شجرة الجحيم (فايز خضور)نصٌ للشاعر : مهتدي مصطفى غالب

شجرة الجحيم (فايز خضور)

للشاعر : مهتدي مصطفى غالب

أيها الشاعر الرجيم

يا راكب موج الرفض و الخمرة

و الكلمة الراقصة متباهية

عشقاً بالوطن

خفف وطء دمي ..

ففي كل خلية

خمرة من مجامر شتائك

و نذير ارجوانك

و قداس هلاكك

تحوم في أجنحة ملائكتي

كظلّ حارس المقبرة

حين يبدأ طقس المقابر

و نحن ننتظر غبار الشتاء

و صهيل خيولنا الخرساء

يبكي

كي لا تتألم الطفولة ..

أو تتجمد حبة قمح

قبيل إنباتها

أيها الشاعر الرجيم ...

خفف رجم صورك

خفف سجيلك

و طيور أبابيل باخوس

هي الحياة لحظة يأس

تكسرها الرؤيا

ففي كل خطرة

أحسُّ دبيب حروفك

في أوردتي و شراييني

أيها الشاعر الممطر حداداً

و غيمك صورة

من سوط أو فراشة

أدمعت سروري

بأشجار من غابات الإيقاع

و اللغة النزقة الشرسة

أيها الشاعر الطريد

من جنة الرب النفطي

خفف لعناتك

فكل الآذان صماء

و كل اللغات ..أجنحة متكسرة

و على جلدي مرسوم رصاصك

الذي لا يحب المبيت باكراً

زهرةً

من ذاكرة الوطن

الذي يخلع أكفانه

و يخرج للضياء ..

خفف ... غيمك الساحر ...

لعل سماءنا

تمطر شتاءً غير أسود ...

كي لا تنكسر المرايا

و يبدأ العد التنازلي للفناء ...

لك الضياء ...

لك الضياء ...

لك الضياء ...

أيها الشيطان الجميل .. و الملاك الرجيم

... و لنا من خمرة باخوسك

السكر النبيل ..

و الشعر المجنون بالغد المترنح

على مذبح أحلامنا الشرسة

و أغاني الطفل الماشي

وحيداً بين الغار و الذل

و غابات الدمار ... و أنهار البكاء

أيها الشيطان الملائكي ..

خفف عويل رحيلك ..

كي لا تبكي خيمة الشعر وحيدة

في عكاظ الرفض حنيناً

لقيثارة الصورة الحجرية

و الإيقاع الصامت بين أسنان الذئاب

و الثعالب التي قلعت فروها

كي لا ترتدي النساء

إلا دماء الطفولة و الموت الغبي

***

من مجموعة ( الأشجار و العاصفة ) مهداة لشعراء (مدينة سلمية – سوريا ) الحقيقيين

الشاعر فايز خضور

- ولد في القامشلي 1942.من والدين من مدينة سلمية - سوريا
- إجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق 1966.
- درّس مدة عام واحد، ثم عمل في الصحافة الثقافية في دمشق، وبيروت.
- عمل في اتحاد الكتاب العرب اعتباراً من 1972 وحتى بعد تقاعده عام 1996م، وقد تسلم مهمات أمانة تحرير جريدة الأسبوع الأدبي، والموقف الأدبي.
- نشر للمرة الأولى في صحف ومجلات فلسطين، ولبنان، وسورية. منذ أواخر 1957.
- عضو جمعية الشعر- يكتب الآن في صحيفة البناء ( النهضة ).و مجلة فكر اللبنانية

من مؤلفاته:

1-الظل وحارس المقبرة- شعر- دار ابن زيدون- دمشق 1966.
2-صهيل الرياح الخرساء- شعر- دار الأجيال- دمشق 1970.
3-عندما يهاجر السنونو- شعر- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1972.
4-أمطار في حريق المدينة- شعر- وزارة الثقافة- دمشق 1973.
5-كتاب الانتظار- شعر- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1974.
6-ويبدأ طقس المقابر- شعر- اتحاد الكتاب العرب- دمشق1977.
7-غبار الشتاء- شعر- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1979.
8-الرصاص لايحب المبيت باكراً- شعر- اتحاد الكتاب العرب-دمشق 1980.
9-آداد- شعر- دار فكر للنشر- بيروت 1982.
10-ثمار الجليد- شعر- وزارة الثقافة- دمشق 1984.
11-سلماس- شعر- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1986.
12-ديوان فايز خضور- المجلد الأول- دار الأدهم- دمشق 1987.
13-فضاء الوجه الآخر- نثر- اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1988.
14-نذير الارجوان- شعر- دار فكر للنشر- بيروت 1989.
15-ستائر الأيام الرجيمة- شعر- دار فكر للنشر- بيروت 1991.
16-حصار الجهات العشر- شعر- دار فكر- بيروت 1993.
17-قدارس الهلاك- شعر- دار فكر- بيروت 1995.
18- مصادفات - شعر- وزارة الثقافة دمشق 1999.

شكيل ـــ شعر: فَايز خضُور..

ليس برقاً يمرّ بنا،‏

وجهه المتحكِّم كالحتمِ،‏

يهمز أعصابنا،‏

يتحرَّش بالدفءِ..!!‏

ما كان –يوماً- غريباً على دمعنا.‏

إنه بيننا:‏

قبل حبو النسائم،‏

يسعى إلى كهفه.‏

لا تراه الأكف الضريراتُ:‏

ينبع من لغة النبضِ،‏

يركض بين الشرايين والنبضِ،‏

بين المفاصلِ،‏

بين النقاط الغزيراتِ،‏

بين الفواصلِ،‏

بين التعجب، أو طلبِ الفهمِ..‏

ما أجمل الطفلَ يركضُ:‏

يركض منسرحاً،‏

رملاً،‏

كاملاً،‏

أو بسيطاً،‏

طويلاً،‏

طويلاً،‏

فما هَمَّ،‏

لو رجزاً...‏

آهِ ما أجمل الطفلَ:‏

يحتكر الضوءَ،‏

والمقبلَ المتستِّرَ،‏

ما بين حشرجة القاتل المتبجِّحِ،‏

والفرح العذب:‏

ينمو بثوراً تزيِّن جسم القتيل.‏

لم يكن خاطراً أيقظ البالَ،‏

"أعرفه يسكن البالَ،‏

يستعمر العظمَ".‏

بعد مجيئي إلى الكون، قابلتهُ،‏

بائساً يزرع البحر،‏

في رحم الشمس.‏

يمسحُ غرَّتَهُ الغيمُ.‏

والشجرُ المثقلُ الظهر بالحَمْلِ،‏

يحرسُهُ من حراب الوشايةِ.‏

أعرفهُ.‏

كنت معناهُ قبلَ مجيئي،‏

وقبلَ اكتشاف المطر..‏

إنه الحلو، صادف موسمه الدمويَّ.‏

اهرعوا للحفاوة بالحلو.‏

خلّو الشبابيك مفتوحةً:‏

نسْمةٌ منهُ،‏

تبهج عُقْمَ الأسَّرةِ.‏

تعبق بالخلقِ،‏

ريحُ البيوت الرطيبةِ.‏

يولدُ من خصبه الصيفُ،‏

مغتبطَ البوحِ.‏

أَسمَوْهُ شتَّى الكنايات...‏

أسميتُه الحُبَّ،‏

توّجتُهُ سيِّدَ العُشْقِ.‏

بالعُشْب كحَّلتْ جفنيهِ.‏

أفعمتُ هيكلَه المتجددَ بالمدهشِ.‏

أغتم،‏

حين رآني كئيباً‏

يطاردني عسَسُ البرْدِ.‏

أومأَ لي،‏

فانهمرتُ، انهمرتُ‏

أَجابه خدّيه غمراً،‏

أغيِّر من حزن عينيه وهْجاً،‏

أثيرُ الوداعةَ في ناهديهِ الخجولينِ،‏

صحواً.‏

وأبقيتُ سُرَّتهُ بُرْعُماً ضامراً،‏

وانهمرتُ، انهمرتُ،‏

أمارسُ تشكيله جسداً آدمياً.‏

أقرِّبهُ من حدود التصوّرِ:‏

خِفتُ الترهُّلَ.‏

حوّمتُ حولَ حفافيهِ،‏

"أوغلتُ"‏

عاودتُ كشفَ المواسمِ..‏

"أوغلتُ"‏

عاودتُ، عاودتُ، آن استرحتُ.....‏

العصافيرُ جاءتْ رفوفاً،‏

محمِّلةً بالأزاهيرِ والقشِّ:‏

تبني سياج الحبيب.‏

مِن جديدٍ منحتُ المهابةَ للحلوِ.‏

"للمرة الألف هادنتُهُ"‏

ظلَّ ينفر..!!‏

شاءَ التصاويرَ ملتوفةً.؟!‏

"فَهْيَ مطموسةٌ"‏

شاءَ قتلي.؟!‏

"أنا شاهدٌ"‏

شاءَ رفضي.؟!‏

"أنا رافضٌ أبديٌّ،‏

وعُكازتي حَرْبَةٌ في العيونْ".‏

شاءَ، ما شاءَ، كلُّ الرغائب فاتحةٌ للجنونْ..!!‏

إنه الحبُّ، بارحْتُهُ قانطاً،‏

حَنَّ بؤسي إلى بؤسهِ،‏

صِحْتُ: يا ناسَ هذي المدائن.‏

أرجعوا للحبيب مُطامَنَةَ العيشِ‏

بين جلافاتكمْ،‏

واصفرار مشاعركمْ،‏

هيِّئوا شُرْفَةَ الذبحِ،‏

للساكنِ المتجولِ.‏

لمَّوا الغبارَ المعتَّق،‏

عن صدر هذي الأرائكِ‏

"سوداءَ، سَوداءَ،‏

يهوى الستاراتِ سوداءَ."‏

حبِّي له قاتمٌ، منعشٌ،‏

مثل حُبِّ المصابيح للعتمِ..‏

حدثته مرةً،‏

عن مسير التولُّه باللونِ:‏

في الأبيضِ، الأخضرِ، الأحمرِ، الأزرقِ....‏

استاءَ،‏

أضجرتُهُ،‏

قال لي:‏

"كلُّها تستفزُّ التعاسةَ،‏

تستنفرُ الوهمَ،‏

والفرحَ الخلَّبيَّ،‏

وتُلجم مركبةَ الشكِّ،‏

دونَ حدود اليقينْ.."‏

وانتحى لائذاً بالشراسةِ،‏

يستلهم الغضبَ المتدثِّر بالصدِّ،‏

بالحاجة المستثارة "للموتِ".‏

قاربته هادئاً:‏

شاهرَ النصلِ.‏

"ما كنتُ أغدرُ،‏

ما اعتدت".‏

تمتمتُ‏

صحتُ بهِ: يا جميلُ استدر،‏

غُضَّ وجهَكَ عن خجل التحتِ.‏

فوقك تجري خيولٌ،‏

من الجنس منهكةٌ.‏

"أنتَ أدرى بوهوهة النشوة المستباحة"‏

سارعَ يهمي‏

زمانُ السقوط من الغيب للسطحِ.‏

وابتدأ السفر الطائشُ:‏

الآن، كلُّ العيون مسطَّحة،‏

والرؤوس استطالت.‏

هي الخَشَبُ العائمُ.‏

الآنَ، ما عاد من كُرةٍ في البلادِ:‏

الجبال مَحَتْ ظلَّها.‏

الشَّجرُ الباسق القد، طأطأ،‏

وانخلع الجَذْرُ.‏

والنهدُ صار صفيحاً من الجِلْدِ،‏

وانمسح الرِّدْفُ.‏

ماذا أرى.!؟.‏

كلُّ شيء تسطَّح،‏

وابتدأ السعي:‏

هذا نذير العراء..!!‏

والعراءُ السوادُ، العراء السواد، إذن واقعٌ،‏

والسواد إذن مطمحٌ،‏

والسواد إذن لغةٌ في كتاب السنين.!!‏

سوريا-الموقف الأدبي –العدد 3- تموز 1975

هل يمكن أن نقف هنا و ننحني لهذا الحرف النبيل
و تشدو أكفنا من وهج التصفيق
لحرف يعرف كيف يأخذ بناصية من يقرؤه
فيقع في كمين الدهشة و الانبهار دفعة واحدة
القدير الراقي شاعرنا مهتدي غالب
حاولت اقتطاع الحرف الأكثر إثارة في روحي فلم أفلح
نص يؤخذ كجرعة شراب سائغة للصابرين
ما أنقى الحرف هنا شلال نقاء و حضور ماء الشعر
بذاخة في التراكيب و هطول صور المعنى و المبنى
واحة تطفىء ظمأ القارىء الباحث عن الحرف الفاخر
حقا نص كبير لشاعر كبير
مودة تصاحب عميق التقدير شاعرنا الراقي
عايده

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عايده بدر     هل يمكن أن نقف هنا و ننحني لهذا الحرف النبيل و تشدو أكفنا من وهج التصفيق لحرف يعرف كيف يأخذ بناصية من يقرؤه فيقع في كمين الدهشة و الانبهار دفعة واحدة القدير الراقي شاعرنا مهتدي غالب حاولت اقتطاع الحرف الأكثر إثارة في روحي فلم أفلح نص يؤخذ كجرعة شراب سائغة للصابرين ما أنقى الحرف هنا شلال نقاء و حضور ماء الشعر بذاخة في التراكيب و هطول صور المعنى و المبنى واحة تطفىء ظمأ القارىء الباحث عن الحرف الفاخر حقا نص كبير لشاعر كبير مودة تصاحب عميق التقدير شاعرنا الراقي عايده

شكراً لك أديبتنا الراقية عايدة بدر ..
و لكلماتك باقة من عطر ... تسرب إلى أعماق أعماق روحي
دمت بخير ... و لك مودتي

شكلانية التركيب على مستوى نسق القصيدة
حققت بالذات المتلقية ، إثارة الذهني في شحده
لأثر السياق ، و الربط الذكي للصور ، في تموضعها الانسيابي
و كأنني أمشي وئيدا على بساط الحرف المخملي ، و المبدع .

قصيدة نثرية بامتياز .

شكرا للمُهدى
و المهتدى هذا الانتشاء .

الحمصــــــــي

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم الحمصي     شكلانية التركيب على مستوى نسق القصيدة حققت بالذات المتلقية ، إثارة الذهني في شحده لأثر السياق ، و الربط الذكي للصور ، في تموضعها الانسيابي و كأنني أمشي وئيدا على بساط الحرف المخملي ، و المبدع . قصيدة نثرية بامتياز . شكرا للمُهدى و المهتدى هذا الانتشاء . الحمصــــــــي

شكراً لك يا صديقي
و دمت بخير ..
لك محبتي و مودتي و تقديري

خاب وخسر من كانت صفات الشياطين ومردة الجن هي صفاته ,لاضير أن أفعاله مشينة لئيمة ,وقد ضاق ذرعا بها من هم تحت إمرته ,,لابد أن ينجلي الليل ,ويفرد الصبح لبني الحق مايسعدهم ,,


القدير الصديق الشاعر مهتدي /

ما أجمل أن تنبئنا بقصائد الدرر ,وهذا الكبير الوارف فايز خضور قد أعادنا إلى شعرية النص الممتلئ شعرا ونبوغا ,وهذا النص الذي يتجشم صاحبه أفعال واحد من بني البشر ,هيئت له كي يأكل لحومها,,

أحييك وهذه المقدرة الفذة في تشكيل النص وبنائه المتنامي ,وفنيته الباذخة,,

مودتي ,,

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كمال أبوسلمى     خاب وخسر من كانت صفات الشياطين ومردة الجن هي صفاته ,لاضير أن أفعاله مشينة لئيمة ,وقد ضاق ذرعا بها من هم تحت إمرته ,,لابد أن ينجلي الليل ,ويفرد الصبح لبني الحق مايسعدهم ,, القدير الصديق الشاعر مهتدي / ما أجمل أن تنبئنا بقصائد الدرر ,وهذا الكبير الوارف فايز خضور قد أعادنا إلى شعرية النص الممتلئ شعرا ونبوغا ,وهذا النص الذي يتجشم صاحبه أفعال واحد من بني البشر ,هيئت له كي يأكل لحومها,, أحييك وهذه المقدرة الفذة في تشكيل النص وبنائه المتنامي ,وفنيته الباذخة,, مودتي ,,

شكراً لك أيها الشاعر القارئ الجميل
و آسف لتأخري ...
لك محبتي و مودتي و تقديري

تستحق التعليق

نعم المهدى والمهدى إليه


دمت بخير
تحياتي