مـن قــديمي ...
صنـوف الفقـر
صنوف الفقـر عــاثت في الجُيوب
وأثـقـلـت الـحـيـاة عـلــى الـقـلـوب
عـســى الأيـــام تُهلـكـهـا وتُــدمــي
مـراكـبهــا الـمـلـيـئـة بـالـخـطـوب
غزتنـا كالوحـوش مــن الـضَّـواري
إذا نهـشـت تُعـربـد فـــي الـــدُّروب
يـداهــا بـالـغـلاءِ طـــوتْ صِـحـافــاً
وأرهـقَــتِ الفـقـيـر مــــن الـوَجـيب
ومِـخـلـبـهــا يُــهــاجــم دون قــيـــدٍ
جــدار البــؤْس في الجَســد الكئيـب
فــأضحى بالحصـار شـــبيـهَ ثـوبٍِ
مـــلـــيءٍ بـالتمـــزق والـثُّقــــــوب
فـلا هـو فـي الـصِّـراع يــردُّ بـأسـاً
ولا هــو للـعـلـيـلِ يـــد الـطـبـيــب
يُهاجـمـه الـغــلاء ولـيــس يَـقــوى
عــلى درءِ الـمـخـاطِـر والهُـروب
فمـن هـــوَ للفـقـيــر يــداً تُـواســي
ومـن هـو في الـنَّـوائـب والكُـروب
ومـن للـبـائـســيـن يــرد جــوعــــاً
توغَّــل فــي فـــمٍ مُــــرٍّ جَــديـــب
يُكبِّـلهـم جُــنــون الـسِّـعــرِ حـتــى
ذوت قسـمـاتـهـم بــيــن الـنُّـــدوب
وزاغـت فـي محــاجـرهـا عـيــونٌ
من التحــديق في الوطنِ السَّــليـب
ومـا وطـنُ الفقـيـر ســوى رغـيفٍ
يُـكـفِّـرُ باسـمــه أعــتــى الـذُّنــوب
وهــل للـجـائـعـيـن فــــمٌ يُــنـــادي
بغيـر مـواجع الـجَـوْفِ الغَـضـوب
ســحابـةُ عُـمـرهِ الـمـزروع نخــلاً
تـبـعـثـر جـنـيُـهـا قــبْـل الـمغُـيــب
فمــن لـلـمـرفـأِ الـمـحــزونِ خِـــلاًّ
يُعـيــد المــوج لـلـرُّكــن الـرَّحيــب
ومــن ذا يـمـلأُ الـجــوْف احـتـفـالاً
وقـد صـرع الغـلاءُ حِجـى اللبـيـب
تـعـاقـره الـمَـدامـعُ حـيــن يـصـحـو
مـن الترحـال فــي شـفـة الـغـروب
فَـيـصْـبـحُ يـومـه شَـــبِقــاً لِـنــعــلٍ
يـقـودُ خُـطـاه للمـاضـي المَـهـيـب
ويســرقُ من عيون الأمس ذكرى
حكــايــاتِ الـتَّـمتُّــع بـالـطــيــوب
ســقـى الـخــلاق هـاتيـك اللـيــالـي
بخـيـر الـذِّكـر كالـمُـزْنِ الـسَّـكـوب
أتيـنـاهــــا نـوافِـــــذَ حـــالـمــــاتٍ
ولــم نـنـعــم بصــوتِ العـنـدلـيـب