وقف شاكر !!! تارة ينظر إلى إبداع الله في الربيع الطلق ، وأخرى يُحدّق في تَينكِ الأنثى التي أبدعها الله أيضا ! .
وأثناء ذلك يُطبق فمه ثم يبل شفاهه بلسانه كأنه يتمطّق إثر حلوى أكلها ، وعيناه ضاحكتان طوراً ،،، وطوراً متأملتان ، حيت لم يدرِ ألربيع أجمل ،،، أم وجه الحبيبة أبدع ؟؟؟!! .
فضرب كفيه على جانبيه كالمحقق الذي لم تتضح له الحقيقة بعد ! .
فآثر أن يسترجع الألفة بين العربي وناقته ( فهي الراحلة والناقلة والساقية والمُطعمة ) وهي التي تعد من أكثر الخلق حزنا وقلقا بعد الإنسان إذا فقدت ولدها !!! حيث تبدأ بالحنين ، وهو صوتها حين تنادي ولدها .
ولربما فقد شاكر شيئا من وصال ، وعانى ألماً من هجر ، فراح يسوس حيلة على حبيبته ليستدرج حنينها فتحن فتناديه .
ولكن صدود الأنثى كان وما زال فنّاً من اللؤم تحترفه احترافاً !!! وتعرف متى وكيف ترمي به الأكباد فتصمي ، ثم تدمي ،،، وقد أدرك شاكرٌ ذلك فيها وفي الآناث قاطبة ،،، وما بقية في الحشا يا قوم ؟ غير فلذة صغيرة من بقايا كبد بالكاد تعمل ! .
أما هن ،،، فالكبد استوى حجماً وعملاً ، وقد قرّ هنا في هذا الجانب دون تبعيج ولا تحريق !! ولم لا وهن الفاتنات الساحرات ! .
فراح يجرُّ حيلةً تُحبها ! فقال :
ما هذا الشبه بين الربيع وحنينك ؟ ثم تعجب وقال : عميق ثم كرر الياء ست مرات كناية عن رسوخ الشبه ،،، لعلها تحن تلكم القاسية فتناديه .
ثم ولأمر ما ، شاكرٌ أعرف به وبها ، حيث ادّكر بعد أمّة أن خضرة الربيع وورده ودُحنونه لا يكون ولا ينبغي له القوام إلا بتوافر الماء ،،، فراح يقول : فهل لنا به موانئ ؟
حيث عرف أن أميرة العشق تحب أن تجلس على حجر قرب النهر ثم ترفع عن ساقيها قليلا وتضرب بأقدامها الماء بتراتبية معينة لتصنع نغما من العزف يبعث الضحك والفرح والسعادة .
ولكنها مجنونة !!! ليس جنون العقل وإنما جنون الدل والعبث والركض كالنسيم في دروب خضراء ، كأنها أرض الله العذراء التي لم تطأها قدم من قبل ! يال الجمال يا شاكر ! .
فلما فرّ بها جنونها اللطيف إلى حيث البراءة ،،، جعل من عينيه وتعابيره كتاباً يصور مكنون حبه ولواعج صدره ،،، فناداها : تعالي واقرأيني !!! ألا ترين رسوماتي يا مجنونة ؟ ألا ترين الحزن الكامن الذي لو وُزّع على مدينة لكفاها ؟؟؟ !!!
ألا ترين القلب كالأرض الموات ؟
هاتِ قطراتٍ من غيث ،،، أو ديمة من غيمة ،،، لعلك يا ملكة القلب تحيلين الموت ولادة ، ثم لكِ ما شئتِ ، حتى لو اتخذتِ الصدر بما حوى وسادة ،،، لا أبالي فهو لكِ ! .
ولكنهن ،،، وآهٍ منهن .
رغم جنونها ،،، إلا أنها لم تشبع تلكم الساحرة ،،، فجعلت ترسل شعرها الكَث الجعد حتى دنا من كتفها فتدلى !!! وذلك لتمعن في التقتيل لا القتل وحسب ! وهو صيغة مبالغة في القتل على وزن تفعيل ! .
فما كانت حيلة العاشق إلا مضاعفة دفاعاته ، ولو بوضع اليدين على العينين كي لا يراها وسحرها ،،، فيمخره السحر مخراً كما يمخر حيزوم السفينة موج الماء .
ثم يمكث يناجي وتتجاهل ، يدنو وتتباعد !!! كأنها خِشف صغير لا يجيد إلا الركض والهروب ! وثم وعلى حين غفلة لا يلبثان إلا والخريف قد حل .
فقرر أن يُعالج جنونها بقهوة ، كي يُقهي عقلها فتهدأ وتقر كطفل أعياه اللعب فجلس ،،، فلما قرّت ، جعل يترجمها على نغم الجنون الذي افتعلته لعلها تبتسم ،،، فإنها إن ابتسمت ضحكت العينان ، فيبحر فيهما ،،، ولعلهما كانتا كاللوزتين شكلا ، وبلون خضرة الزيتون نفسه .
هدأت الآن ،،، وأضجعت بدنها الأرض بعد أن شدت ركبتيها إلى لدن بطنها كصغير يريد أن ينام ،،، فراح يتأملها ويحصي سِني عمره كأنه يحصي خرز السُبحة ، وود لو أن ذات السنين تكون خرزاً ! وود لو أن ذات الخرز تكون لؤلؤً يُسْمَط بسمط من ذهب ليليق بنحرها البض العناق الجميل فيقلدها به ! .
وود لم أنها تهمي بجودها بعد أن تصحّر الفؤاد ، فهي وإن كانت أنثى إلا أنها نجعة المُجدِب الذي أقحط منذ ومنذ !!! .
ثم طار بها إلى قُبّة السماء حيث القمر والنجم والكوكب !
طار بها إلى قانون وشرعة غير شرعة الأرض ولا تسري عليهما نواميس بني البشر ، هناك حيث الوجه الجميل والبوح الكثير والحب والشوق العنيف .
فلعلها هناك تنقلب من حال إلى حال فتستجيب وتبادله العطاء .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
أخي الحبيب : شاكر
كانت هذه نزهة لطيفة بين حروف وكلمات مناجاتك حبيبتك .
إن كنتُ فعلتُ ، فقد أذن لي سحرُ الأميرة .
لك ولها أجمل التحيات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
حسين الطلاع