نبعٌ من الحسِ من أعماقي انفجرا = فبلّل الروحَ حتى فاضَ وانهمرا
يفزّز ُ النوم , كفٌّ من ثمالتهِ = تقلبُ الماءَ في أرشيفنا صورا
حيثُ العراقُ أميرٌ تاجُ بابلهِ = نخلٌ ....لهُ صاغَ لغز الـماء ِمبتكرا
كانَ الجمالُ زمانا في مواسمهِ = للعشقِ ألفُ ربيعٍ يلبسُ الشجرا
كنّا نعلّمُ معنى الضوءِ حكمتنا = كي يبزغَ الفجرُ في أسماعِ من كبرا
لم نَسْمع الليلَ مهما روحهُ همست = ولم نحارب سوى المعنى الذي ذكرا
ندجنُ الظلّ في أقفاصِ ظلمتهِ = كي يستفيقَ على الأضواءِ حينَ يرى
نداهمُ الفقرَ ، لم نترك بجعبتهِ = غير الثراءِ لرمي المالِ للفقرا
آياتنا قيمٌ لو أنّها نزلت = على الجبالِ لدكّت تحتها الحجرا
لكنّ كفّا لريحِ الدهرِ قد سرقتْ = ذاك الثراء فعادَ الفجرُ منكسرا
والليلُ أغلقَ باب الشمسِ فانعطفت = نحو المغيبِ وظلّ الوقتُ منتظرا
من يفتحُ الباب؟..كنّا لا نرى وطنا = لأنّهُ بنبالِ الـدهرِ قد غدرا
لم يدرك الشرقَ ،إذ كلّ الجهاتِ بلا = ضوءٍ وألفُ سوادٍ صوبهُ حضرا
يعطلُ الوقتَ كي تبقى عقاربهُ = ليلا، ففي آيةِ الأضواءِ قد كفرا
قد بتّ أنظرُ لم أبصر سوى وجعي = في معجم النزفِ ، معنىً من دمي قطرا
وقفتُ في شرفةِ المرآة منكسراً = فجمّعتني شظاياً أبكتِ النظرا
هذا العراقُ أسيرٌ في ربى قلقي = والنومُ يوقدُ من إحساسي السهرا
من أيّ بوحٍ أصوغُ العمرَ أغنيةً ؟ = والحرفُ خاصمَ من أوجاعهِ الوترا
أرضُ النخيلِ بلادٌ كلّما كبرت = ضاقَ الفضاءُ ومرّت سحبهُ شررا
وكلّما غرّدَ الآمالَ طيرُ منىً = نَعْبُ الغرابِ أصاب الحلمَ فانفجرا
لكنّنا أملٌ مهـــــــــما بهِ ذبـــــــــــــلت = بعضُ السنينِ سيبــــــقى أخضرا نضرا
يؤتي ثمارَ معانٍ طعمها حكمٌ= فيها لذيذُ بيانٍ يصنعُ القدرا
لا يستمدّ من الأوجاعِ غير رؤىً = لا تجزعِ الصبرَ مهما طالَ أو قصرا
لا زال يمسكُ حرفُ الشمسِ بوصلتي = عندَ الظلامِ لدربِ الليلِ لو عبرا
يلقي عليهِ سطوري كلّما انطفأت = فيهِ الجهاتُ قميصا يبرئُ البصرا
لا يقطعُ الفكرُ فينا ميلَ معرفةٍ = حتى نفلسفَ فيهِ الآيَ والسورا
نمضي لنا بحياةِ الموتِ ألف رؤىً = والقولُ قبلةُ نايٍ تطربُ الكدرا
عندي تعشعشُ في الأنفاسِ فاختةٌ = للعنكبوتِ تؤاخي في دمي حذرا
خوفَ اختيالِ ضياءِ الأفقِ ،قد نحتا = عشّا وبيتا على الأفكارِ قد حفرا
في رحلةِ الناي عبر الصمتِ نارَ هدى = آنستُ في قبسٍ في الحسّ ما استترا
لذاك طافت غموضَ الأفقِ خاطرتي = رغمَ اختناقِ هواءٍ في دمي استعرا
إنّا ومهما يطوفُ الليلُ شارعنا = نمحو لظلمتهِ في روحنا الأثرا
لنا تراتيلُ فجرٍ روحهُ بزغت = وسطَ القلوبِ بمحوِ الليلِ قد أُمِرا
لم يشتروهُ ولو شمسا لهُ وضعوا = عندَ اليمينِ وجاؤوا بعدها القمرا
من كنزِ سيرتهِ نشأ ً نعلمهُ = أن ينحتَ الليلَ مهما كانَ مقتدرا
بمعولِ الفجرِ، لو كانت توحدنا = كفٌّ إليهِ لما أبقت لهُ خبرا
فينا العطاءُ وإن آمالنا ذَبلت = لنا البقاءُ وإن لم نحشد القدرا
هذي النبوءةُ في الأجيالِ آيتها = إنّا الوريثونَ فليصدع بها الشعرا