أمّي .ذاكرة وأشياء

ظلّت أمّي تعتقد إلى هذا الوقت أنّ ما تحتفظ به من أشياء في خزانتها وفي صندوقها الخشبي كنوز نفيسة لا يمكن اتلافها ...

وكم كان غضبها يشتدّ وأنا لا أتراجع عن الحاحي لتتّخلص من بعضها كلّما زرتها بالبيت ...
لازالت إلى سنّها هذا حريصة على تعهدّها وصيانتها من التّلف ...تراقبني عند مساعدتها على ذلك وتصرّ على سرد تفاصيلها وتواريخها ....وتظلّ بياناتها تتقاذفني وهي تحدثني عنها وقد بلغت سعادة قصوى

ولأمّي قدرة فائقة تجعلني منبهرة مشدودة ومتابعة حتى أشعر أحيانا أنّي أهتزّ وأغرق وأستوضح وأصفّق وأعضُّ على شفتيّ حسرة...فلا أخفيها ألفة وحبّا لأشيائها وهي تحدّثني عنها...
في المطبخ تصفّف الجرار الفخاريّة كمهرجان إذ تذكّرها بزمن العولة والسّواعد المغناج التّي قد تفنّنت في اعداده ، والبخور يعبق والزّغاريد تملأ الجو وصحون الحمّص المقليّ المتوهّج يطوف على صويحباتها

و في القبو جلود وأنطعة وأواني من النّحاس وأصص مزركشة طارت عرى بعضها وبهت لون بعضها الآخر ومازالت تفوح منها نبتة الزّعتر الجبليّ والاكليل وستّ مريم والعطرشاء والحبق وفلّ الغدران تحتفل بها روحها وتتخفّف من أحمالها وهي تتوهم أنّ القمر يلقي وشاحه عليها ليدثّرها بحلم ما
مضى من حياتها
وفي ركن من أركان غرفتها صندوق خشبي من الخشب الرّفيع يفضح ويبوح بالأسرار
تشتاق أمّي إلى فتحه فلذكرياتها فيه مذاق...
هذا عقد من العنبر والمستكة والصّندل وعود القرنفل وكوكتال من العطور الخامة أهرمه النسيان بعد موت أبي
فلم يتدل على جيدها ولم يعد لرائحته أثر ...
وهذا عقد من الخرز الملوّن قد يحنّ قلبها وتبكي أذا رأته فتصير مترددّة في أن تهبه اليّ ...أو لا تهبه
وشمعدان ومكحلة متقادمة ...
وفوضى أخرى من الأشياء القديمة ....
وماذا عن كرسيّي كاد يدخل التّاريخ الأثّري بساقه المقطوعة..... ينتصب في السّقيفة في أبّهة من جلس عليه تحاصرها ذكريات وذكريات وهي تجلس قبالة أبي والجمر يولول في الكانون واعدا بدفء الحياة بينهما ....

لم أكن لأدرك عوالم السّعادة التي ترفرف هنا في بيتنا بأشياء قديمة...لولا توافدي المستمرّ على بيتنا وانصرافي لترتيب البيت وتنظيفه ...ولولا نبضها في نفسي بما نقلته أمّي بمعدنها الجميل البسيط لما كان الأنفلات هذا لحروفي رنّة وتر فجّرتها فيّ أمي وخوافيها الدّافئة
فكم أحبّ أشياءك يا أمّي.....

الأم ذاكرة القلب وتاريخ ذكريات
المبدعة الكريمة دعد
نصك الجميل أعادني إلى أمي التي ما تزال تنظر إلي على اني طفلها الصغير
كم كنت بارعة في تعداد مقتنيات امك الاثرية التي تعيدنا الى الزمن الجميل
نص عابق برائحة القرنفل والامهات
دمت بالق وسلام

الرّائع جدّا جميل داري
ضيّقة هي دنيانا دون أريجهن الذي يحيل الحياة جنّة...
شكرا سيدي الكريم لهذا المرور الجيّد جدّا والمعطّر من رائحة والدة كريمة صنعت من جميل داري هذا الرّجل السّامق بأحاسيسه وووجدانه....
أدام الله علينا أمهاتنا وأعاننا على البرّ بهنّ

الفاضلة دعد
المعتق هو اطيب من الطري
لسبب بسيط فيه عبق الماضي
وكل حياتنا عندما تغلق المغاليق
ونتيه في الازقة او الطريق
نعود للخارطة القديمة فهي الصديق
الفاضلة دعد
للام واشيائها نكهة لا تعبر عنها محبره
واجدت بعض خلجاتها..ان لم يكن كلها
تحياتي اليك..ودمت

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد العابر     الفاضلة دعد المعتق هو اطيب من الطري لسبب بسيط فيه عبق الماضي وكل حياتنا عندما تغلق المغاليق ونتيه في الازقة او الطريق نعود للخارطة القديمة فهي الصديق الفاضلة دعد للام واشيائها نكهة لا تعبر عنها محبره واجدت بعض خلجاتها..ان لم يكن كلها تحياتي اليك..ودمت

أخي الرّائع
يا اللّه عليك يا العابر.....قلت كلاما رائعا ومعتّقا.....
وعندما يحكم زمن المغاليق ....
ولم يعد في الدّرب من صديق....
أشياؤهن هي دليلنا في الطّريق...
بوركت يا رقيق الوجدان.....فلعبورك ميسم خاصّ هنا

نعم الأم ذاكرة وأشياء .. مواقف وبطولات
هكذا كانت أمي رحمها الله
دعد الغالية .. ما أروعك
أخرست كل ما ينبغي أن يقال
ما أروع ما كتبت ،أنت لم تتحدثي عن أشياء بل عن تاريخ ومسيرة حياة .
رأيت صورا كثيرة هنا رأيت أمك وأمي وزمن يحمل بصمات الأمهات التي تبقى رغم رحيلهن
أطال الله في عمرها وحفظها لك من كل سوء
تقديري الكبير ومحبتي

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سولاف هلال     نعم الأم ذاكرة وأشياء .. مواقف وبطولات هكذا كانت أمي رحمها الله دعد الغالية .. ما أروعك أخرست كل ما ينبغي أن يقال ما أروع ما كتبت ،أنت لم تتحدثي عن أشياء بل عن تاريخ ومسيرة حياة . رأيت صورا كثيرة هنا رأيت أمك وأمي وزمن يحمل بصمات الأمهات التي تبقى رغم رحيلهن أطال الله في عمرها وحفظها لك من كل سوء تقديري الكبير ومحبتي

مرورك سولاف يشي بروحك الأنيقة الأصيلة.....
أشياء أمهاتنا تاريخ كما أبدعت القول .....
فلنحفظ تاريخهن الى نهاية العمر يا أخيّتي ....
أدامهن اللّه لنا ...وشكرا لرقّة مرورك العطر

الأخت الفاضلة دعد

كنت ابحث عن فانوس أمي لأجدكِ فإذا بأشياء أمكِ تنير لي الطريق

لأصلَ الى غرفة المؤنة وأسترق بعض كلماتٍ عتيقةٍ منها أزفها إليكِ

لا تسخري من كلماتي اللتي تراكم فوقها غبار السنين

لأنها كانت تريد أن تخبرك بأنك رائعة

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمدطاووس     كنت ابحث عن فانوس أمي لأجدكِ فإذا بأشياء أمكِ تنير لي الطريق لأصلَ الى غرفة المؤنة وأسترق بعض كلماتٍ عتيقةٍ منها أزفها إليكِ لا تسخري من كلماتي اللتي تراكم فوقها غبار السنين لأنها كانت تريد أن تخبرك بأنك رائعة

أحمد طاووس
تركت كلّ الأشياء يا أحمد تقصّ حكاياها وطرت وحلّقت وكأنّي قطعت معك المسافات حيث أنت ولا أدري أي أنت مقيم....أنا حططت هنا في بيت مؤونة الحاجة أمّك ....وقد ارتقت الأسطورة الى غرابيل أمّي وأمّك ....الغرابيل يا أحمد كان حبّها حبّا.....متلصّصة ترقب أمّك وأمّي وتهتف بخيراتها دوّارة راقصة .....تستردّ جمال وصلابة سواعدهن وعشقا قديما للعولة والمؤونة...تا الله يا أحمد كم كان ردّك لغته محسوسة تصل الأعماق ...
مودّتي يا أحمد الغالي

الله .. بوح رائع وخصوصا إذا كان عن الأم العظيمة .. سررت بتواجدي هنا وبالتحفة اللامعة .. ابدعتِ