كأنما اتفق سكان القرية كلهم على تسميته "المختار" هكذا فجأة ودون سابق اتحاد. يدوس الأرض على مهل غير متعجل ولا متكاسل. لا يعلو رأسه سوى شعره. لم يشاهد يوما بشاشية أو شاش حتى وهو يرتدي قشابيته أيام الشتاء فانه يظل عاري الرأس. قلما يطيل الحديث مع أحد إلا عامرا الفتى الجوال يلقي السلام على الجميع حتى قويدر الرومي كما يسميه أهل القرية لا يستثنيه.
الجميع يعرف أن قويدر الرومي أخذ عزلة* الدهوس من والد لخضر بالقوة. الموثق الفرنسي قال:
كويدغ هذا الملاك الوحيد لأرض القرية. الكل خونة متعاونون مع الفلاقة متسترون عليهم بل هم أيضا فلاقة
لخضر هذا سيكون فلاقا لا محالة. إنه يتحاشى ركوب كروسة قويدر ويفضل السير حتى لا يضطر للمرور أمام حواجز العسكر.
لما رآه يوما وبيده زجاجة كونياك قال:
- لا علينا سيكون فلاقا أحمر
أهل القرية على يقين تام أن المختار لا يشرب الخمر هو محافظ على صلاته. لعله عبأ الزجاجة ماء، لعله كان سيبيعها لعامر الجوال، بل لعله سيهديها لقويدر الرومي، لعل...
إمام القرية يصر على أنها كانت معبأة شايا يطرد به النعاس فكلما قام لأذان الفجر رأى لخضر هذا أو المختار كما يناديه الكل عائدا من الحقول ثم يردف كعادته دائما كلما تحدث عنه:
لا يخاف العسكر لا يخاف الخاوة و لا يخاف الجن.
دوريات العسكر على غير عادتها تطوف بالقرية منذ منتصف النهار. الوقت عشاء همّ إمام القرية برفع الأذان لما سمع صوتا خافتا يناديه، صاح:
من ؟
- أنا عامر..تعال واخفض من صوتك العساكر يحاصرون القرية ينتظرون دخولي المنزل لأنهم لايدركون الوجهة التي أعود منها عليك أن تعطيني لباسك.
- ارتفع صوت المؤذن. ثلة المصلين تدخل المسجد فرادى، لخضر هاته الليلة يكرر التحديق في الإمام صدرية عامر لاشك صلى العشاء على أن يتم ركعتي الشفع والوتر بعد أن يعرج على عامر كعادته يسير على مهل لما لمح قويدر يؤكد للعساكر أن بالقرية فلاقة آخرين:
- -ليس عامرا فحسب
- عجل الخطى صياح لالة عيشة أم عامر تحت ركلات قويدر. يصل مسامعه أشد كلما ابتعد. تمتد فجأة يد تغطي فمه وأخرى تصوب الرشاش تجاه قويدر:
- .الله اكبر ...
أعادني إلى جو غرفتي الصغيرة صوت فرملة سيارة قرب بابي. أغلقت الكراس وأعدته إلى درج ابني.
الأستاذ عيسى بن محمود
أهلا بعودتك
قصة جميلة
أحييك
(تثبت)
الماجدة سولاف هلال أحييك بما يليق بمقامك ’ و قد تأخرت عن النبع لامور خاصة و لكن من شرب من النبع مرة لا أخاله الا عائدا اليه فالجدية و المحبة و التقدير في هذا النبع تلبسنا الوفاء.
خالص تقديري.