخاذلت أصابع البعض ، ودست أعناق البعض في رمال فاضحة .. كان محمد السنوسي الغزالي يكتب ويتابع بآلهة حارقة في لحظة جفت فيها الأقلام وطويت الصحف فعلا!!.
4-
وما زال هذا القلم النزيه ينتقل بحرارة..وحيوية فى كل جزء من اجزاء الوطن المحاصر والمغيب الذى تحاك له المؤامرات كل لحظة..ولم ينسى قلمه المشتعل حرصا وحماسا ، الانتفاضة الفلسطينية الباسلة التى طالما اشاد بمفجريها الشجعان ، مدينا غطرسة وصلافة واحقاد الصهاينة الذين يبنون لهم وطنا من الجثث والرمل والدخان والمكائد..وكانت مقالاته فى صحيفتى الجماهيرية والفاتح تسجل حضورا قويا لهذا الجانب ...وهو منتمى الى ابعد شارع مهجور فى هذا الوطن المُحاصر بالحراب..والمؤمرات ..والكوارث ..!!
5- هذه الكلمات قليلة بحق هذا الكاتب المبدع ، اردت فقط ان اسجل كلمة وفاء له على جهوده الرائعة والمثمرة..واردت ايضا ان اذكر البعض بان هذا القلم النزيه يبدع ويضيف بهدوء ودفء وصدق ومسؤلية الى حياتنا الثقافية الكثير..لاطموح له الا تادية رسالته التى يؤمن بها ..ورضاء القراء عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) المقال من كتاب كيمياء الكتابة للشاعر عذاب الركابى صدر عن دار المؤتمر بليبيا العام 2006م.. ويحتوى الكتاب على العديد من المقالات النقدية والأدبية والانطباعات الإبداعية.
(**) عذاب الركابى شاعر عراقي وناقد معروف ..يقيم خارج العراق...كان مقيما فى الجزائر ثم انتقل إلى ليبيا في السبعينيات ومازال يقيم فيها حتى الآن ..احتفى بكتاباته في العديد من أقطار الوطن العربي ..وصدر له عدة دواوين شعرية وكتب نقدية من قبل دور نشر عربية مختلفة ..ومن إصداراته:
1- قولى كيف نما شجر الأحزان.
2- طموحات عنترة العبسى .
3- تساؤلات على خارطة لاتسقط فيها الأمطار
4- كيمياء الكتابة
وغيرها من الدواوين الشعرية والكتب النقدية..